HOUWIROU Admin
عدد الرسائل : 14822 نقاط التميز : تاريخ التسجيل : 02/04/2008
| موضوع: الحماية الجنائية للاعمــال الجمعة 7 يونيو 2013 - 20:11 | |
| الحماية الجنائية للاعمــال
بعد أن تناولنا فى القسم الاول بايجاز شديد بعضا من المبادئ العامة الرامية الى التعريف بالقانون الجنائى والقواعد المنظمة للتجريم ودعائم تحمل المسؤولية الجزائية سعيا الى ايجاد أرضية مشتركة لتناول تلك الجرائم المتعلقة بالاعمال مما يشكل القسم الخاص من قانون العقوبات من خلال المحورين التاليين :
أولا : التعريف بالقانون الجنائى للاعمال ان مصطلح القانون الجنائى للاعمال مصطلح مجازى الى حد كبير , ذلك أنه ليس هناك قانونا خاصا ينظم جرائم الاعمال بشكل خاص , وانما يطلق هذا المصطلح على تلك الجرائم التى قد تمس عالم الاعمال بشكل مباشر أو غير مباشر وكلها واردة فى صلب قانون العقوبات أو القوانين المكملة لقانون العقوبات , ولو أن أشهر الجرائم المتعلقة بالاعمال واردة ضمن قانون العقوبات كجريمة الاختلاس وتبيض الاموال والرشوة واصدار شيك دون رصيد والنصب والتفليس والمضاربة غير المشروعة والغش فى المواد المصنعة , الا أن جانبا مهما من جرائم قانون الاعمال واردة ضمن قوانين مكملة لقانون العقوبات كقانون الجمارك , وقانون الضرائب , وقانون المنافسة والاسعار , والقانون التجارى, وحماية الملكية الادبية والفنية , وغيرها من القوانين المنظمة لنشاط الاعمال وادارة المشاريع الاقتصادية وبذلك يكون القانون الجنائى للاعمال واسعا جدا ومترامى الاطراف . وقد بدأ المشرع الجزائرى يعتنق سياسة جنائية خاصة بقانون الاعمال فى سنتى 2005 و 2006 اذ بدأ يهتم أكثر بتلك الجرائم المتعلقة بالاعمال من خلال اعادة النظر فى العديد من النصوص الجنائية كجريمة الاختلاس والرشوة والصفقات العمومية ومسؤولية الاشخاص الاعتبارية مما يجعل قانون العقوبات مسايرا للمتطلبات الاقتصادية والاجتماعية , سعيا الى ايجاد سياسة جنائية محكمة يرسى من خلالها الثقة فى التعامل اليومى خاصة مع دخول الجزائر عالم حرية المنافسة والمتاجرة من خلال اعتماد نظام السوق المفتوحة . وتزداد أهمية الموضوع عند انطلاق الجزائر فى تطبيق أنظمة منظمة التجارة العالمية التى تستدعى المزيد من ضبط التعامل المشروع داخل الدولة بما يحقق حماية رأسمال الوطنى والاجنبى على حد سواء . ولذلك فقد برزت أهمية ايجاد فرع متخصص فى العلوم الجنائية عرف بالقانون الجنائى للاعمال وهو فى طور التشكل حاليا . تعريف القانون الجنائى للاعمال : يمكن تعريف القانون الجنائى للاعمال بأنه : فرع مستحدث من العلوم الجنائية يشمل الحماية القانونية لنشاط الاعمال من خلال تجريم السلوكات المنافية للممارسة المشروعة . فهذا الفرع القانونى ليس فرعا كلاسيكيا للقانون الجنائى ولكنه فرع فى طور الولادة والتشكل الآن , وقد حظى بعناية الباحثين وفقهاء القانون الجنائى وبدأ يستقل عن جرائم الاموال بشكل تدريجى وربما قد أصبح يحوى الكثير من جرائم الاموال ضمن طياته , وكانه فرع طغى عن الاصل لما له من أهمية فى ظل عالم الاعمال الذى لايقبل التلاعب برؤوس الاموال ولا بالنشاط المخالف للمنافسة غير المشروعة .
ثانيا : أهم جرائم الاعمال
جرائم الاعمال عديدة وكثيرة ومترامية الاطراف وهى موجودة ان على مستوى قانون العقوبات أو القوانين المكملة لقانون العقوبات كما أسلفنا , وسوف نتناول بعضا من النماذج البارزة التى أوردها المشرع على مستوى قانون العقوبات وهى : جريمة الاختلاس ـ جريمة تبييض الاموال ـ جريمة الرشوة ـ جريمة اصدار شيك دون رصيد ـ جريمة خيانة الامانة ـ جريمة النصب ـ جريمة التفليس ـ جريمة المضاربة غير المشروعة ـ جريمة الغش فى المواد المصنعة , وذلك حسب الترتيب التالى :
1
1 ـ جريمة اختلاس الامــوال { المادتين 29 , 41 من القانون رقم 06 ـ 01 }
تعتبر جريمة الاختلاس من أبشع الجرائم التى تنال السلامة العمومية داخل كل دولة والتى بموجبها قد تفقد الدولة أو مؤسساتها فاعليتها وقدرتها فى التسيير , ويصيبها الخلل والاضطراب ويعتريها مرض سوء التسيير فى ادرة دواليب الحياة اليومية ان على مستوى مؤسساتها التقليدية أو الاقتصادية وسواء أكانت عامة أو خاصة ولذلك فان المشرع قد أدرج جريمة الاختلاس ضمن جرائم الفساد فى القانون رقم 06 ـ 01 , المادة 02 وللاختلاس معنى واسع عكس مايتبادر الى الذهن لاعتقاد العامة بأن الاختلاس انما ينصب علىالاموال , وهو فى الحقيقة يتناول كل ماهو قيمي وكل مايمكن الاستفادة منه ماديا أو معنويا ففى اختلاس الوثائق أو العقود او المخططات قد لايكون الغرض بيعها بقدر مايكون تقديم خدمة غير قانونية لشخص ما ببيعها له أو تتقديم خدمة لصالحه بمقابل أو بدون مقابل وهو المفهوم الذى كان سائدا فى المادة 119 الملغاة من قانون العقوبات .
