zemmora
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

zemmora

منتدى متنوع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  حكم العربون

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
HOUWIROU
Admin
Admin
HOUWIROU


عدد الرسائل : 14793
نقاط التميز :
تاريخ التسجيل : 02/04/2008

 حكم العربون Empty
مُساهمةموضوع: حكم العربون    حكم العربون Emptyالسبت 22 يناير 2011 - 9:21


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


العربون


لكي يتم التعاقد في صورته النهائية لا بد
من تعبير كل من المتعاقدين عن إرادته في إتمام التعاقد، و المقصود
بالإرادة هنا الإرادة التي تتجه لإحداث أثر قانوني معين، فيصدر إيجاب يليه
قبول مطابق له.

و حتى يصبح الإيجاب باتا لا بد أن يخرج
من دور المفاوضات و التعليق و هي أدوار لا بد منها في التعاقد، مع إلزامية
أن يقصد صاحبه به إيجاد أثر قانوني جدي(1). و لا بد أيضا أن
يقابل هذا الإيجاب قبول صادر من الطرف الآخر، فإذا توافقت الإراديين و
تطابق الإيجاب و القبول وفقا لما سبق و لما هو معروف في نظرية العقد فإن
التعاقد يأخذ صورته النهائية و يصبح باتا.

لكن قد يسبق مرحلة التعاقد النهائي،
مرحلة تمهيدية تؤدي على على وجه محقق أو غير محقق إلى المرحلة النهائية، و
من أبرز الصور العملية لهذه المرحة التمهيدية التعاقد بالعربون.

فالتعاقد بالعربون مرحلة لم يأخذ فيها
التعاقد صورته النهائية، إذ أن لكل طرف من أطراف التعاقد من حقه أن يعدل
عن العقد في الفترة المحددة لذلك، و بالتالي يصبح التعاقد كأن لم يكن. و
قد لا يعدل الطرفان فيصبح العقد نهائيا.

و العدول في الشريعة الإسلامية صورة من صور خيار الشرط (2) الذي قد يكون خيار رؤية أو خيار عيب ، و قد يكون خيار عدول فقد قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم - : « إن المتبايعين بالخيار في بيعهما ما لم يتفرقا أو يكون البيع خيارا » رواه عبد الله بن عمر

تجدر الإشارة إلى أن جل التشريعات
المقارنة تناولت العربون بالتنظيم، إلا أنها اختلفت في تحديد دلالته: هل
هي دلالة بت أم عدول غير أن المشرع الجزائري لم يتناوله بالتنظيم في الأمر
رقم 75/58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني رغم شيوع
التعامل به بين الناس خاصة في البيع و الإيجار، فاختلف الفقه في كيفية
دراسة هذه المسألة فهناك من رأى بأنه يجوز للمتعاقدين في القانون المدني
وفقا للقواعد العامة اشتراط خيار العدول في العقد، فيكون العدول عليه
حينئذ هو مضمون الشرط وفقا لما اتفق عليه، إذ أن العقد شريعة المتعاقدين.(1) و هناك من رأى بأن الاتفاق على العربون يدخل ضمن العقود غير المسماة(2)، والعقد غير المسمى هو الذي لم يضع له الشارع تنظيما خاصا، و من ثم فهو يخضع في تكوينه و آثاره للمبادئ العامة لنظرية الالتزام.
و نظرا للقيمة العملية للعربون فقد عدل المشرع الجزائري القانون المدني بموجب القانون رقم 05/10 المؤرخ في 20 جوان 2005 و أدرج بموجب المادة 24 في الكتاب الثاني: الالتزامات و العقود في الباب الأول: مصادر الالتزام في الفصل الثاني: العقد في القسم الثاني : شروط العقد ، المادة 72 مكرر التي تنص على مايلي:


« يمنح دفع العربون وقت إبرام العقد لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه خلال المدة المتفق عليها، إلا إذا قضى الاتفاق بخلاف ذلك.


فإذا عدل من دفع العربون فقده.


وإذا عدل من قبضه رده و مثله و لو لم يترتب على العدول أي ضرر.»


و بذلك تكون أحكام العربون الواردة في هذه المادة حكما عاما يصدق على العربون في سائر العقود.


و نظرا
للأهمية القصوى للعربون باعتباره يدخل ضمن المعاملات اليومية رغم حداثة
تقنينه، و عدم تناوله من قبل الفقهاء الجزائريين بالبحث و التحليل و قلة
قرارات المحكمة العليا بخصوصه و عدم نشرها و واجبنا كقضاة مقبلين على
الفصل في النزاعات التي ستطرح بخصوص أحكامه، كل هذه أسباب دعتني لتناول
موضوع العربون بالدراسة في ظل التشريع الجزائري على ضوء الشريعة الإسلامية
والتشريعات المقارنة و بالخصوص التشريع الفرنسي الذي كان مطبقا إلى غاية
صدور القانون المدني و التشريع المصري الذي تعتبر المادة 72 مكرر منقولة
عنه ، إذ يعتبر هذا الموضوع اللبنة الأولى، و المادة الخام التي سيعتمد
عليها في دراسة البيع بالعربون، و الإيجار بالعربون رغم ما اعترضني من
صعوبات في إيجاد مراجع متخصصة تناولت العربون بالتفصيل، و كذلك قلة
القرارات القضائية .




