لمبحث الثاني
النظام الخاص بالأهلية التجارية
بعد التطرق لنظام الأهلية التجارية وفق منظار قانوني عام، و الإقرار أن مناط أحكامها بصفة عامة مردها الشريعة العامة و بعض فروعها كقانون الأسرة، وبعد الإقرار كذلك أن القانون التجاري وبعض الأنظمة أو فروع التشريع أحكمت هي الأخرى القواعد العامة التي تضبط الأهلية وما ينتج عنها من آثار قانونية، فإننا وأمام هذا الطرح لا يجب الأخذ بهذا النظام العام على إطلاقه باعتبار أن القانون المدني و القانون التجاري أوردا كذلك نظام قانوني خاص لتأهيل الفرد لممارسة التجارة بمختلف حالته- وطني أو أجنبي- و مختلف أجناسه – ذكر أو أنثى – متزوج و غير متزوج.
المطلب الأول
أحكام القاصر التاجر
إن الأحكام الواجب تطبيقها على القاصر التاجر هي أحكام المادتين 05 و 06 من القانون التجاري الجزائري، وبدورهما التشريعين المصري و الفرنسي أوردا أحكام خاصة بالقاصر التاجر.
الفرع الأول
ترشيــد القاصـــر
إن الترشيد ينجم عن حالات معينة إما من الزواج أو من إذن الأبوين أو قرار من مجلس العائلة وكل ذلك مع إذن القاضي، ومن المنطقي أي يكتسب القاصر المرشد الأهلية المدنية، لكن لا يحق له مزاولة التجارة إلا بعد اكتمال سن الثامنة عشر من عمره، و يطرح السؤال بخصوص الحكمة التي جعلت المشرع يحدد سن الترشيد بـ 18 سنة؟.
لعل الحكمة من تحديد السن التجارية راجع للسياسة العقابية المنتهية في الجزائر والتي حدد بموجبها المشرع الجزائي السن العقابية بـ18 سنة طبقا لنص المادة 50 من ق.ع.ج، باعتبار أنه عند ترشيد القاصر البالغ من العمر 18 سنة يكون كامل الأهلية لممارسة التجارة سواء بصفة مطلقة أو مقيدة وباكتمال أهليته تجعله يكتسب حقوق التجار و يلتزم بالتزاماتهم وبالنظر للمخاطر التجارية المعرض لها التجار سواء بشهر إفلاسهم أو توقيع عقوبات جزائية عليهم، فإنه من غير المنطقي فرض عقوبات أو توقيعها على قاصر مرشد لم يكتمل السن العقابية وهي 18 سنة.
وقد أصاب المشرع عندما وحدّ بين أهلية القاصر التجارية و الأهلية العقابية وهذا ما نأمل حصوله بخصوص توحيد أهلية التقاضي المقررة في القانون المدني مع مختلف فروع القوانين.
وعلى غرار التشريع الجزائري فإن المشرع المصري قرر للقاصر البالغ من العمر 18 سنة أن يطلب الإذن له بممارسة التجارة، و قد طرح الفقه المصري إشكالية الإذن للولي أو الوصي على القاصر الذي لم يبلغ 18 سنة الاتجار لحساب القاصر(1)، هناك رأيان بخصوص هذه الإشكالية:
الرأي الأول: قيل بجوازية الإذن للولي أو الوصي بإنشاء تجارة جديدة بمال القاصر و حجتهم في ذلك نصوص قانون الولاية على المال فالمادة 39/05 تجيز للوصي بعد إذن المحكمة أن يستثمر أموال القاصر، والاستثمار لفظ واسع إذ يشمل الأعمال التجارية، وقد ذهبت المذكرة الإيضاحية إلى إمكان استغلال مال القاصر في شراء أسهم و سندات.
الرأي الثاني: يتجه إلى عكس ذلك إذ لا تستطيع المحكمة الإذن للولي أو الوصي بإنشاء تجارة جديدة بمال القاصر.
