[size=32]الشــروط العامة لقبول الدعوي الإدارية[/size]و هي شروط عامة، تتعلق بجميع الدعاوى سواء كانت إدارية أو مدنية تتمثل هذه الشروط في شروط خاصة بالعريضة (المبحث الأول)،و شروط خاصة برافع الدعوى (المبحث الثاني) نتطرق لهذين المبحثين على النحو الموالي.
المبحث الأول: الشروط الخاصة بالعريضة
نتناول في هذا المبحث مطلبين، الأول خاص بضرورة كتابةالعريضة، و الثاني خاص بضرورة توقيع العريضة من طرف محام.
المطلب الأول: أن تكون العريضة مكتوبة
تمتاز إجراءات الدعوى الإدارية بعدة خصائص، و لعل أهمهاخاصية الكتابة و أول تطبيق لهذه الخاصية هي العريضة و ضرورة كتابتها ،فنصت المادة 815 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية على ضرورة رفع الدعوى أمامالمحكمة الإدارية بعريضة مكتوبة ، و نصت المادة 904 من ق/ا/م/ا على تطبيق نفس الأحكامالمتبعة أمام المحكمة الإدارية بخصوص عريضة افتتاح الدعوى أمام مجلس الدولة هذا بالإضافة إلى ضرورة تحرير العريضة باللغة العربية، وذلك تحت طائلة عدم القبول و هذا ما نصت عليه المادة 08 أما فيما يخص الشكليات العامة، المتعلقة بعريضة افتتاحالدعوى فقد أحالتنا المادة 816 من ق /إ/م/إ على الأحكام العامة المتعلقة برفع الدعاوى أمام المحاكم العادية، وهي الشكليات المنصوص عليها في المادة 15 من ذات القانون.
و تتمثل هذه الشروط الشكلية فيما يلي:
-الجهة القضائية التي ترفع أمامها الدعوى.- اسم و لقب المدعى و موطنه.- اسم و لقب و موطن المدعى عليه، فإن لم يكن له موطن معلوم،فآخر موطن له.-الإشارة إلى تسمية و طبيعة الشخص المعنوي، و مقره الاجتماعي، و صفة ممثلهالقانوني أو الإتفاقي .-عرضا موجزا للوقائع و الطلبات و الوسائل التي تؤسس عليها الدعوى.
-الإشارة، عند الاقتضاء إلى المستندات و الوثائق المؤيدة للدعوىإن عدم توافر شكلية من الشكليات المنصوص عليها في المادة15 من ق/إ/م/إ يكون جزاؤه عدم قبول الدعوى شكلا.
و بالتالي، فعدم تقديم المدعي للغرفة الإدارية أي جدول تحصيل يخص الضرائب المتنازع عليها ، و عليه تكون هذه الدعوى قد خالفت نص المادتين12 و 13 من ق/إ/م التي تنص على وجوب ذكر ملخص للوقائع ، و توضيح الطلبات و تقديم المستندات لتدعيم الطلب مما يتعين عدم قبول الدعوى شكلا كما أنه و لما كان الدين مطالب به يجب أن يقابله سند طلب شراء، و هذا ما لم تقدمه الشركة المدعية، مما يتعين معه رفض دعواها شكلا لعدم تقديم السندات
و تجدر الإشارة إلى ضرورة تقديم جل الوثائق و المستندات باللغة العربية،الرسمية و الوطنية، و إن لم تكن كذلك يجب أن تكونمصحوبة بترجمة رسمية إلى اللغة العربية، و ذلك تحت طائلةعدم القبول حسب مقتضيات و أحكام المادة 08 من قكما قضت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 12/01/1985بشأن عريضة افتتاحية مرفوعة أمام الغرفة الإداريةبالمجلس القضائي مقتصرة على ما جاء في التظلم الإداري المسبق،الذي رفع قبلها إلى الإدارةالمطعون ضدها بعدم قبول الدعوى كون العريضة جاءت خالية من العرض الموجز للوقائع منالوسائل و هذا يعارض المادة 169 من ق/إ/م السابق إن غالبية بيانات العريضة ليست من النظام العام إذ يجوزتصحيحها لاحقا ، و ذلك كون هذه البيانات لا تتعلق بأسس النظام القضائي و المصلحةالعامة بل شرعت لمصلحة الخصوم بمعنى أن إغفال ذكر مهنة أحد الخصوم بمعنى أن المقالذكر مهنة أحد الخصوم مثلا لا يؤدي إلى عدم قبول العريضة إلا إذا أثاره الخصم و لميتم تصحيحه أما إذا تنازل عنه الخصم الذي شرع هذا الإجراء لمصلحته فان الدعوى تبقى مقبولةخلاصة القول لا يجوز للقاضي إثارة عدم قانونية العريضةمن تلقاء نفسه و هذا حسب رأي جانب من الفقه و القضاء
المطلب الثاني: و جوب توقيع العريضة من طرف محام .
