مقــدمة.
عند وقوع جريمة ما يترتب عنها ضرر عام تنشا عنهدعوى عمومية تستهدف توقيع
العقاب على مقترف الجريمة. فالدعوة العمومية هيالوسيلة القانونية لحماية
حقوق الجماعة ،والى جانب الضرر العام يترتب ضررخاص يصيب الشخص المتضرر
فينشا له حقا في أن يطالب المعتدي بالتعويض عنالضرر الذي لحقه من الجريمة
فتنشا إلى جانب الدعوى العمومية دعوى مدنية ،الأصل فيها أن ترفع أمام
القضاء المدني إلا أن طبيعتها الخاصة أي منشأهاالواحد وهو الجريمة يختص
القضاء الجنائي بالنظر فيها استثناءا.
وعلى هذا الأساس ارتأين الإشكالية التالية:ما مفهوم الدعوى المدنية التبعية ؟ وكيف نظم المشرع الجزائي أحكامها ؟.
ولمعالجة مثل هذه الإشكالية قسمنا بحثنا حسب الخطة التالية:
مقدمة
المبحث الأول: مفهوم الدعوى المدنية التبعية
المطلب الأول: تحديد الدعوى المدنية التبعية
الفرع الأول : المقصود بالدعوى المدنية تبعية.
الفرع الثاني : علاقة الدعوى المدنية بالدعوى العمومية.
الفرع الثالث شروط الدعوى المدنية التبعية
المطلب الثاني : موضوع الدعوى المدنية التبعية.
الفرع الأول: التعويض النقدي
الفرع الثاني: التعويض العيني
الفرع الثالث: المصاريف القضائية
المطلب الثالث : أطراف الدعوى المدنية التبعية
الفرع الأول : المدعي (المضرور أو المدعي المدني)
الفرع الثاني : المدعى عليه مدنيا.
المبحث الثاني : طرق مباشرة الدعوى المدنية التبعية و انقضاءها
المطلب الأول: حالة اللجوء إلى القضاء الجنائي.
الفرع الأول: الادعاء المدني أمام قاضي التحقيق.
الفرع الثاني: التدخل في الدعوى أمام القضاء الجنائي.
الفرع الثالث: الادعاء المباشر أمام المحكمة.
المطلب الثاني: حالة اللجوء إلى القضاء المدني.
الفرع الأول: المقصود بقاعدة الجزائي يعقل المدني أو يوقف المدني.
الفرع الثاني: مبررات القاعدة.
الفرع الثاني: شروط القاعدة.
المطلب الثالث: انقضاء الدعوى المدنية التبعية
الفرع الأول: التنازل.
الفرع الثاني: التقادم.
الفرع الثالث:صدور حكم بات.
الخاتمة:
المبحث الأول: مفهوم الدعوى المدنية التبعية
قد تقوم الدعوىالمدنية التبعية للمطالبة بالتعويض مصاحبة للدعوى العمومية و
قد تباشرامام القضاء المدني و هذا هو الأصل و في هذه الحالة تنعدم منها
صفةالتبعية
المطلب الأول: تحديد الدعوى المدنية التبعية
تعرف الدعوىالمدنية بأنها مطالبة من لَحقهُ ضرر من الجريمة و هو المدعي
المدني منالمتهم أو المسؤول عن الحقوق المدنية أمام القضاء الجنائي بجبر
الضرر الذيأصابه نتيجة الجريمة التي ارتكبها فأضرت بالمدعى. و عليه فإن
الدعوىالمدنية الناشئة عن فعل غير إجرامي و كدالك بعض الدعاوى ذات
المنشأالإجرامي والتي لا يكون موضوعها التعويض عن الضرر غير مشمول بهذا
التعريفكدعوى التطليق الناشئة عن جريمة الزنا. و دعوى الحرمان من الإرث
الناتجةعن جريمة قتل المورث. و هي جميعها دعاوى تتميز عن دعوى المطالبة
بالتعويضبسبب ما لحق المدعي المدني المتضرر من أضرار نتيجة الجريمة.و عليه
فإنالقضاء الجنائي يعتبر قضاء استثنائيا يختص بنظر المسائل المدنية
المتعلقةمنها بمطالبة المتضرر من الجريمة تعويضه عن الاضرارالتي تلحقها
الجريمةبالمدعي المدني, و وسيلته في الحصول عليه بواسطة الدعوى المدنية
التبعية.اد يهتم قانون الاجرآت الجزائية بالدعوى المدنية و هي الدعوى
الناشئة عنجريمة ، هدفها تعويض الضرر الناتج عن هذه الجريمة .
الفرع الأول: المقصود بالدعوى المدنية تبعية.
