طلان عقد الزواج
مقدمـــــة :
الإشكالية : ما هي العوارض التي تؤدي إلى بطلان عقد الزواج أو فساده ؟
المبحـث الأول : الزواج الفاسد و آثاره
المطـلب الأول : الزواج الفاسد
المطـلب الثاني :آثار الزواج الفاسد
المبحـث الثاني :الزواج الباطل و آثاره
المطـلب الأول :الزواج الباطل
المطـلب الثاني :آثار الزواج الباطل
خاتمة :
مقدمة :
عقد
الزواج كتصرف أباحه الشارع الحكيم لا بد أن تكون له ثمرة من وراء إبرامه
وإلا كان مجرد التفكير فيه ضربا من العبث يجب أن ننزه عنه من شرعه لما فيه
من مصلحة للعباد في هذه الحياة الدنيا وما ينتظرهم في الحياة الأخرى وأهمية
هذا العقد مستمدة من أهمية الثمرة التي يعمل على إخراجها ليستفيد منها
الجميع وكما سلف للبيان في أكثر من المواضيع فإن عقد الزواج من أخطر العقود
التي يبرمها الإنسان والمجتمع ككل ودراسة أثار عقد الزواج تأتي منطقيا في
مرحلة متأخرة من دراسة هذا العقد لأن الثمار بحكم طبيعتها لا تأتي إلا بعد
الغرس والإنبات والإزهار ثم النضج فعقد الزواج إستفائه لأركانه وشروط
إنعقاده وصحته ونفاذه يكون أهلا يرتب أثار التي قصد الشارع الحكيم إلى
تحقيقها من وراء إبرام هذا العقد
الإشكالية :
ما هي العوارض التي تؤدي إلى بطلان عقد الزواج أو فساده؟
المبحث الاول :الزواج الباطل وأثاره
المطلب الأول :الزواج الباطل :
-1عند الحنفية هو عقد حصل خلل في ركنه أو في شرط من شروط إنعقاده كزواج الصبي غير المميز.
-2عند الجمهور هو عقد حصل خلل في ركن من أركانه أو شرط من شروط صحته .
-3هو
كل عقد فقد ركنا من أركانه الأساسية أو الذي إختل فيه ركنان من أركان التي
إعتبرها المشرع الجزائري من شروط الصحة فإن هذا العقد يكون باطلا لا وجود
له في نظر قانون الأسرة الجزائري وهي :(1)
أ- فقدان عقد الزواج لركنه
الأساسي والمتعلق برضا الزوجين وهو ما يقصده المشرع في المادة 32ق.أ والتي
تصرح بأنه [يفسخ النكاح إذا إختل أحد أركانه]إلا أنه في القانون المعدل
إستبدلة كلمة الفسخ بالإبطال حيث نصت المادة 32 ق أ ج {يبطل الزواج إذا
إشتمل على مانع أو شرط يتنافى ومقتضيات العقد}وهذا ما يستخلص أن هذه المادة
جاءت قوية مما سلفه من مصطلح الفسخ والإبطال .
ب- فقدان عقد
الزواج لأكثر من ركن من الأركان التي اعتبرها القانون من شروط الصحة وهو ما
تنص عليه المادة 33ق أ {يبطل الزواج إذا إختل ركن الرضا إذا تم الزواج
بدون شاهدين أو صداق أو ولي .
ج- كل زواج بإحدى المحرمات يفسخ قبل
الدخول وبعده ويترتب عليه ثبوت النسب وجوب العدة المادة 34ق أ
وينصرف البطلان كذلك هاهنا إلى زواج المسلمة بغير المسلم 31 ق أ وكذلك إذا
كان أحد الزوجين مرتدا المادة 32 ق أ.1))
المطلب الثاني :أثار الزواج الباطل
العقد
الباطل لا يرتب أي أثر لأنه يعتبر كالعدم فلا يحل به دخول بالمرأة ولا يجب
به مهر ولا نفقة ولا طاعة ولا التوارث بين الزوجين ولا يقع فيه الطلاق لأن
الطلاق مترتب على الزواج الصحيح ولكن إذا دخل الرجل بالمرأة كان هذا
بمنزلة الزنا وكلف شبهة العقد تسقط الحد ويجب عليهما أن يفترقا من تلقاء
أنفسهما وإلا فرق القاضي بينهما.1))
وقال جمهور الفقهاء {أنه لا يجب المهر بالدخول في الزواج الباطل بل يجب حد الزنا على الزوجين إذا كان مكلفين علمين بالتحريم.2))
ويرى
أبو حنيفة {أن الزواج إذا دخل بالزوجة بموجب عقد باطل فيجب عليه السهر
لأنه من المقرر فقهيا أن دخول بالمرأة لا يخلو من مهر أو حد وقد سقط الحد
بشبهة العقد حرمة المصاهرة لأن هذه الحرمة تثبت عند الحنفية بالزنا فمن باب
أول تثبت بالعقد الباطل }3))
وعليه فان الآثار المترتبة على البطلان هي :
-1لا توارث بين الزوجين طبقا لنص المادة 131ق أ إذا ثبت بطلان النكاح فلا توارث بين الزوجين .
