شروط قبول دعوى الغاء القرار الإداري
خلاصة البحث:
يتعرض البحث لمشكلة كبيرة يتظلم منها الكثير وهي أن ترك القرار الاداري المخالف للقانون نافذاً ومرتباً آثاره القانونية هي مشكلة في غاية الاهمية لأنه سوف ينشأ عن ذلك تبعات قانونية كثيرة لأنه ما يبنى على باطل فهو باطل بحيث أن دعوى الالغاء أو ما تسمى بدعوى تجاوز حد السلطة بأنها دعوى قضائية ترفع للمطالبة بالغاء أو اعدام قرار إداري مخالف للقانون, فتعد الغاية الأساسية من دعوى الإلغاء هي تحقيق مبدأ المشروعية أي أن المشروعية تؤكد على توافق التصرفات التي تصدر من سلطات دولة ومواطنيها مع قواعد قانونية موضوعية سابقاً وبعبارة أخرى يعني أن القانون بكافة أنواع قواعده سواء كانت دستورية أم عادية أم فرعية يجب أن يطبق بصفة عامة على الجميع, وفي ضوء ذلك اقتضت دراسة موضوع البحث تقسيمه على مقدمة وأربعة مباحث تضمن المبحث الأول مفهوم دعوى الإلغاء وطبيعتها, فيما كرس المبحث الثاني للشروط المتعلقة بالقرار الاداري, أما البحث الثالث خصص إلى شروط مصلحة رافع الدعوى, والرابع كرس للأحكام الخاصة بميعاد رفع دعوى الالغاء, وأنهيت البحث بخاتمة تضمنت النتائج والتوصيات.
البحث:
المقدمة:
تعد دعوى الإلغاء أحد أنواع الدعاوى الإدارية التي يختص بنظرها القضاء الإداري لضمان مبدأ المشروعية, وبما أن القوانين لم يرد فيها تعريف واضح لدعوى الإلغاء وإنما اقتصرت هذه القوانين على بيان ما يدخل في اختصاص القضاء الإداري فقد تم الرجوع إلى الفقه والقضاء الإداري لمعرفة ما المقصود بدعوى الإلغاء, وعلى هذا الأساس فقد عرفها بعض الفقه الإداري بأنها (دعوى قضائية ترفع للمطالبة بإلغاء أو إعدام قرار إداري مخالف للقانون)
حيث يتكون البحث من مقدمة وأربعة مباحث وخاتمة وخصصت المبحث الأول إلى ماهية دعوى الإلغاء وقسمته إلى ثلاثة مطالب, الأول لمفهوم دعوى الإلغاء وطبيعتها والثاني لخصائص دعوى الإلغاء وغاياتها والثالث للتمييز بين دعوى الإلغاء ودعوى القضاء الكامل. أما المبحث الثاني فخصصته للشروط المتعلقة بالقرار الإداري وقسمته إلى ثلاثة مطالب الأول للتعريف بالقرار الإداري وبيان شكله والثاني والثالث لشروط القرار الإداري. أما المبحث الثالث فخصصته إلى شروط مصلحة رافع الدعوى وقسمته إلى ثلاثة مطالب الأول إلى التعريف بالمصلحة وأنواعها والثاني والثالث للشروط المتعلقة بمصلحة رافع الدعوى. أما المبحث الرابع فخصصته إلى الاحكام الخاصة بميعاد رفع دعوى الإلغاء فقسمته إلى ثلاثة مطالب الأول لبدء ميعاد الطعن والثاني لتجاوز ميعاد الطعن والثالث لأثر انتهاء ميعاد الطعن.
أهمية البحث:
تبرز أهمية البحث في كونه يستند إلى الدستور بحيث تنبع هذه الأهمية من أهمية الدستور ذاته, باعتباره المنظم للدولة, من حيث شكلها ونظام الحكم فيها وتحديد السلطات العامة والعلاقة فيما بينها وبالاضافة إلى ما يتضمنه من حقوق وواجبات للأفراد, حيث نصت المادة (100) من الدستور العراقي النافذ لعام 2005 على (يحضر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من الطعن) أي أن من خلال دعوى الغاء القرار الإداري المخالف للقانون سوف يتحقق مبدأ المشروعية ومن ثم سيادة القانون ومن ذلك سوف يتحقق ضمان الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية ضد إساءة استعمال الإدارة لسلطتها الإدارية.
مشكلة البحث:
أن موضوع البحث يعالج مشكلة على قدر كبير من الأهمية وهي أن بقاء القرار الإداري المخالف للقانون موضع التنفيذ أي منتجاً لإثارة سوف ينتج عن هذا تبعات قانونية كثيرة.
فرضية البحث:
حيث تتمثل الغاية الأساسية من دعوى الإلغاء هو تحقيق مبدأ المشروعية الذي يقصد به هو مبدأ سيدة القانون, أي يعني احترام أحكام القانون وسريانه على كل من الحاكم والمحكوم, فالقانون يجب أن يحكم سلوك الأفراد ليس فقط فيما بينهم وإنما بالاضافة اليه أن يحكم علاقاتهم بهيئات الحكم في الدولة.
المبحث الأول: ـ ماهية دعوى الإلغاء
المطلب الأول: ـ مفهوم دعوى الإلغاء وطبيعتها.
المطلب الثاني: خصائص دعوى الإلغاء وغاياتها.
المطلب الثالث: التمييز بين دعوى الإلغاء ودعوى القضاء الكامل.
بادئ ذي بدء لابد من التأكيد على أن القوانين أو التشريعات لم يرد فيها تعريف واضح لدعوى الإلغاء وإنما اقتصرت هذه القوانين على بيان ما يدخل في اختصاص القضاء الإداري, ومن ثم كان الفقه والقضاء الإداري هو المعول عليه من أجل بيان مفهوم دعوى الإلغاء.
وعلى هذا الأساس تعرف دعوى الإ لغاء أو ما يسمى بدعوى تجاوز حد السلطة بأنها (دعوى قضائية ترفع للمطالبة بالغاء أو إعدام قرار إداري مخالف للقانون)
إذن يستنتج مما تقدم بأن دعوى الإلغاء هي أحد أنواع الدعاوى الإدارية التي يختص بنظرها القضاء الإداري لضمان مبدأ المشروعية.
