خطة الدرس:1 - مفهوم المنهج والمنهجية 2- مراحل إنجاز البحث العلمي: أ- المرحلة التحضيرية، ب- المرحلة الميدانية، ج- المرحلة النهائية.
1- مفهوم المنهج والمنهجية: إن الحديث عن البحث العلمي لا يمر إلا من خلال قناة الحديث عن المنهج العلمي، حيث مهما كان موضوع البحث، فإن قيمة النتائج تتوقف على قيمة المناهج المستخدمة.
تعريف المنهج:لغويا نقصد به الطريق أو المسلك، أما اصطلاحا فقد عرف معني و مفاهيم عديدة ومتنوعة، حيث يعرفه عبد الرحمن بدوي بأنه " الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم،بواسطة طائفة من القواعد العامة تهيمن على سير العقل و تحدد عملياته حتى يصل إلى نتيجة معلومة."و هناك من يرى أن كلمة منهج تعني " عدة أدوات استقصائية تستعمل في استخراج المعلومات من مصادرها الأصلية و الثانوية، البشرية و المادية، البيئية و الفكرية، تنظم بشكل مترابط و منسق لكي تفسر و تشرح و تحلل و يعلق عليها."و من جهته يحدد عامر مصباح معنى المنهج بأنه " مجموعة الخطوات العلمية الواضحة و الدقيقة التي يسلكها الباحث في مناقشة أو معالجة ظاهرة اجتماعية أو سياسية أو إعلامية معينة."على صعيد آخر و حسب سلاطنية بلقاسم فإن المنهج في العلم يعني " جملة المبادئ و القواعد والإرشادات التي يجب على الباحث إتباعها من ألف بحثه إلى يائه،بغية الكشف عن العلاقات العامة و الجوهرية و الضرورية التي تخضع لها الظواهر موضوع الدراسة."أما الباحث فاضلي إدريس فيقصد بالمنهج بمعناه العلمي بأنه " البرنامج الذي يحدد مسبقا سلسلة من المعطيات من أجل القيام بها، وبذلك فإن المنهج يوحي باتجاه محدد المعالم و متبع بانتظام في عملية ذهنية."و رغم التنوع الكبير لمعنى هذا المصطلح،إلا أن الباحث أنجرس موريس حوصل كل ذلك بالقول أن المنهج هو " عبارة عن جواب لسؤال " كيف" نصل إلى الأهداف،في حين أن التقنيات تشير على الوسيلة التي يتم استخدامها للوصول إلى هذه الأهداف."تعريف المنهجية: إن المنهجية هي ما يقابلها باللغة الفرنسية (Méthodologie) وهذا المفهوم مركب من كلمتينMéthode و تعني المنهج (الطريقة) و logie و تعني علم، ومن خلال التحديد اللغوي لمفهوم المنهجية يتجلى لنا واضحا بأن المنهجية اصطلاحا هي عبارة عن ذلك " العلم الذي يهتم بدراسة المناهج أي أنها علم المناهج (علم طرق البحث العلمي)".فكلمة منهجية تعني بذلك " الدراسة المنطقية لقواعد و طرق البحث العلمي و صياغتها صياغة إجرائية تيسر استخدامها."و حسب الباحث أنجرس موريس فإن المنهجية هي " مجموع المناهج و التقنيات التي توجه إعداد البحث و ترشد الطريقة العلمية،أي هي دراسة المناهج والتقنيات المستعملة في العلوم الإنسانية."و يبحث علم المناهج في تاريخ المناهج و طرائق البحث العلمي من حيث النشأة،بل من حيث الأسباب التي أدت إلى نشوء المناهج و طرائق البحث،كما يبحث في الشروط المتعلقة بإمكان استخدام هذه المناهج و الطرائق،كما يشمل علم المناهج التحقق الفعلي من كفاية المناهج والطرائق في الحصول على نتائج صادقة و صحيحة من الواقع الاجتماعي،وتبحث الميتودولوجيا كذلك في تركيب المناهج و العناصر التي تتكون منها و تصنيفها،وفي العلاقات الجوهرية بين المناهج و الطرائق المختلفة،فضلا عن البحث في إمكانات استخدامها (المناهج) و حدود هذا الاستخدام.