فند الأطروحة القائلة : " المعاني الرياضية فطرية وبالتالي مصدرها العقل " استقصاء بالرفع
كاتب الموضوع
رسالة
HOUWIROU Admin
عدد الرسائل : 14822 نقاط التميز : تاريخ التسجيل : 02/04/2008
موضوع: فند الأطروحة القائلة : " المعاني الرياضية فطرية وبالتالي مصدرها العقل " استقصاء بالرفع الخميس 7 ديسمبر 2017 - 16:41
فند الأطروحة القائلة : " المعاني الرياضية فطرية وبالتالي مصدرها العقل " استقصاء بالرفع 1 طرح المشكلة : إذا كان الإنسان يتفوق على بقية الكائنات بالعقل ، وبواسطته يستطيع التفكير ، وهذا الأخير ، هو أنواع ، تفكير فلسفي وتفكير علمي وتفكير رياضي وموضوعه الرياضيات وهي مجموعة من المفاهيم العقلية المجردة ، وبالتالي فهي تدرس المقادير الكمية القابلة للقياس ، ومنهجها استنتاجي عقلي لأن الرياضي ينتقل من مبادئ عامة كالبديهيات ثم يستنتج نظريات خاصة تكون صحيحة ، إذا لم تتعارض مع تلك المقدمات ، ولقد شاع لدى الفلاسفة أن أصل المفاهيم الرياضية عقلي وبالتالي فهي فطرية يولد الإنسان وهو مزود بها ، إلا أن هذه الأطروحة فيها كثير من المبالغة والخطأ ، وهذا النقص حاول أن يظهره خصومهم من الفلاسفة الذين أرجعوا أصلها للتجربة وبالتالي فهي مركزية وهذا الذي يدفعنا إلى الشك في صدق أطروحة " المعاني الرياضية فطرية وبالتالي مصدرها العقل " فكيف يمكن أن رفض هذه الأطروحة ؟ أو بعبارة أخرى إلى أي حد يمكن تفنيد الرأي القائل بأن نشأة الرياضيات كانت عقلية ؟ 2 محاولة حل المشكلة : أ - منطق الأطروحة إن المنطق هذه الأطروحة يدور حول نشأة الرياضيات ، حيث يرى بعض الفلاسفة وخاصة أفلاطون و ديكارت بأن المعاني الرياضية أصلها عقلي أي نابعة من العقل وموجودة فيه قبليا بعيدة عن كل تجربة حسية . المسلمات : وقد اعتمدوا على مسلمات أهمها : - لا يمكن أن تكون التجربة هي مصدر الرياضيات أي أنهم نفوا بأن تكون المعاني الرياضية مكتسبة عن طريق الملاحظة الحسية . الحجج : الحجة الأولى تتمثل في أنهم أكدوا بأن هناك اختلاف في المفاهيم الرياضية كالمكان الهندسي ، واللانهايات ، والدوال والكسور والأعداد ... والطبيعة التي لا تحتوي على هذه الموضوعات الرياضية المجردة ، مثال ذلك فالنقطة الهندسية التي لا تحتوي على ارتفاع ولا على طول ولا على عرض فهي تختلف عن النقطة الحسية التي تشغل حيزا ونفس الشيء بالنسبة للمفاهيم الأخرى . أما الحجة الثانية فقد أكدها الفيلسوف اليوناني أفلاطون حيث يعتقد بأن المعاني الرياضية مصدرها العقل الذي كان يحي في عالم المثل ، وكان على علم بكافة الحقائق بما فيها المعاني الرياضية كالخطوط والأشكال والأعداد ، حيث تتصف بأنها واحدة وثابتة ، وما على الإنسان في هذا العالم الحسي إلا بتذكرها ويدركها بالعقل وحده . ونأتي على الحجة الأخيرة التي جاء بها الفيلسوف الفرنسي ديكارت الذي أن المفاهيم الرياضية من أعداد وأشكال هي أفكار فطرية وتتصف بالبداهة واليقين ، فمفهوم اللانهاية لا يمكن أن يكون مكتسبا من التجربة الحسية لأن التجربة متناهية . ب – نقد أنصار الأطروحة : إن هذه الأطروحة لها مناصرين وهم أصحاب المذهب العقلاني والمذهب المثالي عموما وخاصة كانط الذين فسروا الرياضيات تفسيرا عقليا وهذا بإرجاعها إلى المبادئ العقلية التي يولد الإنسان وهو مزود بها حيث يعتقد كانط بأن الزمان المكان وهما مفهومان رياضيان ، وبالتالي صورتان قبليتان فطريتان ، والدليل على ذلك أن المكان التجريبي له سمك ومحدود ، بينما المكان الرياضي مستوي وغير متناهي .... لكن موقف هؤلاء المناصرين تعرض لعدة انتقادات نظرا لأنه ينطوي على نقائص أهمها : - لو كانت المفاهيم الرياضية فطرية كما يدعي هؤلاء الفلاسفة لوجدناها عند الطفل الصغير بطابعها المجرد ، لكن الواقع يؤكد أن الطفل لا يفهم المعاني الرياضية إلا إذا استعان بأشياء محسوسة كالأصابع والخشيبات ...كما انه لو كانت هذه المفاهيم فطرية في عقل الإنسان ، فلماذا لا يأتي بها دفعة واحدة ؟ مع العلم أن هذه المعاني تتطور الرياضيات عبر العصور التاريخية وهذا بظهور ما يعرف بالهندسة اللاإقليدية المعاصرة التي تختلف عن الهندسة الكلاسيكية الإقليدية وهذا يدل على أن العقل لا يعتبر المصدر الوحيد لها . إن هذه الانتقادات الموجهة لأنصار الأطروحة هي التي تدفعنا إلى البحث عن حجج و أدلة أخرى للإكثار من إبطالها ودحضها . ج – إبطال الأطروحة بحجج شخصية شكلا ومضمونا : إن أنصار النظرية العقلية المثالية قد تطرفوا وبالغوا في تفسيرهم لنشأة الرياضيات بتركيزهم على العقل وحده ، بينما هو عاجز عن إدراك هذه المعاني الرياضية أحيانا ، وأهملوا دور الملاحظة الحسية التي تساهم بدورها في وجود هذه المفاهيم ،، وهذا ما أكده أنصار النظرية التجريبية والمذهب التجريبي عموما وخاصة جون ستيوارت مل الذين يعتقدون بأن الرياضيات مكتسبة عن طريق تجربة الحسية بدليل الاستقراء التاريخي يؤكد بأن تجربة مسح الأراضي كما مارسها قدماء المصريين قد ساعدت على نشوء ما يعرف بالهندسة . كما أن الواقع يؤكد بأن الطبيعة تنطوي على أشكال هندسية بدليل قرص الشمس يوحي لنا بالدائرة ، والجبل بالمثلث لهذا يقول مل " إن النقط والخطوط والدوائر الموجودة في أذهاننا هي مجرد نسخ للنقط والخطوط والدوائر التي نراها في تجربتنا الحسية .." حل المشكلة: إذن نستنتج بأن الأطروحة : " إن المفاهيم الرياضية فطرية وبالتالي مصدرها العقل " ، باطلة وبالتالي لا يمكن الأخذ برأي مناصريها لأن الواقع و التاريخ يؤكدان بأن المفاهيم الرياضية نشأت نشأة تجريبية ثم تطورت فيما بعد إلى مفاهيم عقلية مجردة ، لهذا فهذه الأطروحة فاسدة بحجج كافية .
فند الأطروحة القائلة : " المعاني الرياضية فطرية وبالتالي مصدرها العقل " استقصاء بالرفع