المطلب الأول: مفهوم دعوى الإلغاء وطبيعتها:
أولاً: تعريف دعوى الإلغاء:
لم تضع التشريعات العراقية أية تعريفات وكذلك التشريعات المقارنة أي تعريفات للدعوى الإدارية لذا فأن الأمر متروك للفقه والقضاء الإداريين فقد عرفها بعض الفقه الإداري بأنها (الوسيلة القانونية التي يتمتع بها الأفراد من خلال الالتجاء إلى القضاء لحماية حقوقهم المتعدى عليها)([size=8][1]).
كذلك دعوى الإلغاء لم تعرفها التشريعات فقد ترك هذا الأمر إلى الفقه الإداري فقد عرفها بعض الفقه الإداري بأنها (هي دعوى قضائية ترفع للمطالبة باعدام قرار إداري مخالف للقانون)
([2])
ثانياً: طبيعة دعوى الإلغاء:أن دعوى الإلغاء ذات طبيعة موضوعية أو عينية تقوم بمخاصمة قرار إداري غير مشروع, يتولى القضاء الإداري فيها بحث مشروعية القرار بغض النظر عن الحقوق الشخصية للمدعي
([3]).
أي يعني أن دعوى الإلغاء ذات طبيعة موضوعية وليست عينية بل هي ليست شخصية أي يعني أنها لا تقوم على مخاصمة شخص آخر أي أن القاضي يقوم بفحص القرار الإداري من التحقق من مشروعية أو عدم مشروعيته ومن هنا جاءت طبيعة دعوى الإلغاء موضوعية عينية
([4]).
المطلب الثاني: خصائص دعوى الإلغاء وغاياتها:
الفرع الأول: خصائص دعوى الإلغاء:[/size]
[list="box-sizing: border-box; border-color: rgb(225, 225, 225); border-style: solid; border-width: 0px; zoom: 1; -webkit-tap-highlight-color: rgba(0, 0, 0, 0); margin-right: 0px; margin-bottom: 22px; margin-left: 0px; padding-right: 60px; padding-left: 0px; outline: none !important;"]
[*]دعوى الإلغاء دعوى قضائية: ـ إذا كانت هذه الصفة في الوقت الحاضر غير متنازع عليها لأن هذه الدعوى كانت مجرد تظلماً إدارياً رئاسياً, ولكن طبيعتها قد تغيرت من خلال مجلس الدولة الفرنسي قضاءاً مفوضاً عام 1878، فتحولت من تظلم إداري إلى دعوى قضائية غير أن هذه الدعوى قد نشأت في مصر والعراق كدعوى قضائية. ففي العراق تم انشاء محكمة القضاء الإداري بموجب المادة الخامسة من القانون رقم (17) لسنة 2013 قانون التعديل الخامس لقانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979.حيث نصت المادة الخامسة:
[/list]
أولاً:ـ تشكل محكمة للقضاء الإداري ومحكمة لقضاء الموظفين برئاسة نائب الرئيس لشؤون القضاء الإداري أو مستشار وعضوين من المستشارين أو المستشارين المساعدين,....)
ثانياً:ـ يجوز عند الاقتضاء تشكيل محاكم أخرى للقضاء الإداري ولقضاء الموظفين في مراكز المحافظات ببيان يصدره وزير العدل, بناء على اقتراح من هيأة الرئاسة وينشر في الجريدة الرسمية.
ثالثاً:ـ يجوز انتداب القضاة من الصنف الأول أو الثاني بترشيح من مجلس القضاء الأعلى إلى محاكم القضاء الإداري أو محاكم قضاء الموظفين.
رابعاً: ـ تختص محكمة القضاء الإداري بالفصل في صحة الأوامر والقرارات الأدارية الفردية والتنظيمية التي تصدر عن الموظفين والهيئات في الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والقطاع العام التي لم يعين مرجع للطعن فيها بناءاً على طلب من ذي مصلحة معلومة وحالة وممكنة, ومع ذلك فالمصلحة المحتملة تكفي إن كان هناك ما يدعو إلى التخوف من الحاق الضرر بذوي الشأن
([5]).
[list="box-sizing: border-box; border-color: rgb(225, 225, 225); border-style: solid; border-width: 0px; zoom: 1; -webkit-tap-highlight-color: rgba(0, 0, 0, 0); margin-right: 0px; margin-bottom: 22px; margin-left: 0px; padding-right: 60px; padding-left: 0px; outline: none !important;"]
[*]دعوى الإلغاء من اجتهاد مجلس لدولة الفرنسي: فعلى الرغم من صدور عدة قرارات في فرنسا نظمت هذه الدعوى فان الاحكام التفصيلية لها ما زالت متروكة لمجلس الدولة والمحاكم الادارية, ومن هنا يتأتى أمر مرونتها وتطورها لذا اعتبرها مجلس الدولة الفرنسي أداة لتحقيق المشروعية
([6]).
[*]دعوى الإلغاء تنتمي إلى القضاء العيني أو الموضوعي: فدعوى الإلغاء المعروضة أمام القاضي الإداري تتعلق بالتأكد من مشروعية أو عدم مشروعية القرار الإداري بغض النظر عن الحقوق الشخصية لرافع الدعوى, كحقه في الحصول على تعويض,..., فهذه الدعوى تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة فالقاضي الإداري عندما يقوم بالغاء القرار في حال عدم مشروعيته فهي دعوى تنتمي إلى القضاء العيني أو قضاء المشروعية
([7]). هذا من حيث المبدأ العام وبالوقت نفسه تحقق المصلحة الشخصية لرافعها.
[*]تتمتع دعوى الإلغاء برعاية خاصة: لقد احاط المشرع الفرنسي دعوى الإلغاء برعاية خاصة تمثلت بعدم اشتراط تقديم عريضة الدعوى بواسطة محام وعدم تطلب دفع الرسوم القضائية عنها مقدماً وهذه الرعاية غير متوفرة في مصر
([8]).
[/list]
الفرع الثاني: غايات دعوى الإلغاء: ـتتمثل الغاية الأساسية من دعوى الإلغاء في تحقيق مبدأ المشروعية الذي يقصد به هو مبدأ سيادة القانون أي يعني احترام احكام القانون وسريانه على كل من الحاكم والمحكوم.
فالقانون يجب أن يحكم سلوك الافراد ليس فقط فيما بينهم وانما بالاضافة اليه أن يحكم علاقاتهم بهيئات الحكم في الدولة.
أولاً. التعريف بالمشروعية.
