الأستاذ الدكتور عمار بوضياف
كلية الحقوق والعلوم السياسية.
قسم الدراسات العليا
محاضرات
الأستاذ الدكتور عمار بوضياف
عقد الامتياز ودوره في تطوير العلاقة بين الإدارة المحلية والقطاع الخاص
مقدمة
لقد
بات واضحا في كل الدول وبعد انتهاج سياسات اقتصادية كثيرة ومتنوعة
أنالنهوض بأعباء التنمية الشاملة في أي دولة لا يمكن أن يضطلع به
القطاعالعام لوحده أيا كانت وسائله البشرية والمادية ، بل ينبغي لضمان أطر
ناجحةإفساح المجال للقطاع الخاص ليساهم في بناء الحركة التنموية ويدفع بها
إلىالأمام.
وترسخ الاعتقاد في كل الدول أن السياسة التنموية
الهادفة والجادة هي التيتسعى إلى الرفع من المستوى المحلي و تهدف إلى جعل
الجماعة المحلية البنيةالأساسية للتنمية وقطب إشعاع اقتصادي واجتماعي.
واتخذت
مساهمة القطاع الخاص أشكالا كثيرة في العملية التنموية منها عقدالامتياز
،والذي ارتبط ظهوره بتطور وظائف الدولة .فالدولة حتى وقت قريبكانت تمارس
وظائف تقليدية من أمن وعدل ودفاع ،غير أنها ونظرا لدواعيموضوعية اضطرت إلى
التدخل في ميادين شتى اقتصادية واجتماعية وثقافيةوغيرها.وشمل تدخلها كل
المشاريع التي عرفت باسم المنافع الكبرى كالكهرباءوالغاز والاتصالات والنقل
والمحروقات . وظهر على المستوى القانونيوالاقتصادي مبدأ الحماية
الاقتصادية الذي استوجب هذا التدخل بهدف تلبيةوإشباع الحاجات العامة .
ولا
أحد يستطيع أن ينكر أن التدخل المفرط للدولة في ميادين عدة وقطاعاتمتنوعة
سبب لها متاعب جمة. وتأكدت هذه الحقيقة في كل الدول. لذا بات لازماالتفكير
في أطر أخرى تحفز القطاع الخاص على الاضطلاع بأعباء التنمية وتفتحسبل
الشراكة بينه وبين القطاع العام وفقا لضمانات محددة ومعروفة وهو ماترجمته
قوانين الاستثمار في العديد من الدول ومنها الدول المغاربية. وكأنهذا
التطور لوظائف الدولة سيقودنا حتما إلى التوقف بهدف التمعن في مفهومجديد
للدولة بدت في معاملة الوضوح ومفهوم جديد لإدارة المرافق العامة.
وإذا
كان المشرع الجزائري كرس آليات كثيرة للتعاون والشراكة بين القطاعالخاص
والإدارة المحلية وهو ما أكدته تشريعات وتنظيمات ،فإن السؤالالمطروح:
إلى أي مدى ساهم عقد الامتياز في تطوير علاقة الشراكة بين الإدارة المحلية والقطاع الخاص؟
ولقد
وقع اختيارنا على الإدارة المحلية بحكم امتداد وجودها وكثرة
هياكلهاالإدارية فهناك على المستوى الوطني 1541-و48وهذا العدد كفيل بإعادة
تعميقالإشكالية المذكورة وعما إذا كان عقد الامتياز يلعب ذات الدور بنفس
مستوىتواجد جهات الإدارة المحلية .
ولقد قسمنا هذه الدراسة إلى مبحثين.تناولنا في المبحث الأول تعريف عقد الامتياز أركانه وخصائصه.
المبحث الثاني مكانة عقد الامتياز في تشريع الإدارة المحلية ورهان المستقبل
المبحث الأول
تعريف عقد الامتياز أركانه وخصائصة
يتعين
علينا قبل إبراز دور عقد الامتياز كأداة شراكة بين الإدارة المحليةوالقطاع
الخاص أن نعرف أولا بهذا العقد ونبين أركانه وخصائصه وهو ما قدرنامعالجته
في ثلاثة مطالب.
المطلب الأول : تعريف عقد الامتياز
المطلب الثاني : أركان عقد الامتياز
المطلب الثالث : خصائص عقد الامتياز
المطلب الأول :
تعريف عقد الامتياز : سنتولى في هذه المداخلة عرض التعريف التشريعي الفقهي والتعريف القضائي.
