مفاهيم تربويةديداكتيك – تدريسية – تعليمية: Didactique 1- شق من البيداغوجيا موضوعه التدريس. (Lalande, A. 1988) يستعمل لفظ ديداكتيك أساسا، كمفردات للبيداغوجيا أو للتعليم، بيد أنه ما استبعدنا بعض الاستعمالات الأسلوبية، فإن اللفظ يوحي بمعاني أخر تعبر عن مقاربة خاصة لمشكلات التعليم. فالديداكتيك لا تشكل حقلا معرفيا قائما بذاته أو فرعا لحقل معرفي ما كما لا تشكل أيضا مجموعة من الحقول المعرفية، إنها نهج، أو بمعنى أدق، أسلوب معين لتحليل الظواهر التعليمية. (Lacomb, D. 1968 in Astolfi, J.P. Devolay, M. 1991) . الديداكتيك هي، بالأساس، تفكير في المادة الدراسية بغية تدريسها، فهي تواجه نوعين من المشكلات: مشكلات تتعلق بالمادة وبنيتها ومنطقها، وهي مشاكل تنشأ عن موضوعات ثقافية سابقة الوجود ومشاكل ترتبط بالفرد في وضعية التعلم وهي مشاكل منطقية وسيكولوجية. فالديداكتيك ليست إذن حقلا معرفيا قائما بذاته، وذلك على الأقل في المرحلة الحالية من تطورها، وقد لا تكون مدعوة لأن تصبح حقلا معرفيا مستقبلا، ومع ذلك، ليس ثمة شك في وجود مجال للنشاط خاص بتدريس مختلف المواد الدراسية. والذي يتطلب بحثا مستمرا قصد تحسين التواصل، وبالأخص، البحث في كيفية اكتساب المتعلم للمفاهيم. (Jasmin, B. 1973).
الديداكتيك هي الدراسة العلمية لتنظيم وضعيات التعلم التي يعيشها المتربي Le séduquant لبلوغ هدف عقلي أو وجداني أو حسي حركي، وتتطلب الدراسة العلمية، كما نعلم، شروطا دقيقة منها بالأساس، الالتزام بالمنهج العلمي في وضع الفرضيات وصياغتها والتأكد من صحتها عن طريق الاختبار والتجريب. كما تنصب الدراسات الديداكتيكية على الوضعيات العلمية، التي يلعب فيها المتعلم (التلميذ) الدور الأساسي. بمعنى أن دور المدرس هو تسهيل عملية تعلم التلميذ بتصنيف المادة التعلمية تصنيفا يلائم حاجات التلميذ، وتحديد الطريقة الملائمة لتعلمه، وتحضير الأدوات الضرورية والمساعدة على هذا التعلم. ويبدو أن هذا التنظيم ليس بالعملية السهلة، فهو يتطلب الاستنجاد بمصادر معرفية مساعدة، كالسيكولوجيا لمعرفة هذا الطفل وحاجاته، والبيداغوجيا لتحديد الطرق الملائمة. وينبغي أن يقود هذا التنظيم المنهجي للعملية التعليمية التعلمية إلى تحقيق أهداف تراعي شمولية السلوك الإنساني. أي أن نتائج التعلم ينبغي أن تتجلى على مستوى المعارف العقلية التي يكتسبها المتعلم، وعلى مستوى المواقف الوجدانية، وكذلك على مستوى المهارات الحسية –الحركية، التي تتجلى مثلا في الفنون والرياضيات، Lavallée .
