لابد للمعاهدات الدولية حتى تنتج آثارها القانونية أن تستوفي الشروط التالية:
1ـ أهلية التعاقد:
تعتبر المعاهدة من أهم المصادر الإرادية لتكوين القاعدة الدولية و ترتيب
الالتزام الدولي.غير أن مفهوم الأهلية في القانون الدولي يختلف عن مفهومها
في القانون الداخلي فهي تعني في القانون الدولي الشخصية الدولية، وهي لا
تتوفر إلا للدول ذات السيادة الكاملة وكذلك المنظمات الدولية في حدود
معينة. ويجب أن يكون الطرف المتعاقد أهلا لأن تصدر منه تصرفات تحدث التزاما
دولياً، فالدول لا بد أن تكون كاملة السيادة. بالإضافة إلى سلامة الإرادة
(الرضا) أو خلوها من أي إكراه أو غش أو تدليس. غير أن الإجراءات والمراحل
التي يستلزمها إبرام المعاهدات قلل من احتمال وجود هذه العيوب, ومع ذلك أقر
القانون الدولي للدولة التي شاب إرادتها عيب من هذه العيوب أن تطلب إبطال
المعاهدة: " إذا كان تعبير الدولة عن ارتضائها الإلزام بمعاهدة قد صدر
نتيجة الإفساد المباشر أو غير المباشر لممثلها بواسطة دولة متفاوضة أخرى
يجوز للدولة أن تستند إلى هذا الإفساد لإبطال ارتضائها الالتزام بالمعاهدة "
(المادة 50 من اتفاقية فيينا قانون المعاهدات الدولية ). وأضافت اتفاقية
قانون المعاهدات, عيب أخر يمكن أن يؤثر على رضا الدول وهو إفساد ممثلها
بواسطة دولة متفاوضة، والحقيقة أن هذا العيب لايمكن تصوره إلا في حالة
المعاهدات الثنائية، كما أن أثره أصبح محدودا حيث تفضل الدول عدم اعتبار
التوقيع كافيا ولا بدَّ من التصديق لنفاذ المعاهدة.
أما بالنسبة للمنظمات الدولية فقد منحتها المادة 104 من ميثاق الأمم المتحدة الأهلية القانونية لمباشرة مهامها على النطاق الدولي.
2ـ مشروعية موضوع المعاهدة: القاعدة العامة أن للدول حرية مطلقة في تحديد موضوع الاتفاقية وطبيعته، غير أن هناك ضوابط للتصرفات الدولية لايمكن تجاهلها وهي:
أـ
القواعد الآمرة في القانون الدولي: " تعتبر المعاهدة باطلة بطلانا مطلقا
إذا كانت، وقت إبرامها تتعارض مع قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي
العام. ولأغراض هذهالاتفاقية تعتبر قاعدة آمرة من قواعد القانون
الدولي العام كل قاعدة قبلتها الجماعة الدولية في مجموعها ويعترف بها
باعتبارها قاعدة لا يجوز الإخلال بها ولا يمكن تعديلها إلا بقاعدة لاحقة من
قواعد القانون الدولي العام لها ذات الصفة" ( المادة 53 من اتفاقية فيينا
لقانون المعاهدات ). ويشكل مجموع هذه القواعد ما يعرف بالنظام العام الدولي
مثل تحريم تجارة الرقيق والمخدرات أو أن يكون موضوع المعاهدة الاتفاق على
التعدي على سيادة الدول أو منع الملاحة في أعالي البحار.
ب ـ يجب أن لا يتنافى موضوع المعاهدة مع الآداب العامة أو الأخلاق الدولية أو المبادئ الإنسانية العامة كالاتفاق على تجارة البغاء([1]).
ج
ـ يجب أن لا تتعارض المعاهدة مع التزامات الدولة التي تضمنها ميثاق الأمم
المتحدة: " إذا تعارضت الالتزامات التي يرتبط بها أعضاء الأمم المتحدة وفقا
لأحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي أخر يرتبطون به فالعبرة بالتزاماتهم
المترتبة على هذا الميثاق" (المادة 103 من الميثاق).
د ـ أن يكون موضوع الاتفاقية ممكنا وهذا الشرط ينطبق على جميع التصرفات التعاقدية (فلا يجوز مثلا الأتفاق على تجفيف مياه المحيط).
(1) أكدت
محكمة العدل الدولية الدائمة هذا المبدأ في حكمها الصادر في سنة 1934
بقولها: "إن المحكمة لا يمكن أن تطبق معاهدة أو اتفاقية يكون محلها منافياً
للآداب العامة ".