عدد الرسائل : 14822 نقاط التميز : تاريخ التسجيل : 02/04/2008
موضوع: المقصود بالتعليق عل حكم أو قرار قضائي: الجمعة 28 نوفمبر 2014 - 20:13
المقصود بالتعليق عل حكم أو قرار قضائي: كلّ نزاع يعرض علىالجهات القضائية يتعلق بمسألة معينة،إذن كلّ حكم أو قرار يصدر من جهة قضائية يؤدّيإلى تحليل مسألة قانونية .إذن التعليق على حكم أو قرار قضائي هو: مناقشة أو تحليلتطبيقي لمسألة قانونية نظرية" تلقاها الطالب في المحاضرة".
و التالي فإن منهجيةالتعليق على قرار أو حكم قضائي هي دراسة نظرية و تطبيقية في آن واحد لمسألة قانونيةمعينة، إذ أن القرار أو الحكم القضائي هو عبارة عن بناء منطقي، فجوهر عمل القاضييتمثل في إجراء قياس منطقي بين مضمون القاعدة القانونية التي تحكم النزاع، وبينالعناصر الواقعية لهذا النزاع، و هو ما يفضي إلى نتيجة معينة، هي الحكم الذي يتم ّصياغته في منطوق الحكم.
من ثمّ فإن المطلوب من الباحث أثناء التعليق على القرار،ليس العمل على إيجاد حلّ للمشكل القانوني باعتبار أن القضاء قد بث فيه، و لكنهمناسبة للتأمل و محاولة لفهم الإتجاه الذي ذهب إليه القضاء، هذا من ناحية أخرى ، ومن ناحية أخرى فالمطلوب هو التعليق على قرار لا دراسة قرار بشكل يتجاهل كليا موضوعالدعوى المعروضة، لذلك لا يجوز الغوص في بحث نظري للموضوع الذي تناوله ذلك القرار. فليس المطلوب هو بحث قانوني في موضوع معين، و إنما التعليق على قرار يتناول مسألةقانونية معينة.
و لكي يكون التعليق على قرار سليما، يجب أن يكون الباحث "المعِلّق" ملمّا أساسا بالنصوص القانونية التي تحكم النزاع، و أيضا بالفقه قديمه وحديثه الذي تعرّض للمسألة، و كذا بالإجتهاد الذي تناول هذه المسألة و بالمراحلالتاريخية التي مرّ بها تطوّره توصّلا إلى الموقف الأخير في الموضوع و من ثمّ بيانانعكاسات ذلك الحلّ من الوجهة القانونية.
إن أول ما يتطلبه التعليق هو قراءةالقرار أو الحكم عدة مرات دون تدوين أيّ شيء، و يجب دراسة كلّ كلمة وردت في القرارلأنه من الصعب التعليق على قرار غير مفهوم ، لأن المهمة سوف تكون معالجة العناصر والجهات المختلفة للقرار موضوع التعليق في الشكل و الأساس وَوِفق منهجية رسومة مسبقالحالات التعليق، فلا يترك من القرار ناحية عالجها إلاّ و يقتضي التعرّض لها فيالتعليق بإعطاء حكم تقييمي للقرار ككلّ،و في كافة النقاط القانونية عالجها.
المرحلة التحضيرية و المرحلة التحريرية.
* منهجية التعليق علىقرار:
يتطلب التعليق مرحلتين: المرحلة التحضيرية و المرحلةالتحريرية.
1-المرحلة التحضيرية:
في هذه المرحلة يستخرج الطالب من القرارقائمة، يقصد منها إبراز جوهر عمل القاضي وصولا إلى الحكم أو القرار الذي توصل إليه. و تحتوي هذه القائمة بالترتيب على:
1-الوقائع: أي كلّ الأحداث التي أدّت إلىنشوء النزاع :تصرف قانوني "بيع"، أقوال "وعد"، أفعال مادية "ضرب".و يشترط:
*ألاّيستخرج الباحث إلاّ الوقائع التي تهمّ في حلّ النزاع ، فمثلا إذا باع "أ" ل"ب" سيارة ،و قام "أ" بضرب "ب" دون إحداث ضرر، و نشب نزاع بينهما حول تنفيذ العقد،فالقرار يعالج المسؤولية العقدية نتيجة عدم تنفيذ التزام إذن لا داعي لذكر الضربلأن المسؤولية التقصيرية لم تطرح.
و إن كان يجب عدم تجاهل –عند القراءةالمتأنّية- أيّ واقعة لأنه في عمليّة فرز الوقائع، قد يقع المعلّق على واقعة قدتكون جوهرية، و من شأنها أن تؤثر في الحلّ الذي وضعه القاضي إيجابا أوسلبا.