ــــــــــــــــــــــــــــــ

1) عبد الرزاق السنهوري نظرية العقد دار الفكر بيروت ، بدون طبعة ، ص 242 .

2) يعني بخيار الشرط أن يقوم المتعاقد بالخيار بين إمضاء العقد، أو فسخه ، مرد ذلك إلى تمكين المتعاقد من درأ الغبن ، فبمقتضى الشرط يحضى بفترة من التروي و التدبر ليوازن فيها بين الإمضاء و الفسخ ، حسبما يرى في ذلك مصلحته .

) بلحاج العربي: النظرية العامة للالتزام في القانون المدني الجزائري( التصرف القانوني العقد و الإرادة المنفردة ) ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر - الطبعة3- 2004. ص 91.

2) خليل أحمد حسن قدادة : الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر- طبعة 2001 - الجزء الرابع ص 50.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

التعريف اللغوي للعربون


جاء في لسان العرب: « العربون، و العربون، و العربان: الذي تسميه العامة الأربون، تقول منه عربنته إذا أعطيته لك ، ويقال رمى فلان بالعربون إذا سلح. »(1).

و في القاموس المحيط:«و العربان و العربون بضمهما، و العربون محركة و تبدل عينهن همزة، ما عقد به المبايعة من الثمن. »(2)

و جاء في الصحاح : « أنه عند
العامة بلفظ أربون ، و هو عند العامة في بلاد الشام رعبون بتقديم الراء
على العين دون حذفها ، يقال أعرب عن بيعه، و عرب ،و عربن إذا أعطى
العربون. »(1)


أما في تاج العروس فقد جاء :« إن للعربون ثمان لغات هي الإعراب، و العربان كعثمان ، و العربون بضمها ، و العربون محركة العين ، و الأربون بإبدال
العين ، و الربون بحذف العين ، و العربون بفتح فسكون فضم ، و ذكر لغة
تاسعة حكاها إبن عديس قال أهل الحجاز يقولون أخذ مني عربان بضمتين و تشديد
الباء .»(2).


في حين جاء في المصباح المنير: « العربون بفتح العين
و الراء قال بعضهم هو أن يشتري الرجل شيئا، أو يستأجره، و يعطي بعض الثمن
أو الأجرة ثم يقول إن تم العقد احتسبناه و إلا فهو لك و لا آخذه منك و
العربون وزن عصفور لغة فيه و العربان بالضم لغة ثالثة و نونه أصلية وأعرب في بيعه بالألف أعطى العربون و عربنه مثله و قال الأصمعي العربون أعجمي معرب. »(3).


و ما نستنتجه من كل هذه التعاريف أنه لا
توجد لغة واحدة للعربون، و كلها صحيحة و دارج استعمالها في البلدان
العربية، أما في الجزائر فإننا نستعمل لغتان: العربون بضم العين ،و
العربون بفتح العين

.

ــــــــــــــــــــ

1) أبو الفضل محمد بن مكرم بن منظور : لسان العرب -دار إحياء التراث العربي ، بيروت ،لبنان الطبعة الأولى 1996م ،الجزء 9 ص 119.

2) مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز أبادي: القاموس المحيط ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت لبنان ، الطبعة الأولى – 1991 م ، الجزء الأول ص 253.

1) إسماعيل بن حماد الجوهري : الصحاح، دار العلم ، بيروت الطبعة الثالثة 1984 الجزء السادس ، ص 2164.

2) محمد مرتضى الزبيدي : تاج العروس ،الطبعة الأولى الجزء الثالث ، ص 372.

3) عبد الحكم فودة : الوعدو التمهيد للتعاقد و العربون و عقد البيع الإبتدائي، دار الفكر العربي القاهرة ، 1992 بدون طبعة ، ص 144 هامش 1.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

التعريف الاصطلاحي للعربون

إن العربون
مصطلح درج على استعماله كل من فقهاء الشريعة الإسلامية، و فقهاء القانون
الوضعي، و لكل منهما تعريفه الخاص به، و هذا ما سنتناوله فيما يلي:



الفرع الاول: العربون في اصطلاح فقهاء الشريعة الإسلامية



قال الإمام مالك في الموطأ: «
و العربان: أن يشتري الرجل العبد أو الوليدة، أو يتكارى الدابة، ثم يقول
للذي اشترى منه أو تكارى منه: أعطيك دينارا، أو درهما أو أكثر من ذلك أو
أقل على أني إن أخذت السلعة أو ركبت ما تكاريت منك فالذي أعطيتك هو من ثمن
السلعة أو من كراء الدابة، وإن تركت ابتياع السلعة ،أو كراء الدابة فما
أعطيته لك .»