يقصد بالدعوىالمدنية تبعية المرفوعة أمام القضاء الجنائي بغرض الحصول على
تعويض عنالأضرار التي تسببت فيها الجريمة.هي تبعية الدعوى المدنية للدعوى
العموميةأو الجنائية.من حيث الإجراءات المتبعة بشأنها
و من حيث مصيرها.حيث تخضع الدعوى المدنية التبعية لقانون الإجراءات الجزائية و ليس لقانون الإجراءات المدنية, أي اختصاص القضاء
أما
تبعيتها من حيث المصير, فيعني أن الجهة الجزائية في حالة رفع دعويينجزائية
و مدنية تبعية لها أمامها, يجب عليها الفصل في الدعويين معا بحكمواحد, و
هدا يعني القاضي الجنائي يفصل في الدعوى المدنية التبعية حين فصلهفي الدعوى
العمومية.إلا أن تبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية لايفقدها طبيعتها
الخاصة و هي تتعلق بالحق المدني, فتخضع للقواعد و الأحكامالقانون المدني من
حيث التقادم مثلا, فتنص المادة 10من القانون الإجراءاتالجزائية"تتقادم
الدعوى المدنية وفق أحكام القانون المدني"و تنص المادة133من قانون المدني
"تسقط دعوى التعويض بانقضاء خمسة عشر سنة من يوم وقوعالفعل الضار".
الفرع الثاني : علاقة الدعوى المدنية بالدعوى العمومية.
لكل
منهما مجال اختصاص فتبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية لا
يفقدهاطبيعتها الخاصة و هدا يعني أن تبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية
لايقصد بها أن تنقضي الدعوتان معا لارتباط الأولى بالثانية إذ يمكن أن
تنقضيالدعوى العمومية وحدها أمام القضاء الجنائي و تظل الدعوى المدنية
قائمةأمامه فينضرها
الفرع الثالث شروط الدعوى المدنية التبعية
يعتبر
الضرر جسمانيا ما لحق بالمتضرر من عجز بدني أو تعطيل عن العمل ، كمايمكن
ان يكون الضرر معنويا أو ماديا ، و عليه فان الدعوى العمومية لكيتكون
مقبولة أمام القضاء الجزائي يجب ان تتوافر على الشروط التالية
- ان تكون هناك جريمة قد وقعت فعلا
- ان تثبت نسبتها إلى المتهم
-
ان بكون التعويض المطلوب مبنيا على ذات الفعل المرفوعة به الدعوى ،
فإذاحكم ببراءة المتهم من الجريمة المنسوبة اليه تحكم المحكمة الجزائية
بعدماختصاصها في الفصل في الدعوى المدنية
و الدعوى المدنية تتميز عن
الدعوى العمومية من حيث السبب و هو الضررالمترتب عن الجريمة و من حيث
الموضوع و هو المطالبة بالتعويض عما لحقالمدعي من ضرر و من حيث الأطراف و
هم المدعى و المدعى عليه و المسئول عنالحقوق المدني
لكي تكون للمحاكم
الجزائية سلطة الاختصاص بالفصل في الدعوى المدنيةالمرفوعة تبعا لها يجب ان
يكون هناك دعوى جزائية مرفوعة بشان وقائع وأفعال يجرمها القانون و يعاقب
على اقترافها فإذا انعدم الركن الشرعيللجريمة فان الدعوى المدنية التبعية
لا تنشا أصلا وفق ما تقتضيه الفقرةالرابعة من المادة الثالثة من قانون
الاجراءات الجزائية
المطلب الثاني : موضوع الدعوى المدنية التبعية.
إن
موضوع الدعوى المدنية في نطاق قانون الإجراءات الجزائية هو التعويضفتنص
المادة2 من قانون الإجراءات الجزائية "يتعلق الحق في الدعوى
المدنيةللمطالبة بالتعويض الضرر الناجم عن جناية أو جنحة أو
مخالفة...."ويهدفالتعويض المدني إلى جبر الضرر المادي أو الجثماني أو
الأدبي ويطلق عليهالضرر المعنوي الناشئ عن الجريمة لأن كل الأضرار تصلح أن
تكون سنداللمطالبة بالتعويض المدني أمام القضاء الجنائي.
الفرع الأول: التعويض النقدي
التعويض
النقدي هو المدلول الخاص لمصطلح التعويض أو هو التعويض بالمفهومالضيق
للكلمة وهو الأصل حيث أن التعويض المضرور من الجريمة عادة يكون بجبرالضرر
الذي لحقه بواسطة إصلاح ما أحدثته الجريمة من أضرار بدفع مبلغ ماليأو نقدي
له على سبيل تعويضه عن تلك الأضرار إذ أن قانون الإجراءاتالجزائية تنص
صراحة أن موضوع الدعوى المدنية التبعية هو التعويض ويجوز أنيكون مبلغا
مقسطا أو إيرادا مرتبا والأصل فيه أن يكون مساويا للضرر فإذاكان مقسطا أو
إيرادا يجوز إلزام المدين بتقديم التامين.