أ)التعريف التشريعي:
الأصل
أن المشرع يعزف عن إعطاء تعريف لمصطلحات قانونية تاركا هذه المهمةللفقه
والقضاء غير انه وبالرجوع لبعض القوانين نجدها قد عرفت عقد الامتيازمن ذلك
المادة 4 من الأمر 96-13 المؤرخ في 15 يونيو 1996 و المتضمن قانونالمياه:
(يقصد بالامتياز بمفهوم القانون عقد من عقود القانون العام ،تكلفالإدارة
بموجبه شخصا اعتباريا عاما أو خاصا ،قصد ضمان أداء خدمة ذات منفعةعمومية)
ب)التعريف الفقهي:
اعتبر
الدكتور سليمان الطماوي عقد الامتياز من أشهر العقود
الإداريةالمسماة،ولعله كما قال أهمها أيضا في الدول غير الاشتراكية .وعرفه
أنه"عقد إداري يتولى الملتزم فردا كان او شركة بمقتضاه وعلى مسؤوليته،
إدارةمرفق عام اقتصادي واستغلاله مقابل رسوم يتقاضاها من المنتفعين، مع
خضوعهللقواعد الأساسية الضابطة لسير المرافق العامة فضلا عن الشروط
التيتضمنتها عقد الامتياز".1
وعرفه الدكتور عصمت عبد الله الشيخ
بأنه:2" اتفاق يتم بين الإدارة وبينأحد الأفراد أو الشركات بمقتضاه يتعهد
الملتزم بتقديم خدمة عامة للجمهورعلى نفقته وتحت مسؤوليته وطبقا للشروط
التي يحددها ذلك الاتفاق من حيثالسعر أو من حيث الكيفية التي تؤدى بها
الخدمة وذلك مقابل الإذن لهذاالفرد أو لهذه الشركة باستغلال المشروع لفترة
معينة من الزمن ويقومالاستغلال عادة في صورة التصريح للملتزم بتحصيل رسم
معين من المنتفعين منالمرفق"
وعرف جانب من الفقه في الجزائر3
عقد الامتياز بأنه :عقد أو اتفاق ،تكلفالإدارة المانحة سواء كانت الدولة أو
الولاية أو البلدية بموجبه شخصاطبيعيا (فرد) أو شخصا معنويا من القانون
العمومي (بلدية مثلا) أو منالقانون الخاص (شركة مثلا) يسمى صاحب الامتياز
بتسيير و استغلال مرفقعمومي لمدة محددة ،ويقوم صاحب الامتياز بإدارة هذا
المرفق مستخدما عمالهوأمواله ومتحملا المسؤولية الناجمة عن ذلك وفي مقابل
القيام بهذه الخدمةأي تسيير المرفق العمومي ، يتقاضى صاحب الامتياز مقابل
مبلغ مالي يحدد فيالعقد يدفعه المنتفعين بخدمات المرفق.
ورغم أن
عقد الامتياز يعتبر عقدا يتجلى فيه مبدأ سلطان الإرادة كأي عقدولو في
جوانب جزئية ومحددة، إلا أنه مع ذلك يتضمن جوانب عامة ويحتوي علىسلطات
إدارية معترف بها لجهة الإدارة تمارسها تجاه المتعهد بما يجعله أكثراقترابا
من عقود القانون العام .
ج) التعريف القضائي:
جاء
في قرار مجلس الدولة الجزائري الصادر في 9 مارس 2004 قضية رقم 11950فهرس
رقم11952 ما يلي:"أن عقد الامتياز التابع لأملاك الدولة هو عقد إداريتمنح
بموجبه السلطة الامتياز للمستغل ،بالاستغلال المؤقت لعقار تابعللأملاك
الوطنية بشكل استثنائي وبهدف محدد ومتواصل مقابل دفع أتاوة لكنهمؤقت وقابل
للرجوع فيه..."4
من هذا التعريف يتضح لنا أن مجلس الدولة اعترف
صراحة بالطابع الإداريوالطابع العام لعقد الامتياز بما يخوله من سلطات
استثنائية لجهة الإدارةتمارسها تجاه الطرف المتعهد .