و جاء في الشرح الكبير: «
و كبيع العربان إسم مفرد، و يقال أربان بضم أول كل، و عربون، و أربون بضم
أولهما، و فتحه و هو أن يشتري أو يكتري السلعة، و يعطيه أي يعطي المشتري
للبائع شيئا من الثمن على أنه أي المشتري إن كره البيع لم يعد إليه ما
أعطاه، و إن أحبه حاسبه به من الثمن أو تركه مجانا .»


أما في المغنى و الشرح الكبير:«
العربون في البيع هو أن يشتري السلعة فيدفع إلى البائع درهما، و غيره على
أنه إن أخذ السلعة احتسب به من الثمن، و إن لم يأخذها فذلك للبائع.»


الفرع الثاني: تعريف العربون في اصطلاح فقهاء القانون



عرف العربون من طرف الأستاذ السنهوري بأنه: «
عبارة عن مبلغ من المال يدفعه أحد المتعاقدين إلى الآخر وقت التعاقد، فإن
تم التعاقد حسب المبلغ المدفوع من جملة ما هو متفق عليه، وإذا لم يتم
التعاقد خسر من عدل قيمة العربون.»


و قد عرفه الأستاذ محمد شريف أحمد بأنه: «
مبلغ من المال، أو أي شيء مثلي آخر يدفعه أحد المتعاقدين للآخر وقت إبرام
العقد، إما للتأكيد على أن لكل من الطرفين الحق في العدول عن العقد في
مقابل تركه ممن دفعه، أو رده مضاعفا ممن قبضه، وإما للتأكيد على أن العقد
الذي أبرماه أصبح باتا لا يجوز الرجوع فيه. »


أما الدكتور رمضان أبو السعود فقد عرفه بأنه: «
مبلغ من النقود يدفعه أحد المتعاقدين للآخر عند إبرام العقد، و يحدث ذلك
غالبا في عقود البيع، و الإيجار فيدفع المشتري جزءا من الثمن، و ليس هناك
ما يمنع أن يقوم كل طرف من أطراف العقد بدفع مبلغ عربون للمتعاقد الآخر . »


في حين أن الأستاذ خليل أحمد حسن قدادة عرفه بأنه:«هو
المبلغ الذي يدفعه أحد المتعاقدين إلى الآخر وقت إبرام العقد يكون الغرض
منه إما جعل العقد المبرم بينهما عقدا نهائيا، وإما إعطاء الحق لكل واحد
منهما في إمضاء العقد أو نقضه. »


و بناءا على كل التعاريف السابقة يمكن إيجاد تعريف موحد بينها: «العربون
مبلغ من المال، أو أي منقول معين تحدد قيمته في العقد يسلمه أخد
المتعاقدين للآخر وقت إبرام العقد، إما للدلالة على أحقية كل منهما في
العدول أو للدلالة على نهائيته و البت فيه ،و تأكيده بالبدء في تنفيذه ،و
دفع جزء من الثمن .»


و من خلال هذا التعريف يمكن أن نستخلص بعض خصائص العربون:

1- قد يكون العربون منقولا كسيارة مثلا، إذ ليس هناك نص يحصر العربون في مبلغ نقدي، وإن كان جرى العرف على أن يكون مبلغا من النقود.

2- الغرض من تحديد قيمة المنقول في العقد
هو درأ الخلاف بين الطرفين حول قيمة العربون إذ كان العدول ممن قبضه، حين
يرد المنقول عينه و قيمته المقدرة في العقد.


3- يمكن أن يصاحب العربون أي عقد إذ أن أحكامه عامة تصدق على سائر العقود، و لكن شاع استعماله في عقدي البيع، و الإيجار.

4- يجب أن يدفع العربون وقت التعاقد لأنه إن دفع بعد ذلك اعتبر تنفيذا جزئيا للعقد.

و اشتراط خيار العدول لنفسه إلا أن الموعود له لا يلزم في حالة عدم إستفاء الوعد برد ضعفه.