فالمشروعية تفترض توافق التصرفات التي تصدر من سلطات الدولة ومواطنيها مع قواعد قانونية موضوعة سابقاً والذي يعني به هو أن القانون بكافة انواع قواعده سواء كانت دستورية أم عادية أم فرعية يجب أن يطبق بصفة عامة على الكافة
([9]).
ثانياً: ـ مصادر المشروعية:
ففيما يتعلق بمصادر المشروعية فهي (التشريع الدستوري, التشريع العادي, التشريع الفرعي) فبالنسبة للتشريع الدستوري فيقصد به أن هيئات الدولة وحكامها لا يمارسون اختصاصاتهم إلا بمقتضى الدستور
([10]).
أما فيما يتعلق بالتشريع العادي فهو القانون الذي تقرره السلطة التشريعية في الدولة ويأتي هذا التشريع بالمرتبة الثانية بعد التشريع الدستوري من حيث التدرج في الهرم القانوني ويعد المصدر الثاني من مصادر المشروعية وعلى ذلك تلتزم كافة الهيئات العامة في الدولة باحترام احكامه
([11]).
أما فيما يتعلق بالتشريع الفرعي فاذا كانت السلطة التشريعية هي صاحبة الاختصاص الاصيل في مجال التشريع طبقاً لمبدأ الفصل بين السلطات فان الواقع العملي قد حتم التخفيف من حدة هذا المبدأ وتولت السلطة التنفيذية هي الاخرى وضع نوع من القواعد العامة المجردة تعرف باسم (اللوائح أو التشريعات لفرعية) رغم ذلك فتعد هي قرارات ادارية من حيث مصدرها أي من الناحية العضوية أو الشكلية غير أنها من الناحية المادية تعتبر تشريعات بالنظر إلى موضوعها وما تضمنته من قواعد عامة مجردة يجب ألا تخالف التشريعات العادية
([12]).
مما تقدم من مصادر للمشروعية فهي يطلق عليها بالمصادر المكتوبة فبالاضافة إلى هذه المصادر التي تم ذكرها آنفاً هناك مصادر للمشروعية يطلق عليها بالمصادر الغير مكتوبة يأخذ منها مبدأ المشروعية فمن هذه المصادر هي المبادئ القانونية العامة والقرارات القضائية والفقه, وكذلك هنالك مصادر أخرى يأخذ منها مبدأ المشروعية ولكنها مصادر غير ملزمة هي كالاعراف والعادات والتقاليد الإدارية.
المطلب الثالث: التمييز بين دعوى الالغاء ودعوى القضاء الكامل:
أولاً: ـ من حيث سلطة القاضي:حيث نجد أن في دعوى الإلغاء تقف سلطة القاضي عند حد التحقق من مدى اتفاق أو مخالفة القرار المطعون فيه لقواعد القانون ومن ثم اصدار الحكم بالغائه أو ابطاله في حالة التأكد من مخالفته لمبدأ المشروعية أما في دعوى القضاء الكامل فان سلطة القاضي كاملة بمعنى أنها لا تقف فقط عند حد الغاء القرار الاداري غير المشروع بل تتعدى ذلك إلى حسم جميع عناصر المنازعة أي بتحديد المركز القانوني للطاعن وتبيان الحكم السليم الواجب الاتباع
([13]).
ثانياً: من حيث موضوع الدعوى:فنجد أنه من دعوى الإلغاء يكون موضوع الدعوى هو القرار الاداري المطعون فيه والمدعي بعدم مشروعيته ولذلك فان هذه الدعوى تعتبر دعوى عينية أو دعوى موضوعية, أما بالنسبة لدعوى القضاء الكامل فهي دعوى شخصية لأنها تنصب على حق ذاتي أو شخصي لرافع الدعوى فهي خصومة حقيقية بين رافع الدعوى وبين جهة الادارة الغرض منها تبيان المركز القانوني للطاعن ولذلك فان هذه الدعوى تنتمي للقضاء الشخصي على خلاف دعوى الإلغاء حيث انها تنتمي إلى القضاء الموضوعي أو العيني
([14]).
ثالثاً: من حيث المصلحة في الدعوى:فان دعوى الإلغاء بناءاً على طبيعتها الموضوعية فأنها دعوى موضوعية تكفي لرفعها بمجرد وجود مصلحة شخصية مباشرة لرافع الدعوى تبرر طلب الغاء القرار المطعون فيه بينما لا يكفي شرط المصلحة الشخصية المباشرة لقبول دعوى القضاء الكامل يستلزم أن تستند هذه الدعوى إلى حق الطاعن, أثر فيه القرار أو عمل الادارة ويراد التعويض بشأنه ومن هنا يتحقق القول بأن دعوى الإلغاء تختلف بداهة عن دعوى التعويض أركاناً وموضوعاً وحجية من خلال أن في دعوى الإلغاء يكتفي لرفعها وجود مصلحة بينما يشترط في رافع دعوى التعويض أن يكون رافع الدعوى صاحب حق اصابته جهة الادارة بقرارها الخاطئ
([15]).
رابعاً: من حيث حجية الحكم الصادر في كل من الدعوتين:فبالنسبة لدعوى الإلغاء فان الحكم الصادر بالغاء القرار الاداري المعيب يكون له حجية مطلقة, أي أنه يسري في مواجهة الكافة ويستطيع أن يتمسك بالإلغاء كل ذي مصلحة ولو لم يكن طرفاً في الدعوى. أما حجية الحكم الصادر في دعوى القضاء الكامل فأنها تكون ذات حجية نسبية يسري في حق اطراف الدعوى والذي يصدر أما بالزام الادارة بعمل شيء معين لمصلحة المدعي أو أما أن يكون الحكم الصادر بالزام الادارة بالامتناع عن عمل شيء معين وغالباً ما يكون الحكم الصادر هو يتضمن الزام الإدارة بدفع مبلغ معين من المال على صيغة تعويض للشخص المدعي على الادارة. كذلك فان دعوى القضاء الكامل لا يكون في التعويض فقط وانما بتحديد المركز القانوني بصورة عامة للطاعن
([16]).
المبحث الثاني: محل دعوى الإلغاء
المطلب الأول: التعريف بالقرار الإداري وبيان شكله.
المطلب الثاني: شروط وجود القرار الإداري.