وقد استخدم المشرع الاختلاس كتعبير عن السلوك الاجرامي في كثير من مواد التجريم بقانون العقوبات , غير أن المفهوم الذي أطلقه على الفعل ليس واحدا بالنسبة لكل جريمة ورد فيها ذلك التعبير, و يمكن رد المفاهيم المختلفة للاختلاس في نظر المشرع الجنائي إلى معنيين : الاول عام والثاني خاص. المفهوم العام للاختلاس هو انتزاع الحيازة المادية للشىء موضوع الاختلاس من صاحب الحق فيه إلى يد المختلس ( كجريمة السرقة , جريمة الاستلاء على اموال الدولة). المفهوم الخاص للاختلاس فيفترض فيه وجود حيازة مؤقتة سابقة للجانى و معاصرة للحظة ارتكاب السلوك الاجرامي الا انها حيازة ناقصة , ويتوافر الاختلاس في هذا المعنى باتيان الجاني سلوكا يضيف به المال موضوع الحيازة المختلسة إلى سيطرته الكاملة كما لو كان مالكا له , مثلما هو الشأن فى جريمة خيانة الامانة , وجريمة السرقة . ولذلك فان جريمة الاختلاس تتداخل فى المعنى من جريمتى خيانة الامانة والسرقة فى آن واحد , فهى من جهة خيانة للامانة من حيث أن الجانى انما يستولى على مال مؤتمن عليه بسبب عمله أو وظيفته , ومن جهة أخرى فانه يقوم بالاستيلاء على المال الغير مملوك له خفية مما يحمل معنى السرقة , ولكن جرم الاختلاس جرم قائم بذاته ومستقل عن ذات الفعلين ذلك أن خيانة الامانة يستوجب أن تسبق بعقد حفظ للمال وهو مالايتوافر فى الاختلاس , كما أن السرقة لاترد على مال فى حيازة السارق بل على شىء خارج حيازته . فاختلاس الاموال المسلمة بسبب الوظيفة انما ينصب فقط على الاختلاس في معناه الخاص الذي يفترض قيام الحيازة المادية للجاني ساعة ارتكاب الفعل الاجرامي.وهو مايعبر عنه بوجود المال فى عهدة الموظف أو العامل , وهو شرط أساسى لقيام جريمة الاختلاس . وللبحث عن الاساس القانونى لجريمة الاختلاس نجد بان القانون كان ينص عليها فى المادة 119 الملغاة من قانون العقوبات الجزائري والتى قد قامت على أنقاضها المادة 29 من الامر 06 ـ01 المطبقة حاليا على جرائم الاختلاس. ويقابل المادة 119 من قانون العقوبات الجزائري , المادة 112من قانون العقوبات المصري , هذا الاخير الذى يجرم اختلاس الموظف العام للاموال التي وجدت في حيازته بمقتضى وظيفته ويستوي فى ذلك أن تكون الاموال عامة أو خاصة أو مملوكة لاحد الافراد , و بالتالي فلا يلازم لقيام هذه الجريمة أن يكون المال المختلس بالضرورة مالا عاما , ومن أجل هذا يرى جانب من الفقه أن هذه الجريمة هى نوع من خيانة الامانة يقع من موظف عام على مال وجد في حيازته و مؤتمن عليه بحكم تلك الوظيفة , فالجريمة على هذا النحو قد تؤصل بحق هي خيانة أمانة مشوبة باستغلال الوظيفة. والملاحظ أن المشرع الجزائرى قد أورد مدلولين لفعل الاختلاس فى القانون 06 ـ01 حيث فرق بين افعال الاختلاس فى القطاع العام وذات الفعل فى القطاع الخاص , فقد توسع فى مفهوم الاختلاس اذا ماتعلق الامر بالمال العام ليشمل : الاختلاس ـ الاتلاف ـ التبديد ـ الحجز دون وجه حق ـ الاستعمال غير المشروع للمال العام ـ المادة 29 منه , فى حين ان الاختلاس فى القطاع الخاص يشمل اختلاس أموال أو أوراق مالية خصوصية أو أشياء ذات قيمة عهد بها الى العامل بسبب عمله أو منصبه أو مهامه ـ المادة 41 من نفس القانون ـ وكأن المشرع يظفى حماية على المال العام أكثر من تلك الحماية للمال الخاص وربما يعود السبب فى ذلك الى أن المال الخاص يحمى اساسا من طرف ماله الذى يراقب باستمرار ويوميا عمليات التسييرفى مؤسسته أمام غياب هذا النوع من المراقبة فى القطاع العام . وعموما فان جريمة الاختلاس سواء فى القطاع العام أو الخاص لاتقوم الا بتوافر ثلاثة أركان هى : 1- ركن مفترض يتمثل في صفة الموظف العام فى القطاع العام أو العامل فى القطاع الخاص . 2- ركن مادي قوامه فعل الاختلاس و محل الاختلاس و كون حيازة الاشياء المختلسة كان بسبب الوظيفة. 3-ولابد أخيرا من ركن معنوي يأخذ صورة القصد الجنائي العام . فإذاماتتحقق البنيان القانوني لجريمة الإختلاس على هذا النحو استحق الفاعل عقوبة أو جزاء أو تدبيرا ممايسمح به النظام الجزائي لجريمة الإختلاس. وسنتناول هذه الأركان والعقوبات بشيء من التفصيل على النحو التالي:
1- الركن المفترض: (في جرائم اختلاس الأموال)