المطلب الثاني:أركان عقد الامتياز
يتمتع عقد الامتياز بأركان خاصة تميزه عن غيره من العقود الأخرى هي كما يلي :
الأطراف أو ما يطلق عليه بالجانب العضوي:
و
يتمثل أساسا أن عقد الامتياز أو الالتزام يضم وجوبا جهة إدارية ممثلة
فيالدولة أو الولاية أو البلدية من جهة وأحد الأفراد أو الشركات من
جهةأخرى.5
المحل: ينصب عقد الامتياز أو الالتزام على إدارة مرفق
عام عادة ما يكوناقتصاديا فلا يتصور أن تعهد الإدارة لأحد الأفراد أو
الشركات بإدارة مرفقإداري لما في ذلك من خطورة تمتد آثارها لفئة
المنتفعين.ثم أن المرافقالإدارية عادة لا تستدرج في نشاطها القطاع الخاص
بحكم عدم استهدافهالمعيار الربح. وهو المعيار المحرك لهذا القطاع.
الشكل:
إن نقل المرفق لأحد الأفراد أو الشركات يتم بموجب وثيقة رسميةتتضمن جميع
الأحكام المتعلقة بتسيير المرفق وضمان أداء الخدمة والتي تضعهاالإدارة
بإرادتها المنفردة ويجب على الملتزم التقيد بها إذا رضي التعاقدمع الدولة
أو الولاية أو البلدية .
ومن هنا فلا إلزام إلا بموجب دفتر
الشروط تحدد فيه الإدارة سلفا سائرالأحكام المتعلقة بتسيير المرفق بما في
ذلك الأحكام التي تمتد آثارها إلىفئة المنتفعين.
وجدير بالإشارة
أن عقد الامتياز وإن تجسد في رابطة قانونية تجمع بينالإدارة والمتعاقد
معها ، إلا أن هذا العقد يبنى أساسا على دفتر شروط تقومالدولة أو الولاية
أو البلدية بإعداده.ومثال ذلك دفتر الشروط المتعلقبالامتياز الممنوح من
الدولة إلى البلديات لاستغلال المحلات التجاريةللعرض السينمائي والمنشئ
بموجب قرار وزاري مشترك المؤرخ في 17 مارس 1967(جريدة رسمية رقم26).
وكذا
دفتر الأعباء النموذجي المتعلق بمنح امتياز الطريق السريع والمنشئبموجب
المرسوم التنفيذي رقم 96-38 المؤرخ في 8 سبتمبر 1996 (جريدة رسميةرقم 55).
المطلب الثالث:خصائص عقد الامتياز
نستنتج من التعريف التشريعي والتعريفات الفقهية والقضائية سابقة الذكر أن عقد الإمتياز يتمتع بالخصائص التالية.
1-أنه
عقد إداري يربط بين سلطة إدارية وبين أحد الأفراد أو الشركات.وليسهناك ما
يمنع أن يربط عقد الامتياز بين شخص إداري وشركة من القطاع العام.
2-إن الإدارة في هذا العقد بالذات تتمتع بسلطات استثنائية تفرضها صفتها كشخص من أشخاص القانون العام. وهذا بغرض حماية فئة المنتفعين.
3-يلزم
المتعاقد مع الإدارة أن يتولى تسيير مرفق عام يحدده العقد. ويتقيدبكل
الضوابط بما فيها المالية.وكذلك تجسيد المساواة بين فئة المنتفعين.
4-يتحمل
الملتزم في عقد الامتياز النفقات الناتجة عن تسيير المشروع ويضمنله سيرا
منتظما ومطردا . وبالمقابل تلتزم جهة الإدارة في حال اختلالتوازنه المالي
بأن تعيد له هذا التوازن وهذا ما أقره القضاء المقارن .
المبحث الثاني
مكانة عقد الامتياز في تشريع الإدارة المحلية
ورهان المستقبل
لجأت
السلطات العمومية في الجزائر منذ الاستقلال إلى استخدام عقد الامتيازلكن
بنسب متفاوتة بين مرحلة وأخرى وهذا بالنظر للنظام السياسي
والاقتصاديالسائد. وهذا أمر طبيعي طالما عرفت البلاد أربعة دساتير تضمنت
قواعدمختلفة. وأوكل كل دستور دورا مختلفا للدولة وبالتالي لكل من
الولايةوالبلدية.
