ثانيا ـ النظرية الشخصية : (*2)
ويرى القائلون بهذه النظرية، أن نطاق القانون التجاري يتحدد تحديدا شخصيا، حيث أن أصله قانون مهني، ينظم نشاط من يحترفون مهنة التجارة دون سواهم، ولذلك فإنه وفقا لهذه النظرية يجب تحديد المهن التجارية على سبيل الحصر بحيث يعتبر القانون كل من احترف مهنة تجارية يعتبر تاجرا، يخضع في نشاطه للقانون التجاري، وعلى ذلك فإن عنصر الاحتراف في مفهوم هذه النظرية يعتبر المعيار الذي يحدد نطاق القانون التجاري.
وقد يكون عنصر الاحتراف مطاطا في مفهومه وتحديده، لذلك لجأت بعض القوانين كالقانون الألماني باشتراط القيد في السجل التجاري كشرط لازم ولاكتساب صفة التاجر أنظر أكثم أمين الخولي المرجع السابق صفحة 7 حيث يقول " ويظهر طابع الشخص للقانون الألماني هنا في أن أعمال هذا الفريق من التجار، ويسمون التجار بالقيد في السجل التجاري في مباشرة حرفتهم لا تعتبر تجارية ولا تخضع للقانون التجاري إلا لصدورها ممن قيد في سجل بحيث تكون مدينة لو صدرت من شخص غير مقيد.
ويبرر أنصار هذه النظرية رأيهم في أن القانون التجاري في أصل نشأته يرجع إلى العادات والقواعد والنظم التي ابتدعها وطبقها أصحاب الحرف التجارية الأمر الذي أصبح به القانون التجاري قانونا مهنيا وأنه على الرغم من إلغاء نظام الطوائف، وانتشار مبدأ الحرية الاقتصادية الذي يعني الحق لكل شخص في مزاولة ما يشاء من النشاط إلا أن القواعد التجارية ظلت مستقرة كما كانت عليه في مجتمع التجار الطائفي وكذلك أبقت التشريعات الحديثة على المحاكم التجارية تزاول اختصاصها في الفصل في المنازعات التجارية دون سواها.
* موقف القانون الجزائري :
إذا نظرنا إلى القانون الجزائري الصادر بالأمر رقم 59 لسنة 1975 نجد أن المادة الأولى منه تنص على أن " يعد تاجرا كل من يباشر عملا تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له " وقضى في المادة الرابعة بأن " يعد عملا تجاريا بالتبعية، تلك الأعمال التي يقوم بها التاجر والمتعلقة بممارسة التجارة أو حاجات متجرة والالتزامات بين التجار ".
وعلى الرغم من أن المشرع الجزائري أخذ هذين النصين بالنظرية الشخصية إلا أنه لم يلبث أن أخذ بالنظرية الموضوعية حين عدد الأعمال التجارية بحسب موضوعها في المادة الثانية، والأعمال التجارية بحسب الشكل في المادة الثالثة.
وفضلا عن أن المشروع الجزائري حدد في هذه المواد الأربع مجال ونطاق تطبيق القانون التجاري، فإنه نظم بنصوص واضحة الأحكام التي تسري على التجار دون سواهم كمسك الدفاتر التجارية والقيد في سجل التجاري وملاكا ذلك.
ولهذا فإننا نرى أن المشرع الجزائري أخذ بمذهب مزدوج، حيث لا نجد قواعده جميعا من طبيعة واحدة، وإنما استلهمت بعض أحكامه النظرية الشخصية، والبعض الآخر اعتنقت النظرية الموضوعية.