إذا كان محل دعوى الإلغاء دائما قرار إداري فأنه ينبغي بل يتعين أن يتوافر في هذا القرار عدة شروط فالأول يتعلق بصدور القرار يجب أن يكون صادراً من سلطة إدارية والثاني يتعلق بصدور القرار من سلطة إدارية وطنية وكذلك يجب أن تكون مستندة في إصدارها بارادتها المنفردة لما تتمتع به من سلطة تقديرية بل يتعين بالاضافة إلى ذلك أن يكون هذا القرار قد صدر نهائياً في نشاط إداري وكذلك يجب أن يكون قراراً من الناحية الشكلية أي صدوره من سلطة إدارية وكذلك إدارياً من الناحية الموضوعية أي وفقاً لمضمونه وفحواه, كذلك فأن الشكل هو ركن في القرار الإداري فإذا تخلف الشكل أصبح القرار باطلاً إلا في حالة الظروف الاستثنائية.
المطلب الأول: التعريف بالقرار الإداري وبيان شكله.
لقد تعددت التعاريف التي قيلت بصدد القرار الإداري إلا أنها تدور جميعاً حول معنى واحد ألا وهو (إفصاح الإدارة عن إرادتها المنفردة بقصد إحداث آثار قانونية معينة)
([17]).
وقد عرف القضاء الإداري العراقي القرار الإداري بأنه (القرار الإداري هو عمل قانوني صادر من جهة إدارية بارادتها المنفردة بقصد إحداث آثار قانونية معينة)
([18]).
لذلك نلاحظ أن القضاء الإداري العراقي يشترط ثلاثة عناصر في القرار الإداري وهي (عمل قانوني, يصدر من جهة إدارية, وبالارادة المنفردة للإدارة).
ويلاحظ أن افصاح الادارة عن ارادتها المنفردة في اتخاذ القرار قد يكون صريحاً كتعيين موظف أو إصدار إجازة بناء.
وفي صدد كون القرار صريحاً فهو أما أن يكون ايجابياً يتضمن القيام بعمل معين كمنح رخصة سيارة أو قد يكون سلبياً إذا تضمن القرار امتناع أو رفض الإدارة عن القيام بعمل معين كقرار رفض منح رخصة قيادة سيارة.
وقد يكون ضمنياً بمعنى أنه يوجد دون افصاح من جانب الإدارة تجاه مسألة معينة ويدل عليه أما من فعل ايجابي للإدارة أو من خلال سكوتها أو امتناعها عن اعلان إرادتها كالقرار الضمني برفض التظلم بعد مضي مدة ثلاثين يوماً دون ردها
([19]).
المطلب الثاني: شروط وجود القرار الإداري:
أولاً: وجود القرار الإداري النهائي المؤثر:يعني أنه يجب أن يوجد القرار الإداري عندما تعلن الإدارة بالافصاح عن ارادتها المنفردة, عندئذ يكون القرار الإداري موجوداً ويجب أن يكون هذا القرار الإداري نهائياً بمعنى أنه يكون قابلاً للتنفيذ دون حاجة إلى أي إجراء لاحق. وحتى يكون محلاً لدعوى الإلغاء يجب أن يصدر القرار عن سلطة إدارية تملك سلطة إصداره بصورة نهائية دون حاجة إلى تصديق سلطة أعلى. أما إذا كان القرار لا يزال غير قابل للتنفيذ بضرورة اعتماده أو التصديق عليه من الرئيس الإداري الأعلى أو من جهة إدارية أخرى فأنها لا يقبل الطعن بالالغاء
([20]).
وحيث نجد أن للقضاء الاداري في العراق أوصافاً مشابهة للنهائية كصفة للقرار الأداري فقد جاء في حكم لمحكمة القضاء الإداري بعدد 16 ـ قضاء إداري 991 في 26/10/1991 ما يلي: ـ (وحيث أن الطلبات التي وجهها المدعي عليه إلى دائرة تنفيذ الكرادة لغرض تخلية الدار المطعون فيها أمام هذه المحكمة لا تنطوي ضمن مدلول القرار الإداري يترتب عليه أثراً قانونياً حالاً ومباشرة فالنتيجة تكون حاسمة ونهائية)
([21]).
ويتضح لنا مما تقدم أن القرار الإداري يصدر بالإرادة المنفردة بقصد إحداث آثار قانونية باستحداث مركز قانوني جديد أو تعديل أو الغاء مركز قانوني قائم ومن هنا يجب أن يكون القرار الاداي مؤثراً أي يؤثر في المركز القانوني للطاعن بالإلغاء به.
أي يشترط لقبول دعوى الإلغاء أمام محكمة القضاء الإداري أن يكون القرار الإداري موضوع الدعوى نهائياً. لقد نص أو تضمن التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة العراقي رقم 106 لسنة 1989 على ذلك حيث يكون القرار نهائياً إذا صدر من جهة إدارية تملك الحق في اصداره دون حاجة إلى تصديقه أو اقراره لذلك قضت محكمة القضاء الإداري (حيث أن لجنة أراضي الاستيلاء لم يصدر عنها قرار نهائي وحاسم في الموضوع لذا تقرر رد الدعوى)
([22]).
أما المشرع المصري فقد وضع هذا الوصف (النهائية) للقرارات الإدارية التي تدخل في اختصاص القضاء الاداري فقد حدد قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 اختصاص مجلس الدولة في المادة (10) بالنظر في لطعون الموجهة ضد القرارات الادارية النهائية على اضافة كلمة نهائي إلى القرارات الادارية التي تقبل الطعن بالإلغاء كان موضع انتقاد من جانب الفقه وقد افترض البعض استبدالها بالتنفيذية
([23]).
أما فيما يتعلق بتأثير القرار الإداري فهنا يجب أن يكون للقرار الإداري أثر في المراكز القانونية للطاعن بأن الحق ضرراً به فاذا كان عمل الادارة ليس من شأنه أن يكون أثراً قانونياً فأنه لا يمكن الطعن فيه بالالغاء ومن أمثلة ذلك بيانات الاستعلامات والأعمال المتعلقة باثبات حالة معينة كالأمر بإجراء الكشف الطبي على أحد الموظفين,..., ولا يجوز الطعن بالإلغاء أيضاً في اجراءات التنظيم الداخلي. كالإجراءات التي تتخذ لتنظيم سير العمل داخل الادارات دون أن تنتج أثراً قانونياً بالنية للأفراد الذين صدرت بشأنهم وذلك كتوزيع العمل على الموظفين
([24]).