6- قد تكون للعربون دلالة تمام العقد و البدء في التنفيذ، وقد تكون له دلالة عدول عن إتمام التعاقد


الدلالة القانونية للعربون







إن القوانين تختلف فيما بينها في الأخذ
بدلالة دون أخرى من دلالات دفع العربون، فمن القوانين ما يعتبر دفع مبلغ
العربون بمثابة تأكيد للعقد وبدء لتنفيذه، ومنها ما يعتبره أنه قد دفع
بقصد تمكين المتعاقد الذي دفعه من العدول عن العقد وهذا ما سنتناوله في
هذا المطلب ضمن الفرعين التاليين:




الفرع الأول

التشريعات التي تأخذ بدلالة البت (تأكيد العقد)

إن التشريعات الجرمانية، ومعها القانون العراقي، والتونسي والقانون المغربي، تأخذ بدلالة التأكيد والبت(confirmation ) ،
وفي هذه الحالة يعتبر العربون تنفيذا جزئيا لالتزامات المتعاقد، ولا يجوز
لأي من المتعاقدين العدول عن العقد فإذا امتنع أحد المتعاقدين عن تنفيذ
التزامه فإن القواعد العامة تجيز للمتعاقد الآخر التمسك بعدم التنفيذ، أو
المطالبة بالتنفيذ العيني، أو الفسخ فضلا عن الحق في التعويض الذي يستقل
عن العربون المتفق عليه فقد يزيد، أو ينقص عنه.


وهذا ما تضمنه تقنين الالتزامات والعقود
المغربي إذ اعتبر العربون جزءا من قيمة العقد تم أداؤه، وإذا فسخ بالتراضي
ولكن تنفيذه أصبح غير ممكن ،أو فسخ بسبب خطأ أحد الطرفين فإن لمن قبض
العربون أن يحتفظ به، وعلى الطرف الآخر أن يلجأ إلى المحكمة لتقدير الضرر
الحاصل لقابض العربون ،وتلزمه برد ما زاد على قيمة هذا الضرر.




الفرع الثاني

التشريعات التي تأخذ بدلالة العدول



إن التشريعات اللاتينية ومنها القانون الفرنسي، ومعها القانون الجزائري، و المصري، و السوري، و الليبي، و الأردني، تأخذ بدلالة العدول(Dédit).

إذ تنص المادة 72 مكرر من القانون المدني الجزائري:« يمنح دفع العربون وقت إبرام العقد لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه خلال المدة المتفق عليها... »

ويفهم من ذلك أن العدول في هذه الحالة
استعمال لحق ناشئ عن العقد، والعربون مقابل لاستعماله وليس إخلال
بالالتزام ليكون العربون شرطا جزائيا يجب لاستحقاقه وقوع ضرر.


كما أن العربون دليل للعدول لوقت معين
فلا يجوز العدول بعد انقضاء هذا الوقت، أما إذا لم يعين وقت لجواز العدول
فيجوز العدول إلى وقت التنفيذ لأنه ليس من المنطقي أن يترك استعمال حق
العدول دون تقييده بوقت معين.


والعدول هنا معناه تعبير المتعاقد عن
رغبته في عدم تنفيذ الالتزام دون الغوص في مبررات هذا العدول لأنه حق
إرادي يمكن صاحبه من التحلل من العقد بإرادة واحدة، حيث يتم الاتفاق مقدما
بين الطرفين على منح هذا الحق لأحد هما، أو لكليهما فيقوم بالخيار بين
استعماله ،أو عدم استعماله خلال المدة المحددة. فالحق المنبثق عن العربون
حق إرادي يعتمد على إرادة صاحبه بحيث تكون له مكنة القضاء على العلاقة
التعاقدية بمقتضى تصرف إنفرادي، دون أن يكون للطرف الآخر المعارضة في ذلك
و لا تكون لإرادته في رفض ذلك أي أثر قانوني.


وجدير بالملاحظة أن القانون اللبناني لم يتعرض للعربون بنص خاص ولكنه تعرض لخيار العدول بصفة عامة فقضى في المادة 84/2 من قانون الموجبات والعقود بأنه «... يحق للفريقين أو لأحدهما أن يحفظ لنفسه حق التصريح في مهلة معينة بأنه يريد البقاء على العقد أو فسخه »
ويعد من هذا القبيل دفع العربون، و ذلك لأنه يعد مقابلا للحق في
العدول.وخيار العدول قد يشترط لمصلحة الطرفين، وقد يكون لمصلحة أحدهما فقط
وفي الحالة الأخيرة يكون العقد غير لازم بالنسبة لمن شرط خيار العدول
لمصلحته ولازما بالنسبة للطرف الأخر.


هذا ووفقا للفقرة الثالثة من المادة 84 المشار إليها أعلاه لا يصح اشتراط العربون،أو حق العدول في : الاعتراف بالدين، والهبة، وبيع السلم ، وهذا الأخيركما تعرفه المادة 487 من قانون الموجبات والعقود هو:«
عقد بمقتضاه يسلف أحد الفريقين الآخر مبلغا من النقود، فيلتزم هذا الفريق
مقابل ذلك أن يسلم إليه كمية معينة من المواد الغذائية أو غيرها من
الأشياء المنقولة في موعد يتفق عليه الطرفان. » ولما كان الثمن يدفع كله إلى البائع وقت إنشاء العقد (م 488 موجبات) فقد رأى المشرع أنه لا مجال لخيار العدول في هذه الصورة من صور البيع.