الفرع الثاني: التعويض العيني أو الرد
يقصد بالتعويضالعيني أو الرد إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل ارتكاب
الجريمة والردبهذا المعنى يتحدد مجاله بالجرائم التي يكون محلها ماديا
منقولا أو عقارافلا يمكن القضاء بالرد إلا إذ كان الشئ الموضوع الجريمة
موجودا ويمكن ردهومن أمثلة التعويض العيني أو الرد إعادة الأشياء المسروقة
في جريمة السرقةوإبطال العقود المزورة في جريمة التزوير.
الفرع الثالث: المصاريف القضائية
بالإضافة
إلى التعويض بالمعنى الاصطلاحي الضيق والرد فإن مصاريف الدعوةيمكن أن تكون
عنصرا من عناصر التعويض بمفهومه العام في الدعوى المدنيةالتبعية والرسوم
القضائية يجب أن يقتصر مفهومها على الرسوم الرسمية فقطفلا يدخل ضمنها أتعاب
المحامين وهي الرسوم يدفعها المدعي مدني مقدمالإقامة دعواه المدنية أمام
القضاء الجنائي فتنص المادة 75 من الإجراءاتالجزائية" يتعين على المدعي
المدني الذي يحرك الدعوى المدنية العمومية إذالم يكن قد حصل على المساعدة
القضائية أن يودع لدى قلم الكتاب المبلغالمقدر لزومه لمصاريف الدعوة و إلا
كانت شكواه غير مقبولة ويقدر هداالمبلغ بأمر من قاضي التحقيق" والقاعدة
العامة أن يحكم بالمصاريف القضائيةعلى المتهم المحكوم عليه أو المسئول
المدني أو على المدعي المدني الذييخسر دعواه المدنية.
المطلب الثالث : أطراف الدعوى المدنية التبعية
إن الدعوىالمدنية التبعية كالدعوى العمومية لها طرفان مدعى مدني و مدعى
عليه فلأولهو من لحقه الضرر شخصي من الجريمة و الثاني هو المتهم كأصل عام و
يجوز أنيكون المسؤول عن الحقوق المدنية
الفرع الأول :المدعي (المضرور أو المدعي المدني)
المدعي
المدني في الدعوى المدنية التبعية هو كل شخص لحقه ضرر شخصيا منالجريمة
المرتكبة جناية و جنحة أو مخالفة, جريمة معاقب عليها طبقا لنصالمادة 5 من
قانون العقوبات, سواء كان ضرر الذي لحقه ضرر مادي أو جثمانيأو أدبي و دلك
طبقا لنص المادة 3/4 من قانون الإجراءات الجزائية.
أولا : شروطه
1: صفة المدعي المدني
و
من صور الضرر الجسمي أو الجثماني أن يصاب الشخص في جسده بالجرح أو قطعأحد
أعضاءه أو إصابته بعاهة بوجه عام, أما الضرر المادي فمن صوره أن يصابالشخص
في ماله أو في شيء بقيمة المال و من صور الضرر المعنوي أو الأدبي أنيصاب
المضرور في معنوياته و في عرضه كضرر الناتج للفرع أو الأصل أو الزوجفي
جريمة القتل المورث و هدا يعني أن مصطلح المدعي المدني إدا كان الأصلفيه أن
ينصرف إلى المجني عليه في الجريمة باعتباره متضررا.كالشخص الذييتعرض للضرب
أو الجرح أو سرقة أمواله و غيرها من الجرائم حيث يكون ضحيةاعتداء على
سلامة جسمه أو ماله فيكون متضرر بالجريمة المرتكبة.
و عليه
يتعين لقبول الدعوى المدنية أن يكون المدعي ذا صفة و أهلا
لإقامةالدعوى.فالصفة بحيث ينبغي أن يكون رافعها قد ناله ضرر من الجريمة
فليسلأحد أن يطالب بتعويض الضرر لم يصبه شخصيا و إنما لحق غيره مهما كانت
صلتهبهذا الغير.
2: أهلية المدعي
و يجب أن تتوافر فيمن يدعي
مدنيا أمام القضاء الجنائي توافر أهلية التقاضيبحيث يكون المدعي أهلا لتصرف
في حقوقه المدنية طبقا للقانون و دلك حتىيستطيع المقاضاة بشأنها و لا يؤثر
في توافر الأهلية أن تكون المرآة متزوجةأو المضرور أجنبيا.