ثانياً: ـ صدور القرار من سلطة إدارية وطنية:يجب أن يصدر القرار المطعون فيه من سلطة ادارية سواء أكانت هذه السلطة مركزية أم لا مركزية فالقرار الاداري يمكن أن يصدر من رئيس الدولة أو من أحد الوزراء كما يمكن أن يصدر من مجلس محلي أو من هيئة عامة أو من إحدى النقابات باعتبارها من اشخاص القانون العام
([25]).
وكذلك يصدر القرار الإداري من الهيئات المستقلة التي ورد ذكرها في الدستور العراقي النافذ لعام 2005 الذي نص في المادة (102) منه: (تعد المفوضية العليا لحقوق الإنسان, والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات, وهيئة النزاهة, هيئات مستقلة, تخضع لرقابة مجلس النواب وتنظم اعمالها بقانون)
([26]).
وكذلك يجب أن يصدر القرار من جهة أدارية بارادتها المنفردة أي يعني افصاح الادارة عن ارادتها المنفردة أي التعبير عن ارادتها المنفردة أي سواء كان هذا الافصاح إيجابياً أو سلبياً وسواء كان هذا افصاح صريحاً أم ضمنياً فهو في جميع الحالات هذه صفة العمد متوفرة التي تميز القرار الاداري عن غيره ومن هنا يتميز القرار الاداري عن العقد الاداري الذي ينشأ بالاتفاق بين الادارة والمتعاقد مع الإدارة وفق شروط معينة يتم الاتفاق عليها بين الجانبيين
([27]).
كذلك فيما يتعلق بالقرار الاداري فأن الجهة التي تتولى بالنظر في صحة القرارات الادارية التي قام بتحديدها قانون رقم (17) لسنة 2013 قانون التعديل الخامس لقانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 قد جاء بالنص في المادة السابعة رابعاً (تختص محكمة القضاء الاداري بالفصل في صحة الأوامر والقرارات الادارية الفردية والتنظيمية التي تصدر عن الموظفين والهيئات في الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والقطاع العام التي لم يعين مرجع للطعن فيها بناءاً على طلب من ذي مصلحة....)
كذلك اشترط القانون المذكور آنفاً في المادة السابعة بالفقرة سابعاً
أ ـ (يشترط قبل تقديم الطعن إلى محكمة القضاء الاداري أن يتم التظلم منه لدى الجهة الادارية المختصة خلال (30) ثلاثين يوماً من تاريخ تبلغه بالأمر أو القرار الاداري المطعون فيه أو اعتباره مبلغاً, وعلى هذه الجهة أن تبت في التظلم خلال (30) يوماً من تاريخ تسجيل التظلم لديها).
ب ـ (عند عدم البت في التظلم أو رفضه من الجهة الادارية المختصة على المتظلم أن يقدم طعنه إلى المحكمة خلال (60) ستين يوماً من تاريخ رفض التظلم حقيقة أو حكماً وعلى تسجيل الطعن لديها......،)
([28]).
المبحث الثالث: الشروط المتعلقة بمصلحة رافع الدعوى.
المطلب الأول: ـ التعريف بالمصلحة وأنواعها.
المطلب لثاني: ـ وجود مصلحة شخصية مباشرة.
المطلب الثالث: ـ توافر المصلحة وقت رفع الدعوى.
من المبادئ المسلم بها في أصول التقاضي أن لا دعوى بدون مصلحة فالمصلحة هي مبرر وجود الدعوى بالنسبة لصاحبها, والمصلحة في الدعوى هي المنفعة التي يمكن أن يحصل عليها رافعها في حالة إجابته إلى طلبه, وعلى ذلك نلاحظ أن القضاء الإداري قد أوجب وجود مصلحة للمدعي كشرط لقبول دعوى الإلغاء حتى وأن لم يشترطها المشرع كما هو حال المشرع الفرنسي الذي لم يورد المصلحة كشرط لقبول دعوى الإلغاء, فالمصلحة في نطاق دعوى الإلغاء تعني أن يكون للطاعن مصلحة شخصية ومباشرة في دعوى الغاء القرار
([29]).
المطلب الأول: التعريف بالمصلحة وأنواعها:
الفرع الأول:المقصود بالمصلحة في دعوى الإلغاء هي المنفعة التي يمكن أن يحصل عليها رافع الدعوى وتختلف المصلحة بهذا المعنى عن الصفة في الدعوى وهي إمكان رفعها قانوناً أو الصلاحية للترافع أمام القضاء كطرف في الدعوى فقد يكون الشخص ذي مصلحة ومع ذلك يمتنع عليه مباشرة الدعوى بنفسه لعدم كمال أهليته أي بمعنى ما يكتفي لقبول دعوى الإلغاء باعتبارها دعوى موضوعية مجرد وجود مصلحة شخصية مباشرة لرافع الدعوى تبرر طلب الغاء القرار المطعون فيه بالاضافة إلى ذلك فقد اكتفى القانون بمجرد وجود مصلحة محتملة لرافع دعوى الإلغاء فأن ذلك يكون مبرراً له لتقديم طلب بالغاء القرار الإداري المطعون فيه وهذا ما أشار اليه قانون رقم (17) لسنة (2013) قانون التعديل الخامس لقانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 حيث نصت المادة السابعة منه رابعاً (تختص محكمة القضاء الإداري بالفصل في صحة الأوامر,...., بناءاً على طلب من ذي مصلحة معلومة وحالة وممكنة, ومع ذلك فالمصلحة المحتملة تكفي إن كان هناك ما يدعو إلى التخوف من الحاق الضرر بذوي الشأن)
([30]).
الفرع الثاني:أنواع المصلحة في دعوى الإلغاء:قلنا فيما سبق أن دعوى الإلغاء لا ترفع إلا بتوافر مصلحة لرافعها هذه المصلحة التي قد تتنوع إلى أنواع عدة وذلك لتعدد صفات رافعي هذه الدعوى, فهي قد تتوافر في الاشخاص الطبيعية كما قد تتوافر في الاشخاص المعنوية وهي ما سنبحثه في الآتي:
أولاً. مصلحة الاشخاص الطبيعية:ـ وتتحدد فيما إذا كان رافعي الدعوى من الموظفين أو غير الموظفين كالآتي:
[list="box-sizing: border-box; border-color: rgb(225, 225, 225); border-style: solid; border-width: 0px; zoom: 1; -webkit-tap-highlight-color: rgba(0, 0, 0, 0); margin-right: 0px; margin-bottom: 22px; margin-left: 0px; padding-right: 60px; padding-left: 0px; outline: none !important;"]
[*]المصلحة في طعون الموظفين:
[/list]
- القرارات المتعلقة بالتعيين: لكل من تتوافر فيه شروط اشغال وظيفة من الوظائف وتقدم اليها الطعن في قرارات تعيين الغير في هذه الوظيفة إذا كانت غير مشروعة, وكما أن لكل من تتوافر فيه شرط الاشتراك في المسابقة للتعيين في وظيفة الطعن بقرار الادارة القاضي برفض اشتراكه فيها.