أما المشرع الفرنسي فرغم الاختلاف و التذبذب الذي كان حاصلا في تشريعه استقر على سن الترشيد للممارسة التجارية بـ: 18 سنة وذلك بموجب قانون 05/07/1974.
وقد طرح إشكال آخر في الفقه المصري بخصوص القاصر الذي يرث تجارة قائمة فعلا فهل تصفي هذه التجارة خاصة إذا كانت ناجحة و مزدهرة أم تظل قائمة ؟
أقر التشريح المصري خلاف التشريع الجزائري أنه و بالنظر لقانون الحسبة لسنة 1965 المادة 33 منه التي تجيز الاستمرار في التجارة دون التفرقة بين الولي و الوصي، وأكدت المادة 11 من قانون 1953 على أنه يجوز للولي أن يستمر في تجارة آلت إلى القاصر بشرط إذن المحكمة بذلك.
الحصول على الإذن من والده أو أمه أو على قرار من مجلس العائلة مصدق عليه من المحكمة فيما إذا كان والده متوفى أو غائبا أو أسقطت عنه سلطته الأبوية أو استحال عليه مباشرتها أو في حالة عدم وجود الأب و الأم.
ويكون الإذن بمزاولة التجارة إما عاما وإما مقصورا على بعض العمليات التجارية، لكن هل يجوز إلغاء الإذن ؟ بالرجوع إلى المادة 84 من ق. الأسرة، و قياسا عليها فإنه يجوز ذلك حماية لمصلحة القاصر، وبالتالي يسمح للقاضي الرجوع في الإذن.
(1)د.عوض علي جمال الدين، المرجع السابق، ص 71.
و نلاحظ أن المشرع عندما أسند طلب الترشيد إلى قرار مجلس العائلة في حالة غياب الأب و الأم، فإن قانون 1959 المنظم للأحوال الشخصية الجزائريين المسلمين و المعروف بقانون «السيدة قارة » الذي كان ينص على مجلس العائلة، فإن هذا القانون قد ألغى كبقية القوانين المورثة عن عهد الاستعمار ابتداء من 05/07/1975، وهذا ما يستدعي إعادة النظر في هذه المادة(1).
أما بالنسبة للتشريع المصري فإن الإذن الممنوح من المحكمة الجزئية يكون إذا لم يتجاوز المبلغ 3000 جنيه و يكون من المحكمة الابتدائية إذا جاوز هذا القدر وأن المحكمة المختصة محليا هي محكمة موطن الولي في مواد الولاية(2).
ويجب أن يكون الإذن مكتوب حتى يرفق بطلب القيد في السجل التجاري كما يجب أن تكون الكتابة رسمية(3) المادة 06 من قانون 90/22 ومعنى ذلك أن الإذن الذي يأتي في ورقة عرفية ولا يؤخذ به.
القيد في السجل التجاري: يعتبر من الالتزامات التي يخضع لها التجار إذ بعد القيد بمثابة إشهار موجه للإعلام الغير بأن التاجر قاصر، وفي حالة عدم القيد في السجل التجاري فإن القاصر لا يكتسب صفة التاجر ولا يمكن له التمسك بهذه الصفة إزاء الغير.
*وينتج عن ترشيد القاصر لممارسة التجارة مجموعة من الآثار منها:
-إكتساب القاصر المهنة التجارية.
-لا تكون أعماله صحيحة إلا إذا كانت داخل الإذن الممنوح له.
-إكتساب صفة التاجر.
-يعتبر القاصر المأذون له كامل الأهلية التجارية(4).
الفرع الثاني
حكم القاصر غير المؤهل
إذا مارس القاصر نشاطا تجاريا بالرغم من عدم توافر فيه شرطا من الشروط المطلوبة قانونا، فإنه لا يكتسب هذا القاصر صفة التاجر، وعليه لا يمكن تطبيق أحكام القانون التجاري عليه. لكن السؤال المطروح ما مصير الأعمال التجارية التي قام بها القاصر التاجر غير المؤهل قانونا؟
(1)أ.علي بن غانم، الوجيز في القانون التجاري و قانون الأعمال (الجزء الأول) ص 149-150.