وقد نصت المادة 1590 مدني فرنسي على أنه « إذا
اقترن الوعد بالبيع بدفع عربون كان لكل من العاقدين حق العدول عن العقد
فإذا عدل من دفع العربون خسره، وإذا عدل من قبضه وجب عليه رد ضعفه
»

«Si la promesse de vendre a été faite avec des arrhes, chacun des contractants est maître de s´en départir. Celui qui les a données,en les perdant . Et ce lui qui les reçues,en restituant le double »

معنى هذا أن القانون الفرنسي رجح إحدى دلالتي العربون على الأخرى، فأخذ بدلالة العدول، وقد رأى الفقه، و القضاء أن
هذا الحكم ولو أنه ورد في شأن الوعد بالبيع إلا أنه ينطبق على عقد البيع
ذاته وأجاز البعض تعميمه على سائر العقود التي يصاحب عقدها دفع عربون.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[size=21] حكم العربون في العرف الجزائري






إن المعاملات بين
الجزائريين طغى عليها التعاقد بالعربون لاسيما التجارية منها، لما فيه من
حفظ للحقوق، وتسهيل للمعاملات، و كسب للثقة، هذا العربون الذي أدخل
للثقافة الشعبية الجزائرية من قبل المستعمر الفرنسي.



لقد
نظم القانون المدني الفرنسي العربون بنص المادة 1590 التي تنص على أنه إذا
اقترن الوعد بالبيع بدفع عربون كان لكل من المتعاقدين حق العدول عن العقد،
فإذا عدل من دفع العربون خسره، و إذا عدل من قبضه وجب رد ضعفه، و بذلك
يكون القانون الفرنسي قد أخذ بدلالة العدول، وقد رأى الفقه، و القضاء(1)
أن هذا الحكم و لو ورد في شأن الوعد بالبيع إلا أنه يجوز تعميمه على سائر
العقود التي يصاحب عقدها دفع عربون، و هذا ما يفسر شيوع التعامل بالعربون
في عقد البيع بالذات بين الجزائريين.



كما أن أحكام المادة 1590 من القانون المدني الفرنسي بقت هي المنظمة للعربون(2)
بعد الاستقلال، و إلى غاية صدور الأمر رقم 75/58 المؤرخ في 25/09/1975
المتضمن القانون المدني و ذلك بموجب الأمر رقم 31/12/1962 الذي مدد العمل
بالقوانين الفرنسية إلا ما تعارض منها مع السيادة الوطنية.



و بصدور القانون المدني قرر المشرع الجزائري عدم تنظيم العربون و لا نعلم السبب الذي دفعه إلى ذلك هل كان سهوا أم فعل ذلك متعمدا ؟ حسب رأيي فإن عدم النص عليه يمكن إرجاعه
إلى عدم الإجماع على حكمه في الشريعة الإسلامية ففضل المشرع عدم تنظيم هذه
المسألة لأنه كان يعلم بأن العرف الموروث عن القانون الفرنسي ينظمها.





لكن العرف(1)الساري
به العمل في الجزائر خلال الفترة الممتدة من تاريخ صدور القانون المدني
إلى غاية تعديله في 20جوان2005 ساير القانون الفرنسي فيما يخص دلالة
العربون فجعلها دلالة عدول أما فيما يخص الأحكام الأخرى فقد أدخل عليها
بعض التعديل بأن جعل ثمن عدول من قبض العربون هو إرجاعه لمبلغ العربون دون
مثله أي دون أن يدفع شيئا مقابل عدوله في حقيقة الأمر، في حين إذا عدل من
دفعه خسره، فعزز موقف البائع في مواجهة المشتري.



و تجدر الإشارة إلى أن
المدة في العرف الجزائري الممنوحة للمتعاقدين ليعربا عن عدولهما كانت جد
قصيرة لا تتعدى في اغلبها اليوم أو اليومين، باعتبار أن المعاملات اليومية
التي كان يستعمل فيها العربون تستدعي السرعة .

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

حكم العربون في الشريعة الإسلامية



إن حكم العربون في الفقه
الإسلامي يختلف عن ما رأيناه سابقا ذلك أن العربون عندما تكون له دلالة
تنفيذ العقد يكون أمرا جائزا في الفقه الإسلامي، فمثلا إذا باع شخص شيئا،
ودفع من ثمنه جزءا كعربون دل هذا على تمام تنفيذ العقد، واحتسب العربون من
جملة الثمن.


لكن العربون الذي تعرضت
له المذاهب الإسلامية كانت له دلالة أخرى، فقد كانت صورته ما إذا اشترى
شخص شيئا، ودفع عربونا واشترط أنه إذا اختار البيع كان العربون جزاءا من
الثمن، وإن لم يشتري السلعة بقي العربون حقا للبائع لا يرده للمشتري.