يشير القانون فى تعديله الاخير ـ القانون رقم 06 ـ 01 إلى صفة الجاني الذي يرتكب هذه الجريمة على أنه الموظف العمومىعلى مستوى القطاع العام , وأنه العامل على مستوى القطاع الخاص , وقد كان سابقا يشمل ـ بمفهوم المادة 119 ق ع ـ القاضى والموظف و الضابط العمومي و من في حكمهم ممن ينطبق عليهم النص, ويلاحظ على أن النص الملغى كان قد توسع ليشمل الضابط العمومي الذي اعتبر في حكم الموظف العام , وهو من يمارس مهنة حرة بشروط قانونية محددة , لتحقيق خدمة عمومية , ولايتقاضى أجرا من الخزينة العامة مثل : الموثق اوالمحضر القضائى . وبالرجوع إلى نص المادة 02 من القانون رقم 06~01 المؤرخ في 20 فبراير 2006 والمتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته نجد انها قد حددت مفهوما لمصطلح الموظف العمومي الذى هو : (1) كل شخص يشغل منصبا تشريعيا او تنفيذيا او اداريا او قضائيا او في احد المجالس الشعبيية المحلية المنتخبة , سواء اكان معينا او منتخبا , دائما او مؤقتا , مدفوع الاجر أو لايتقاضى أجرا , بصرف النظر عن رتبته او اقدميته. (2) كل شخص آخر يتولى ولو مؤقتا, وظيفة او وكالة باجر او بدون اجر, ويساهم بهذه الصفة في خدمة هيئة عمومية او مؤسسة عمومية او اية مؤسسة اخرى تملك الدولة كل او بعض , راسمالها , او اية مؤسسة اخرى تقدم خدمة عمومية. (3) كل شخص اخر معرف بانه موظف عمومي او من في حكمه طبقا للتشريع و التنظيم المعمول بهما. اضافة إلى ما ذكر فقد شمل الركن المفترض لهذه الجريمة و كما يستشف من هذا النص كل شخص يتمتع ولو بنصيب من الاختصاص في خدمة الدولة او أي مرفق عام وله بهذا الحق ان يتسلم اموالا او اشياء تحفظ لديه و بحوزته , فهو كل شخص تحت أي تسمية وفي نطاق أي اجراء يتولى ولو مؤقتا وظيفة او وكالة باجر او بدون اجر ويسهم بهذه الصفة في خدمة الدولة او الجماعات المحلية او المؤسسات او الهيئات الخاضعة للقانون العام او المؤسسات الاقتصادية العمومية او أي هيئة اخرى خاضعة للقانون الخاص تتعهد بادارة مرفق عام . كما تضمن نص المادة 02 من القانون 06 ـ 01 التعريف بالموظف العام الاجنبى وهو كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو اداريا أو قضائيا لدى بلد أجنبى , بما فى ذلك لصالح هيئة عمومية أو مؤسسة عمومية . كما نصت على التعريف بالموظف فى المنظمات الدولية العمومية بانه كل مستخدم دولى أو كل شخص تاذن له مؤسسة من هذا القبيل بأن يتصرف نيابة عنها . وقد اورد المشرع صفة مرتكب جريمة الاختلاس فى المادة 41 من ذات القانون بأنه كل شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص أو يعمل فيه بأية صفة أثناء مزاولة نشاط اقتصادى أو مالى أو تجارى . ولذلك فان صفة الجانى وقت ارتكاب جريمة الاختلاس هى محل اعتبار سواء تعلق الامر بالقطاع العام أو الخاص , ويستوجب على الجهة القضائية التأكد من توافرها وقت ارتكاب الجريمة قبل النطق بالحكم على الجانى .
2 ـ الركن المادي لجريمة الاختلاس يتمثل الفعل المادي المكون لهذه الجريمة في اختلاس او سرقة او تبديد بدون وجه حق اموالا عامة او اشياء سلمت للموظف بموجب وظيفته. وهدا الركن يقوم على ثلاثة ركائز هى : الافعال المادية المشكلة للاختلاس , محل جريمة الاختلاس , حيازة الموظف للمال او الشىء المختلس. ا ـ الافعال المادية المشكلة للاختلاس : يتخد الركن المادي عدة مظاهر مختلفة : الاختلاس , الاتلاف , التبديد , الحجز بدون وجه حق , وقد أظاف المشرع فى المادة 29 من الامر 06ـ 01 صورة الاستعمال غير المشروع للاموال الموضوعة فى عهدته سواء أكان الموظف هو المستفيد من فعل الاختلاس أو كان غيره وقد حاول القانون بذلك ان يجمع كل الصور التي يمكن بواسطتها الاعتداء على الاموال الموكولة للموظف أو العامل حفظها لحساب الدولة أو لحساب مالكها القانونى المادة 41 من القانون 06 ـ 01. فبقصد بالاختلاس أخذ المال الذى فى العهدة بشكل خفى بما يشبه السرقة أى نقل حيازة المال بشكل كامل الى الموظف أو العامل بنية تلكه سواء علم بذلك آخرون أو لم يعلموا , اذ أن علم الزملاء فى العمل أو المسؤولون فيه لاينفى عن الفعل صفة الجريمة فهم اما شركاء أو متسترون عن جريمة وفى كلتا الحالتين يقعان تحت السؤولية الجزائية . ويقصد بلاتلاف تخريب المال وازالته من الوجود كاتلاف عقود أو وثائق أو مستندات أو أى شىء له قيمة مادية أو معنوية وضع فى عهدة الموظف أو العامل . كما يقصد بالتبديد اضاعة المال المعهود به على وجه غير قانونى أو غير مؤسس , كما يحمل معنى ترك