علم تطبيقي موضوعه تحضير وتجريب استراتيجيات بيداغوجية تهدف إل تسهيل إنجاز مشاريع. (1) يمكن للديداكتيك أن تكتسي خصائص العلم التطبيقي. (2) باعتبار الديداكتيك علما تطبيقيا فهي تسعى إلى تحقيق هدف عملي (وضع استراتيجيات بيداغوجية). (3) لتحقيق هدفها تستعين الديداكتيك بعلوم السيكولوجيا، والسوسيولوجيا والابستمولوجيا ...الخ. (4) تسعى الديداكتيك كمجال معرفي متميز لأن تصبح مطبوعة بطابع علمي لأنها: (1) يمكن أن تؤلف نظاما منسجما من المعارف في تحول مستمر بفعل اندماج المعارف القديمة بالمعارف الجديدة. (2) يمكن أن تتمخض عن نتائج إذا ما وضعت تحت الملاحظة المنهجية بواسطة أدوات تقربها أكثر من الدقة والموضوعية. (3) يمكن أن تمتنع عن كل تأمل ميتافيزيقي. (4) ويمكنها، في الأخير أن لا تكتفي بوصف الظواهر والربط بينها فقط، ولكن، يمكنها أيضا تفسيرها. (DEsautels, J. in C.F.P.C.R.P, 1979). علم مساعد للبيداغوجيا، التي تعهد إليه بمهمات تربوية أكثر عمومية، وذلك لإنجاز بعض تفاصيلها: كيف نستدرج التلميذ لاكتساب هذه الفكرة أو هذه العملية؟ أو تقنية عمل ما؟ هذه هي المشكلات التي يبحث الديداكتيك عن حلها، باستحضار معرفته السيكولوجية بالأطفال وبتطورهم التعليمي. (Aebli Hans). مادة تربوية موضوعها التركيب بين عناصر الوضعية البيداغوجية وموضعها الأساسي هو دراسة شروط إعداد الوضعيات أو المشكلات المقترحة على التلاميذ قصد تيسير تعلمه. (Broussaut 1983) وعلم إنساني مطبق موضوعه إعداد وتجريب وتقويم وتصحيح الاستراتيجيات البيداغوجية التي تتيح بلوغ الأهداف العامة والنوعية للأنظمة التربوية. (Legende. R. 1988). الديداكتيك صفة مرتبطة بما يلي: ارتبطت الديداكتيك في دراستها بعلم النفس ونظريات التعلم والسوسيولوجيا، واستعارت مفاهيمها من علوم ومجالات معرفية أخرى. وكانت حسب (Aebli Hans) علما مساعدا للبيداغوجية. كما أسند إليها دور بناء الاستراتيجيات البيداغوجية المساعدة على بلوغ الأهداف. أما حديثا فقد تطورت الديداكتيك نحو بناء مفهومها الخاص بفعل تطور البحوث الأساسية والعلمية. وبدأت تكسب استقلالها عن هيمنة العلوم الأخرى. وفي المغرب أنجزت العديد من الدراسات والبحوث ذات الطابع الديداكتيكي المهتم بالتفكير في المادة ومفاهيمها، وبناء استراتيجيات لتدريسها، (بنيامنة صالح، 1991). يهتم الديداكتيكي بمجموعة من المجالات يمكن تحديدها كما يلي: الحقول التي يستمد منها الديداكتيكي المعطيات التي يبحث عنها هي: (1) الحقل السيكولوجي، نظريات التعلم، علم النفس التكويني، علم النفس الاجتماعي، التحليل النفسي. (2) الحقل السوسيولوجي: سوسيولوجيا التربية، أنتربولوجيا التربية،نظرية الثقافة. (3) الحقل الابستمولوجي: (نظريات المعرفة، تاريخ العلوم، المنطق، الميتودلوجيا ...). (4) حقل المادة (اللغة، الرياضيات، الفلسفة، الأدب ...). (5) حقل التربية: التقييم والقياس، نظريات بيداغوجية، فلسفة التربية. (6) حقول أخرى: (نظرية المعلومات والتواصل، السيبرنتيكا، اللسانيات ...) العمليات التي يقوم بها الديداكتيكي هي تحديد إشكاليات متعلقة بوضعيات التعليم والتعلم، وصياغة فرضيات حولها، ثم