فإذا كان
المضرور فاقد الأهلية أو ناقصها فإنه يكون أهلا لاكتساب حقوق ومنها الحق في
التعويض و لكنه لا يكون أهل للمقاضاة بشأن هده الحقوق وبدالك لا تقبل
الدعوى إلا من وليه أو وصية و المعلوم أن سن الرشد المدنيهو 19 سنة.
الفرع الثاني : المدعى عليه.
المدعى
عليه في الدعوى المدنية التبعية هو الطرف الثاني فيها وهو من يطالبالمدعي
المدني حكم عليه مدنيا بإلزامه بالتعويض والأصل فيه هو المتهمبارتكاب
الجريمة التي أحدثت الضرر سبب الدعوى المدنية سواء كان ارتكابهللجريمة
بمفرده أو مع غيره أو ساهم في ارتكابها باعتباره شريكا وفقا لماتحدده
المادة 41-42 من قانون العقوبات إلا أن الدعوى المدنية التبعية قدترفع أيضا
على المسئولين عن الحقوق المدنية وعلى الورثة فيما آل إليهم منمورثهم لأن
التركة تتنقل إلا بعد سداد الديون بخلاف الدعوى العمومية التيلا يجوز
تحريكها أو رفعها على غير المتهم بارتكاب الجريمة.
أولا : المتهم.
الأصل
أن ترفع الدعوى المدنية بارتكابه جريمة جناية أو جنحة أو مخالفةسواء كان
فاعلا لوحده أو مع غيره أي سواء كان فاعلا أصليا للجريمة أوشريكا فيها ونتج
عن تلك الجريمة إلحاق ضرر مادي أو معنوي للمدعي المدنيتطبيقا لمبدأي تفريد
العقاب عن شخصية العقوبة.
ثانيا: مسئول عن الحقوق المدنية( متولي الرقابة أو المتبوع)
يحق
للمدعي المدني أن يقيم دعواه ضد شخص المسؤول عن الحقوق المدنية بسببأفعال
المتهم بسبب الضرر الذي لحقه من الجريمة وهو شخص لا علاقة لهبارتكاب
الجريمة فتقام الدعوة ضده باعتباره من المكلفين بالرقابة أوباعتباره متبوعا
فعندما يكون المسؤول عن الحقوق المدنية مكلفا بالرقابةفتقع جرائم من أشخاص
تحت رعايته أو موضوعين تحت إشرافه ورقابته فيلزمبتعويض عن الأضرار التي
ألحقوها بالغير على أساس أنه لو أحسن الإشرافوالرقابة على الموضوعين لما
ارتكبوا الجريمة وهدا يعني أن هنا قرينة علىإهمال في المراقبة والإشراف عل
الأشخاص موضوعين تحت الرقابة.
ثالثا: الورثـــــــــــــة.
إدا
كانت المسؤولية الجزائية تسقط بالوفاة تطبيقا لمبدأ تفريد العقابوشخصية
العقوبات فإن المسؤولية المدنية تظل قائمة في حالة وفاة المتهمالمسؤول
مدنيا فترفع الدعوة على ورثته ولا يسألون عن الأضرار إلا في حدودما آل
إليهم من تركة مورثهم فيسألون في حدود نسبتهم في التركة فإذا توفيالمتهم
دون أن يترك تركة سقط الالتزام الوارث للتعويض والتالي لا يجوزاختصامه أصلا
المبحث الثاني : طرق مباشرة الدعوى المدنية التبعية و انقضاءها
القاعدة
العامة ان الدعوى المطالبة بالتعويض عن الضرر باعتبارها دعوىمدنية يؤول
الاختصاص فيها للمحاكم المدنية / لكن باعتبارها دعوى ناشئة عنجريمة و
بالتالي فان الضرر مستمد وجوده من الجريمة فان للمدعي المدني الحقفي الخيار
باللجوء إلى القضاء الجزائي او القضاء المدني و هذا ما تبرزهالمواد 03و 04
من قانون الاجراءات الجزائية
فإذا سلك المدعي المدني الطريق المدني
فانه لا يسوغ له الرجوع عنه لسلكالطريق الجزائي وهو ما اشارت إليه المادة
05 من ق ا ج إلا ان هذه القاعدةقد ورد عليها استثناءين قانوني و الأخر فقهي
- إذا كانت الدعوى العمومية لاحقة للدعوى المدنية و تم تحريكها من
طرفالنيابة العامة جاز للمدعي المدني ترك الدعوى المدنية و اللجوء إلى
القضاءالجزائي بشرط ان لا ان تكون المحكمة الابتدائية لم تصدر حكما في
الموضوع '
- أما إذا التجأ المدعي المدني إلى جهة قضائية غير مختصة جاز له الرجوع عنها و إقامة الدعوى الجزائية
- أما إذا سلك الطريق الجزائي أولا فيجوز له الرجوع عنه و سلك الطريق المدني و ما اشارت إليه المادة 247 ق ا ج
المطلب الأول: الالتجاء إلى القضاء الجنائي.