ـ ثالثا ـ مصادر القانون التجاري :
كلمة مصدر تعني المنبع بصفة عامة وللقانون عدة مصادر أو منابع استقى منها أساسه هو المصدر الموضوعي أو المادي والمصدر التاريخي والمصدر الرسمي والمصدر التفسيري ويقصد بالمصدر المادي أو الموضوعي للقانون الظروف الاجتماعية التي استمد منها نشأته على خلاف المصدر التاريخي الذي يمثل الظروف التاريخية التي تكون عبرها القانون ويقصد بالمصدر الرسمي للقانون المصدر الذي تستمد منه القاعدة قوتها الملزمة على خلاف المصدر التفسيري الذي لا يلزم القاضي بالرجوع إليه إنما يلجأ له من قبيل الاستئناس وللقانون التجاري بصفة عامة كبقية فروع القانون عدة مصادر نقتصر منها على المصادر الرسمية والمصادر التفسيرية وهي الفقه والقضاء باعتبارهما مصدرين تفسيريين يلجأ إليها القاضي إذا أعوزه التشريع ومبادئ الشريعة الإسلامية والعرف.
ـ أولا ـ التشريع :
التشريع يجيء في المرتبة الأولى بين مختلف المصادر وعلى القاضي أن يرجع إليه أولا ولا يرجع إلى غيره من المصادر إلا إذا لم يجد نصا تشريعيا يطبق على الحالة المعروضة.
ويمثل التشريع كمصدر من مصادر القانون التجاري فيما يلي :
أ) ـ المجموعة التجارية :
ويقصد بها قواعد وأحكام القانون التجاري الصادر عام 1975. (*1)
ب) ـ المجموعة المدنية :
ويقصد بها قواعد وأحكام القانون المدني الصادر عام 1975.
فالقاعدة الأساسية أن نصوص المجموعة التجارية هي التي تحكم أصلا المواد التجارية على أنه إذا لم يرد في هذه القوانين التجارية نصوص خاصة بعلاقات معينة تعين الرجوع إلى أحكام القانون المدني بإعتباره الشريعة العامة التي تنظم جميع العلاقات سواء كانت تجارية أو مدنية فكما سبق أن ذكرنا تعتبر أحكام وقواعد القانون التجاري استثناء من أصل عام يجب الرجوع إليه في كل حالة لا يحكمها نص خاص وإذا فرض ووجد تعارض بين نص تجاري ونص مدني وجب أن يغلب النص التجاري مهما كان تاريخ نفاده وذلك تطبيقا للقاعدة التفسيرية التي تقضي بأن النص الخاص يغلب على النص العام بشرط أن يكون كلا النصين على درجة واحدة فإذا كان أحدهما نصا آمرا والآخر مفسرا وجب الأخذ بالنص الآمر لأنه نص لا يجوز الاتفاق على مخالفته.
ـ ثانيا ـ الشريعة الإسلامية :
اعتبر القانون المدني الجزائري في مادته الأولى مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرسمي الثاني بعد التشريع وقبل العرف ومعنى ذلك أن القاضي وهو يفصل في منازعة تجارية إذا لم يجد حكمها في النصوص التشريعية فعليه الرجوع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية والمقصود بهذه المبادىء القواعد المستقاة من القرآن الكريم والسنة والإجماع والاجتهاد.
ـ ثالثا ـ العرف :
العرف التجاري هو ما درج عليه التجار من قواعد في تنظيم معاملاتهم التجارية بحيث تصبح لهذه القواعد قوة ملزمة فيما بينهم شأنها شأن النصوص القانونية وإذا كان التشريع دائما مكتوبا فإن العرف غير مدون كما أن هذا الأخير هو قانون تلقائي لا إرادي على عكس التشريع الذي يعتبر مصدر إراديا ومقصودا ويبدأ العرف تكوينه عندما يتفق اثنان على تنظيم تصرف ما على وجه معين ثم يتبع باقي الأشخاص نفس هذا التنظيم فيما يتعلق بهذا التصرف فترة من الزمن لدرجة أنهم يشعرون بأنه أصبح ملزما لهم دون النص عليه. فهو في الواقع نوع من الاتفاق الضمني على ضرورة إتباع قواعد معينة في حالات معينة على أن ذلك لا يعني أن العرف واجب التطبيق إذا ما انصرفت إرادة الأفراد إليه فقط بل إنه واجب التطبيق طالما لم تتجه إرادة المتعاقدين إلى استبعاده حتى ولو ثبت عدم علم الأطراف به.
ذلك لأن العرف يستمد قوته الملزمة من إيمان الجميع به واعتباره حكما عاما كالتشريع تماما.
