آداب الصيام وأحكامه... وقفات و فوائد و آداب
تقديم فضيلة الشيخ ابن جبرين.
أولاً: استقبال شهر رمضان
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يهنئ أصحابه بقدوم شهر رمضان، كما في
الحديث الذي رواه سلمان رضي الله عنه أنه صلى الله عليه و سلم خطب في آخر
يوم من شعبان، فقال: "قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر جعل الله صيامه فريضة،
و قيام ليله تطوعاً، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من تقرب فيه بخصلة من
خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، و من أدى فيه فريضة كان كمن أدى
سبعين فريضة فيما سواه، و هو شهر الصبر، و الصبر ثوابه الجنة، و شهر
المواساة، و شهر يزاد فيه في رزق المؤمن، من فطّر فيه صائماً كان مغفرة
لذنوبه، و عتقاً لرقبته من النار، و كان له مثل أجره من غير أن ينقص من
أجر الصائم شيء" قالوا: يا رسول الله، ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، قال:
"يعطي الله هذا الأجر لمن فطر صائماً على مذقة لبن، أو شربة ماء، أو تمرة،
و من أشبع فيه صائماً، أو من سقى فيه صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا
يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة، فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون
بهما ربكم، و خصلتين لا غنى بكم عنهما. أما الخصلتان اللتان ترضون بهما
ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، و الاستغفار، و أما اللتان لا غنى بكم
عنهما: فتسألونه الجنة، و تستعيذون به من النار"(أخرجه ابن خزيمة في صحيحه
برقم 1887).
و روي أيضاً أنه عليه الصلاة و السلام كان يفرح بقدوم رمضان، فكان إذا دخل
رجب يقول: "اللهم بارك لنا في رجب و شعبان، و بلَّغنا رمضان"
و هكذا كان السلف -رحمهم الله- يفرحون به، و يدعون الله به، فكانوا يدعون
الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم، فتكون
سنتهم كلها اهتماماً برمضان.
و في حديث مرفوع رواه ابن أبي الدنيا أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "لو تعلم أمتي ما في رمضان لتمنت أن تكون السنة كلها رمضان".
و نشاهد الناس عامة، مطيعهم و عاصيهم، أفرادهم و جماعاتهم، يفرحون بحلول
الشهر الكريم، و يظهرون جداً و نشاطاً عندما يأتي أول الشهر؛ فنجدهم
يسارعون الخُطا إلى المساجد، و يكثرون من القراءة و من الأذكار، و كذلك
نجدهم يتعبدون بالكثير من العبادات في أوقات متعددة، و لكن يظهر في كثير
منهم السأم و التعب بعد مدة وجيزة! فيقصِّرون، أو يخلّون في كثير من
الأعمال! نسأل الله العافية.