من
القواعد الجوهرية لقيام الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي تبعيتهاللدعوى
العمومية ، فهذه التبعية هي التي تبرر اختصاص المحاكم الجزائيةللفصل في
الدعوى المدنية ز ذالك ما قررته المادة الثالثة من قانونالإجراءات الجزائية
جواز مباشرة الدعوى المدنية مع الدعوى العمومية في وقتواحد أمام القضاء
الجزائي المختص بنظر الدعوى ى العمومية. ، و يترتب علىذالك النتائج التالية
ان تكون قد ارتكبت جريمة
ان تكون المتابعة الجزائية هن الجريمة
المرتكبة قائمة امام القضاء العادي، بمعنى ان القضاء العسكري مثلا غير
مختص في الفصل في الدعوى المدنية وفقالمادة 24 من قانون القضاء العسكري و
في هذه الحالة يلتجأ المدعي المدنيلإحضار نسخة من حكم المحكمة العسكرية و
عليه بإقامة دعوى مدنية أمامالجهات المختصة ، و
إن نتيجة الدعوى
العمومية كقاعدة عامة هي التي تحدد مصير الدعوى المدنيةالمرفوعة بالتبعية
إمام القضاء الجزائي ، فإذا حكم القاضي ببراءة المتهممن الجريمة المنسوبة
إليه قضى بعدم الاختصاص في الدعوى المدنية
إما إذا قضت ببراءة المتهم
أو إعفاء من العقاب لعذر معفي من العقاب اومانع من المسؤولية الجنائية متى
كان الضرر الذي لحق المدعي المدني ناشئاعن خطا المتهم الذي يستخلص من
الوقائع موضوع الاتهام ، جاز للمحكمة بالفصلفي الدعوى المدنية وهو ما اشارت
إليه المادة 316 /02 من ق ا ج
- انه في الحالات التي يكون التعويض
المدني مقررا قانونا كحالة التعويض عنالحوادث فان المحاكم الجزائية تكون
مختصة بالفصل في الدعوى المدنية.
حدد قانون الإجراءات الجزائية
طرق ثلاثة لادعاء مدنيا أمام القضاءالجنائي بشكوى يقدمها لقاضي التحقيق و
إما بادعاء أمام جهات الحكم فتنصالمادة 240من قانون الإجراءات الجزائية
"يحصل الادعاء المدني إما أمامقاضي تحقيق طبقا للمادة 72 من هدا القانون و
إما بتقرير لدى قلم الكتابقبل الجلسة إما أثناء الجلسة بتقرير يثبته الكاتب
أو بإبداء في مذكرات"
الفرع الأول: إقامة الدعوى المدنية أمام قاضي التحقيق.
و قد تناولته المواد 72 إلى 78 من ق ا ج و يجب التمييز بين حالتين
الحالة الأولى : تحريك الدعوى العمومية عن طريق تقديم شكوى إلى قاضي التحقيق مؤسسا كمدعي مدني
فتنص
المادة 72من قانون الإجراءات الجزائية"يجوز لكل شخص يدعي بأنه مضاربجريمة
أن يدعي مدنيا بأن يتقدم بشكواه أمام قاضي التحقيق المختص "
يتمثل هذا
الإجراء في تقديم شكوى من طرف الشخص الضار بجريمة إلى قاضيالتحقيق يذكر
فيها اسم الشخص أو الأشخاص محل الشكوى و الوقائع محل الشكوىو وصفها
القانوني و يعلن فيها تأسيسه طرفا مدنيا ،
يكون قاضي التحقيق ملزما
بفتح تحقيق في الوقائع المرفوعة إليه و لكن وجوبفتح تحقيق بناء على شكوى مع
الادعاء المدني يعد التزاما نسبيا ، اذ منالجائز ان يعترض وكيل الجمهورية
على فتح التحقيق الا ان هذا الاحتمال يظلاستثنائيا نظرا للقيود التي وضعتها
المادة 73/03 ق ا ج مبرزة الصور التييمكن لوكيل الجمهورية الاعتراض فيها
على فتح تحقيق ، و يمكن لقاضي التحقيقصرف النظر عن طلب وكبل الجمهورية وفق
المادة 73/04 .
فإذا تقدم المدعي المدني بشكوى إلى قاضي التحقيق يأمر
هذا الأخير بعرضالشكوى على وكيل الدولة و في اجل خمسة أيام من يوم التبليغ و
يجوز ان توجهطلبات النيابة ضد شخص مسمى أو غير مسمى .