ويتمتع العرف في مجال القانون التجاري بمكانه كبيرة عن بقية فروع القانون الآخر وذلك رغم ازدياد النشاط التشريعي وازدياد أهميته ذلك أن هذا الفرع من القانون نشأ أصلا نشأة عرفية ولم يدون إلا في فترة متأخرة عن بقية فروع القانون .
والعرف قد يكون عاما متبعا في الدولة بأسرها وقد يكون محليا ويقع على الخصوم عبء إثبات العرف وقد جرى العمل على استخراج شهادات من الغرف التجارية بوجوده ومن الأمثلة على العرف التجاري قاعدة افتراض التضامن بين المدينين بديون تجارية إذا تعددوا خلافا للقاعدة العامة المنصوص عليها في القانون المدني (2/7 مدني جزائري) والتي تقضي بأن التضامن لا يفترض وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون .
يعتبر العرف التجاري تاليا في المرتبة والشريعة الإسلامية بمعنى أنه للقاضي الأخذ به في حالة عدم وجود نص تشريعي أو حكم من الشريعة الإسلامية يحكم العلاقة المعروضة.
وبناءا على ما سبق إذا ما عرض نزاع تجاري، على القاضي الجزائري أن يتبع الترتيب التالي في تطبيقه لقواعد القانون.
1) ـ النصوص الآمرة الموجودة بالمجموعة التجارية.
2) ـ النصوص الآمرة الموجودة بالقانون المدني.
3) ـ مبادئ الشريعة الإسلامية.
4) ـ قواعد العرف التجاري.
5) ـ العادات التجارية.
6) ـ النصوص التجارية المفسرة.
7) ـ النصوص المدنية المفسرة.
أما ما يتفق عليه صراحة أطراف النزاع فيأتي قبل التشريع أو العرف إن لم يكن حكما آمرا.
* المصادر التفسيرية :
يقصد بمصادر القانون التفسيرية المصادر التي يتمتع القاضي إزاءها بسلطة اختيارية إن شاء رجع إليها للبحث عن حل النزاع المعروض أمامه دون إلزام عليه بإتباعها فالمصادر التفسيرية على خلاف المصادر الرسمية مصادر اختيارية.
إن شاء رجع إليها للبحث عن حل النزاع أمامه دون إلزام عليه بإتباعها ويعتبر القضاء والفقه من المصادر التفسيرية.
1 ـ القضاء :
يقصد بالقضاء مجموعة الأحكام الصادرة من مختلف المحاكم في المنازعات التي عرضت عليها كما يقصد بها مدة الحجية التي تتمتع بها هذه الأحكام وهو ما يطلق عليه السابقة القضائية وهذه الأخيرة تمثل الأحكام التي تصدر في المسائل القانونية الجديدة ذات الأهمية الخاصة والتي لم يرد حلها في القانون ويعتبر دور القضاء بالنسبة لهذه السوابق دور خلاق يوسع بمقتضاها نطاق تطبيق القانون حيث تؤدي إلى حلول لموضوعات مماثلة لما صدرت بشأنها في المستقبل ويلاحظ أن دور القضاء في الجزائر كما هو الحال في التشريعات الأوربية حيث يسود فيها التشريع يقتصر على تفسير القاعدة القانونية دون خلقها ذلك أن القضاء لا يعتبر مصدرا للقانون بالمقارنة إلى مصدر التشريع.
فاختصاص القاضي الجزائري هو تطبيق للقانون في الحالات المعروضة عليه دون أن تكون لأحكامه قيمة القاعدة الملزمة.
ويختلف موقف القضاء في القانون الإنجليزي والبلاد الأنجلوسكونية بصفة عامة حيث تسود قاعدة السابقة القضائية والتي بمقتضاها تلزم المحاكم في أحكامها بما سبق أن صدر من جهات قضائية أخرى سواء كانت أعلى درجة منها أو مساوية لها ويترتب على ذلك اعتبار القضاء وفقا لهذا النظام مصدرا ملزما للقانون.