المال للتلف والضياع دون اتخاذ الاجراءات اللازمة للوقاية والحفظ . والاستيلاء دون وجه حق على المال معناه الاستفادة بالحيازة المخالفة للقانون على المال الموضع فى عهدة الموظف أو العامل بنية التلك أو الانتفاع الشخصى دون أن يسمح القانون بذلك . ب ـ محل جريمة الاختلاس : لقد اورد المشرع الصور المختلفة لمحل جريمة الاختلاس فى المادتين 29 و 41 من القانون 06 ـ 01 وتتمثل فىالاعتداء بنية التملك على مال غير مملوك للموظف أو العامل , هذا المال الذى وضع فى عهدتهما بسبب الوظيفته أو العمل وكأنهما يخونان الامانة التى ائتمنا عليها فى حفظ المال ورعايته فاذا بهما يختلسانه أو يبددانه أو يتلفانه أو يحتجزانه أو يستعملانه دون وجه حق فى غير الاغراض التى وضع من أجلها . اذن فان جريمة الاختلاس ترد على الاموال العامة والخاصة والاشياء التى تقوم مقامها وعلى العقود والوثائق والسندات التى وضعت بين يدى الموظف بمقتضى وظيفته أو بسببها . ولذلك فقد اشترط النص وجود هذات المال المختلس بين يدى الموظف بمقتضى الوظيفة أو بسببها وذلك بتوافر صلة سببية بين حيازة الموظف للمال وبين تلك الوظيفة كالاستيلاء على المال المحتجز او المصادر من جراء الجريمة , فينصب الاختلاس على تلك الاموال المحفوظة لدى الموظف أو العامل مهما كانت قيمتها المادية أو المعنوية , اذ ليس لقيمة المال المختلس تأثير على مقدار العقوبة كما كان الشأن سابقا فى نص المادة 119 الملغاة من قانون العقوبات . ج حيازة الموظف أو العامل للمال : ان اختلاس الاموال تتضمن مجموعة الاعمال المادية و التصرفات التي تصدر عن الجاني وتعبر عن نية الاستلاء التام على المال المحفوظ لديه بتحويل حيازته من حيازة ناقصة و مؤقتة إلى حيازة تامة و دائمة , و بمعنى اخر هي مجموعة التصرفات المادية التي تصاحب اغتصاب ملكية الشىء او تحويل المال(العام او الخاص ) الموكول للجاني امر حفظه او التصرف فيه بحسب ما يامر به القانون و الذي انتهى اليه بموجب وظيفته أو عمله إلى ملكية شخصية له والتصرف فيه على نحو ما يتصرف المالك فى ملكه. 3 ـ الركن المعنوى لجريمة الاختلاس
يقوم الركن المعنوى في هذه الجريمة على توافر القصد الجنائى فالاختلاس جريمة عمدية في كل صورها , وعليه فان الموظف أو العامل يكون على علم بأن المال الذى في حوزته هو ليس ملكا له ومع ذلك تتجه ارادته إلى حجزه واختلاسه . والقصد العام القائم على العلم والارادة يكفى لتحقق الركن المعنوى في صورة احتجاز المال دون وجه حق , في حين تطلب الامر تحقق القصد الجنائى الخاص فيما عدا ذلك من صور هذه الجريمة التى تتطلب اتجاه ارادته إلى تملك الشىء الذى بحوزته . 4 ـ عقوبة جريمة الاختلاس
لقد كان المشرع الجزائرى يربط فى نص المادة 119 من قانون العقوبات بين القيمة المادية لمحل جريمة الاختلاس وبين العقوبة التى تطبق على الجانى هذه العقوبة التى كانت تتراوح بين الحبس لمدة سنة الى الاعدام قبل سنة 2001 ثم الى السجن المؤبد بعدها والغرامة المتراوحة بين 50000 دج الى 2000000 دج حسب قيمة المال المختلس . ولكن المشرع قد عدل عن تلك العقوبات بصدور القانون رقم 06 ـ 01 بتاريخ 20 فبراير 2006 حيث ميز فى العقوبة بين الاختلاس فى القطاع العام أو الخاص عقوبة الاختلاس فى القطاع العام : لقد أورد المشرع عقوبة جرم الاختلاس على مستوى القطاع العام فى المادة 29 من القانون المذكور والتى تترواوح بين سنتين وعشر سنوات حبسا , والغرامة المتراوحة بين 200000 دج الى 1000000 دج . عقوبة الاختلاس فى القطاع الخاص : نص المشرع على عقوبة الاختلاس فى القطاع الخاص فى المادة 41 من القانون المذكور , وقد فرض لها عقوبة عقوبة الحبس المتراوح بين ستة أشهر وخمس سنوات , والغرامة من 50000 الى 500000 دج . وبالمقارنة بين نصوص القانون الملغى والانصوص الجديدة يلاحظ بأن العقوبات القديمة كانت أكثر ردعا , كما أن ربط العقوبة بمقدار الاختلاس كان سياسة جنائية ناجعة الى حد كبير , أما توحيد مقدار العقوبة فى جميع جرائم الاختلاس فهو قد لايخدم الوقاية من الفساد ومحاربته كما يرمى اليه المشرع . وأيضا فان التمييز بين اختلاس الاموال العامة أو الخاصة على مستوى التجريم والعقاب يجعل سياسة المشرع معيبة فى عدم اظفاء ذات الحرمة على الاموال الخاصة والعامة , وهو مايتنافى ومبدأ المساواة فى الحماية القانونية للمال سواء أكان عاما أو خاصا .