إن وجوب تمثيل الأشخاص بواسطة محام أمام جهات القضاء الإداريكان معمول به إلى غاية سنة 1969، إذ كانت المادة 474 من ق/ا/م تنص على بقاء الأوضاعالموروثة عن المحاكم الإدارية سارية المفعول، و على اثر تعديل 1969 أصبح الأطرافمخيرين بين التقاضي بأنفسهم أو توكيل محام ينوب عنهم (المادة 169 مكرر1/ق/إ/مالسابق).
غير أن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد يشترط اليوم ضرورة توكيل محامي إذ اشترط توقيع العريضة من طرف محام و ذلكأمام المحكمة الإداريةحسب مانصت عليه المادة 815 من ق/إ/م/إ هذه المادة تحيلنا إلى نص المادة 827 من ذات القانون،وهذه المادة الأخيرة مفادها إعفاء الدولة و الأشخاص المعنوية المذكورة في المادة800 من هذا القانون من ضرورة تمثيلها بواسطة محام أمام القضاء.هذه الأشخاص هي: الولاية، البلدية و المؤسسات العموميةذات الصبغة الإدارية.و تضيف المادة 826 من ق/إ/م/إ و تؤكد على هذا الشرط، من خلال نصها على ما يلي: تمثيل الخصوم بمحام و جوبي أمام المحكمة الإدارية ، تحت طائلة عدم قبول العريضة إن العلة من اشتراط ضرورة التمثيل أمام المحكمة الإدارية بواسطة محام راجع لخصوصية المنازعة الإدارية، و تشعبها، وعدم تقنين نصوص القانون الإداري مما يؤدي إلى جهل غالبية المتقاضينلقواعده و من ثم تصبح خدمات المحامين شبه حتمية و تزداد الحاجة للاستعانة بأهل الخبرة. -أما العرائض، الطعون و مذكرات الخصوم التي تقدم إلى مجلسالدولة بصفته إما أول و آخر درجة أو قاضي استئناف، فالمادة 905 من ق/إ/م/إ تلزم الأطراف أن يكون التمثيل أمام مجلس الدولة بواسطة محام معتمد لدى مجلس الدولة مع النص على نفس الاستثناء المنصوص عليه في المادة 827 و الذي ينص على إعفاءالدولة، الولاية، البلدية و المؤسسات الإدارية ذات الصبغة الإدارية من ضرورةتمثيلها بواسطة محام أمام القضاء.إن جزاء مخالفة هذه القاعدة الإجرائية والتي تجبر المتقاضي للاستعانة بمحامين يمثلوهم أمام القضاء الإداري هي عدم قبول الدعوى شكلا طبقا لنصللمادتين 826 و 905 إن الغاية من الاستثناء المقرر بموجب نص المادة 827 منق/إ/م/إ، هو توافر الأشخاص المنصوص عليهم في المادة 800 من هذا القانون على إطاراتقانونية قادرة على التقاضي مباشرة دون اللجوء إلى خدمات محامينو تطبيقا لذلك، قضى مجلس الدولة في قرار أصدره في16/03/2004: " بعدم قبول عريضة الاستئناف لمخالفتها المادة 239 ق/إ/م السابق كون مدير البريد و المواصلات لولايةقسنطينة ذكر صفته في العريضة على النحوالذي سبق ذكره ووقع العريضة بنفس الصفة دون الإشارة إلى انه يتقاضى باسم وزيرالبريد و المواصلات و يمثله في قضية الحال ، لان ذكر مدير البريد و المواصلاتلولاية قسنطينة وحدها على عريضة الاستئناف غير كافية لإعطائها مركز الدولة و عليهيصبح توكيل محام وجوبي." أخيرا و دائما في مايخص بيانات العريضة الضرورية لقبول الدعوى الإدارية و جزاء مخالفتها نصت المادة848 من ق.