2 ـ الفقه :
يقصد بالفقه مجموعة آراء الفقهاء في هذا الفرع من القانون بشأن تفسير مواده فالفقهاء يقومون باستنباط الأحكام القانونية من مصادرها بالطرق العلمية نتيجة تكريس جهودهم لدراسة هذا الفرع من فروع القانون والرأي السائد أن الفقه لا يعتبر مصدرا للقانون حيث تقتصر وظيفته على مجرد شرح القانون شرحا علميا بدراسة النصوص القانونية وما يربطها من صلات ثم استنتاج مبادئ عامة في تطبيقات مماثلة وذلك دون أن يكون مصدرا ملزما للقاضي.
وقد ساعد الفقه كثيرا في تطوير مواد القانون التجاري نتيجة نقد الحلول القانونية والقضائية وإبراز مزاياها وعيوبها وما بها من تناقض وأدى ذلك إلى سرعة مسايرة مواد القانون للتطور في المواد القانونية.
سنتناول بالبحث الأعمال التجارية والمحل التجاري والإفلاس والتسوية القضائية و الأوراق التجارية.
- خطة البحث ـ
المبحث الأول: أهمية التفرقة بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية .
عرفنا مما سبق أن القانون التجاري يختلف عن القانون المدني من حيث مجاله
( يحكم الأعمال التجارية والتجار) ، ومن حيث مصادره .
إن الاختلاف القائم ما بين القانونين منا وضع اليد على أهم المسائل الجهوية التي يظهر فيما هذا الاختلاف ، والتي تتمثل بصفة أساسية في :
1 ـ الإثبات .
2 ـ الاختصاص القضائي .
3 ـ التضامن .
4 ـ الإعذار .
5 ـ مهاة الوفاء ( نظرة الميسرة ) .
6 ـ حوالة الحق .
7 ـ الإفلاس .
8 ـ صفة التاجر .
1) ـ الإثبات : إذا كان الإثبات في المسائل المدينة محدد ، ونذكر في هذا المجال مثلا :
* عدم جواز الإثبات بالبنية ، إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمة على ألف دينار جزائري أو كان غير محدد القيمة .
* لا يجوز الإثبات بالبنية ، ولو لم تزد القيمة على ألف دينار جزائري فيما يخالف أو يجاوز ما أشمل عليه مضمون عقد رسمي .
* إن المحررات العفوية لا تكون حصة على الغير في تاريخها إلا منذ أن يكون لها تاريخ ثابت ثبوتا رسميا .
أما الإثبات في المواد التجارية فلا يعرف مثل هذه القيود ، حيث أجاز المشرع الإثبات بالبنية والقوائن مهما كانت قيمة التصرف . كما يجوز الاحتجاج بتاريخ المحورات العفوية على غير أطرافها ولو لم يكن هذا التاريخ ثابتا . كما أنه وإن كان من المزيد أن لا يجوز للشخص أن يشيئ دليلا لنفسه، فقد أجاز المشرع لخصم التاجر أي يحتج بتاريخ بما ورد بدفاتر خصمه لإثبات حقه .
والسبب في الخروج عنه القواعد العاملة في المجال الإثبات في المسائل التجارية مرجعه إلى رغبة المشرع في تقوية الاعتبارات التي أملتها الثقة والائتمان والسرعة والمدونة التي تنطبع الأعمال التجارية .
2) ـ الاختصاص : تخصص بعض الدول جهات قضائية خاصة تتكفل بالفصل في المنازعات التجارية .
هذا التخصيص تمليه الاعتبارات المتعلقة بطبيعة المعاملات التجارية ، التي تستلزم الفصل فيما على وجه السرعة وبإتباع إجراءات غير تلك المتبعة أمام المحاكم العادية . وتكون في هذه الحالة أمام محاكم تجارية.
أما بالنسبة للجزائر ، فإن المشرع لم يأخذ بنظام القضاء المتخصص . وبذلك فإنه لم يوجد جيهاتا قضائية تجارية .
وقد منح الاختصاص في المواد التجارية للمحاكم العادية ، التي تتولى الفصل في المنازعات التجارية.