وما يمكن أن نستنتجه هو أن المنهجية أشمل و أعم من المنهج،وما هذا الأخير سوى جزء لا يتجزأ من المنهجية.التفرقة بين المنهج وبعض المفاهيم المرتبطة به:المنهج و الاقتراب: يعتبر الاقتراب من بين المصطلحات القريبة من مصطلح المنهج أو التي تتقاطع جزئيا معه ،وتعرف المقاربة المنهجية بأنها " استراتيجية عامة أو أسلوب تحليلي يؤخذ كأساس عند دراسة و تحليل الظواهر السياسية أو الإعلامية أو الاجتماعية، وغالبا ما يستخدم في تحديد نقاط التركيز في الدراسة و في كيفية معالجة الموضوعات أو الاقتراب منها و تحديد وحدات التحليل...يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في اختيارنا للمفاهيم و الأدوات المنهجية المستخدمة في الدراسات السياسية و حتى في النتائج و الاستنتاجات التي يسعى الباحثون في التوصل إليها."المنهج و النهج و المنهاج: نعني بالمنهج المسلك الذي يتخذه الباحث و يختاره لمعالجة مشكلة البحث، أما النهج فهو الطريق المستقيم الواضح المعالم (الطريق)مثل نهج العربي تبسي، وبالنسبة للبحث العلمي تعني كلم نهج الأمر الذي توضحت مساراته، أما كلمة منهاج فهو المقرر أو الخطة المرسومة لأي مشروع فيقال منهاج الدراسة و منهاج العمل، وتعني الخطة التي ندرسها من أجل السير فيها للوصول إلى تحقيق الأهداف المخططة مسبقا وفق المنهاج المرسوم.المنهج و الطريقة: هناك من يعتبرهما شيئا واحدا و ترجمة لنفس الكلمة اللاتينية( Méthode )، فمثلا عندما نقول طريقة المقارنة، وطريقة دراسة الحالة نقصد بها المنهج، في حين ترى مجموعة ثانية من الباحثين أن المفهومين لا يعنيان شيئا واحدا و إن اشتركا في بعض الأمور كونهما يعنيان قواعد وإرشادات توجه الباحث نحو تحقيق هدفه من البحث، في حين أن تعريف الطريقة ينتهي عند هذا الحد ،ويتجاوز تعريف المنهج ذلك ليشمل إضافة إلى ذلك الشروط التي يجب توافرها في المنهج كضرورة الوصول على القوانين ،وهو أمر لا يتوفر في الطريقة.أما نقطة الاختلاف الأساسية بين المفهومين هي ارتباط المنهج بنظرية ما أو فلسفة ما تختلف عن غيرها من النظريات والفلسفات فتؤدي إلى اختلاف في استخدام هذا المنهج أو ذاك.أما الطريقة فهي حيادية إلى حد كبير و لا يختلف استخدامها باختلاف المناهج المستخدمة.، فالمنهج العلمي هو أكثر شمولا و اتساعا من الطريقة.المنهج و الوسيلة: هذه الأخيرة نقصد بها أدوات جمع البيانات وهي الوسائل المستخدمة التي يستعملها الباحث في جمعه لبيانات البحث، ومن بين هذه الوسائل التي تم الاتفاق عليها من طرف جميع الباحثين على أنها أداة نذكر :الملاحظة، المقابلة، الاستمارة و الوثائق والخرائط و الرسوم.فالوسيلة إذن هي أداة منهجية تقوم على قواعد و مبادئ محددة تساعد على جمع البيانات المطلوبة من وحدات البحث العلمي.و خلاصة القول أنه و إن اختلفت استعمالات كلمة منهج في ألفاظها إلا أنها تدور في فلك معنى واحد، فهو الطريقة أو الأسلوب أو الكيفية أو الوسيلة المحددة التي تؤدي إلى الغرض المطلوب أو إلى الغاية المعينة