الحالة الثانية
تقديم شكوى إلى قاضي التحقيق أثناء سير التحقيق هدا يفترضأن تكون الدعوى
العمومية محركة في مرحلة التحقيق بطلب من النيابة العامة
أجاز المشرع
وفقا للمادة 74 من ق ا ج ان يقدم هذه الشكوى إلى قاضي التحقيق، و يجب على
قاضي التحقيق ان يحيط باقي أطراف الدعوى علما بالادعاء المدني
حكم الادعاء المدني في مرحلة تحقيق القواعد التالية:
أولا: يكون المدعي مدنيا قد أصيب بضرر نتج عن جريمة جناية أو جنحة أو مخالفة موضوع الدعوى العمومية.
ثانيا: يكون للمدعي المدني موطنا في دائرة اختصاص قاضي التحقيق المدعى أمامه.
ثالثا:
أن يودع لدى قلم كتاب المحكمة مبلغا ماليا يضمن المصاريف القضائيةهدا
المبلغ يحدده قاضي التحقيق و يكون كافيا لها إدا قضت المحكمة بعد دلكبتحمله
المصاريف القضائية.
رابعا: إذا استوفى الادعاء المدني شروطه أمر قاضي
التحقيق بعرض الادعاءالمدني على وكيل الجمهورية في أجل خمسة أيام ليبدي
طلباته خلال مهلةمماثلة يوم تبليغه بادعاء المدني.
خامسا: أن يكون قاضي
التحقيق مختصا مكانيا ، بتحدد اختصاص قاضي التحقيقبمكان وقوع الجريمة أو
محا إقامة احد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم فياقترافها ، او محل القبض على
احد هؤلاء الأشخاص حتى و لو كان هذا القبض قدحصل لسبب آخر .
سادسا: لا يتقيد قاضي التحقيق بطلبات النيابة العامة.
سابعا: يجوز لكل من النيابة العامة و المتهم و أي مدعي أخر أن ينازع في طلب الادعاء المدني و لقاضي التحقيق الفصل من تلقاء نفسه.
الفرع الثاني: الادعاء مدنيا عن طريق التدخل.
بعدا
حالة الدعوى العمومية أمام المحكمة الجزائية سواء من طرف قاضيالتحقيق ، أو
غرفة الاتهام يجوز لكل من أصابه ضرر ان يدعي مدنيا ولو لأولمرة قبل الجلسة
أو أثناء سير الجلسة ، و قد نصت على هذا الطريق لإقامةالدعوى المدنية أمام
القضاء الجزائي المواد 239،240،241،242 ق ا ج
فقد نصت المادة 239 منه
على انه : '' يجوز لكل شخص يدعي طبقا للمادة 03 منهذا القانون بأنه قد
أصابه ضرر من جناية او جنحة ، مخالفة ان يطالب بالحقالمدني في الجلسة نفسها
و يمكن للمدعي المدني ان يطالب بالتعويض الضررالمسبب ''
فيما نصت
المادة 240 '' يحصل الادعاء المدعي أما أمام قاضي التحقيق طبقاللمادة 72 من
هذا القانون و أما بتقرير لدى قلم كتاب قبل الجلسة و إماأثناء الجلسة
بتقرير يثبته الكاتب أو بالبداية في مذكرات '' و نصت المادة241 على انه إذا
حصل الادعاء المدني
قبل الجلسة فيتعين ان يحدد تقرير المدعي المدني
الجريمة موضوع المتابعة وان يتضمن تعيين موطن مختار بدائرة الجهة القضائية
المنظورة أمامها الدعوىما لم يكن للمدعي المدني متوطنا بتلك الجهة .
فيما
نصت المادة 242 على انه اذا حصل التقرير بالادعاء المدني بالجلسةفيتعين
ابداؤه قيل ان تبدي النيابة العامة طلباتها في الموضوع و الا كانغير مقبول
وعليه فإن كل من يلحقه ضرر من الجريمة موضوع الدعوى العمومية أنيدعي مدنيا
لأول مرة أمام المحكمة المنورة أمامها الدعوى لحين قفل البابالمرافعة وقبل
إبداء النيابة طلباتها ودلك لإثناء الجلسة أو قبلها بتقريريثبته الكاتب أو
بواسطة مذكرات ودلك وفق شروط .
أولا:أن يتضمن الادعاء المدني تعيينا لموطن مختار في دائرة المحكمة المنظورة أمامها الدعوى العمومية.
ثانيا: أن لا يترتب عل الادعاء المدني تأخير البث في الدعوى العمومية.
ثالثا: لا يقبل الادعاء المدني لأول مرة في المحكمة الاستئنافية.
رابعا: لا يجوز سماع شهادة من تدخل مدنيا في الجلسة أو قبلها.