فالمحاكم في النظام الجزائري هي الجهات القضائية الخاصة بالقانون العام ، فهي تفصل في جميع القضايا المدنية والتجارية أو دعاوي الشركات التي تختص بها محليا.
على أن الاختصاص يعود للمحاكم الابتدائية الكائن مقرها بالمجالس القضائية ، دون سواها ، في المسائل التالية :
ـ الحجز العقاري .
ـ تسوية قوائم التوزيع .
ـ حجز السفن .
ـ تنفيذ الحكم الأجنبي .
ـ بيع المتاع .
ـ معاشات التقاعد الخاصة بالعجز .
ـ المنازعات المتعلقة بحوادث العمل .
ـ دعاوي الإفلاس أو التسوية القضائية .
ـ طلبات بيع المحلات التجارية المثقلة يقيد الرهن الحيازي .
هذا من حيث الاختصاص الموضوعي ، أما فيما يخص الاختصاص الإقليمي فإن الاختصاص ينعقد على النحو التالي :
ـ في الدعاوي العقارية أو الأشغال المتعلقة بالعقار أو دعاء الإيجارات المتعلقة بالعقار، وإن كانت تجارية ، أمام المحكمة التي يقع العقار في دائرة اختصاصها.
ـ في مواد الإفلاس أو التسوية القضائية أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان افتتاح الإفلاس أو التسوية القضائية .
ـ في الدعاوي المتعلقة بالشركات ، بالنسبة لمنازعات الشركات أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها المركز الرئيسي للشركة .
ـ في مواد الحجز ، سواء كان بالنسبة للإذن في الحجز أو بالإجراءات التالية له ، أمام محكمة المكان الذي تم فيه الحجز .
ونصت المادة 9 من القانون المدني ، على أنه يجوز أن توقع الدعوى إما أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصه موطن المدعي عليه أو مسكنه وإما أمام الجهة أو الجهات القضائية التالية :
ـ في الدعاوي التجارية ، غير الإفلاس والتسوية القضائية ، أمام الجهة القضائية التي وقع في دائرة اختصاصها الوعد بتسليم البضاعة أو أمام الجهة القضائية التي يجب أن يتم الوفاء في دائرة اختصاصها .
ـ في حالة اختيار الموطن ، أمام الجهة القضائية للوطن المختار .
ـ في الدعاوي المرفوعة ضد شركة ، أمام الجهة القضائية ، التي تقع في دائرة اختصاصها إحدى مؤسساتها .
يتضح مما سبق أن المحاكم العادية هي التي يعود لها الاختصاص بالنسبة للمنازعات التجارية . وفي الواقع العملي جرى العمل على تخصيص دوائر تجارية ، على رأسها قضاء لهم خبرة في هذا المجال ، تتولى الفصل في المنازعات التجارية .
إلا أن هذه الممارسة لا تجعلنا أمام قضاء تجاري مستقل ، بحيث يفتح لنا المجال بالدفع بعدم الاختصاص بمعناه القانوني .
3) ـ التضامن : تعد قاعدة التضامن بين المدينين في حالة تعددهم من القواعد التي استقرت في المسائل التجارية ، فاحترامها القضاء وطبقها .وذلك تدعيما لعنصري الثقة والائتمان في المعاملات التجارية .
أما في المعاملات المدينة فإن قاعدة التضامن لا توجد إلا بأقوامها بنص أو باتفاق .
ويجوز في المسائل التجارية إبعاد قاعدة التضامن في أي تعامل ، ما لم يكن هناك نص آمر، يقضي بوجوب قيام التضامن بين المدينين . ومثال ذلك نص المادة 551 من القانون التجاري الجزائري التي تقضي بأن الشركاء بالتضامن صفة التاجر ، وهم مؤولون من غير تحديد وبالتضامن عن ديون الشركة.
4) ـ الإعذار : إن تنبيه الدائن للمدين ، يعد حلول آجل الوفاء بالدين ، مع تسجيل تأخره عن الوفاء ، يعوق بلإعذار . وفي هذه الحالة و يحمله ما يترتب عن هذا التأخير ، خاصة مسؤولة عن كل ضرر ينشأ عنه مستقبلا .