لقد اختلف الفقهاء في حكم العربون فمنعه الجمهور من الحنفية والمالكية، والشافعية، وأجازه الحنابلة.

ويرجع اختلاف الفقهاء إلى
تعدد الأحاديث الواردة عن رسول الله- صلى الله علية و سلم - في شأن
العربون فمنها من أجاز العربون ومنها من أبطله.


وهكذا انقسم الفقه الإسلامي إلى اتجاهين: الإتجاه الأول منع التعاقد بالعربون وهو رأي للجمهور، الإتجاه الثاني أجازه وهو رأي الحنابلة،وسأتعرض إلى أدلة كل إتجاه مع مناقشتها لأصل في النهاية إلى ترجيح أحد الرأيين .


أولا : الرأي الذي يحرمه





وهو مذهب الأحناف والشافعية والمالكية واستدلوا بالكتاب، و السنة ، والمعقول.

أ : أدلة هذا الإتجاه



19

1 - الكتاب

استدلوا بقوله تعالى : [b]« يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل »
(1)

[b]وجه الدلالة
:
عندما نتمعن في هذه الآية نجد أن الله سبحانه وتعالى نهى عن أكل أموال
الناس بالباطل أي بغير حق ، ومن أكل المال بالباطل بيع العربان لأنه من
باب بيع القمار، والغرر، والمخاطرة،وأكل المال بالباطل بغير عوض، ولا هبة،
وذلك باطل بالإجماع. (2) قال إبن جرير حدثني ابن المثنى حدثنا عبد الوهاب حدثنا داود عن عكرمة عن ابن عباس في الرجل يشتري من الرجل الثوب فيقول إن رضيته أخذته وإلا رددت معه درهما قال هو الذي قال عز وجل فيه « ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل »(3)
فالعربون على هذا النحو فيه أكل للمال بالباطل لأن المشتري إذا كره السلعة
فقد ما دفعه من مال على سبيل العربون فكيف يستحله البائع إذ يكون قد أخذه
دون مقابل؟

2- السنة

استدلوا بما رواه أحمد في مسنده(4) ،وأبو داود، وابن ماجة، ومالك في الموطأ عن الثقة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال « نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان »
وجه الدلالة :
هذا الحديث صريح في النهي عن التعاقد بالعربون لذلك قال مالك : وتفسير ذلك
أن يشتري الرجل، أو المرأة العبد، أو الوليدة الأمة ،أو يتكارى الدابة ثم
يقول للذي اشترى منه، أو تكارى منه أعطيك دينارا، أودرهما،
أو أكثر من ذلك، أو أقل على إني أن أخذت السلعة المبتاعة، أو ركبت ما
تكاريت منك ، فالذي أعطيتك هو من ثمن السلعة، أو من كراء الدابة، وإن تركت
ابتياع السلعة، أو كراء الدابة فما أعطيتك لك ،وهو باطل بغير شيء لما فيه الشرط والضرر، وأكل أموال الناس بالباطل فإن وقع فسخ، وإن فات مضى.(5)


3- المعقول

كما استدلوا أيضا بأن
العربون منهي عنه لأنه شرط للبائع شيئا بغير عوض فلم يصح كما لو شرطه
لأجنبي، ولأنه بمنزلة الخيار المجهول فإن اشترط المشتري أن له رد المبيع
من غير ذكر مدة فلم يصح كما لو قال : ولي الخيار متى شئت رددت السلعة
ومعها درهما وهذا هو القياس.[sup](1)
فالعربون على هذا النحو باطل لأن فيه شرطين فاسدين:

الشرط الأول : شرط الهبة

الشرط الثاني : شرط الرد على تقدير أن لا يرضى.

فضلا عما فيه من المخاطرة، وأكل المال بالباطل، وأنه من الميسر، وأن فيه ضررا، وجهالة.

ب : مناقشة أدلة هذا الإتجاه :

1)
قولهم بأن العربون من قبيل أكل أموال الناس بالباطل مردود عليه بأن
العربون ليس كذلك، لأنه عوض عن حرمان صاحب السلعة من فرص عرضها للبيع، وهو
ثمن لحبس السلعة لحساب الطرف الآخر وقد يأتي مشتري مثلا بسعر أفضل من الذي
اشتراها به من دفع العربون فيلتزم البائع بارتباطه مع المشتري الذي دفع
العربون، وطالما أن المشتري فوت على البائع مثل هذه الفرص فلا يكون
العربون من قبيل أكل أموال الناس بالباطل، فالعربون لم يشترط للبائع بغير
عوض إذ العوض هو الانتظار بالبيع، وتوقيف السلعة حتى يختار المشتري وتفويت
فرصة البيع من شخص آخر لمدة معلومة.(2)
2) قولهم بأن العربون من باب القمار، والمخاطرة، والغرر،وجهالة مردود عليه(3) بأن العـربون إنما يكون كـذلك إذا كانت مدة الخيار

مجهولة فيكون العربون من الغرر، لكن
يشترط لصحة العربون أن تكون مدة الخيار معلومة، وبالتالي ينتفي الغرر
والمخاطرة. فمقدار العربون معروف مسبقا ولا بد لاعتباره كذلك من مدة معينة
تعطي دافع العربون مهلة ليختار أثناءها الرد أو إمضاء العقد.