*لابدّ من استخراج الوقائع متسلسلة تسلسلا زمنيّا حسب وقوعها، و مرتبة فيشكل نقاط.
*الإبتعاد عن افتراض وقائع لم تذكر في القرار.
2- الإجراءات: هيمختلف المراحل القضائية التي مرّ بها النزاع عبر درجات التقاضي إلى غاية صدورالقرار محلّ التعليق. فإذا كان التعليق يتناول قرارا صادرا عن مجلس قضائي، يجبالإشارة إلى الحكم الصادر عن المحكمة الإبتدائية ، و الذي كان موضوعا للطعنبالإستئناف أمام المجلس القضائي، و إذا كان القرار موضوع التعليق صادرا عن المحكمةالعليا، يصبح جوهريا إبراز مراحل عرض النزاع على المحكمة و المجلس القضائي.
لكنو بفرض أن محلّ التعليق هو حكم محكمة ، فقد تكون لبعض المراحل الإجرائية في الدعوىأهميتها في تحديد معنى الحك، مثلا: يجدر بالمعلِّق الإشارة إلى الخبرة، إذا تمتّإحالة الدعوى إلى الخبرة.
3- الإدّعاءات: و هي مزاعم و طلبات أطراف النزاعالتي استندوا عليها للمطالبة بحقوقهم.
يجب أن تكون الإدّعاءات مرتّبة، مع شرحالأسانيد القانونية، أي ذكر النص القانوني الذي اعتمدوا عليه، ولا يجوز الإكتفاءبذكر "سوء تطبيق القانون"، أو "مخالفة القانون".
فالبناء كلّه يعتمد علىالإدّعاءات، و ذلك بهدف تكييفها و تحديد الأحكام القانونية التي تطبق عليها، أي أنالأحكام و القرارات لابدّ أن تستند إلى ادّعاءات الخصوم.و الإدّعاءات يمكن التعرفعليها من خلال عبارات "عن الوجه الأوّل"، أو استنباطها من عبارات "حيث يؤخذ علىالقرار"، "حيث يعاب على القرار"،" حيث ينعى على القرار" .
4-المشكل القانوني: وهو السؤال الذي يتبادر إلى ذهن القاضي عند الفصل في النزاع، لأنّ تضارب الإدّعاءاتيثير مشكلا قانونيّا يقوم القاضي بحلّه في أواخر حيثيات القرار، قبل وضعه في منطوقالحكم.إذن المشكل القانوني لا يظهر في القرار و إنّما يستنبط من الإدّعاءات و منالحلّ القانوني الذي توصّل إليه القاضي.
ومن شروط طرح المشكل القانوني:
-لابدّ أن يطرح في شكل سؤال أو عدّة أسئلة، أي سؤال رئيسي و أسئلةفرعية.
-أن يطرح بأسلوب قانوني، فعوض هل يحق ل "أ" أن يبيع عقاره عرفيّا؟ يطرح السؤال : هل الرسمية ركن في انعقاد البيع العقاري؟ -إعادة طرح الإشكال طرحاتطبيقيّا: فمثلا الطرح النظري هو هل التدليس عيب في العقد، و الطرح التطبيقي هلتعتبر المعلومات الخاطئة التي أدلى بها "أ" ل "ب" بخصوص جودة المبيع حيلة تدليسّية تؤدّي إلى قابليّة العقد للإبطال؟ -ألاّ يٌستشكل مالا مشكلة فيه: فعلى المعلّقأن يبحث عن المشكل القانوني الذي يوصله إلى حلّ النزاع أمّا المسائل التي لم يتنازععليها الأطراف، فلا تطرح كمشكل قانونيّ.فمثلا إذا تبين من وقائع القرار أنّه تمّعقد بيع عقار عرفيّا ، ثمّ وقع نزاع حول صحّة العقد ، فلا داعي للتساؤل: هل البيعالذي تمّ بين "أ" و "ب" هو عقد عرفي لأنّ هذا ثابت من الوقائع و لا إشكالفيه.
-بقدر ما طرح الإشكال بطريقة صحيحة بقدر ما يٌوفَّق المعلّق في تحليلالمسألة القانونيّة المعروضة من خلال الحكم أو القرار القضائي.
إذن المرحلةالتحضيرية هي عبارة عن عمل وصفي من قبل المعلّق و عليه أن يتوخّى في شأنه الدّقةعلى اعتبار أنّ تحليلاته اللاّحقة، سوف تنبني على ما استخلصه في هذه المرحلة.
2- المرحلة التحريرية:
تقتضي هذه المرحلة وضع خطّة لدراسةالمسألة القانونية و الإجابة على الإشكال القانوني الذي يطرحه القرار ثمّ مناقشتها .و يشترط في هذه الخطّة:
- أن تكون خطّة مصمّمة في شكل مقدّمة، صلب موضوع يحتويعلى مباحث و مطالب و خاتمة.