والإعذار في المعاملات المدينة لابد أن يتم بورقة رسمية تعلن بواسطة أدوات القضاء . أما في المسائل التجارية فقد جرى العرف على أنه يكفي أن يتم الأعذار بخطاب عادي دون حاجة إلى أي ورقة من الأوراق القضائية . كل ذلك من أجل تحقيق السرعة التي تتميز بها المعاملات التجارية .
5) ـ مهلة الوفاء : إذا عجز المدين يدين مدني عن الوفاء به في الميعاد ، جاز للقضاء أن ينظره إلى أجل معقول أو آجال ينفذ فيها إلزامه، إذا استدعت حالته ذلك ، ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر( المادة 210 من القانون المدني ).
أما القانون التجاري فلا يعطي مثل هذه السلطة للقاضي نظرا الآن ما تحتمه طبيعة المعاملات التجارية وما تقدم عليه من سرعة وثقة تقتضي من التاجر ضرورة الوفاء بدينه في الميعاد وإلا كان ذلك سببا في إثمار إفلاسه .
6) ـ حوالة الحق : تقتضي المادة 241 من القانون المدني الجزائري على أنه لا يحتج بالحوالة قبل المدين ، أو أجز بها بإعلان غير قضائي ، غير أن قبول المدين لا يجعلها نافذة قبل الغير إلا إذا كان هذا القبول ثابت التاريخ .
أما القانون التجاري فإنه لا يشترط شيئا من ذلك ، ولهذا تجوز حوالة الحق الثابتة في الأوراق التجارية بمجرد التوقيع عليها بما يفيد انتقالها ، وبناء على ذلك ، يحصل تداول السفتجة والشيكات والسندات الإذنية بمجرد تظهيرها أي التوقيع عليها ، بما يفيد تحويلها أو حتى بمجرد تسليم السند إذا كان حامله .
7) ـ الإفلاس : لا يجوز شهر الإفلاس التاجر إلا إذا توقف عن دفع ديونه التجارية ، أما إذا توقف عن دفع دين مدني ، فلا يجوز شهر إفلاسه ، وإذا أجاز القانون للدائن بدين مدني أي يطلب شهر إفلاس التاجر ، إلا أنه يجب أن يثبت أن التاجر قد توقف عن دفع دين تجاري عليه ، فإذا صدر حكم يشهر الإفلاس تلافع يد التاجر عن إدارة أمواله والتصرف فيها ، ويدخل جميع الدائنين في الإجراءات ويعين وكيل عنهم تكون مهمته تصفية أموال المفلس وتوزيع الناتج منها بين الدائنين كل بحسب قيمة دينه ، وبذلك تتحقق المساواة بينهم .
أما المدين المادي فإنه يخضع لأحكام القانون المدني ( المادة 177 إلى 202 ) التي لا تتم بالشدة والصرامة التي يتصف بها نظام الإفلاس . فليس في المسائل المدينة حل يد المدين عن التصرف في أمواله وتصفيتها تصفية جماعية وتوزيع ثمنها على الدائنين .
ـ صفة التاجر : التاجر هو الشخص الذي يباشر عملا تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له ، وذلك ما نصت عليه المادة 1 من القانون التجاري ومن يصبح تاجرا ، يخضع لإلزامات التجار ، خاصة منها القيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية ، كما يخضع لنظام الإفلاس . المبحث الثاني : الأعمال التجارية في القانون التجاري الجزائري
رأينا أن المشرع الجزائري قد عدد الأعمال التجارية من المواد من الثالثة إلى الرابعة من القانون التجاري ، ومعنى ذلك أن هذه الأعمال هي التي حسم المشرع تحديد طبيعتها . ولم يعد ثمة شك في صفتها التجارية ، حيث أصبغ عليها المشرع بنص صريح هذه الصفة ولا يجوز للأفراد مخالفة هذا الوصف وإلا يتعرض للسجلات ، باعتبار أن المشرع أراد إخضاع العمل لنظام قانوني معين ، هو القانون التجاري فلا يجوز لهم إخضاعه لنظام قانوني آخر ، ولذلك فإن وصف العمل والفصل في تحديد طبيعته والنتائج المترتبة على ذلك تعتبر مسألة قانونية تخضع لوقاية محكمة النقض .