تصميم استراتيجيات لاختبارها وفحصها تنتهي إلى تنفيذها وتقويمها. وتتصل هذه العمليات بالوضعيات التربوية وعمليات التعليم والتعلم والطرق والأنشطة والوسائل والمناهج والأنظمة ومفاهيم المادة (أسريري، ج، د. 1991). هناك مجالات تربوية وبيداغوجية يمكن اعتبارها موضوعا للممارسة والبحث الديداكتيكيين وهي: (1) تهتم الديداكتيك ببناء الأهداف ويدخل ضمن هذا المجال الصنافات. (2) تهتم الديداكتيك بطرق إيصال المعارف والمهارات والمواقف ورصد الوسائل التعليمية. (3) تهتم كذلك بطرق وأدوات التقويم. (فاتيحي محمد، 1992). للديداكتيك مجموعة من القواعد تقوم عليها تتحدد في قاعدتين أساسيتين هما: القاعدة الأولى للديداكتيك هي: «انثربولوجيا الطفل» والمقصود بذلك أن الوعي الحديث بخصوصية الطفل يحدد نوعية العلاقة بينه وبين المدرس. وهي علاقة ينبغي أن تراعي فيها أطبيعة الطفل من جهة، ومحيطه الشخصي القريب الذي تتبلور فيه اهتماماته الطفولية من جهة أخرى ... ومن ثم تكون أنثربولوجيا الطفل هذه هي تاريخه الشخصي المرتبط بثقافة الوسط الذي يعيش فيه، وعاداته وأخلاقه، إنها إذن، جملة تصورات ومفاهيم عن الإنسان وكيف ينبغي أن يكون. وبمراعاة هذه الشروط وأخذها بعين الاعتبار يكون الديداكتيكي قد وضع حديدا للمجال الذي ينبغي أن يدور فيه البحث الديداكتيكي. هذا المجال إذن، هو الذي يشكل القاعدة الأولى للديداكتيك. أما القاعدة الثانية للديداكتيك فترتبط بالفينومنولوجيا، والفينومنولوجيا مأخوذة هنا بمعناها اللغوي، ولا علاقة لها بالاتجاه الفلسفي للظاهرانية. ويقصد بها دراسة الظواهر الديداكتيكية، كما تبدو للباحث في الواقع. أي الظواهر التي لها علاقة بالتدريس والتعليم، والتي تتجلى من خلال التفاعلات اليومية بين المدرس والطفل (التلميذ). فالانطلاق من هذه الظواهر يساعد على إعطاء الديداكتيك طابعا أكثر علمية، نظرا لاعتماده على تحليل الوضعيات الديداكتيكية، أي وضعيات التعليم والتعلم ... وعلى هذا الأساس يكون البحث في الديداكتيك يسير في مستويين: مستوى أفقي يتناول دراسة الظاهرة التربوية الممارسة كما تبدو للباحث في الظاهر. مستوى عمودي يتتبع تاريخ الطفل وعاداته وأخلاقه التي يحملها من مجتمعه والتي ترافقه إلى وسطه المدرسي وتؤثر على عملية تعلمه. (De corte, E. 1979). ديداكتيك المادة الدراسية: Didactique de la discipline إشكالية كلية ودينامية تفترض: (1) تأملا في طبيعة المادة التعليمية والغاية منها. (2) صياغة فرضياتها الخاصة انطلاقا من الإسهامات المتجددة والمتنوعة باستمرار لعلوم السيكولوجيا والبيداغوجيا والسوسيولوجيا الخ. (3) دراسة نظرية وتطبيقية للفعل البيداغوجي في تعليم المادة. وهي حقل دراسي ديناميكي يتميز بما يلي:
(1) إنه مجال مفتوح، غير نهائي وقابل للمراجعة. (2) إن المعرفة تتطور فيه وتتجدد بناء على الإسهامات المتنوعة لمختلف العلوم. (3) إن البحث فيه لا يهتم فقط ب «الكيـف» أي بالطرق والوسائل التعليمية، ولكن كذلك بالمادة وبعبارة أخرى ينبغي ألا نكتفي بالبحث عن «كيف يتم دفع التلميذ إلى اكتساب هذا المفهوم أو تلك العملية، أو تلك التقنية، وإنما يجب أن نهتم، وبالدرجة الأولى، بتحديد ماذا يقدر التلميذ على تعلمه في إطار بعض أصناف المعرفة. (4) صياغة فرضيات خاصة، أي مجموعة من المقترحات والاستراتيجيات البيداغوجية المتعلقة بتعليم المادة. (5) تجريب هذه الإستراتيجيات والتأكد من صلاحيتها المرحلية. (Gognon, J.C.1981 in C.F.P.C.P.R.1979). يهدف إدراج المادة الدراسية La discipline ضمن اهتمامات الديداكتيك إلى ما يلي: أولا: إبراز المنظور الديداكتيكي الجديد للمادة الدراسية. وهو منظور لا يقف عند حدود التصنيف السطحي للمادة، وإنما ينتقل إلى مستويات أكثر عمقا وأهمية. ثانيـا: تغيير النظرة التي تعتبر أن المادة الدراسية معرفة مسبقة ونهائية معطاة لنا بهذا الشكل أو ذاك، ولا مجال لتغييرها أو استبدالها، رغم شعورنا بقصورها ومحدوديتها أمام الزحف الهائل من المعارف المتجددة في عصرنا. ويعتبر الشخص المختص، عادة، في مادة من المواد هو المؤهل لتصنيفها. وإدخال التعديلات الضرورية عليها، أي أن انتقاء وترتيب ما ينبغي تعلمه من طرف التلميذ من معارف لغوية إنما هو من شأن المختص في اللغة، وما ينبغي تعلمه في الرياضيات هو من شأن المختص فيها، وهكذا. إلا أن هذا النوع من الاختصاص لم يعد كافيا للاضطلاع بمثل هذه المهام، لأن المادة الدراسية هي جزء من ظاهرة تربوية، وإن التعامل معها ينبغي أن يضع في اعتباره معطيات سوسيولوجية وسيكولوجية وابستمولوجية وغيرها، قد لا تتوفر عند المختص. لذا يعتبر الديداكتيكي، الذي يتوفر –بالإضافة إلى اختصاصه في مادة من المواد –على معرفة بمجالات معرفية أخرى لها ارتباط بمجال التدريس- يعتبر هو الشخص المؤهل للقيام بهذا العمل. إن دراسة المادة التعليمية، التي هي موضوع الديداكتيكا. إنما تتم انطلاقا من بعدين: - بعد ابستمولوجي يتعلق بالمادة في حد ذاتها، من حيث طبيعتها وبنيتها، ومنطقها ومناهج دراستها. - بعد بيداغوجي مرتبط بالأساس بتعليم هذه المادة وبمشاكل تعلمها. لذا «تعتبر الأسئلة التي تدور حول طبيعة المعرفة وحول نشاط الفرد المتعلم في مادة معينة أو في مجموعة من المواد، حول العمليات الاستنباطية والاستقرائية عند تهيئ معرفة معينة –تعتبر هذه الأسئلة مهمة جدا بالنسبة للديداكتيكي. لأن من واجبه أن يعيد التفكير في عمله، وأن يقوم بجرد للمكونات الحقيقية أو الممكنة التي هيأت لتكون مادته، وذلك لفهم معناها في الوقت الذي يشرع فيه (أي الديداكتيكي) في التأمل المنهجي حول عملية تبليغ هذه المادة. فللديداكتيك إذن روابط وثيقة بالإبستمولوجيا. وتوقع ذلك جاستون باشلار الذي كان يقول بأن البيداغوجيا قد تستفيد أكثر إذا اهتمت بالإبستومولوجيا أكثر من اهتمامها بالسيكولوجيا». ولا يمكن على هذا الأساس، تصور أي عمل ديداكتيكي دون أن يكون هذا العمل مرتبطا بمادة تعليمية معينة، إلا إذا حاولنا الرجوع إلى ما يسمى بالديداكتيك العامة التي يسعى البعض إلى جعلها مجالا معرفيا يهتم بدراسة العناصر المشتركة بين المواد الدراسية، من حيث تعلمها وتعليمها، وما يرتبط بذلك من مجالات وقضايا. لذا دعا برنارد جـاسمان إلى القيام ببحوث في الديداكتيك النظرية حول مواضيع مشتركة بين المواد الدراسية، من طرف مجموعات ذات اختصاصات مختلفة.