- القرارات الخاصة بالترقية: فللموظف مصلحة شخصية ومباشرة بالطعن بقرارات ترقية زملائه إذا كانت تخلق له منافساً على ترقيته المستقبلية وكانت هذه القرارات غير مشروعة.
[list="box-sizing: border-box; border-color: rgb(225, 225, 225); border-style: solid; border-width: 0px; zoom: 1; -webkit-tap-highlight-color: rgba(0, 0, 0, 0); margin-right: 0px; margin-bottom: 22px; margin-left: 0px; padding-right: 60px; padding-left: 0px; outline: none !important;"]
[*]المصلحة في طعون الأفراد من غير الموظفين: لا تكفي صفة المواطن لوحدها للطعن بالالغاء بل لا بد وأن تتوافر صفة أخرى تجيز الطعن بالإلغاء ومنها:
[/list]
- صفة المالك: للمالك أن يطعن بالقرارات الإدارية المعيبة التي تسبب كمالك ضرراً ولو لم تصل إلى حد الاعتداء على حق الملكية.
- صفة المستفيد من المرافق العامة وان كانت محلية: لقد أخر القضاء الاداري لساكني منطقة أو مدينة معينة طلب الغاء القرارات الإدارية التي تمنعهم من الاستفادة من خدمات المرافق المحلية التي تخص مدينتهم([31]).
بينما موقف القانون العراقي فهو واضح أي يكتفي وجود مصلحة محتملة للفرد من دعوى الغاء القرار الاداري المخالف للقانون أي عندما تتوفر تلك المصلحة المحتملة إذا كان هناك ما يدعو إلى التخوف من الحاق الضرر بذوي الشأن فيكون ذلك مبرراً كافياً للطعن بالغاء ذلك القرار وهذا ما أشارت اليه المادة سابعاً الفقرة رابعاً من قانون رقم 17 لسنة 2013 قانون التعديل الخامس لقانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979
([32]).
ثانياً: مصلحة الأشخاص المعنوية:ـ وتشمل الأشخاص المعنوية الهيئات أو الجماعات جميعها التي يعترف لها القانون بهذه الشخصية سواء أ كانت عامة أم خاصة كالنقابات والجمعيات وغيرها, فلهذه الاشخاص المعنوية مصلحة في الطعن بالقرارات الإدارية المعيبة التي تمس مصالحها المادية والادبية كالآتي:
[list="box-sizing: border-box; border-color: rgb(225, 225, 225); border-style: solid; border-width: 0px; zoom: 1; -webkit-tap-highlight-color: rgba(0, 0, 0, 0); margin-right: 0px; margin-bottom: 22px; margin-left: 0px; padding-right: 60px; padding-left: 0px; outline: none !important;"]
[*]الدعاوي الخاصة بالمصلحة الجماعية للشخص المعنوي ذاته: ـ فللشخص المعنوي مصالح خاصة جديرة بالحماية فيجوز رفع دعوى الإلغاء ضد القرارات الادارية التي يمكن أن تمس الشخص المعنوي في وجوده أو ذمته المالية أو في مركزه القانوني كدعوى إلغاء قرار رفض تأسيس جمعية أو حلها
([33]).
[*]الدعاوي الخاص بحماية أهداف الشخص المعنوي:ـ أن المصلحة أي مصلحة الشخص المعنوي في رفع دعوى الإلغاء قد تأتي من الأغراض التي أنشأ من أجلها الشخص المعنوي إذا ما تعرضت للتهديد بقرارات إدارية ويكون تقدير مدى توافر المصلحة في رفع الدعوى من خلال الرجوع إلى النصوص القانونية التي تحدد أهداف الشخص المعنوي
([34]).
[/list]
يجب ملاحظة أن الشخص المعنوي لا يجوز له رفع الدعوى لحماية مصلحة فردية لشخص أو لمجموعة أشخاص معنيين بذواتهم وإلا فان الدعوى تكون غير مقبولة إلا أن للشخص المعنوي التدخل في الدعوى إذا كان القرار يتعلق بأفراد معنيين بأسمائهم كشخص ثالث في الدعوى دون أن يكون له إضافة طلبات جديدة
([35]).
المطلب الثاني:ـ وجود مصلحة شخصية ومادية مباشرة:
أولاً: أن تكون المصلحة مصلحة شخصية ومباشرة فلا بد أن يكون للطاعن (صاحب المصلحة) في حالة قانونية أثر فيها القرار المطلوب إلغاءه تأثيراً مباشراً في مصلحة ذاتية له, أي أن يمس القرار المطعون فيه حالة قانونية خاصة بالمدعي, وعلى ذلك فلا تقبل دعوى الإلغاء من غير صاحب مصلحة شخصية ومباشرة مهما كانت صلته بصاحب المصلحة, فلا يمكن مثلاً لورثة الطاعن الاستمرار بدعوى مورثهم ما لم تكن لهم مصلحة شخصية ومباشرة ذلك أن مثل هذا الحق لا يورث, فيجب أن يمس القرار لهم مصلحة أو حالة قانونية خاصة بكل منهم تجعل له مصلحة شخصية ومباشرة في طلب إلغائه, كما ذهب القضاء الإداري إلى عدم قبول الدعوى من أخ يطلب فيها إلغاء قرار امتناع الإدارة عن تجديد جوازات السفر الخاصة باخوته ولو كان هو أكبر أفراد الأسرة القائم على شؤونها.
ثانياً: أن تكون المصلحة مادية أو أدبية: لا يشترط أن تكون المصلحة مادية فحسب بل يجب أن تكون مادية أو أدبية ما دام القرار المطعون فيه يهدد أحداها, أي أن تحقق إحدى هذه المصالح يكفي لإقامة دعوى الإلغاء ومثال المصلحة المادية أو المالية الطعن بقرار الإدارة, القاضي برفض منح رخصة لشخص لمزاولة مهنة معينة والمصلحة الأدبية قد تتمثل بمصلحة الموظف برفع دعوى الإلغاء لقرار ترقية زملائه وتخطيه بالترقية ولو كان قد احيل إلى التقاعد ولأن المصلحة متصلة بسمعة الموظف والتشكيك في كفاءته, وتظهر المصلحة الأدبية أيضاً في النطاق الديني فيكون لأحد معتنقي الأديان مصلحة في رفع دعوى الإلغاء ضد القرارات الإدارية التي تمس الشعائر الدينية التي يعتنقها
([36]).