إلا أننا نلاحظ أن المشرع الجزائري ، في التعداد الذي وضعه لم يتبع معيارا ثابتا . فأحيانا يعتبر العمل تجاريا ولو وقع منفردا ، وتارة أخرى يشترط مباشرة العمل على وجه المقاولة ، بحيث أنه لو تم مباشرة نفس العمل بصفة منفردة لما اعتبر تجاريا .
على أنه يجب اعتبار الأعمال التجارية التي نص عليها المشرع الجزائري واردة على سبيل المثال لا الحصر ، وذلك ما يفهم صراحة من نص المادة الثانية من قولها " يعد عملا تجاريا بحسب موضوعه ..." لأن المشرع لو أراد اعتبار الأعمال التجارية التي عددها على سبيل الحصر ، لكانت الصياغة كما يلي:
الأعمال التجارية بحسب موضوعه حي ... ،. وعليه فإن الرأي الراجح في هذا المجال هو جواز الاجتهاد في القياس على هذه الأعمال وإضافة غيرها إليها.
هذا بالنسبة للأعمال التجارية حسب موضوعها ، ثم تناول المشرع الجزائري فئة من الأعمال اعتبرها أعمالا تجارية من حيث الشكل ( المادة 3 ) ، وطائفة ثالثة من الأعمال اعتبرها تجارية بالتبعية
( المادة 4) .
وعلى ذلك تقسم الأعمال التجارية في التشريع الجزائري على النحو التالي :
1 ـ الأعمال التجارية بحسب موضوعها .
2 ـ الأعمال التجارية بحسب شكلها .
3 ـ الأعمال التجارية بالتبعية .
4 ـ الأعمال المختلطة .
1) ـ الأعمال التجارية بحسب موضوعها :
وهي تلك الأعمال التي تعتبر تجارية بصرف النظر عن الشخص القائم بها ، ومعظم هذه الأعمال تتعلق بتداول المتقولان ، من مأكولات وبضائع وأوراق مالية ، وتصدر بقصد تحقيق الربح ، والبعض منها اعتبره القانون تجاري بالرغم من عدم تعلقه بتداول الثروات . ثم إن من هذه الأعمال ما يعتبر تجاريا ولو وقع منفردا والبعض منها لا يكون تجاريا إلا إذا صدر على وجه المقاولة .
وسنتناول فيما يلي الأعمال التجارية حسب موضوعها في نصوص القانون التجاري الجزائري ، سواء تلك التي تقع منفردة أو تلك التي تتم ممارستها على سبيل المشرع .
أ ـ الأعمال التجارية المنفردة :
تشمل الأعمال التجارية المنفردة ،
* شراء المنقولات لإعادة بيعها بعينها أو بعد تحويلها وشغلها .
* شراء العقارات لإعادة بيعها .
* العمليات المصرفية وعمليات الصرف والسمرة .
* عمليات الوساطة لشراء وبيع العقارات والمحلات التجارية والقيم العقار .
ب ـ الأعمال التجارية على وجه المقاولة :
عددت المادة الثانية من القانون التجاري الجزائري الأعمال التي لا تكتسب الصفة التجارية إلا إذا وقعت على سبيل المقاولة ، والمقاولات التي اعتبرها المشرع الجزائري تجارية هي :
* تأجير المنقولات أو العقارات .
* البناء أو الحفر أو تمهيد الأراضي .
* استغلال المناجم السطحية أو مقالع الحجارة أو المنتجات الأرض الأخرى .
* استغلال النقل أو الانتقال .
* التأمينات .
* بيع السلع الجديدة بالمزاد العلني بالجملة أو الأشياء المتعلقة بالتجزئة .
* الإنتاج أو التحويل أو الإصلاح .
* التوريد أو الخدمات .
* استغلال الملاحي العمومية أو الإنتاج الفكري .
* استغلال المخازن العمومية .