تطور مفهوم التعليمية : (التعليمية = الديداكتيك) التعليمية لغة : إن كلمة التعليمية في اللغة العربية مصدر صناعي لكلمة تعليم المشتقة من علم أي وضع علامة على الشيء لتدل عليه وتنوبه ونعني عن إحضاره إلى مرآة العين. أما في اللغة الفرنسية فإن كلمة ديداكتيك مشتقة من الأصل اليوناني DIDACTIQUE وتعني فلنتعلم أي يعلم بعضنا أو أتعلم منك وأعلمك. وكلمة ديداسكو DIDASKO وتعني أتعلم، وكلمة ديداسكن وتعني التعليم. التعليمة اصطلاحا : تعني فن التعليم، استعمل مصطلح التعليمية بهذا المعنى في علم التربية أول مرة عام 1613 في بحث حول نشاطات التعليمية للتربية: راتيش وعنوان هذا البحث – تقرير مختصر في الديداكتيكا أو فن التعليم عند راتيش –. في سنة 1657 استخدم كومينوس هذا لمصطلح بنفس المعنى في كتابه – الديداكتيكا الكبرى – حيث يقول عنه إنه "فن لتعليم الجميع مختلف المواد التعليمية "ويضيف"بأنها ليست فنا للتعليم فقط بل للتربية أيضا." • من فن التعليم إلى نظرية التعليم : في أوائل القرن التاسع عشر للميلاد وضع العالم الألماني هربرت الأسس العلمية التعليمية كنظرية للتعليم تستهدف تربية الفرد، فهي نظرية تخص النشاطات المتعلقة بالتعليم فقط أي كل ما يقوم به المعلم من نشاط. • من التعليم إلى التعلم: في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهر تيار جديد في التربية بزعامة جون 1952 أعطى الأهمية لنشاط التعلم في العملية التعليمية واعتبر التعليمية / ديوي 1859 نظرية للتعلم لا للتعليم مستبدلا المفاهيم الهرباتية بتطوير النشاطات الخاصة بالمتعلمين وانحصرت وظيفة التعليمية في تحليل نشاطات المتعلم ، وأن التعلم وظيفة من وظائف التعليم . • التفاعل بين التعليم والتعلم: نتيجة لتطور البحث في التربية أثناء القرن العشرين اتضح أن النظرة الأحادية لمفهوم التعليمية عند كل من هربرت، وجون ديوي كانت نظرة قاصرة لأنهما فصلا التعليم عن التعلم وأكدت تلك الدراسات أن نشاطات كل طرف في العملية التعليم ية يربطها التفاعل النطقي مع لطرف الآخر. ومن ثمة فإن هذا الفهم الجديد للعملية التعليمية أدى إلى اعتبار التعليمية نظاما من الأحكام والفرضيات المصححة والمحققة ونظاما من أساليب تحليل وتوجيه الظواهر المتعلقة بعمليتي التعليم والتعلم. والخلاصة، فإن التع ليمية هي أسلوب بحث في التفاعل القائم بين المعرف والمعلم والمتعلم، وهي عند البعض مقاربة لظواهر التعليم وتحليلها ودراستها دراسة علمية موضوعها الأساسي البحث في شروط تنظيم وإعداد الوضعيات التعليمية / التعلمية. التمييز بين البيداغوجيا والتعليمية : • مفهوم البيداغوجيا: إن مصطلح بيداغوجيا من أصل يوناني مكون من كلمتين PED وتعني الطفل AGOGIE وتعني القيادة والتوجيه. • وظيفة البيداغوجيا: كان المربي في عهد الإغريق هو الشخص – وفي أغلب الأحيان – هو الخادم الذي يرافق الطفل في طريقه إلى المعلمين، فلم يكن البيداغوجي معلما إنما كان مربيا فهو الذي يسهر على رعاية الطفل والأخذ بيده وهو الذي يختار له المعلم ونوع التعليم الذي يراه ملائما حسب تصوره. كان البيداغوجي في الأصل مربيا وقد ارتبطت التربية بتهذيب الخلق بالمعنى الواسع، أما التعليم فقد ارتبط بالتحصيل المعرفي بالمعنى الضيق. وبمرور الوقت تحول البيداغوجي لأسباب عدة من المربي بالمفهوم الواسع إلى المعلم ناقل المعرفة دون التساؤل عن نمط المواطن الذي يسعى إلى تكوينه وبذلك تحولت البيداغوجيا من معناها الأصلي المرتبط بإشباع القيم التربوية إلى منهجية في تقديم المعرفة وارتبط ذلك بما يعرف بفن التدريس وانصب الاهتمام على اقتراح الطرائق المختلفة للتعليم وظهرت بيداغوجيات كثيرة عرفت بأصحابها هربرت ومنتسوري ولم تتمكن البيداغوجيا من بناء نظرية موحدة لتحليل وضعيات التدريس أو القسم فخلت بذلك من البعد العلمي.
أما التعليمية فإنها تهدف إلى التأسيس العقلاني لمدرسة شاملة قادرة على تحقيق النجاح في كل التخصصات لجميع المتعلمين بإضافة البعد العلمي الذي تفتقده البيداغوجيا وتسعى إلى عقلنة الفعل التعليمي من خلال الإجابة عن التساؤلات المتعلقة بكيف نعلم محتوى تعليميا معينا ؟ فهي في الأصل تفكير منهجي .