المطلب الثالث: توافر المصلحة وقت رفع الدعوى:
من الأمور المستقرة وجوب توافر شرط المصلحة عند رفع دعوى الإلغاء وألاحكم بعدم قبولها, غير أن الخلاف يثور حول وجوب استمرار هذا الشرط لحين الفصل في الدعوى أم لا يشترط ذلك ؟
لقد استقر مجلس الدولة الفرنسي في أحكامه على الاكتفاء بتوافر المصلحة وقت رفع الدعوى وعدم اشتراط استمرارها لحين الفصل فيها, فإذا زالت هذه المصلحة أثناء نظر الدعوى فان المجلس يستمر في نظر الدعوى وإصدار حكمه فيها, إلا إذا كان زوال المصلحة راجعاً إلى قيام الإدارة بإزالة عدم المشروعية الذي شاب القرار لأن الدعوى تكون بلا محل حينئذ
([37]).
أما القضاء الإداري العراقي فباستقراء احكامه يتضح أنه يشترط قيام المصلحة من وقت رفع الدعوى حتى الفصل فيها بحكم نهائي. أما مجلس الدولة المصري فقد استقرت احكامه بعد إنشاء المحكمة الادارية العليا على اشتراط توافر المصلحة من بداية رفع الدعوى لحين الفصل فيها غير أن أكثر الفقه رفضوا هذا الاتجاه واعتبروا أن الطبيعة العينية لدعوى الإلغاء تتأبى الأخذ به ووجدوا أن الاتجاه الأول هو الواجب الإتباع يتفق ودعوى الإلغاء من حيث الطبيعة ومن حيث الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في ظلها وبالنسبة إلى رأي المتواضع أميل إلى تأييد الاتجاه الذي لا يشترط المصلحة إلا وقت رفع الدعوى وذلك بالنظر إلى الطبيعة الموضوعية لدعوى الإلغاء وما تؤديه من دور في المحافظة على مبدأ المشروعية.
المبحث الرابع: ـ الشروط المتعلقة بميعاد رفع الدعوى.
المطلب الأول: ـ بدء ميعاد الطعن.
المطلب الثاني: ـ تجاوز ميعاد الطعن.
المطلب الثالث: ـ أثر انتهاء ميعاد الطعن.
يعد تحديد ميعاد الطعن برفع دعوى الإلغاء أي تحديد مدة زمنية معينة يجب أن ترفع الدعوى خلالها وألاحكم بردها وذلك لأن تحديد ميعاد معين يؤدي إلى استقرار الأوضاع القانونية واستقرار المراكز القانونية وحتى لا يظل القرار الإداري مهدد بالإلغاء لفترة غير محددة من الزمن لأن ذلك يؤدي عدم استقرار الأوضاع القانونية ومن شأنه يجعل القرار الإداري مهدد بالإلغاء طالما لم يحدد ميعاد معين للطعن في الإلغاء بذلك القرار المخالف للقانون.
لقد أوضحت تشريعات الدول المقارنة الفترة الزمنية الواجب خلالها إقامة دعوى الإلغاء أمام القضاء الإداري, فقد حددها المشرع الفرنسي بموجب الأمر الصادر في 31/5/1945. بشهرين من تاريخ نشر القرار في الجريدة الرسمية أو في النشرات المصلحية أو إعلان صاحب الشأن به أما في مصر فقد حددها قانون مجلس الدولة المصري رقم 47 لسنة 1972 في المادة (24) منه بـ(ستين يوماً) من تاريخ نشر القرار أو إعلانه لصاحب الشأن.
أما المشرع العراقي فقد حدد ميعاد رفع دعوى الإلغاء في قانون رقم 17 لسنة 2013 قانون التعديل الخامس لقانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 المعدل حيث أجبت المادة (السابعة / سابعاً/ أ) على المتظلم أن يقدم طعنه إلى المحكمة خلال (60) ستين يوماً من تاريخ انتهاء مدة الثلاثين يوماً الخاصة بتقديم التظلم إلى الجهة الادارية المختصة وإلا سقط حقه في الطعن
([38]).
أما فيما يتعلق برفع الدعوى أمام مجلس الانضباط العام فيما يخص العقوبات الانضباطية فقد أوضح قانون التعديل الثاني رقم 5 لسنة 2009 لقانون انضباط موظفي الدولة رقم 14 لسنة 1991 في المادة (1) منه يضاف ما يلي إلى المادة (15) من قانون انضباط موظفي الدولة رقم 14 لسنة 1991 وتكون الفقرة (سابعاً) لها: سابعاً ـ أ ـ (يستوفي من الموظف رسم مقطوع مقداره (10000) عشرة آلاف دينار عند الاعتراض على القرار الصادر بفرض العقوبة الانضباطية عليه أمام مجلس الانضباط العام)
([39]).
المطلب الأول: بدء ميعاد الطعن:
يبدأ ميعاد الإلغاء من تاريخ نشر القرار أو اعلان صاحب الشأن به, وقد جاء القضاء الاداري بوسيلة ثالثة وهي العلم اليقيني وهو ما سنوضحه في الآتي:
أولاً: نشر القرار: ـأن نشر القرار أنما يكون في الجريدة الرسمية للدولة أو في النشرات الرسمية أو المصلحية إلا إذا نص القانون على وسيلة أخرى للنشر, أما غير ذلك فلا يعد نشراً للقرار وبالتالي لا يتحقق علم صاحب أو أصحاب الشأن به ولا يفترض
([40]).
ونشر القرار الإداري انما هو وسيلة للعلم به بالنسبة للقرارات الإدارية التنظيمية لكونها تضع قواعد عامة مجردة تطبق على عدد غير محدد من الأفراد
([41]).