فلقد اهتمت السلطة في السنوات الأولى
للاستقلال بالتأميم كآلية تحكم فيإدارة المشروعات الاقتصادية الكبرى. وبعد
صدور قانون البلدية الأول بموجبالأمر 67-24 المؤرخ في 18جانفي1967 كان
لزاما على السلطة الاعتراف بعقدالامتياز محاولة منها لتوسيع إدارة المرافق
العامة.
واعترفت المادة 220من الأمر المذكور للبلديات باللجوء
للامتياز غير أنهاجعلت اللجوء لهذه الوسيلة طريقة استثنائية إذ الأصل هو
الاستغلال المباشرالمكرس بموجب المادة 212 من نفس الأمر .أو الاستغلال
بطريق المؤسسة الثابتبموجب المادة 219 من قانون البلدية.وصدر الأمر
69-38المؤرخ في 23ماي 1969المتضمن قانون الولاية وتضمنت المادة 136 منه
إمكانية لجوء الولاية لعقدالامتياز لاستغلال بعض المصالح العمومية بعد
مصادقة وزير الداخلية على ذلك.
وبذلك تعذر اللجوء للامتياز بالنسبة للإدارة المحلية إلا إذا ثبت عدم إمكانية إما الاستغلال المباشر أو الاستغلال بطريق المؤسسة.
وطالما
تبنت الجزائر النظام الاشتراكي أسلوبا ونمطا اقتصاديا لأكثر منعقدين من
الزمن وتكرس ذلك أساسا في الميثاق الوطني وفي دستور الدولة خاصةلسنة
1976فقد فرض عليها هذا النظام أن تركز أكثر على القطاع العام وتشجعفكرة
إنشاء المؤسسات العمومية الاقتصادية المحلية والمقاولات وصولا للهدفالكبير
ألا وهو سيطرة الدولة أو القطاع العام على كل النشاطات والقطاعاتوهو ما أدى
إلى اتساع وظائف الدولة بشكل مفرط وبالنتيجة أدى إلى تضاءل نسباللجوء لعقد
الامتياز ومحدوديته كآلية شراكة خاصة مع القطاع الخاص.
ولقد
صدرت مراسيم كثيرة عقب ظهور قانون البلدية لسنة 67 تعترف للبلديةكهيئة
عمومية بممارسة الامتياز من ذلك المرسوم 67-167المؤرخ في 24أوت 1967المتضمن
منح امتياز المحال التجارية ذات الاستعمال أو الطابع السياحي منطرف الدولة
للبلديات.
وهاهو الأمر 76-130المؤرخ في 22 يوليو 1967المتضمن
تنظيم النقل البرييعترف صراحة في المادة 22 منه أن الأولوية في مجال النقل
البري تعطىللقطاع الاشتراكي أو البلديات أو للأشخاص المعنوية العامة وبصفة
استثنائيةتعطى لأشخاص طبيعيين.
و بعد أن شهدت الدولة دستورا
جديدا سنة 1989 أفرغ من الجانب الإيديولوجيجاء قانون البلدية لسنة 90-رقم
90-08المؤرخ في 7 أبريل 1990 ليكرس عقدالامتياز بموجب المادة 138 والتي جاء
فيها:
إذا لم يكن استغلال المصالح العمومية البلدية استغلالا مباشرا دون أن ينجم عن ذلك ضرر جاز للبلدية منح الامتياز.
يصادق
الوالي على هذه الاتفاقيات التي حررت لهذا الغرض بموجب قرار إذاكانت
مطابقة لنماذج الاتفاقيات المعمولة حسب قواعد الإجراءات الساريةالمفعول .
وثبت
عقد الامتياز في المادة 130 من القانون رقم 90-09 المؤرخ في 7 أبريل1990
والمتعلق بالولاية إذا تعذر استغلال المصالح العمومية الولائية فيشكل
استغلال مباشر أو مؤسسات يمكن للمجلس الشعبي الولائي أن يرخصباستغلالها عن
طريق الامتياز.
يصادق على العقود المبرمة في هذا الصدد بموجب
قرار من الوالي . وينبغي أنتكون مطابقة لدفتر الشروط النمودجي المصادق عليه
وفقا للقواعد والإجراءاتالمعمول بها.