2 ـ جريمة تبييض الاموال { المادة 389 مكرر ق ع }
يقصد بتبيض الاموال ـ غسيل الاموال ـ تحويل المال ذى المصدر غير المشروع الى مال مشروع ظاهريا وذلك بواسطة القيام بعمليات قانونية مركبة لاخفاء مصدر ذلك المال الغير مشروع . هذه العملية التى يقوم بها الجناة ومساعدوهم وفق قنوات وطنية أو دولية تتيح للجناة الاستفادة والانتفاع الظاهرى بأموال غير مشروعة , وهو مايدرج هذا النوع من الاجرام ضمن جرائم العصابات من جهة , والاجرام المنظم من جهة أخرى . ونظرا لخطورة هذا النوع من الاجرام الذى يكتسب المال من طرق غير مشروعة كالمتاجرة فى المخدرات أو الرقيق الابيض أو اختلاس أموال عامة أو السطو على المصارف والبنوك أو غير ذلك من الطرق الغير مشروعة فى الحصول على المال فقد ابرمت العديد من الاتفاقيات الدولية بشأن محاربة هذا النوع الخطير من الاجرام كاتفاقية الامم المتحدة بشأن مكافحة المتاجرة غير المشروعة فى الممخدرات المبرمة فى فيينا سنة 1988 , واتفاقية المجلس الاوروبى الموقعة فى استراسبورج سنة 1990 واتفاقية الامم المتحدة البرمة فى باليرمو سنة 2000 هذه الاتفاقيات التى فرضت على أعضائها توحيد الجهود فى محاربة جرم تبييض الاموال بما فى ذلك ايجاد نصوص تجريمية لهذا النوع الخطير من الاجرام . وقد أدرك المشرع الجزائرى خطورة جريمة تبييض الاموال فأدرجها ضمن نصوص قانون العقوبات فى القسم السادس المكرر من الفصل الثالث من الباب الثانى من الكتاب الثالث من قانون العقوبات تحت عنوان تبييض الاموال بثمان نصوص قانونية تبدأ من المادة 389 مكرر الى المادة 389 مكرر 7 من قانون العقوبات , كما نص على تدابير وقائية للكشف على جرم التبييض فى المواد 16 وترتيبات وطنية ودولية لقمع التبييض فى المواد 58 الى 70 من القانون 06 ـ 01 بتاريخ 20 ـ 2 ـ 2006 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته . أركان جريمة تبييض الاموال جريمة تبييض الاموال مثل جميع الجرائم تقوم على ثلاثة أركان أساسية هى : الركن الشرعى , والركن المادى , والركن المعنوى وسوف نتناول ذلك بشىء من الايجاز
1 ـ الركن الشرعى لجريمة تبييض الاموال باستقراء اتجاه المشرعين بشأن جريمة تبييض الاموال يلاحظ بداءة بأن هناك اتجاهين بشأن ذات الموضوع اتجاه موسع من نطاق جريمة تبييض الاموال : ويتصدر هذا الاتجاه المشرع الفرنسى , والبلجيكى , والايطالى , وقد حذا المشرع الجزائرى حذو هذا الاتجاه الذى يدرج ضمن مفهوم التبييض كل الافعال المؤدية الى الهدف المنشود بدءا من الحصول على المال المبيض الى استعماله بعد التبييض , فكل الخطوات التى تتم فى سبيل الوصول الى ذلك الهدف تعتبر ضمن جرائم التبييض . اتجاه مضيق من نطاق جريمة التبييض : وهذا الاتجاه على عكس سابقه يقصر جريمة تبييض الاموال على تلك الافعال الخطيرة المساهمة فى تبييض المال بشكل مباشر فقط وذلك مثلما هو ملاحظ فى القانون السويسرى , والاسبانى , واليونانى . وبالرجوع الى القانون الجزائرى نجد بأن المشرع قد جرم كل الخطوات المؤدية الى تبييض المال من طرف كل من ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر فى عملية التبييض حتى ولو باسداء المشورة فى عملية التبييض ـ المادة 389 ق ع ـ بشرط العلم بالمصدر غير المشرع للمال المبيض , واعتبر الشروع فى جريمة التبيض كالجريمة التامة تماما ـ المادة 389 مكرر 3 ق ع ـ , كما وقد مدد المسؤولية الجنائية الى كل من الاشخاص الطبيعية أو الاعتبارية المساهمة فى عملية التبييض ـ المادة 389 مكرر 5 و 7 ق ع ـ .
2 ـ الركن المادى لجريمة تبييض الاموال لاتقوم جريمة تبييض الاموال الا على جرائم سابقة عن عملية التبيض للحصول على المال غير المشروع المراد تبييضه , ومن ثم لابد من البحث فى مصدر المال قبل الاقرار بقيام جرم التبييض , وبقيام المصدر غير المشروع للمال فان الجانى يسعى الى اخفائه وتغيير طبيعته من اللامشروعية ليدرجه فى اطار المال المشروع , ومن ثم فان التبيض يلزم القيام بثلاث خطوات مركبة كالتالى : الحصول على المال غير المشروع بطريقة غير مشروعة ـ اخفاء ذلك المال باحدى الطرق المعروفة لدى المبيضين ومساعديهم ـ ظهور المال المبيض بعد غسله كما يقال . 1 ـ الحصول على المال غير المشروع : ان هذا العنصر ضرورى لقيام جريمة التبييض , فان كان المال مشروعا فلا تقوم عليه جريمة التبييض , ولذلك فانه يستوجب أن تسبق جريمة التبييض جريمة الحصول على المال غير المشروع . ولا يعتبر مجرد الحصول على المال غير المشروع تبييضا , وانما يمكن أن يتابع الجانى بمجرد حصوله عليه , كاختلاس المال , أو حصوله من عائدات المخدرات , أو غيرهما , فيمكن متابعة الجانى على فعل الحصول وفقا للتكييف القانونى المناسب للجريمة . 2 ـ اخفاء المال أو تمويهه ويتم ذلك وفق عمليات قد تكون مشروعة فى أغلب الاحيان كايداع الاموال احدى المصارف أو البنوك ثم القيام بتحويلها الى نشاط آخر من باب التمويه عليها , كمن يتاجر فى المخدرات ويودع أمواله احدى البنوك ثم يقوم بعمليات استيراد لسلع قانونية بشكل ظاهر فهو قد عمد الى اخفائها أولا لتغيير طبيعتها ثم القيام بأعمال مشروعة بمال غير مشروع . 3 ـ ظهور المال بعد التبييض : هذا الظهور للمال المبيض هو الفيصل فى الجريمة التامة عن الجريمة الناقصة , ولو أن المشرع قد جرم الشروع فى جرائم التبييض , ولكن التبييض لايتم كجريمة كاملة الا بتحويل طبيعة المال غير المشروع , واظهاره فى شكل المال المشروع وهذا هو معنى التبييض . وباستقراء قانون العقوبات الجزائرى نلاحظ بأن المشرع , كما أسلفنا , قد توسع فى نطاق جريمة التبييض , فهى تشمل حسب نص المادة 389 الصور التالية : 1 ـ تحويل الممتلكات أو نقلها مع علم الفاعل بأنها عائدات اجرامية , بغرض اخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لتلك الممتلمات أو مساعدة أى شخص متورط فى ارتكاب الجريمة الاصلية التى تأتت منها الممتلكات على الافلات من آثارها القانونية . 2 ـ اخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للمتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها , مع العلم أنها عائدات اجرامية . 3 ـ اكتساب الممتلكات أو حيازتها أو استخدامها مع علم الشخص القائم بذلك وقت تلقيها أنها تشكل عائدات اجرامية . 4 ـ المشاركة فى ارتكاب أى من الجرائم المقررة وفقا للمادة 389 م , أو التواطؤ , أو التآمر على ارتكابها , ومحاولة ارتكابها , والمساعدة , والتحريض على ذلك , وتسهيله , واسداء المشورة بشأنه . فكل فعل من الافعال المشار اليها أعلاه تشكل جريمة تبييض ويسأل فاعلها على الجريمة الكاملة سواء تم التبييض لحسابه أم لا , وسواء استفاد ماديا من عملية التبييض أو قام بذلك مجانا أو مجاملة .