ا.م.ا على انه عندما تكون العريضة مشوبة بعيب يرتب عدم القبول،و تكونقابلة للتصحيح بعد فوات اجل الأربعة أشهر المنصوص عليه في المادة 829 من ذاتالقانون، فلا يجوز للمحكمة الإدارية أن ترفض هذه الطلبات و إثارة عدم القبولالتلقائي إلا بعد دعوة المعنيين إلى تصحيحها و يشار في أمر التصحيح إلى انه في حالة عدم القيام بهذا الإجراء،يمكن رفض الطلبات بعد انقضاء الأجل المحدد الذي لا يقل عن خمسة عشر(15 ) يوما،باستثناء حالة الاستعجال.إن الطلبات المراد الحديث عنها في هذا الصدد هي طلباتالتصحيح و تدارك البيانات المنسية و الضرورية لقبول الدعوى
المبحث الثاني: الشروط الخاصة برافع الدعوى
تنص المادة 13 من ق/إ/م/إ في فقرتها الأولى قائلة:" لا يجوز لأي شخص التقاضي ما لم تكن له صفة، و له مصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانونلقد حصرت المادة السالفة الذكر شروط قبول الدعوى بشكلعام سواء كانت مدنية أو إدارية و الخاصة بشخص الطاعن، أي رافعها في شرطين أساسيين وهما: المصلحة (المطلب الأول)، و الصفة (المطلب الثاني).نتطرق لهذه الشروط على النحو الموالي:
المطلب الأول: المصلحة: l'intérêt
نتطرق لأحكامها العامة في الفرع أول، و نعرج في الفرع الثانيعلى مدى تعلق شرط المصلحة بالنظام العام.الفرع الأول: الأحكام العامة للمصلحةو المقصود بالأحكام العامة للمصلحة التطرق لمدلولها وخصائصها.
أولا: مدلولها:
يجب أن تتوافر المصلحة في الدعوى لكي تكون مقبولة أمام القضاء و يقصد بالمصلحة في الدعوى الفائدة، أو المنفعة التي يسعى المدعي لتحقيقها جراء الحكم له بما يطلبه و تبعا لذلك لا يجوز الاتجاه إلى القضاء عبثا دون تحقيق أية منفعة سواء كانت منفعة مادية أو أدبية، على اعتبار أن مرفق القضاء مرفق عام يهدف إلى إشباع حاجيات الناس بالحماية القضائية فإذا اتضح أن الغرض من الدعوى مجرد كيدا، أو أنها لاتعود على رافع الدعوى بأية فائدة أوجب على القاضي الإداري الحكم بعدم قبولها شكلالانتفاء المصلحة.كما تعرف المصلحة بأنها: " الفائدة العملية المشروعة التي يراد تحقيقها باللجوء إلى القضاء و يقصد بفائدة: أنه لا يجوز اللجوء عبثا إلى مرفق القضاء دون تحقيق منفعة ما. ومعنى العملية: استبعادالمسائل النظرية، التي لا تصلح أن تكون محل لدعوى قضائية، فليس دور القضاء ترجيح رأيعلى رأي أخر أو الإفتاءو معنى مشروعة: أن لا تكون مخالفة للنظامالعام و الآداب العامة، و نعود فيما بعد لتفصيل هذه النقطة.و المصلحة ليست شرط لقبول الدعوى فحسب، بل هي شرط لقبولأي طلب، دفع، طعن، أو أي إجراء من إجراءات الخصومة القضائية ثانيا: خصائصها:
إن المصلحة التي هي مناط أية دعوى قضائية، لا بد أنتتوافر فيها بعض الأوصاف لكي تكون الدعوىمقبولة أمام القضاء الإداري.تتمثل هذه الأوصاف في أن تكون هذه المصلحة: قانونية، قائمةأو محتملة.