3) استدلالهم بحديث النهي عن بيع العربان مردود عليه أيضا بأن هذا الحديث ضعيف وبسط الكلام في وجوه ضعفه من استدل به فكيف يحتج به.(1)

وقال أبو عمر قد تكلم الناس في الثقة
عنده في هذا الموضع،وأشبه ما قيل فيه أنه أخذه عن ابن لهيعة، أو عن ابن
وهب عن ابن لهيعة، لأن إبن لهيعة سمعه من عمرو بن شعيب، و رواه عنه ، حدث
به عن إبن لهيعة إبن وهب ،و غيره وابن لهيعة أحد العلماء إلا أنه يقال انه
احترقت كتبه فكان إذا حدث بعد ذلك من حفظه غلط، وما رواه عنه ابن المبارك،
وابن، وهب فهو عند بعضهم صحيح، ومنهم من ضعف حديثه كله.(2)

وقد أجاب الجمهور عن القول بأن الحديث ضعيف، أنه قول غير صحيح لأن الحديث صحيح ورد الطعن الموجه إلى سند الحديث بأنه و
إذا كان ضعيفا لإبهام الثقة الذي رواه عنه مالك إلا أن الحديث في ذاته
صحيح لمعرفة هذا الثقة، فقد قال ابن عبد البر أنه ابن لهيعة، وردوا على
الطعن في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بأن سماع شعيب عن أبيه ثابت،
وأكثر المحدثين ذهبوا إلى الاحتجاج بهذه الرواية وهو الصحيح المختار الذي
عليه المحققين من أهل الحديث.

4) قولهم بأن
العربون منهي عنه لأنه شرط للبائع شيئا بغير عوض فلم يصح كما لو شرطه
لأجنبي مردود عليه بما سبق قوله من أن العوض موجود ألا وهو الإنتظار
بالبيع، وتوقيف السلعة حتى يختار المشتري، وتفويت فرصة البيع من شخص آخر
لمدة معلومة.

)
القول بأن العربون بمنزلة الخيار المجهول مردود عليه بأن الأمر ليس كذلك
إذ المشتري إنما يشترط خيار الرجوع في البيع مع ذكر مدة معلومة إن لم يرجع
فيها مضت الصفقة وانقطع الخيار.



ثانيا : الرأي الذي يجيزه (يبيحه)



وهو مذهب الإمام أحمد ومحمد ابن مسيرين، وفعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعن ابن عمر أنه أجازه ،و قال ابن المسيب : «لا بأس إذا كره السلعة أن يردها ويرد معها شيئا، وقال أحمد هذا في معناه .»

[b]أ : أدلة هذا الإتجاه


استدل أنصار هذا الإتجاه بما يلي :

1- ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن زيد بن اسلم أن رسول الله – صلى الله عليه و سلم - سئل عن العربان في البيع فأحله .

2- ما رواه البخاري في باب ما يجوز من الاشتراط عن ابن سيرين قال :« قال رجل لكريه،(1) أرحل ركابك، فإن لم أرحل معك في يوم كذا فلك مائة درهم، فلم يخرج، فقال شريح(2) من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه.» (3)

3- عن نافع بن عبد الحارث أنه اشترى لعمر دار السحن من صفوان بن أمية فإن رضى عمر فالبيع له وإن لم يرضى فلصفوان أربعمائة.(4)

4. قياس
العربون على صورة متفق على صحتها وهي أنه لا بأس إذا كره المشتري السلعة
أن يردها ويرد معها شيئا حيث قال الإمام أحمد هذا في معناه.

ب :مناقشة أدلة هذاالإتجاه:

1) رد
الجمهور حديث زيد بن أسلم بما قاله أبو عمر : هذا الحديث لا يعرف عن رسول
الله – صلى الله عليه و سلم - وجه يصح، وإنما ذكره عبد الرزاق عن الأسلمي
عن زيد أسلم مرسلا، وهذا مثله ليس بحجة ففي إسناده إبراهيم بن يحي وهو
ضعيف.