-أن تكون خطة تطبيقيّة، أي تتعلّق بالقضيّة و أطرافالنّزاع من خلال العناوين. فعلى المعلّق تجنّب الخطة النظرية، كما عليه تجنب الخطةالمكونة من مبحث نظري و مبحث تطبيقي لأن هذه الخطة، ستؤدّي حتما إلى تكرارالمعلومات.
-أن تكون خطة دقيقة، فمن الأحسن تجنّب العناوين العامة.
-أن تكونخطة متوازنة و متسلسلة تسلسلا منطقيا بحيث تكون العناوين من حيث مضمونها متتابعةوفقا لتتابع وقائع القضية، فتظهر بذلك بداية القضيةفي بداية الخطّة، كما تنتهيالقضية بنهاية الخطة.
-أن توضع خطة تجيب على المشكل القانوني المطروح، فإذا كانممكنا يتمّ استخراج اشكاليتين قانونيتين، و تعالج كل واحدة منهما في مبحث، و هيالخطة المثالية في معالجة أغلب المسائل القانونية المطروحة من خلال الأحكام والقرارات القضائيّة.
بعدما يضع المعلّق الخطّة بكّل عناوينها، يبدأ من خلالها فيمناقشة المسألة القانونية التي يتعلّق بها الحكم أو القرار القضائي محلّ التعليقابتداء بالمقدمة مرورا بصلب الموضوع، إلى أن يصل إلى الخاتمة.
المقدمة :
في المقدمة، يبدأ المعلّق بعرض موضوع المسألة القانونية محلّ التعليق في جملةوجيزة، بعدها يلخص قضية الحكم أو القرار فقرة متماسكة، يسرد فيها بإيجاز كلّ منالوقائع و الإجراءات و الإدّعاءات منتهيا بطرح المشكل القانوني بصفة مختصرة تعتبركمدخل إلى صلب الموضوع . فالإنطلاق من المحكمة مصدرة القرار مثلا له أهميّة قصوى،حيث يمكّن الباحث من المقارنة في التحليل بين قضاة عدّة محاكم لمعرفة الإتجاهالغالب بالنسبة للإجتهاد القضائي. أمّا إذا كان القرار صادرا من المحكمة العليا،فيمكن مقارنته مع غيره من القرارات الصادرة من المحكمة العليا. كما أن ذكر تاريخصدور القرار له أهمية لمعرفة ما إذا كان قد وقع هناك تحوّل للإجتهادات السابقة، أموقع تفسير جديد لقاعدة قانونية معينة، أم تمّ اللجوء إلى قاعدة قانونية أخرى ....إلخ الموضوع:
في صلب الموضوع يقوم المعلق في كلّ نقطة من نقاط الخطّة "عنوان" بمناقشة جزء من المسألة القانونية المطلوب دراستها ، مناقشة نظرية وتطبيقية مع إعطاء رأيه في الحلّ القانوني النزاع. فالدراسة تكون موضوعية وشخصية.
أولا: الدراسة الموضوعية: نشير في هذه الدراسة إلى:
- موقف هذا الحلبالنسبة للنصوص القانونية، هل استند إلى نصّ قانوني؟ هل هذا النص واضح أم غامض؟ كيف تمّ تفسيره؟ ووفق أيّ اتجاه؟ -موقف الحلّ بالنسبة للفقه، ماهي الآراء الفقهيةبالنسبة لهذه المسألة، ما هو الرأي الذي اعتمده القرار –موقف هذا الحّل بالنسبةللإجتهاد، هل يتوافق مع الإجتهاد السابق ،أم يطوّره أم أنه يشكّل نقطة تحوّل بالنسبة له؟ و بالتالي يجب على المعلّق الإستعانة بالمعلومات النظرية المتعلّقةبالمسألة القانونية محلّ التعليق، ثمّ الرجوع في كلّ مرّة إلى حيثيات الحكم أوالقرار محلّ التعليق لتطبيق تلك المعلومات على القضية المطروحة .
ثانيا: دراسةشخصية: من خلال إعطاء حكم تقييمي للحلّ الذي جاء به القرار . و هل يرى المعلق بأنهناك حكم أفضل له نفس محاسن الحلّ المعطى، دون أن تكون له سيئاته.
الخاتمة : و في الخاتمة يخرج الباحث بنتيجة مفادها أنّ المشكل القانوني الذي يطرحه الحكم أوالقرار القضائي محلّ التعليق يتعلّق بمسألة قانونية معينة لها حلّ قانوني معيّنيذكره المعلّق معالجا بذلك الحلّ الذي توصل إليه القضاة إمّا بالإيجاب أي بموافقتهمع عرض البديل، و بهذا يختم المعلّق تعليقه على القرار