(2)د.عوض علي جمال الدين، المرجع السابق، ص 70.
(3)بالنسبة للأموال العقارية فقد حظر المشرع على القاصر المأذون له التجارة التصرف في هذه الأموال إلا بإتباع الإجراء المتصلة ببيع أموال لقصر أو عديمي الأهلية وذلك ضمانا من المشرع ليكفل به حماية أموال القاصر. المادة 6 من ق.ت
(4)د.مصطفى كمال طه، القانون التجارية مقدمة، الأعمال التجارية، التجار الشركات التجارية، دار الجامعة الجديدة للنشر 1995، ص 133.
إذا كان العمل صادرا من غير مرشد: هنا العمل يكون من شخص عديم الأهلية لكنه إذا حصل على الترشيد دون بلوغه سن 18 سنة ولم يحصل على الإذن القانوني المطلوب مسبقا فإنه يعتبر قادرا على القيام بالأعمال المدنية، لكنه عديم الأهلية بالنسبة للأعمال التجارية(1)، وتكون أعماله باطلة مطلق، أما بالنسبة للأعمال المدنية فيكون البطلان نسبي فيها.
أما العمل الذي قام به القاصر دون قيد الإذن في السجل التجاري فإن القاصر لا يجوز له التمسك بعدم القيد، لأن ما قام به يعتبر عمل تجاري وذلك حماية للغير إلا أنه لا يكتسب صفة التاجر، كما أنه لا يجوز له التمسك بالأعمال التجارية بالتبعية وإنما تبقى أعماله المدنية صحيحة.
و تجدر الإشارة إلى أن السفتجة التي توقع من القصر الذين ليسوا تجارا تكون باطلة بالنسبة لهم دون أن ينال ذلك من الحقوق المكتسبة لكل من الطرفين المادة 393.ق.ت(2).
المطلب الثاني
حالة القاصر الأجنبي
إن التشريع الجزائري فرض تطبيق القانون الجزائري على الأجنبي ولو كان طبقا لقانون دولته ناقص الأهلية، بحيث تسري عليه القوانين المتعلقة بالأهلية متى توفرت فيه الشروط المنصوص عليها، والأكثر من ذلك فقد ذهب المشرع عندما نص في المادة 10 من ق.م:«أن التصرفات المالية التي تعقد في الجزائر و تنتج آثارها فيها، فإذا كان أحد الطرفين أجنبي ناقص الأهلية وكان هذا النقص لا يسهل تبيانه، فإن هذا السبب، لا يؤثر في أهليته، وفي صحة التعامل».
فإذا تعامل جزائري مع أجنبي على التراب الجزائري، وكان هذا الأخير قاصرا الأمر الذي يصعب معه تبيان حالة القصر التي هو عليها وهذا قبل التعامل، فإن التصرف سواء كان تصرفا مدنيا أو تجاريا، تكون آثاره صحيحة، وعليه فالأجنبي القاصر يخضع لأحكام القانون التجاري و يمكن له طلب الإذن لممارسة التجارة.
(1)د.فرحة زراوي صالح، المرجع السابق، ص 196.
(2)د.راشد راشد، الأوراق التجارية، الإفلاس و التسوية القضائية في القانون الجزائري، ديوان المطبوعات الجزائرية الطبعة الثانية 1994، ص 27..