وبالرجوع إلى أحكام
المادتين المذكورتين نستنتج أن المشرع يشترط علىالإدارة المحلية عند اللجوء
إلى أسلوب الامتياز في إدارة وتسيير المرافقالعامة ما يلي :
أ-تعذر
إدارة تسيير المرفق العام بإحدى الطرق العامة كالاستغلال المباشروالمؤسسة
العامة نظرا لتنوع وظيفة الدولة وتدخلها في الميدان الاقتصاديوالاجتماعي
والثقافي وتوسع نطاق الخدمة.
ب-ضرورة إجراء مداولة من طرف المجلس الشعبي البلدي أو الولائي حسب الحالة .
وهو ما يؤكد الطابع الجماعي في اتخاذ قرار اللجوء للامتياز.
ج-إبرام
اتفاق بين الطرفين (عقد الامتياز) شريطة أن يكون مطابقا لدفترالشروط
النموذجي الذي يحدد القواعد القانونية السارية على المرافق العامةالتي تدار
بهذه الطريقة والذي تضعه وتعده الإدارة مسبقا وبإرادتهاالمنفردة .
-تصديق الوالي على الاتفاق المتضمن عقد الامتياز كشكل من أشكال الرقابة الإدارية.
ومما
هو جدير بالذكر وعند الجمع بين قانون الولاية وقانون البلدية يتبينلنا أن
جهة المصادقة على الامتياز وإن كانت واحدة ،غير أن المشرع كان أكثردقة في
قانون الولاية حيث احترم في نص المادة 130 سلم الأولويات بشأنأساليب إدارة
المرافق العامة فذكر الاستغلال المباشر وتبعه بأسلوب المؤسسةوفي المرتبة
الثالثة أسلوب الامتياز.في حين اكتفى في المادة 138 من قانونالبلدية بذكر
أسلوب الاستغلال المباشر وتبعه بأسلوب الامتياز وأغفل بذلكأسلوب المؤسسة
العمومية.
ومهما يكن من أمر فإن مكانة عقد الامتياز أو أسلوب الامتياز بالنسبة للإدارة المحلية يأتي بعد أسلوب المؤسسة .
غير
أن الواقع المالي للبلديات والذي عانت منه أكثر من عقد من الزمن دفعهذه
الجهات الإدارية إلى تراجع واضح خاصة في الميدان الاقتصادي وبالتحديدفي
المجال المتعلق بإنشاء المؤسسات الاقتصادية المحلية بنوعيها
التجاريةوالصناعية.ويكفي إجراء مقارنة من حيث عدد المؤسسات البلدية
والمقاولات بينمرحلة سابقة لسنة 2000 ومرحلة لاحقة لها.
وإذا
كان قانون البلدية قد اعترف للبلدية بممارسة اختصاصات ذات طابعاقتصادي وهو
ما أعلنت عنه مواد كثيرة منها خاصة المادة 88والمادة 109 منالقانون 90/08،
إلا أن السياسة الاقتصادية للدولة والتوجه الاقتصاديالجديد أدى إلى تضاءل
هذا الدور.
ومن المؤكد أن عدم إقدام البلديات على استغلال
المرافق العموميةالاقتصادية بواسطة مؤسسة محلية مستقلة سيؤدي بها حتما إلى
اعتماد أسلوبالامتياز بهدف المحافظة على دورها الاقتصادي من جهة وتلبية
الحاجة العامةمن جهة أخرى وتفعيل قواعد قانون البلدية وهو ما يجعلنا أمام
حقيقة لم يمكنإنكارها أن رهان المستقبل سيجعل من عقد الامتياز أحد أهم
أدوات وآلياتمشاركة القطاع الخاص مع الإدارة العمومية في الاضطلاع بأعباء
التنميةالشاملة.
الهوامش
1 الدكتور سليمان محمد الطماوي،الأسس العامة للعقود الإدارية،دار الفكر العربي،الطبعة الخامسة،1991،ص108
2 الدكتور عصمت عبد الله الشيخ،مبادىء ونظريات القانون الإداري،جامعة حلوان،جمهورية مصر،2002،ص188
وأيضا الدكتور عمار بوضياف،الصفقات العمومية،جسور للنشر والتوزيع،الجزائر،2008،
3الدكتور ناصر لباد،الوجيز في القانون الإداري، الطبعة الأولى،منشورات لباد،2006،ص 212.
4 مجلة مجلس الدولة،العدد5،1004،ص57
5 الدكتور عمار بوضياف،الوجيز في القانون الإداري،جسور لنشر والتوزيع،2007،ص356