-2ثبوت
النسب رعاية لحقوق الولد المادة 34 ق أ كل زواج بإحدى المحرمات يفسخ قبل
الدخول وبعده ويترتب عليه ثبوت النسب ووجوب الإستبراء.
والمادة 40ق إ
يثبت النسب بالزواج الصحيح أو بالإقرار أو بالبينة أو بنكاح الشبهة أو بكل
زواج تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 34-33-32 من هذا القانون .
-3لا
يترتب على العقد الباطل الصداق للزوجة المادة 33ق أ يبطل الزواج إذا اختل
ركن الرضا –إذا تم الزواج بدون شاهدين أو صداق أو ولي في حالة وجوبه يفسخ
قبل الدخول ولا صداق فيه ويثبت بعد الدخول بصداق المثل .
-4لا ينشأ الزوج أي حق على زوجته ولا الزوجة على زوجها.
-5إذا
كان البطلان واضحا قبل الدخول وثبت العلم بالتحريم وسببه ,وتم الدخول كان
بمنزلة الزنا ولا يترتب الجهل عذرا إذا كان ادعاؤه ولا يقبل من مثل مدعيه
فلا يثبت العدة ومتى غمض الأمر وكان شبهة قوية اعتدت المرأة عند المذهب
الحنفي فقط.
المبحث الأول :الزواج الفاسد وأثاره
المطلب الأول :الزواج الفاسد
الزواج
الفاسد عند الحنفية : هو ما فقد شرطا من شروط الصحة وأنواعه هي الزواج
بغير الشهود والزواج المؤقت وجمع حمس في العقد والجمع بين المرأة وأختها أو
عمتها أو خالتها وزواج امرأة الغير بلا علم بأنها متوجة ونكاح المحارم مع
العلم بعدم الحل فاسد عند أبي حنيفة وباطل عند الصحبين.1
وهو الراجح
كما أن المشرع الجزائري يرى أن كل عقد وجد فيه الإيجاب والقبول ولكنه فقد
شرطا من شروطه الأساسية الواردة في المادة9 م ق أ كأن يكون العقد بدون ولي
أو بغير شهود أو بدون تسمية صداق فالزواج الفاسد هو الذي يختل فيه شرط من
شروط الصحة بمعنى الذي توافر فيه سبب من الفسخ أو البطلان وتبين أمره قبل
الدخول وهو ما قصده المشرع الجزائري في المواد 34-32ق أ رغم الخلط الذي وقع
فيه في توضيح المفاهيم والأحكام وعليه فان أسباب الفسخ هي :1))
أ- إذا
تم الزواج فاقدا لركن واحد من الأركان كما لو تم بدون ولي أو شاهدين أو
صداق أو شا ب الإرادة عيب من عيوب الرضا –كان تكون المرأة مجبرة –وتبين أمر
هذا الزواج قبل الدخول وبغير الفسخ في هذه الحالة طلاقا
ب- إذا اشتمل الزواج على مانع شرعي أو قانوني سواء كان المانع أو المحرم مؤبدا أو مؤقتا فانه يفسخ قبل الدخول أو بعده 34 ق أ 2
ج-
اشتمال الزواج على شرط يتنافى ومقتضيات العقد أو يتنافى مع أحكام قانون
الأسرة الجزائري م34-19 ق أ غير أن المشرع الجزائري صححه بالدخول حيث قرر
بطلان الشرط وبقاء العقد صحيحا المادة 35 ق أ
د- ردة الزوج إذا ثبت
ردة الزوج بعد أن انعقد العقد الصحيح وكانت هذه الردة قبل الدخول فسد عقد
الزواج وفسخ في الحال م32 وذلك أن زواج الكافر بالمسلمة غير جائز شرعا
وقانونا م31 ق أ1) )
المطلب الثاني :أثار الزواج الفاسد عند الحنفية
ليس
للزواج الفاسد حكم قبل الدخول فلا يترتب عليه شيء من أثار الزوجية فلا يحل
فيه الدخول بالمرأة ولا يجب فيه للمرأة مهر ولا نفقة ولا يجب فيه العدة
ولا تثبت به حرمة المصاهرة ولا يثبت به النسب ولا التوارث ويجب على الزوجين
أن يتفرقا بأنفسهما وإلا رفع الأمر إلى القاضي ليحكم بالتفريق بينهما
ويثبت لكل واحد منهما فسخه ولو بغير حضور صاحبه دخل بها أولا في الأصح
.خروجا عن المعصية وهذا لا ينافي وجوب التفريق بينهما من قبل القاضي.