خامسا: يجوز الدفع بعدم قبول المتدخل مدنيا من طرف جميع أطراف الدعوى.
سادسا: يعتبر المتدخل تاركا لدعواه إدا كلف بالحضور تكليفا قانونيا فغاب عن الجلسة ولم يحضر من يمثله فيها.
الفرع الثالث: رفع الدعوة مباشرة أمام المحكمة.
وهي الطريقةالمنصوص عليها في المادة 337 مكرر من ق ا ج و التي بموجبها
يجوز للمتضررمن جريمة ان بكلف مباشرة المتهم للمثول أمام محكمة الجنح في
الجرائمالتالية
ترك الأسرة 2 – عدم تسليم طفل 3* انتهاك حرمة منزل 4-
القذف 5- إصدار شيكبدون رصيد 6 – و في جرائم أخرى ان حصل المتضرر منها على
ترخيص من النيابة
يعتبر عن رفع الدعوى من المدعي المدني المتضرر من
الجريمة مباشرة أمامالمحكمة بالادعاء المباشر أي أن يقوم المدعي المدني
برفع مطالبته بالتعويضأمام المحكمة مباشرة وقد نم القانون بالمطالبة
بالتعويض أمام قضاء الحكمبأسلوبين واحد يعتبر أصلا فيخول بمقتضاه للمدعي
المدني حق التقاضي أمامهمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه من الجريمة
بشرط الحصول عل التكليفالمتهم عن طريق وكيل الجمهورية بالحضور أمام المحكمة
في التاريخ المحددأما الأسلوب الثاني فهو استثناء من الأصل يخول القانون
المتضرر بالجريمةأن يلجا مباشرة لجهة الحكم للقضاء له بتعويضه مدنيا من
الأضرار التي تكونقد لحقته بسبب الجريمة لتكليف المتهم مباشرة بالحضور أمام
المحكمة فيأحوال يحددها القانون.
المطلب الثاني: الالتجاء للقضاء المدني.
ان
إقامة الدوى المدنية للمطالبة بالتعويض هو الأصل وفق ما تقتضيه
إحكامالمسؤولية التقصيرية المنصوص عليها في القانون المدني إلا انه إذا
كانالتعويض المحرك بشأنه دعوى أمام القضاء المدني ذو حركت الدعوى
العموميةبشان نفس الفعل المؤدي للضرر و ماداه التعويض كانت لذلك
الاستثناءاتالتالية
الفرع الأول: القاعدة (إرجاء الفصل في الدعوى المدنية.)
تنص
المادة4/1 من قانون الإجراءات الجزائية "يجوز أيضا مباشرة الدعوىالمدنية
منفصلة عن الدعوى العمومية " وهدا يعني أنه يجوز لكل متضرر ابتداءأن يلجأ
للقضاء المدني باعتباره القضاء المختص الدعاوى المدنية كما يحق لهالتخلي عن
الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي في أي مرحلة تكون عليها لأناختصاص
القضاء الجنائي بالدعوى المدنية التبعية لا يمنع المدعي المدني مناللجوء
للقضاء المدني وحينها تخضع الدعوى المدنية من حيث قبولها أمامالقضاء المدني
ومباشرتها لقواعد القانون المدني شكلا ومضمونا ونظرا لإتحادالمصدر بينها
وبين الدعوى العمومية وهو الجريمة فإن الدعوة المدنيةالمقامة أمام القضاء
المدني تتأثر بوجوده الدعوى العمومية المقامة أمامالقضاء الجنائي حيث يوقف
القضاء المدني البث فيها لحين الفصل النهائي فيالدعوى العمومية وهو ما يعبر
عنه قاعدة الجنائي يوقف المدني أو الجنائييعقل المدني وهي قاعدة تعني عدم
السير في الدعوى المدنية فترة من الزمنتمتد لحين الفصل النهائي في الدعوى
العمومية باستنفاد كل الطرق الطعنالمقررة قانونا سواء باستعمالها أو بتفويت
الفرصة باستعمالها بانقضاءآجالها ومواعيدها.
الفرع الثاني : مبررات القاعدة.
أولا
: أن تكون منشأ الدعويين المدنية والعمومية واحد وهو الجريمة وبعبارةأخرى
أن تكون الدعوى المدنية ناتجة عن الواقعة المجرمة موضوع الدعوىالعمومية.
ثانيا:ان
تحرك الدعوي العمومية تحريكا أو رفعا أمام القضاء الجنائيللتحقيق فيها
والحكم عليها لان إرجاء الدعوى المدنية يتطلب ان تكون الدعوىالعمومية مقامة
أمام القضاء الجنائي تطبيقا لحكم المادتين 67 و33 من قانونالاجراءات
الجزائية.