وبالرجوع إلى التشريع المصري الذي يعامل الأجنبي القاصر معاملة خاصة وقاسية وذلك من خلال الحالة التي يكون بالغا فيها 18 سنة ويكون رشيدا في قانون بلده فلا يمكن له الإتجار في مصر إلا بإذن من المحكمة الابتدائية المصرية و الحكمة من ذلك حتى لا يتعارض ذلك مع مصالح البلاد المصرية، وعليه فليس المقصود هو حماية الشخص لذاته بل حماية المصالح الوطنية و ينتج عن ذلك: أن المحكمة متى أعطت الإذن فلا يكون لها أن تراقب القاصر الأجنبي المأذون له بقصد الإطمئنان على حسن تصرفه، ولهذا لا يكون لها أن تلبسه الإذن أو تحد منه إذا رأت أنه يفرط في حقوقه، وهذا خلاف الوضع بالنسبة للقصر المصريين(1).
أما الحالة التي يكون القاصر البالغ 18 سنة يعتبر قاصرا في قانون بلده وجب الرجوع هنا إلى قانون فإذا قضى أنه لا يجوز الاشتغال بالتجارة وجب احترام هذا الحظر وعليه لا يسمح له بالاتجار في مصر.
أما التشريع الفرنسي فبالرجوع إلى القواعد العامة أقر بتطبيق قانون بلد الأجنبي القاصر، لكن الاجتهاد الفرنسي رفض هذا الحل على أساس أن الشروط القانونية للأهلية التجارية مقررة لمصلحة التاجر كما لمصلحة المتصرفين معه، فهي تتعلق إذا بشروط ممارسة المهنة التجارية في فرنسا، إذن يجب تطبيق القانون الفرنسي وهذا ما تأخذ به الإدارة قيما يتعلق برخص الأنشطة التجارية الأجنبية في فرنسا ولا يستبعد القانون الفرنسي إلا في حالة الأعمال المنفردة(2).
المطلب الثالث
أهلية المرأة المتزوجة
إن التنظيم المطبق على ممارسة المرأة المتزوجة للنشاط التجاري المنفرد قد تطور تشريعيا بشكل كبير، فكانت المرأة المتزوجة طبقا لقانون 1804 ق.م، عديمة الأهلية مما تطلب الأمر تخفيف القاعدة لتمكينها من مزاولة التجارة فقرر هذا القانون في حالة كون المرأة «بائعة عمومية» أنه لا يلزمها رخصة خاصة من زوجها بل يكفي رخصة عامة تسمح لها بالقيام بجميع التصرفات والأعمال القانونية عدا رفع دعوى أمام القضاء، وقد أخذ القانون التجاري نفس الأحكام في قانون 13/07/1907 وذلك من خلال فصل ذمة المرأة المتزوجة عن أموال زوجها، إلا أن هذا التطور جاء
(1)د.عوض علي جمال الدين، المرجع السابق، ص 71.
(2)TRAITE de Droit commercial GEORGES-RIPERT-RENE.ROBLOT. même ouvrage, p158.
بصفة بطيئة وهذا ما نستخلصه من المادة 04/02 من ق.ت الفرنسي « على أن المرأة لا تعتبر تاجرة إذا كانت لا تقوم سواء بنشاط جزئي لسلطة زوجها التجارية(1) وعلى غرار التشريع الفرنسي نجد أن المشرع الجزائري طبق هذه القاعدة في المادة 07 « لا تعتبر المرأة المتزوجة تاجرة إذا كان عملها ينحصر في البيع بالتجزئة للبضاعة التابعة لتجارة زوجها».بموجب الأمر 1975 وقد عدلت هذه المادة بموجب الأمر رقم 96-27.
الفرع الأول
شروط ممارسة الزوجة للتجارة
بالنظر إلى المادتين السابعة و الثامنة من القانون التجاري، والتي أقر فيها المشرع بصورة دقيقة وغير مبهمة الأهلية الكاملة لمباشرة المرأة المتزوجة دون أي قيد شأنها في ذلك شأن الرجل تماما.
وكشرط لاكتساب المرأة المتزوجة صفة التاجر أن لا ينحصر عملها في بيع البضائع التابعة لتجارة زوجها، وهذا راجع لضرورة ممارسة التجارة على وجه الاستقلال إذ لا يعتبر تاجرا إلا الشخص الذي يباشر الأعمال التجارية بصفة احترافية لحسابه الخاص وباسمه الشخصي(2)، وإلا اعتبرت مجرد مستخدمة إذا كانت عاملة في متجر زوجها.