المصلحة التي يقرها القانون (القانونية، المشروعةتنقسم المصالح (مصالح الناس) إلى نوعين:
مصالح قانونية
أي مصالح يقرها القانون، و أخرى غير قانونية أي مصالح لا يقرها القانون.فالمصالح القانونية، هي تلك المصالح التي يعترف بهاالقانون و يحميها لذاتها فقد تكون هذه المصالح لا يقرها القانون ابتدءا كالفوائد الربوية مثلا. و قد تكون مصالح يسحب منها القانون في مرحلة ما الحمايةكالتقادم المسقط مثلا، والطعن الذي يكون خارج الأجل القانوني، ففي هذان المثالانالمصلحة كانت محمية من طرف القانون، غير انه بمرور مدة زمنية ما أو اجل قانونيمعين سحب القانونالحماية القانونية التي كانت تتمتع بها. و بالتالي فالمصلحة المشروعة اللازمة لقبول الدعوى المدنية، هي المصلحة القانونية و التي يجب أن تسند إلى حق، أو مركز قانوني يتذرعبه رافعها و بعبارة أخرىمركز يحميه القانون و عليه لا تقبل الدعوى التي يكون موضوعها إلزام شخص بدفعدين قمار لان القانون لا يحمي القمارو قضي كذلك، بعدم قبول الدعوى المرفوعة من تاجر تنافسهشركة تجارية ليس هو عضوا فيها بقصد إبطال هذه الشركة من جراء عيب في تأسيسها، وذلك لان المصلحة التي يتمسك بها التاجر ليست مصلحةقانونية بحتة بل هي مجرد مصلحة اقتصادية أما المصلحة اللازمة لقبول الدعوى الإدارية، فتختلف فيمفهومها من دعوى التعويض إلى دعوى الإلغاء. فالقاعدة العامة هي أن تكون المصلحة قانونية، أي يقرها ويحميها القانون، غير أن هناك فوارق بين دعوى التعويض و دعوى الإلغاء.ففي دعوى التعويض، يتمسك القضاء الإداري بالمفهوم الضيقللمصلحة الذي تطرقنا له في الدعوى المدنية، و ذلك بسبب تشابه الدعوى المدنية ودعوى التعويض في كون كل منهما تقوم على المطالبة بحق شخصيأما في دعوى الإلغاء، فيكفي أن تكون للطاعن مجرد منفعةاقتصادية لقبول دعواه، وبالتالي فالقضاء الإدارييكون قد توسع في مفهوم المصلحة عندما نكون بصدد دعوى إلغاء، على ع** التفسير الضيقالتي أسلفنا بذكره بخصوص دعوى القضاء الكامل، و مثال ذلك فصــدور قرار إداري ينقلسوق من مكان إلى آخر يرتب مصلحة لتجار المنطقة التي كان بها السوق لحرمانهم منمزايا اقتصادية
المصلحة القائمة أو المصلحة المحتملة
الأصل و كقاعدة يجب أن تكون المصلحة المبررة لقبولالدعوى قائمة أي مؤكدة، وليست مجرد احتمال فالفرد يلجأ إلى القضاء طالبا الحماية القضائية، نتيجةوقوع اعتداء على حقه، أو مركزه القانوني، الأمر الذي يحرمه من مزايا و المنافعالتي كان يتمتع بها قبل وقوع هذا الاعتداء، مما يلحق به ضررا حالا و أكيدا و هذاما يقصد بمدلول المصلحة القائمة المؤكدة الغير احتمالية و لا المستقبلية إن مصلحة المدعي تتحقق بإزالة هذا الاعتداء و إصلاحالضرر المترتب عنه.غير أنه أحيانا توجد مصلحة محتملة للطاعن ينبغي حمايتهامن وراء رفع الدعوى فهل تجب حماية المصلحة المحتملة في مجال الدعوى الإدارية ؟ يشترط القانون في الدعاوى المدنية العادية مصلحة قائمة،غير انه يعترف بالمصلحةالمحتملة في أحوال استثنائية ، و ذلك لدفع ضرر محدقكدعوى وقف الأعمال الجديدة
أو إلاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاعفيه، و هذا ما يعرف بدعاوى حفظ الدليل المنصوص عليها في المادة 187 من ق /ا / م.و إذا كان الأمر كذلك في الدعاوى المدنية العادية فانه يعتدأيضا بالمصلحة المحتملة في الدعاوى الإدارية، كون نص المادة 13 من ق/إ/م إ لم تخصبالذكر الدعوى المدنية دون الدعوى الإدارية بل جاءت عامة ، و زيادة على ذلك و قدسبق لنا وأن قلنا أن القضاء الإداري في مجال دعوى الإلغاء قد توسع في مفهوم المصلحة كون دعوى الإلغاء لا يشترط فيها أنتستند المصلحة على حق من الحقوق .و بالتالي تتوافر مصلحة محتملة لكل من تتوفر فيه شروطتطبيق القرار اللائحي عليه على أساس احتمال وقوع الضرر من جراء احتمال تطبيقه عليهفي المستقبل