وإذا
حصل دخول المرأة كان الدخول معصية وجب التفريق بينهما ولكن لا يقام عليهما
حد الزنا وإنما يعززهما القاضي بما يراه زاجرا لوجود شبهة العقد والحدود
تدرأ بالشبهات لكن يجب الحد في الدخول بالمحارم
عند الصاحبين
ورأيهما هو الراجح لأن التزوج في كل وطئ حرام على التأبيد لا يوجد شبهة وما
ليس بحرام على تأبيد كمحرم بالصهرية كالأخت والعمة والنكاح بغير شهود يكون
العقد فيه شبهة
وبالرغم من كون الدخول في الزواج الفاسد معصية فانه عند الحنفية تترتب عليه الأحكام التالية:
-1
وجوب المهر :يجب فيه ولو تكرر الوطء عند جمهور الحنفية ما عدا زفر الأقل
من مهر المثل والمسمى فان لم يكن المهر المسمى في العقد وجب مهر المثل مهما
بلغ لفساد التسمية ووجوب المهر في الزواج ووجوب المهر في الزواج الفاسد
وان كان في الأصل لا يجب لأنه ليس بنكاح حقيقة إلا أنه وجب بسبب الدخول .
-2ثبوت نسب الولد :من الرجل إن وجد احتياطا لإحياء الولد وعدم ضياعه .
-3وجوب
العدة :على المرأة من حين التفريق بينهما عند جمهور الحنفية وهو الصواب في
المذهب لان النكاح الفاسد بعد الوطء منعقد في حق الفراش والفراش لا يزول
قبل التفريق وعليه تجب العدة بعد الوطء لا الخلود.
-4ثبوت حرمة المصاهرة فيحر على الرجل الزواج بأصول المرأة وفروعها وتحرم المرأة على أصول الرجل وفروعه.
ولا تترتب على الزواج الفاسد أحكام أخرى فلا تجب به نفقة ولا طاعة ولا يثبت به حق التوارث بين الرجل والمرأة 1))
بالرجوع إلى المشرع الجزائري نجده قد أخذ بالمذهب الحنفي
لاتورث بين الزوجين طبقا لنص المادة 131ق أ .(2)
الخاتمة :
واضح
من المواد 35-32من قانون الأسرة أن المشرع الجزائري قد تأثر بأحكام الفقه
الإسلامي باستعماله مصطلحي الباطل والفاسد ولكنه عبر عنهما بما يدل على انه
تأثر بقواعد القانون المدني ذلك انه استعمل الركن للدلالة على كل من شروط
الصحة والانعقاد الواردة في المادة 9ق أغير في المادة 32يجعل كل الأركان في
درجة واحدة من القوة بلا تفرقة بين الأركان ويقرر فسخ النكاح إذا اختل أحد
أركانه كما أن المادة 33تفرق بين ما يعتبره ركنا وما يعتبره شرط صحة رغم
انه يسميه ركنا كما إن المشرع في المادة 34استعمل كلمة فسخ بالنسبة للمحارم
رغم أنه يكون لفظ يبطل لأنه في الإسلام هو باطل سواء قبل أو بعد الدخول
كما انه قد اخذ بالمذهب الحنفي خلافا عن جمهور الفقهاء ولا خلاف في وجود
الفرق بين الباطل والفاسد في الفقه الإسلامي بالنظر إلى أثاره .
قائمة المراجع :
-1- بلحاج العربي – الوجيز في شرح ق أ ج- ديوان المطبوعات الجامعية-الجزائر- الطبعة الرابعة - 2005..
-2- أ- حسن حسن منصور- شرح مسائل الأحوال الشخصية – الناشر الإسكندرية - بدون طبعة 1998
-3- وهبة الزحيلي - الفقه الإسلامي وأدلته -الجزء السابع - دار الفكر –الجزائر-1992.