كما يشترط قيد نفسها في السجل التجاري بحيث أنها لا يمكن لها أن تتمسك بصفة التاجر إزاء الغير في حالة عدم القيد في السجل التجاري (3) والقيد هنا قرينة على أنها تمارس تجارة منفصلة عن تجارة زوجها.
وما يمكن ملاحظته أن المشرع الجزائري لم يشترط إذن الزوج كشرط لممارسة المرأة المتزوجة التجارة، وهذا تجسيدا لأحكام الشريعة وخوفا من مخالفة أحكامها التي تقر بمبدأ فصل الذمة، وعلى هذا النهج سار كل من القانون السوري و القانون المصري و الأردني، على التشريع
(1)تجدر الإشارة أن هذه القاعدة عرضت تطبيقا قضائيا لمدة أكثر من قرن ونصف، وللإشارة كذلك أن الشريعة الإسلامية عرفت مبدأ فصل الذمم بين الزوجين قبل مختلف التشريعات العالمية، وهذا ما استقر عليه المشرع الجزائري بشكل واضح في تعديله للمادة 07 ق.ت بموجب الأمر رقم 96-27 المؤرخ في 09/12/1996.
(2)د.نادية فضيل، القانون التجاري- الأعمال التجارية – ديوان المطبوعات الجامعية- الجزائر، طبعة 1994 ص 23.
(3)أنظر المادة 22 من قانون التجاري الجزائري.
اللبناني في مادته 11/1 من القانون التجاري التي تنص على أن « المرأة المتزوجة مهما تكن أحكام القانون الشخصي الذي تخضع له لا تملك الأهلية التجارية إلا إذا حصلت على رضى زوجها الصريح أو الضمني»(1).
إلا أن هناك بعض الإشكالات المطروحة في تطبيق هذه المادة و تتعلق بـ:
-مدى اشتراط الإذن في ممارسة التجارة أو المتابعة في ممارستها قبل الزواج:في هذه الحالة يكون الإذن لازما على اعتبار أنه يدخل ضمن الشروط المتصلة برضى الطرفين قبل الزواج سواء تعلق المرأة بممارسة التجارة أو أي وظيفة أو مهنة أخرى.
وفي نفس السياق هل يشترط الإذن بممارسة التجارة في حالة دخول الزوجة في شركة تضامن وكان زوجها شريكا فيها ؟
ذهب رأي من الفقه إلى ضرورة اشتراط الإذن وذلك خوفا من المخاطر التجارية خاصة الإفلاس منها وما قد يسببه من أعباء على النفقة العائلية، خاصة إذا علمنا أن شركة التضامن المسؤولية فيها تضامنية وغير محدودة فيسأل الشريك فيها على حصصه في الشركة وأمواله الخاصة. إلا أن الفقه الحديث يرى أن هته الأحكام أصبحت بالية وهذا لما يتطلبه الاقتصاد الحديث ودخول المرأة بجانب الرجل في ميدان العمل(2).
أما الإشكال الثالث فيتعلق بالإذن المطلوب من طرف الأب أو الأم أو مجلس العائلة لممارسة القاصر التجارة، فعلى فرض أن الزوجة تزوجت ببلوغها سن 18 سنة أي السن القانونية للزواج و أرادت ممارسة التجارة، فمن المعلوم أنه يلزمها إذن خاص لتأهيلها لذلك فالسؤال المطروح ممن تطلب هذا الإذن أو بالأحرى من له الحق في إسناد إذنه أمام رئيس المحكمة هل الأب أو من له الحق في ذلك أي الأشخاص المذكورين في المادة 05 ق.ت. أم الزوج باعتباره مسؤولا عنها. وأنه هو من يشترط طاعته و أن الولاية تنتقل إليه إذا كانت قاصرة أم أن بزواجها ترشد لممارسة التجارة؟
في غياب نص دقيق أو اجتهاد قضائي يفك لنا هذه الإشكالات ما علينا إلا التقيد بحرفية نص المادة 5 من ق.ت، وعليه الإذن المطلوب لتأهيل القاصرة المتزوجة لممارسة التجارة يكون إما من الأب أو الأم أو مجلس العائلة.