3 ـ الركن المعنوى لجريمة تبييض الاموال جريمة تبييض الاموال من الجرائم العمدية التى يستوجب توافر القصد الجنائى فيها , ويتحقق القصد الجنائى من خلال العلم بالمصدر غير المشروع للمال المراد تبييضه سواء أكان يدرك الجانى أنه يقوم بعملية تبييض أم لا , فيكفى أنه يساعد مثلا على اخفاء أو تمويه ذلك المال , وهو مايشكل خطوة من خطوات التبيض , وقد أكد المشرع على ضرورة توافر العلم بمصدر المال غير المشروع فى جميع فقرات المادة 389 من قانون العقوبات .
4 ـ عقوبة جريمة تبييض الاموال
أورد المشرع الجزائرى نوعيين من العقوبة على جريمة تبييض الاموال , نوع يتعلق بالاشخاص الطبيعية , ونوع ثان خاص بالأشخاص المعنوية . ا ـ عقوبة الاشخاص الطبيعيين : أورد المشرع عقوبة جريمة تبييض الاموال فى المادة 389 مكرر 1 من قانون العقوبات , فنص على عقوبة الحبس المتراوح بين خمس سنوات الى عشر سنوات والغرامة المقدرة بين 000 000 1 دج الى 000 000 3 دج . وتشدد هذه العقوبة اذا ارتكبت الجريمة على سبيل الاعتياد أو باستعمال التسهيلات الممنوحة لنشاط مهنى أو تمت فى اطار جماعة اجرامية منظمة بالحبس من عشر الى خمس عشرين سنة وغرامة متراوحة بين 000 000 4 الى 000 000 8 دج ـ المادة 389 مكرر 2 ق ع ـ المعدلة بالقانون رقم 06 ـ 23 بتاريخ 20\ 12 \ 2006. وأجاز القانون أن يحكم على الجانى المدان فى جرائم تبييض المال بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية الواردة فى المادة 8 من قانون العقوبات التى تحيل بدورها الى المادة 9 مكرر 1 حسب تعديل القانون 06 ـ 23 المؤرخ فى 20 \ 12\ 2006 , واذا كان المدان أجنبيا مقيما فى الجزائر فقد أجاز المشرع منعه من الاقامة بشكل نهائى فى الجزائر أو منعه منها بشكل مؤقت لاتجاوز عشر سنوات ( المادتين 389 مكرر 5 , 6 ق ع ) . وأوجب القانون على الجهة القضائية المصرحة بحكم الادانة أن تقضى بمصادرة الاموال المشمولة بالتبييض وكذا عائداتها وفوائدها فى أى يد كانت الا اذا أثبت مالكها الجديد أنه يملكها بشكل قانونى أو أنه يجهل مصدرها الغير مشروع وهى تقضى بالمصادرة حتى ولو بقى المجرمون مجهولون كما تقضى بمصادرة كل الوسائل والمعدات المستعملة فى التبييض . وفى حالة ماذا اندمجت عائدات الاموال المبيضة مع أموال مشروعة فانه يقضى بمصادرة مقدار العائدات المبيضة منها . واذا تعذر تقديم الممتلكات موضوع المصادرة فيقضى بعقوبة مالية مساوية لقيمتها , ولذلك وجب على الحكم القضائى تعيين الممتلكات محل المصادرة والتعريف بها وتحديد مكان وجودها بدقة لاتثير اللبس ( المادة 389 مكرر 4 ق ع ) . هذا وقد نصت المادة 389 مكرر 3 على أن الشروع فى جرائم تبييض الاموال يأخذ حكم الجريمة التامة . كما نص المشرع فى القانون رقم 06 ـ 01 فى المادة 42 منه على أن تبييض عائدات كل الجرائم الواردة بقانون محاربة الفساد تطبق عليها عقوبات نفس الجريمة ( المادة 42 ) , كما نص على أن أى اخفاء لذات الجرائم يطبق عيها عقوبة الحبس من سنتين الى عشر سنوات والغرامة المتراوحة بين 200000 الى 1000000 دج ( المادة 43 ) ب ـ عقوبة الاشخاص المعنوية : نظرا الى أن تبيض الاموال قد يتم بدرجة أساسية بتوريط أشخاص معنوية فيه كالمؤسسات المالية أو الشركات أو مكاتب الاستيراد والتصدير أو غيرها من الاشخاص المعنوية , فقد نص القانون على عقوبات توقع على الشخص المعنوى الى جانب عقوبات الاشخاص الطبيعيين . وقد أوردت المادة 389 مكرر 7 العقوبات تلك العقوبات وهى : ـ غرامة مالية لاتقل عن أربعة أضعاف الحد الاقصى للغرامة الوارة فى المادتين 389 مكرر 1 و 2 ـ مصادرة الممتلكات والعائدات التى تم تبييضها , وفى حالة تعذر تقديمها يحكم بقيمتها. ـ مصادرة الوسائل والمعدات التى استعملت فى ارتكاب الجريمة . كما أعطى المشرع امكانية النطق بعقوبات اظافية الى جانب العقوبات أعلاه وذلك بحل الشخص المعنوى أو منعه من مزاولة النشاط لمدة لاتتجاوز خمس سنوات . وكخلاصة يمكن القول بأن المشرع قد اعتمد سياسة جنائية وعقابية رادعة بشأن جريمة تبييض الاموال , ونظرا الى أن الجريمة مالية بالدرجة الاساسية فقد طغت فيها العقوبات المالية المؤلمة على العقوبات البدنية , وهى سياسة يحمد المشرع الجزائرى على انتهاجها .
