النداء الثاني والثلاثون للمؤمنين في القرآن
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ.... ﴾
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ [1] اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ [2] فَكَفَّ [3] أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ [4] الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المائدة: 11].
سبب نزول الآية الكريمة:
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل منزلاً، وتفرق الناس في العضاه[5] يستظلون تحتها، وعلق النبي صلى الله عليه وسلم سلاحه بشجرة، فجاء أعرابي إلى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذه وسلَّه، ثم أقبل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من يمنعك مني؟ قال: ((الله عز وجل))، قال: فشام[6] الأعرابي السيف، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، فأخبرهم خبر الأعرابي وهو جالس إلى جنبه ولم يعاقبه، وقصة الأعرابي - وهو غورث بن الحارث - ثابتة في الصحيح.
وقال ابن عباس: إن قومًا من اليهود صنعوا لرسول الله ولأصحابه طعامًا ليقتلوهم، فأوحى الله إليه بشأنهم.
وقال أبو مالك: نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه حين أرادوا أن يغدروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه في دار كعب بن الأشرف.
وذكر محمد بن إسحاق بن يسار أنها نزلت في شأن بني النضير حين أرادوا أن يلقوا على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحى[7] لما جاءهم يستعينهم في دية العامريَّين، ووكلوا (عمرو بن جحاش) بذلك، وأمروه إن جلس النبي صلى الله عليه وسلم تحت الجدار أن يلقي الرحى من فوقه، فأطلع الله النبي صلى الله عليه وسلم على ما تمالؤوا عليه، فرجع إلى المدينة وتبعه أصحابُه، فأنزل الله هذه الآية.
وقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ يعني: مَن توكَّلَ على الله، كفاه الله ما أهمه، وحفظه من شر الناس وعصمه[8].
قال الشيخ أبو بكر الجزائري:
ذكَّرهم الله تعالى بنعمة عظيمة من نعمه، هي نجاة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم من قتل أعدائه وأعدائهم، وهم اليهود؛ إذ ورد في سبب نزول هذه الآية الكريمة ما خلاصته: أن أولياء العامريَّين اللذين قتلا خطأً من قِبَل مسلم، حيث ظنهما كافرين فقتلهما، جاؤوا يطالبون بدية قتيلهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الخلفاء الراشدون الأربعة وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم، خرجوا إلى بني النضير يطالبونهم بتحمل شيء من هذه الدية بموجب عقد المعاهدة، إذ من جملة موادها: تحمل أحد الطرفين معونة الطرف الآخر في مثل هذه الحالة المالية، فلما وصلوا إلى ديارهم شرق المدينة استقبَلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحفاوة والتكريم، وأجلسوه مكانًا لائقًا تحت جدار منزل من منازلهم، وأفهموه أنهم يعدون الطعام والنقود، وقد خلا بعضهم إلى بعض وتآمروا على قتله صلى الله عليه وسلم[9]، وقالوا: فرصة متاحة فلا نفوتها، وأمَروا أحدهم أن يطلق من سطح المنزل حجر رحى كبيرة على رأس النبي صلى الله عليه وسلم فتقتله، وما زالوا يدبرون مكيدتهم حتى أوحى الله إلى رسوله بالمؤامرة الدنيئة، فقام صلى الله عليه وسلم وتبعه أصحابه ودخلوا المدينة، وفاتت فرصة اليهود، واستوجبوا بذلك اللعن وإلغاء المعاهدة وإجلاءهم عن المدينة، وقصتهم في سورة الحشر[10].
فاليهود هم اليهود في كل زمان ومكان، فهم ناكثو العهود، وقاتلو الأنبياء، وناسبو صفات النقص لله - تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا - فقالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء، وقالوا: يد الله مغلولة، ووصفوه بالإعياء، ونسبوا له الولد، وجحدوا رسالات الرسل مع استيقانهم بها، وعاثوا في الأرض فسادًا إلى يوم الناس هذا، فتاريخهم أسود، وكراهتهم للإسلام معلومة لكل ذي لُبٍّ، انظر كتاب: "بروتوكولات صهيون" تجد العجب العجاب.
[size=undefined]
المصدر / اسلام ويب[/size]