(1)د. محمد فريد العوني، القانون التجاري اللبناني ،الجزء الأول، مقدمات نظرية العمل التجاري، الدار الجامعية للطباعة و النشر بيروت ص.ب. 9333، الطبعة الأولى، 1983
(2)د.إلياس ناصف الكامل في القانون التجارة، الجزء الأول، بيروت سنة 1985،ص 13.
وقد أقر التشريع الفرنسي في صياغته الجديدة للمادة 223 ق.ت أن كلا الزوجين يستطيع ممارسة مهنة و الحصول على ربحها أو أجرتها والتصرف في مداخله بعد وفائه بالتزاماته الأسرية وعليه فالزوج أو الزوجة الذي ينشئ محلا تجاريا أو يتحصل عليه أثناء فترة الزواج يخول وحده سلطة استغلاله إلا إذا كان إنشائه أو الحصول عليه بالأموال المشتركة طبقا للمادة 1421/3 وهنا يتطلب اشتراك لزوجين مثال نقل الملكية أو إنشاء حق عيني متعلق بمحل تجاري مشترك(1).
الفرع الثاني
الآثار ممارسة المرأة المتزوجة للتجارة
نصت المادة الثامنة 8 من القانون التجاري على أنه « تلتزم المرأة التاجرة شخصيا بالأعمال التي تقوم بها لحاجات تجارتها، ويكون للعقود بعوض التي تتصرف بمقتضاها في أموالها الشخصية لحاجات تجارتها، كامل الأثر بالنسبة للغير»، ويستفاد من هذا النص أن المرأة المتزوجة تعتبر تاجرة كبقية التجار تلتزم بجميع التزاماتهم و تكتسب نفس حقوقهم وعلى وجه الخصوص القيد في السجل التجاري التي تسري على التجار ومن بينها أحكام الإفلاس والتسوية القضائية(2).
إضافة إلى الآثار المذكورة سلفا نجد أن التشريع الفرنسي يرتب آثار عن الالتزامات المهنية للزوج التاجر، إذ يمكن تنفيذ هذه الالتزامات على أمواله دون أموال الزوج الأخر، غير أنه يمكن متابعة وفاء ديون أحد الزوجين لأي سبب كان هذا الدين أثناء الحياة المشتركة وهنا يمكن متابعته على أموال الزوج الآخر إلا إذا كان هناك غش أو سوء نية من الدائنين وبهذا فحق استفاء الدائنين لديونهم على الأموال المشتركة محدودة بنوعين من الأموال التجارية خطيرين على الذمة الأسرية وهما الكفالة و القرض 1415 ق.م، فإذا قام بهما الزوج التاجر بصفة منفردة فيقع العمل صحيحا ولكنه ملزم لمن قام به وحده، أما إذا تمت الكفالة أو القرض بالرضى الصريح للزوج الأخر فضمان الدائنين يشمل الأموال المشتركة للزوجين وهذا ما استقر عليه التشريع الفرنسي.
(1)الذمة المشتركة المنصوص عليها في المادة 1421 فقرة 2 من ق.م الفرنسي تكرس الاستقلالية المهنية لكلا الزوجين وذلك بتخويلها لأي زوج يمارس مهنة منفصلة التسيير الاستئثاري (المنفرد) للأموال المهنية، وأدى هذا إلى ظهور ما يعرف بالأموال المخصصة لممارسة المهنة والتي ينظمها قانون خاص موازاة مع النظام المالي للزوجين.
(2)د. فرحة زواوي صالح، المرجع السابق، ص 203.