ثالثا: ان لا يكون قد صدر حكم نهائي أو بات في موضوع الدعوى العمومية وهو الحكم الذي استأنف كل طرق العن العادية وغير العادية
الفرع الثالث: شروط القاعدة.
لتطبيق
قاعدة إرجاء القضاء المدني الفصل في الدعوى المدنية وهو التزامالقاضي
المدني بعدم الفصل في الموضوع المعروض علية لحين الفصل في الدعوىالعمومية
أمام القضاء الجنائي يجب أن تتوفر الشروط التالية:
أولا:أن يكون منشأ الدعويين المدنية والمعنوية واحد وهي جريمة.
ثانيا: أن تحرك الدعوى العمومية أمام القضاء الجنائي لتحقيق فيه أو الحكم.
ثالثا: أن لا يكون قد صدر حكم نهائي أو بات في الدعوى العمومية.
المطلب الثالث:أسباب انقضاء الدعوة المدنية التبعية .
الفرع
الأول: التنازل: النازل هو تنازل المتضرر عن الحق في الدعوى وتركهفيجوز
لهفي أي مرحلة كانت فيها الدعوى التنازل عن حقه المدني في أي مرحلةكانت
عليها الدعوى.وعليه فإن أحكام انقضاء الحكم المدني تطبق على الدعوةالمدنية
التبعية
الفرع الثاني : التقادم :
يضع قانون الاجراءات الجزائية
قاعدةعامة تحكم انقضاء الدعوى المدنية التبعية بخضوعها لأحكام وقواعد
القانونالمدني رغم ما تتميز به من تبعية للدعوى العمومية فتنص المادة 10 من
قانونالإجراءات المدنية "تتقادم الدعوى المدنية وفق أحكام القانون المدني
"فمثلا تتقادم بمضي 15 سنة و دلك ما نصت عليه المادة 133 من
القانونالمدني..
الفرع الثالث :صدور حكم بات
هو ذلك الحكم الذي
استنفذ كل طرق الطعن العادية وغير العادية أما طرقالطعن العادية فتتمثل في
المعارضة في حكم غيابي والتي تكون أمام المحكمةنفسها التي أصدرت الحكم خلال
مدة 10 أيام من يوم تبليغ الحكم ، والاستئناففي الحكم حضوري خلال 10 أيام
من تاريخ النطق بالحكم أمام الغرفة الجزائيةلدى المجلس القضائي وطرق الطعن
غير عادية هي الطعن بالنقض أمام الغرفةالجزائية لدى المحكمة العليا خلال 08
أيام من صدور الحكم أو القرار.
الخاتمة :
لقيام الفعل
الإجرامي بأركانه الشرعي و المادي ز المعنوي تتحرك معه الدعوىالعمومية ، و
بما كان من الثابت أن الدعوى العمومية غير متنازل عنها ممايوجب العقاب على
الفاعل ، فان الدعوى المدنية التبعية الملازمة للدعوىالعمومية تدخل ضمن
اختصاص القضاء الجنائي فهذه التبعية هي التي تبرراختصاص المحاكم الجزائية
للفصل غي الدعوى المدنية ، إلا انه قد ترض الدعوىالمدنية التبعية من قبل
قاضي التحقيق أو أن تحفظ الدعوى العمومية وبالتالي تحفظ معها الدعوى
المدنية التبعية ، إلا أن الدعوى المدنية لوأقيمت أمام القضاء المدني فان
القاضي المدني ملزم بالفضل بالدعوى و إلاتوبع بجريمة إنكار العدالة
قائمة المراجع
الدكتور ـ عبد الله أوهابية.الإجراءات الجزائية الجزائري.التحري و التحقيق دارالهومه. طبعة2003
الدكتورـ أحمد شوقي الشلقاني، مبادئ الاجراءات الجزائية في التشريع الجزائري. ديوان المطبوعات الجامعية الطبعة الثالثة 2003
الدكتور ـ أحسن بوسقيعة ، قانون الاجراءات الجزائية في ضوء الممارسات القضائية منشورات بيرتي طبعة 2005 -2006.
الدكتور ـ أحسن بوسقيعة ، التحقيق القضائي، دار هومة ، الجزائر 2006،
الأستاذ
ـ محمد حزيط ، مذكرات في قانون الاجراءات الجزائية الجزائري ، دارهومة
للطباعة و النشر و التوزيع ، طبعة ثانية ، الجزائر 2007،
الأستاذ ـ طاهري حسين ، الوجيز في شرح قانون الاجراءات الجزائية ، دار الخلدونية ، الجزائر 2005،
الأستاذ ـ فضيل العيش ، شرح قانون الإجراءات الجزائية ،دار البدر الجزائر 2008 ص
ـ قانون الاجراءات الجزائية الجزائري.
ـ قانون العقوبات الجزائري.