3 ـ جريمة الرشوة { المواد 25 38 , 40 من القانون 06 ـ 01 }
ينظر إلى فعل الرشوة على أساس أنه جريمتان متلازمتان الاولى ايجابية من قبل الراشى والثانية سلبية من قبل المرتشى , وتستقل كل منهما عن الاخرى فى التجريم والعقاب ,اذ لايعتبر سلوك الراشى اشتراكا فى جريمة المرتشى أو العكس , كما يتصور ان توجد احدى الجريمتين دون الاخرى . تعتبر جريمة الرشوة الى جانب جريمة الاختلاس وتبييض الاموال من أخطر الجرائم التى تنخر هيكل الدولة والمؤسسات العامة بل والخاصة فيها , ولذلك فقد نص عليها المشرع كلها فى قانون الوقاية من الفساد ومكافحته الذى نتناول أحكامه التفصيلية بشأن جريمة الرشوة على التوالى . والجدير بالذكر بداءة بأن المشرع الجزائرى قد اعتنق بنظام الثنائية في القانون رقم 06 ـ 01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته حيث فصل صراحة بين جريمة كل من الراشى والمرتشى كما وقد فصل بين العقوبتين في المواد 28 ـ 40 من ذات القانون اسوة لما هو سائد فى القانون الفرنسى فتقوم الرشوة على صورتين : ـ الصورة الايجابية للرشوة وهى التى تتوافر لدى الراشى بحيث يقوم بعمل ايجابى لتحقيق الجريمة . ـ الصورة السلبية لجريمة الرشوة وهى التى تتوافر لدى المرتشى فيكفى فيها العنصر السلبى
أولاـ جريمة الرشوة السلبية ـ جريمة المرتشى ـ حتى تتحقق جريمة المرتشى لابد من توافر العناصر التالية : ـ الركن المفترض ويتمثل في صفة المرتشى ـ الركن المادى المتمثل في الطلب أو القبول . ـ الركن المعنوى أى توافر القصد الجنائى .
1 ـ الركن المفترض فى جريمة المرتشى
لابد من توافر صفة الموظف لدى المرتشى في جريمة الرشوة , وهى تتوافر لدى الفئات التالية : ـ الموظفون العموميون الجزائريون ومن في حكمهم وقد نصت عليهم المادة 25 من القانون رقم 06ـ 01 ويندرج فيهم موظفو الصفقات العمومية الوارد النص عليهم في المادة 27 من ذات القانون . ـ الموظفون العموميون الاجانب وموظفى المنظمات الدولية العمومية الوارد النص عليهم في المادة 28 من ذات القانون . ـ الموظفون في القطاع الخاص الوارد الاشارة اليهم في المادة 40 من القانون 06ـ 01 وحتى يتحقق هذا الركن بالنسبة للمعنيين فلا بد من توافر شرطين أساسيين وهما : الشرط الاول : ثبوب الصفة وقت الرشوة فلا تقوم جريمة الرشوة الا اذا ثبت بان المرتشى كان وقت ارتكابه للجريمة من فئة أحد الاشخاص المشار اليهم أعلاه , ولذلك فان الجريمة لاتقوم اذا ثبت أن المعنى قد فقد وظيفته بالاستقالة أو الاقالة قبيل ارتكاب الجريمة . أما الموظف الذى يقبل الرشوة ويكون تعيينه غير صحيح بسبب عيب أو خطأ فان العبرة ماذا كان ذلك من شأنه التأثير على القيام بالوظيفة من عدمه فان لم يكن مانعا من الوظيفة فتتحقق جريمة الرشوة بالنسبة له , أما اذا كان من شأن ذلك أن يمنعه من أداء وظيفته فانه لاتتحقق بالنسبة له جريمة الرشوة بل جريمة النصب وانتحال الصفة . الشرط الثانى : ثبوت الاختصاص بالعمل تقوم جريمة الرشوة على اساس أن مادفعت من أجله الرشوة يندرج ضمن الاختصاص الوظيفى للموظف , على أن ذلك يعنى بان العمل المطلوب القيام به يندرج ضمن اختصاصه ولو كان بشكل جماعى بحيث يكون له افادة الراشى بوجوده بتلك الصفة , ويستوى أن يكون مقابل دفع الرشوة القيام بعمل معين أو الامتناع عن القيام ببعض الاعمال كعدم تحصيل حق للدولة مثلا . والقانون يلحق بمجال الاختصاص بعض الافعال التى لايكون المرتشى مختصا بها أصلا ولكنه يستطيع بحكم وظيفته تحقيق المطلوب منه بسبب وظيفته . 2 ـ الركن المادى لجريمة المرتشى
لقد حددت المادة 25 / 2 من القانون 06 ـ 01 الافعال التى تقوم عليها جريمة الرشوة بقولها { كل موظف عمومى طلب أو قبل بشكل مباشر أو غيرمباشر , مزية غير مستحقة , سواء لنفسه أو لصالح شخص آخر أو كيان آخر لأداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل من واجباته } وبالتالى فان عناصر الركن المادى لجريمة الرشوة تنحصر في احدى المسائل التالية : ا ـ الـطـلـب وهو تعبير بأى شكل من الاشكال يصدر عن الموظف المختص يطلب فيه افادته بالرشوة مقابل أداء العمل أو الامتناع عنه , فيجوز أن يكون الطلب بالقول أو الكتابة أو الاشارة , على أن يصل ذلك إلى علم صاحب الحاجة ويكفى لتتحقيق الطلب , سواء سبقه عرض من صاحب المصلحة أو لم يسبقه , بل ان جريمة الرشوة تتحقق بمجرد الطلب حتى ولو رفض صاحب المصلحة أداء الرشوة , كما يستوى أن يطلب المرتشى المصلحة لنفسه أو لغيره كمن يوهم الغير بان تلك الرشوة للمسؤول أو للمدير أو للقاضى أو غيره , ويستوى أيضا أن يطلب الموظف الرشوة بنفسه أو يوكل عنه من يقوم بذلك ـ وسيط ـ يتفاوض عنه ويحل محله .