ثانياً: تبليغ القرار أو إعلانه:التبليغ أو الإعلان هو الطريقة التي تحيط الادارة بها صاحب الشأن علماً بالقرار الإداري (فتبليغ القرار أو إعلانه ما هو إلا وسيلة للعلم بالنسبة للقرارات الإدارية الفردية وكالنشر يجب أن يحتوي التبليغ على المضمون الكامل للقرار)
([42]).والقاعدة العامة أن التبليغ لا يخضع إلى شكليات معينة يتوجب توافرها غير أنه لابد من أن يتضمن اسم الجهة الإدارية الصادر عنها وأن يصدر عن الموظف المختص, وأن يوجه إلى ذوي المصلحة شخصياً أو من يقوم مقامهم, ويبدأ الميعاد بالسريان من تاريخ وصول التبليغ إلى صاحب الشأن وليس من تاريخ إرساله
([43]).
ثالثاً: العلم يقيني:اتجه القضاء الإداري العراقي والمقارن إلى اعتبار العلم اليقيني بالقرار المطعون فيه مبدأ لتحديد ميعاد الطعن بالإلغاء فالعلم اليقيني هو علم صاحب الشأن بالقرار الإداري بصورة فعلية بما يغني عن العلم بالتبليغ
([44]).
ويشترط القضاء الاداري ي هذا العلم عدة شروط:
[list="box-sizing: border-box; border-color: rgb(225, 225, 225); border-style: solid; border-width: 0px; zoom: 1; -webkit-tap-highlight-color: rgba(0, 0, 0, 0); margin-right: 0px; margin-bottom: 22px; margin-left: 0px; padding-right: 60px; padding-left: 0px; outline: none !important;"]
[*]أن يكون هذا العلم حقيقياً مؤكداً وليس افتراضياً أو ضمنياً, لأن العلم اليقيني يأتي على خلاف الأصل المتمثل بالنشر أو التبليغ.
[*]أن يكون هذا العلم محدداً بتاريخ تحديداً دقيقاً.
[*]أن يحتوي العلم على مضمون القرار وعناصره وأسبابه جميعها.
[*]أن يكون العلم محدداً على القرارات الإدارية فقط دون غيرها
([45]).
[/list]
المطلب الثاني: تجاوز ميعاد الطعن:
أن المواعيد المحددة قانوناً للطعن بالقرارات الإدارية إلغاءاً, توجب أن يقوم صاحب المصلحة برفع دعواه خلالها, وإلا سقط حقه في الطعن, لأنها كما أشرنا تعد من النظام العام, ومع ذلك يجوز امتداد هذه المدد في الأحوال التالية:
أولاً: ـ وقف الميعاد:ويعني عدم سريان مدة الطعن بعد أن بدأت وذلك لحدوث ظرف طارئ, وهذا الأخير يقصد به القوة القاهرة التي هي كل عذر قهري يمنع صاحب المصلحة من رفع دعواه بحيث لا تسري بقية المدة إلا بعد زوال هذه القوة القاهرة التي حالت بين صاحب المصلحة ورفع دعواه ولا تقتصر القوة القاهرة على الاحوال الخارجية عن ارادة صاحب المصلحة التي تحول بينه وبين رفع دعوى الإلغاء ـ كقيام حرب أو حدوث كوارث طبيعية بل تشمل كذلك الأحوال الخاصة بالمدعي كاعتقاله أو العجز الذي يصيبه نتيجة المرض الذي يصيبه الأمر الذي يجعل الميعاد موقوفاً بالنسبة إليه وللقاضي الإداري سلطة تقديرية في التحقق من توافر حالة القوة القاهرة من عدمها.
ثانياً:ـ انقطاع الميعاد:المقصود به وقوع أمر معين أو حادثة معينة تؤدي إلى اسقاط أو عدم احتساب ما مضى من أيام الميعاد على ان يبدأ ميعاد جديد بعد انقضاء هذا الأمر أو الحادثة وينقطع ميعاد الطعن بالإلغاء في الحالات الآتية:
[list="box-sizing: border-box; border-color: rgb(225, 225, 225); border-style: solid; border-width: 0px; zoom: 1; -webkit-tap-highlight-color: rgba(0, 0, 0, 0); margin-right: 0px; margin-bottom: 22px; margin-left: 0px; padding-right: 60px; padding-left: 0px; outline: none !important;"]
[*]التظلم الإداري: ـ وهو عبارة عن طلب يقدمه صاحب الشأن إلى الجهة الإدارية التي اصدرت القرار أو الجهة الرئاسية العليا يطلب فيه إعادة النظر في القرار الصادر بحقه بسحبه أو تعديله قبل الالتجاء إلى القضاء, فهذا التظلم ينتج أثره في قطع ميعاد الطعن بالإلغاء
([46]).
[*]طلب الإعفاء من الرسوم القضائية: مقتضاه أن يقدم صاحب الشأن إلى المحكمة المختصة طلباً يتضمن التماساً بإعفائه من الرسوم القضائية تمهيداً لإقامة الدعوى أمام القضاء الإداري, ويترتب على تقديم هذا الطلب انقطاع ميعاد الطعن على أن يقدم خلال الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء
([47]).
[*]رفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة:ـ أن رفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة سواء كانت تابعة للقضاء الإداري أو العادي ينتج أثره في انقطاع المدة للطعن بالإلغاء, ويبقى أثر قطع سريان الميعاد حتى يصبح الحكم بعدم الاختصاص نهائياً باستنفاذ جميع طرق الطعن فيه أو بفوات هذه المواعيد, غير أن صاحب الشأن لا يستفيد من هذا السبب القاطع سوى مرة واحدة فقط
([48]).
[/list]
أما موقف المشرع العراقي فهو واضح من خلال ما نص عليه قانون رقم 17 لسنة 2013 قانون التعديل الخامس لقانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 في المادة (السابعة / سابعاً/ ب) (عند عدم البت في التظلم أو رفضه من الجهة الادارية المختصة على المتظلم أن يقدم طعنه إلى المحكمة خلال (60) ستين يوماً من تاريخ رفض التظلم حقيقة أو حكماً وعلى المحكمة تسجيل الطعن لديها بعد أستيفاء الرسم القانوني ولا يمنع سقوط الحق في الطعن أمامها من مراجعة القضاء العادي للمطالبة بحقوقه في التعويض عن الافراد الناشئة عن المخالفة أو الخرق للقانون)
([49]). مما تقدم يتضح بأن رافع دعوى الإلغاء وأن كان حقه قد سقط من الطعن بإلغاء القرار الإداري المخالف للقانون أمام محكمة القضاء الإداري ألا أن هذا لا يمنعه من اللجوء إلى القضاء العادي للمطالبة بالتعويض عن حقوقه.