الفرع الثاني: مدى تعلق شرط المصلحة بالنظام العام
نص المشرع الجزائري في المادة
13 من ق/إ/م/إ على حق المحكمة أنتقضي تلقائيا بعدم القبول لانتقاء الصفة أو انعدام الإذن المقرر قانونا ، لكن نجدهقد سكت عن أحكام الدفع لانتفاء المصلحة ، فهل يفهم من وراء ذلك و من خلال نصه علىأحكام عدم القبول لانتقاء الصفة و انعدام الإذن، و حسب مفهوم المخالفة أن الدفعبانتقاء المصلحة لا يتعلق بالنظام العام؟إن سكوت المشرع عن عدم تحديد طبيعة الدفع بعدم القبول لانتقاء المصلحة لايعني أن هذا الدفع لا يتعلق بالنظام العام بل، ذلك يعود إلى طبيعته الخاصة، فهوفي بعض الأحيان يتفق مع الدفوع الموضوعية و يختلف عنالشكلية، و أحيانا أخرى يتفق مع الدفوعالشكلية و يختلف عن الموضوعية، و أحيانا أخرى يختلف عن كل منهما و يأخذ مركزامستقلا عنهما، و عليه فلا يمكن إخضاع هذا الدفع إلى حكم واحد و في هذا الصدد، يجب التمييز بين الدفع بعدم القبوللانتقاء المصلحة، و الدفع بعدم القبول لعدم قانونية المصلحة. فالدفع الأول، يتعلق دائما بالنظام العام، و يرجع ذلكلدواعي السير الحسن لمرفق العدالة و القضاء و مدى تعلق هذا السير الحسن بالنظام العام.
أما الدفع الثاني، فيجب التمييز بين ما إذا كان الدفع قدنشأ عن تخلف شرط من شروط الحماية القانونية، فهو دفع يتعلق بالنظام العام في كل الأحوال، أما إذا كان ناشئ عن تخلف شرط من الشروطالحماية القضائية، فهو دفع قد يتعلق بالنظام العام و قد لا يتعلق به حسب الأحوال .بالإضافة إلى المصلحة، لا بد أن يتوفر شرط الصفة في رافعالدعوى و هذا ما سنتطرق له من خلال المطلب الثاني.
المطلب الثاني: الصفة la qualité
نتطرق لهذا المطلب من خلال تناول الأحكام العامة للصفة(الفرع الأول)، والتطرق أيضا للصفة في الدعوى دفاعا عن المصلحة الجماعية و العامة (الفرعالثاني).
الفرع الأول: الأحكام العامة للصفة
المقصودبأحكامها العامة تبيان مدلولها و أنواعها. أولا:مدلولها:تعرف الصفة على أنها العلاقة القانونية التي تربط شخصمعين من جهة، و الحق أو المركز القانوني من جهة أخرى و بصفة عامة تثبت الصفة بمجرد إثبات الحق و حصولالاعتداء عليه، فيكون لصاحب الحق المعتدى عليه صفة في مقاضاة المعتديو من هذا المنطلق، و طبقا لنص المادة 13 من ق / إ / م / إإذا انتقت الصفة في رافع الدعوى حكم القاضي بعدم قبول الدعوى، و في هذا الاتجاه قضىمجلس قضاء المدية بتاريخ 15/04/2008 بما يلي: " حيث أنه بالرجوع إلى ملفالدعوى فان المدعيان لم يقدمان ما يثبت صفتهم في التقاضي و ما هي علاقتهم بصاحبالحق ........................ حيث أن المدعيان لم يقدمان فريضة شرعية لإثباتصفتهم في التقاضي............... حيث أن المجلس يرى عدم قبول الدعوى مشكلا لانعدامالصفة طبقا للمادة 459 ق / إ /م. "
وتجدر الملاحظة إلى أن بعض الفقهاء، يعتبرون شرط الصفةكخاصية من خصائص المصلحة، و هي خاصية أن تكون المصلحة شخصية و مباشرة، و المقصودبها أن يكون رافع الدعوى هو نفسه صاحب الحق (المصلحة) التي اعتدى عليه هذا بالنسبةللمدعي ، أما بالنسبة للمدعى عليه فيجب أن يكون هو الشخص الذي يوجد الشخص فيمواجهته ثانيا: أنواعها:
قد تكون الصفة عادية، كما سبق و أن تطرقنا لها قبل حين،كما أنها فد تكون استثنائية، أو إجرائية.أ – الصفة الاستثنائية: الأصل أنه لا تكون الدعوى مقبولة، ما لم تكن مقترنة بشرطالصفة بغض النظر عن توافر مصلحة أو لا.غير أنه يرد استثناءا على هذه القاعدة و ذلك في حالة ماإذا نص القانون صراحة على حلول شخص محل صاحب الصفة الأصلية في رفع الدعوى، و تعرفالصفة هنا بالصفة الاستثنائيةكما أنه و من جانب أخر، قد يباشر الدعوى شخصا ليس هوصاحب الصفة، و إنما شخصا آخر لا يدعي أنه هو صاحب الحق المعتدي عليه، و هذا مايعرف بالصفة الإجرائية.ب-الصفة الإجرائية: ينشأ لكل شخص سواء كان طبيعيا أو معنويا الحق في الدعوى. و له أن يستعمل هذا الحق أمام القضاء،غير أنه أحيانا قد يصبح الشخص في استحالة مادية، أو قانونية تمنعه من ممارسة حقهبنفسه، فالقاصر، الغائب و الشخص المعنوي لا يستطيعون مباشرة الدعوى بأنفسهم، بلتباشر عنهم بواسطة ممثلهم القانوني.و عليه، فالشخص المعنوي يوجد في استحالة قانونية لتمثيلنفسه أمام القضاء حالة حصول اعتداء على حق من حقوقه، لدى تثبت الصفة الإجرائيةلممثله القانوني، و هي صلاحية الشخص لمباشرة الإجراءات القضائية، باسم غيره كونصاحب الصفة الأصلية في استحالة قانونية هذا فيما يخص شخصية الدعوى، فما الحل بخصوص الدعاوىالجماعية ؟هذا ما سنتطرق له في الفرع الثاني.
الفرع الثاني: الصفة في الدعوى دفاعا عن المصلحة الجماعية و العامةالمبدأ العام أن الدعوى شخصية، و بالتالي فان الدعوىالجماعية غير مقبولة، غير أن مجلس الدولة الفرنسي يقبل الدعاوى التي ترفعهاالتجمعات ذات الشخصية المعنوية من نقابات و جمعيات للدفاع عن المصلحة الجماعية
النقابة:
تتمتع النقابة بشخصية معنوية، و ذمة مالية مستقلة ، فإذاما وقع اعتداء على أحد حقوقها، حق لها رفع دعوى أمام القضاء طبقا للقواعد العامة للدفاع عن حقوقها الخاصة، غير أنه يثار التساؤل في حالة ما إذا رفعت نقابة دعوىدفاعا عن المصلحة الجماعية؟ و يقصد بالمصلحة الجماعية، تلك المصلحة التي تعلو عنالمصلحة الخاصة للأعضاءالمكونين للنقابة أو الجمعية ، كالدفاع عن حقوق العمال مثلا. والأصل أن المصلحة في هذه الحالة، هي مصلحة مشتركة وجماعية لجميع أعضاء النقابة، و بالتالي فليس لها الصفة للدفاع عن هذهالمصلحة المشتركة كونها ليست صاحبة المصلحة المعتدى عليها. غير أن المشرع الجزائري اعترفللنقابة بالصفة في الدفاع عن المصالح المشتركة الجمعية:
نفسالإشكال الذي طرح بالنسبة للنقابة يطرح في هذا الصدد بالنسبة للجمعيات، فهناك من لا يعترف للجمعية بالصفة دفاعا عن المصلحة الجماعية كونها ليست صاحبة الحق المعتدى عليه.و هناك من يعترف للجمعية بالصفة دفاعا عن المصلحةالجماعية للدفاع عنالغرض الذي أنشأت من أجلها ، و هذا ما انتهى و أن تبناه المشرع الجزائري من خلال تخويله للجمعية الصفة في الدفاع عن المصالحالجماعية و ذلك إذا تعرضت للاعتداء و كان ذلكمرتبطا بهدف الجمعية. و مثالذلك الجمعية التي أسست بهدف حماية الآثار التاريخية ، فهذه الآثا ليست ملكا خاصا للجمعية ، فإذا رفعت دعوى دفاعا عنها حالة تعرضها لاعتداء فإنها لا تدعي بحق خاص بها و إنما هذه الآثارالتاريخية تدخل ضمن الملك العام و ضمن المصلحة العامة و الجماعية، و ما تأسيس هذه الجمعية إلا بغرض الدفاع عنها، و يتعينقبول هذه الدعوى طبقا لنص المادة 16 من القانون 90/31المؤرخ في: 04 ديسمبر 1990 .