الفرق الذي يفصل بين البحث الديداكتيكي والبحث البيداغوجي غير أن السؤال الذي لا يزال يعتريه بعض الغموض واللبس، وهو بحاجة إلى إجابة دقيقة متمثل في الفرق الذي يفصل بين البحث الديداكتيكي والبحث البيداغوجي، ذلك أن هذين التخصصين يجمعهما مثلث ديداكتيكي بحثي واحد الشامل لعناصر المعرفة ،والتلميذ، والمعلم.
وعليه ،فإن نموذج النظام البيداغوجي والنموذج الديداكتيكي(Le modèle du système pédagogique ou didactique) نموذجان متماثلان من حيث محاور البحث العامة، ويبقى الفاصل الذي يفصل بينهما متمثلا في طرق تناول هذه المواضيع أو المحاور الكبرى، حيث تركز الديداكتيكية في أبحاثها على السيرورات أي سيرورات التعليم، و سيرورات التعلم، و سيرورات التكوين، التي تحكم الموقف التعليمي، مستعينة في ذلك بتصميم نماذج تعليمية تتسم بالتطبيق في تفسير أبعاد العراقيل الكامنة وراء الأخطاء وانتشار ظاهرة الفشل المدرسي .
(Michel Develay,1995p 64)، في حين ،لا يزال البحث البيداغوجي ينقصه كثيرا البعد المباشر والبعد التطبيقي في دراساته ، وبالتالي لا يزال الجانب النظري يطغى على دراساته، مما يدفعنا إلى القول:
أن النماذج البيداغوجية لم ترق إلى مستوى النماذج الديداكتيكية في تشخيص موطن الخلل وتوضيحه وشرحه بالطريقة العلمية الدقيقة التي توصلت إليها التعليمية في أبحاثها ودراساتها والتي ساعدت المعلم بشكل كبير في فهم أسباب الخطأ وكيفية تجاوزه.
إن البحث في مجال الديداكتيكية يتطور بشكل متجدد ومتواصل مركزا في أبحاثه على مختلف الطرق التي يواجه بها المتعلم تلقي المعارف والمعلومات أثناء خضوعه لعملية التعليم والتعلم. يفهم من هذا ، أن الديداكتيكية لا تركز -كما هو الحال مع البيداغوجيا- على تفاعل المعلم بالمتعلم فقط، بل تتجاوز ذلك إلى التركيز على مسألة الطرق التعليمية المتباينة المستعملة من قبل كل متعلم في عملية التعلم ،جاعلة أمام نصب أعينها المتعلم المسؤول الأول في معركة التعلم أو عدم تعلم أي مادة تعليمية.
كما يمتاز البحث الديداكتيكي بتكيفه السريع والمتجدد لاسيما في ظل الانفجار المعرفي العلمي الذي تشهده الساحة العلمية في كل مجالات تخصصاتها العديدة كل يوم، مما يبرهن اكثر على مدى القدرة العلمية الفائقة التي يمتاز بها الخبراء الديداكتيكيين في قراءة هذا الرصيد العلمي المعرفي الهائل، واستغلاله بشكل محكم في أبحاثه والذي انعكس بشكل إيجابي على التطوير المستمر للمتناولات البحثية التطبيقية، وكذا في التصميم الجيد والفعال للنماذج الديداكتيكية فيما يخص كل عنصر من عناصر المادة التعليمية سواء تعلق الأمر بمضمونها أو تطبيقها في أي وضع تعليمي بيداغوجي محدد مستعملة في ذلك طرق ووسائل تقنية ساعدت المعلمين بشكل مباشر في حل المشكلات التي يعانون منها في التعليم، ويعود سبب ذلك إلى انطلاق التعليمية من القسم مباشرة ، وكذا معايشتها الميدانية للمشاكل في محيطها الطبيعي. وبهذا فإن الاستراتيجية المتبناة من قبل الديداكتيكية يقوم أساسها على استراتيجية التغيير المستمر للأهداف والطرق والمحتويات، وذلك قصد تجديدها حسب متطلبات البحث العلمي من جهة، وحاجات المجتمعات من جهة أخرى، منتهجة في أسلوب تغييرها الأسلوب المباشر في الفعل.