ب ـ الـقــبول كما يمكن أن تظهر جريمة الرشوة من خلال قبولها حتى ولو لم يسبقها طلب من المعنى , ولكنه قبلها لما قدمت له , فقبولها يشكل ركنا ماديا للجريمة , يستوى ان يقبض المرشو به أم لا كمن يعد بتقديم سيارة أو شىء آخر نظير القيام بالعمل أو الامتناع عنه فيحقق له الموظف رغبته على أمل أن يقوم لاحقا بتحقيق ماوعد به . الشروع في الجريمة : قد يتصور الشروع في جريمة الرشوة في صورة الطلب الذى لم يبلغ إلى الراشى , أو طلبها أو قبولها قبل القيام بالعمل , مما يدلل على نية اجرامية لدى الموظف يمكن أن يؤاخذ عليها جزائيا , أو في حالة ماذا خاب أثر الجريمة بظرف خارج عن ارادة المرتشى كصورة الجريمة الموقوفة مثلا و فيعاقب الجانى وفقا للقواعد العامة المقررة لحالة الشروع .
3 ـ الركن المعنوى لجريمة المرتشى جريمة الرشوة جريمة عمدية يتحقق الركن المعنوى فيها بتوافر القصد الجنائى من خلال مقتضيات عنصرى العلم والارادة : 1 ـ العلم : يجب أن يحيط علم الجانى ـ الموظف ـ بأحكام الجريمة بحيث يعلم بان مايقوم به من عمل هو مخالف للقانون , وهو الامر المفترض في الجانى , وكما انه يعلم بأنه موظف يضطلع بوظيفته طبقا للقانون , وأن مايراد القيام به انما هو يندرج ضمن اختصاصه أو في حدود استطاعته القيام به وظيفيا , كما انه يعلم بأن ماقدم له انما هو نظير مايقوم به من عمل لفائدة خاصة . وفى انتفاء احدى الملابسات المتقدمة يثقور التساؤل عن توافر القصد الجنائى لدى الفاعل من عدمه. 2 ـ الارادة : اذا علم الموظف بأركان الجريمة ومع ذلك اتجهت ارادته الى ارتكابها , فطلب الرشوة , أو قبلها بدافع تملكها ,فان الركن المعنوى يتحقق لديه . أما من تظاهر بقبولها قصد الايقاع بالجانى فلا يتحقق الركن المعنوى بالنسبة له . ويشترط توافر القصد الجنائى لحظة تنفيذ الركن المادى للجريمة فلا عبرة به بعد وقوع الفعل المادى فمن قبل هدية من قريب أو صديق اتضح له فيما بعد بأنها رشوة , فلا تتحقق بالنسبة له جريمة الرشوة .
ثانيا : الرشوة الايجابية { جريمة الراشى } نصت على هذه الجريمة المادة 25 من القانون 06ـ 01 المتعلق بالوقاية من الفساد التى جعلت الجريمة تقوم في ركنها المادى من خلال كل وعد أو عرض أو منح بشكل مباشر أو غير مباشر في شكل مزية أو أجرة أو منفعة بل وان مجرد الوعد بذلك يعد كافيا لتحقيق الجريمة . 1ـ الركن المادى لجريمة الراشى
بالنظر إلى المواد 25ـ 28 ـ 40 من القالنون 06ـ01 فانه يكفى توافر اساليب الترغيب بالوعد والاغراء وتحريض الموظف على القيام بخدمة معينة أو الامتناع عنها , مقابل الوعد أو العطايا أو الهبات أو الهدايا , ويستوى أن تكون الاشياء المقدمة أو الموعود بها أموالا مادية أو منافع , ومهما كانت قيمتها , فيكفى انها ترضى الموظف وتغريه باخلال واجبات وظيفته . 2 ـ الركن المعنوى للجريمة الراشى تهدف جريمة الرشوة إلى تحقيق مصلحة شخصية للراشى أو للغير , فتحقيق تلك المصلحة هو الغرض من دفع الرشوة , وبالتالى فان القصد الجنائى في جريمة الرشوة انما يرتبط وجودا وعدما مع تلك المصلحة المراد تحقيقها سواء لنفسه أو لغيره , بل ان القصد الجنائى يتحقق حتى ولو كان الغرض من دفع الرشوة هو الحاق الاذى والضرر بالغير , كمن يرشى ليضر مصالح منافسه في التجارة أو الصفقات أو غير ذلك .
4 ـ عقوبة جريمة الرشوة لقد نصت المادة 25 من القانون 06ـ 01 على عقوبة رشوة الموظفين العموميين بعقوبة الحبس التى تتراوح بين سنتين و 10 سنوات والغرامة من 200000 ال 1000000 دج وقد نص على عقوبة الرشوة في الصفقات العمومية في المادة 27 من ذات القانون ففرض لها عقوبة الحبس المتراوح بين 10 و20 سنة والغرامة من 1000000 إلى 2000000 دج اما الموظفين العموميون الاجانب وموظفو المنظمات الدولية فعقوبتهم الحبس المتراوح بين سنتين و 10 سنوات والغرامة المتراوحة بين 200000 و 1000000 اما الرشوة في القطاع الخاص فقد أوردتها المادة 40 من القانون المذكور , فجعلت العقوبة تتراوح بين 6 أشهر و5 سنوات والغرامة من 50000 إلى 500000 ونصت المادة 48 من القانون المذكور على اعتبار ممارسة مهنة القاضى أو الضابط العمومى أو عضو في الهيئة القضائية أو ضابط أو عون شرطة قضائية أو من يمارس بعض صلاحيات الشرطة القضائية أو موظف أمانة الضبط كل تلك الاوصاف تعتبر ظروفا تشدد العقوبة عليهم بالحبس من 10 إلى 20 سنة . كما نصت المادة 42 على الاعفاء في حالة التبليغ عن الجريمة إلى السلطات الادارية أو القضائية , كما يمكن تخفيف العقوبة على من ساهم في القبض على المتهم ولو كان قد ارتكب أو شارك في الجريمة م 50 . وقد نصت المادة 52 على أن كل من شارك أو شرع في الجريمة يعاقب وفقا لاحكام الشروع العامة ونصت المادة 53 على أن الشخص الاعتبارى مسؤول جزائيا على الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 06/01 .
| |
|