(Michel Develay,1995p 73) (C’est une science d’action directe) انطلاقا من التجديدات المستحدثة من قبل الديداكتيكية منذ نشوئها إلى وقتنا الراهن، يمكن استخلاص أن هذا التخصص الفتي قد استطاع بفضل جهود خبرائه الباحثين الذين ينتمون إلى تخصصات متباينة ومتكاملة فيما بينها، أن يؤسسوا بالفعل نظرية عامة للديداكتيكية في مجالها النظري التطبيقي التي سمحت لهذا الحقل البحثي أن يفرض نفسه كتخصص جديد في علوم التربية، لاسيما بعد النجاح المتميز الذي حققه هذا التخصص في الاختيار الدقيق سواء للموضوع أو منهج دراسته. وبتحقيق الديداكتيكية هذه المرامي المنهجية والنظرية، يمكن لنا من هذه الزاوية تأييد رأي الديداكتيكيين المؤيد لاستقلالية هذا التخصص بذاته عن تخصصات علوم التربية الأخرى، وبالتالي القول في نهاية مطاف هذا البحث أن الديداكتيكية علم قائم بحد ذاته.
خلاصة أوجه الاختلاف بين التعليمية والبيداغوجيا:
- التعليمية تهتم بالجانب المنهجي لتوصيل المعرفة مع مراعات خصوصيتها في عمليتي التعليم والتعلم - التعليمية تتناول منطق التعلم انطلاقا من منطق المعرفة - التعليمية يتم التركيز على شروط اكتساب المتعلم للمعرفة. - التعليمية تهتم بالعقد التعليمي من منظور العلاقة التعليمية ( تفاعل المعرفة / المعلم/ المتعلم) . - البيداغوجيا لا تهتم بدراسة وضعيات التعليم والتعلم من زاوية خصوصية المحتوى، بل تهتم بالبعد المعرفي للتعلم وبأبعاد أخرى نفسية اجتماعية - البيداغوجيا تتناول منطق التعلم من منطق القسم (معلم / متعلم). - البيداغوجيا يتم التركيز على الممارسة المهنية وتنفيذ الاختيارات التعليمية التي تسمح بقيادة القسم في أبعاده المختلفة. - البيداغوجيا تهتم بالعلاقة لتربوية من منظور التفاعل داخل القسم (معلم / متعلم).
موضوع التعليمية العامة وتعليمية المواد: • موضوع التعليمية العامة: مر موضوع التعليمية العامة بثلاث مراحل: - في الستينات من القرن العشرين انصب الاهتمام في مجال التعليمية على النشاط التعليمي. - في السبعينيات والثمانينات تحول ذلك الاهتمام إلى النشاط التعلمي. - في التسعينات انتقل الاهتمام إلى التفاعل القائم بين النشاط التعليمي والتعلمي. ومنه يتضح أن موضوع التعليمية العامة هو دراسة الظواهر التفاعلية بين معارف ثلاثة هي: - المعرفة العلمية. - المعرفة الموضوعة للتدريس. - المعرفة المتعلمة. • موضوع تعليمية المواد: هي التعليمية التي تهتم بتخطيط العملية التعليمية التعلمية لمادة خاصة ولتحقيق مهارات خاصة وبوسائل خاصة لمجموعة خاصة من التلاميذ وهي تنقسم إلى: أ - تعليمية أحادية : وهي تعليمية تهتم بمادة دراسية واحدة. ب – تعليمية المواد المتعاقبة : وهي تعليمية تهتم بالمهارات الببداغوجية التي تستعمل المواد كحجة تعليمية ج - تعليمية المواد المتداخلة : وهي تعليمية تهتم بالتقاطع الحاصل بين المواد الدراسية. • علاقة التعليمية العامة بتعليمية المواد: تهتم التعليمية العامة بجوهر العملية التعليمية وأهدافها والمبادئ العامة التي تستند إليها والعناصر المكونة لهل " مناهج، طرائق التدريس، وسائل تعليمية، صيغ تنظيم العملية التعليمية، أساليب التقويم ". ومن ثمة القوانين العامة التي تتحكم في تلك العناصر ووظائفها التعليمية وهي بذلك تمثل الجانب النظري للعملية التعليمية في حين تمثل تعليمية المواد الجانب التطبيقي لتلك القوانين، مع مراعاة خصوصية المادة.
أن مرت الأيام ولم تروني فهذه مواضيعي فتذكروني وأن غبت يوما ولم تجدوني ففي قلبي حبكم فلاتنسوني وأن طال غيابي عنكـــــــم دون عودة فأكون وقتهـــا بحاجة للدعاء فأدعو لي
|