وقال ابن رشد قال أهل الحديث هذا الحديث
غير معروف عن رسول الله – صلى الله عليه و سلم - ،وقال ابن عبد الله ولا
يصح ما روى عنه – صلى الله عليه و سلم - من إجازته فإن صح احتمل أن يحسب
على البائع من الثمن إن تم البيع، وهذا جائز عند الجميع.(1)

بهذا قال القرطبي يحتمل أن يكون بيع
العربان الجائز على ما تأوله مالك والفقهاء معه، و ذلك بأن يعربنه ثم يحسب
عربانه من الثمن إذا اختار تمام البيع، وهذا الاختلاف في جوازه عند مالك
وغيره.(2)

2) وأما ما رواه نافع بن عبد الحارث أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية فيمكن الرد عليها بعدة احتمالات:

الاحتمال الأول: أن البيع خلا من الشرط المفسد، وذلك مثلما لو دفع المشتري إلى البائع قبل البيع درهما، وقال:«لا تبع هذه السلعة لغيري، وإن لم اشتريها منك فهذا الدرهم لك» ثم اشتراها منه بعد ذلك بعقد مبتدئ، وحسب الدرهم من الثمن.

الاحتمال الثاني:
يحتمل أن الشرّاء الذي اشترى لعمر كان على الوجه المتقدم فيحمل عليه جمعا
بينه وبين فعله وبين الخبر وموافقة القياس والأئمة القائلون بفساد العربون.

ثالثا : الرأي الراجح



بعد استعراض أدلة الإتجاهين ومناقشتها،
نستطيع أن نقول بأن ما ذهب إليه أنصار الإتجاه الثاني القائلين بجواز
التعاقد بالعربون هو الأولى بالقبول لعدة أسباب منها :

السبب الأول :
أن الأحاديث التي استدل بها أنصار الإتجاهين أحاديث ضعيفة وطالما أن الأمر
كذلك فلابد من البحث عن دليل آخر يقوي حجة أحد الإتجاهين ،وقد وجدنا ما
يعضد ويقوي حجة أنصار الإتجاه الثاني ألا وهو الأثر المروي عن نافع بن عبد
الحارث عندما اشترى دارا للسجن لعمر من صفوان ابن أمية بأربعة آلاف فإن
رضي عمر كان البيع نافذا، وان لم يرضى فلصفوان أربعة مائة درهم ،وهي ثابتة
سمع بها الصحابة ولم ينكروها فكانت دليل إباحة التعاقد بالعربون.(1)

السبب الثاني : إن هناك صورتين أخريين تقربان من العربون ومع
ذلك تصحان دونه في رأي من يقول ببطلانه، أحدهما حالة البيع البات الذي
يتلوه تقايل بدفع المشتري في مقابله شيئا، والصورة الأخرى عقدان متتاليين
في الأول منهما يدفع المشتري إلى البائع قبل البيع درهما ويقول له لا تبع
هذه السلعة لغيري، وإن لم اشتريها فالدرهم لك، وفي الثاني يشتريها بعقد
مبتدأ ويحسب الدرهم من الثمن، فهذا البيع وهو العقد المبتدأ صحيح لأنه
انفصل عن العربون وصار عقدا مستقلا، فخلا عن الشرط المفسد.

وأصحاب الإتجاه الثاني على حق في تصحيحهم
لبيع العربون قياسا على هاتين الصورتين، بل في الصورة الثانية أي صورة
العقدين المتتاليين عقد العربون، وعقد البيع المبتدأ يصعب فيها القول بأن
المشتري إذا كره البيع لم يستحق البائع الدرهم لأنه يأخذه بغير عوض،
فالعوض موجود وهو تفويت المشتري على البائع فرصة البيع من شخص آخر ربما
كان أفضل سعر منه.(1)

السبب الثالث : طالما المشتري اشترط على نفسه فإنه يلتزم بذلك إنطلاقا مما رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : « مقاطع الحقوق عند الشروط ولك ما شرط »، وما قاله البخاري في باب الشروط في القرض، وقال ابن عمرو عطاء إذا أحله في القرض جاز،(2) ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا، أوأحل حراما والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا، أو أحل حراما »(3)

والشرط الذي اشترطه المشتري
على نفسه في التعاقد بالعربون لا يحل حراما، ولا يحرم حلالا فيكون شرطا
مباحا لهذا قال ابن قيم الجورية في إعلام الموقعين: « ومن هنا
قال الإمام أحمد لا بأس ببيع العربون لأن عمر فعله، وأجاز هذا البيع
والشرط فيه مجاهد، ومحمد بن سيرين وزيد بن اسلم، ونافع بن عبد الحارث،
وقال أبو عمر وكان زيد بن اسلم يقول أجازه رسول الله صلى الله عليه
وسلم... والمقصود أن للشروط عند الشارع شأن ليس عند كثير من الفقهاء ،
فإنهم يلغون شروطا لم يلغها الشارع، ويفسدون بها العقد من غير مفسدة تقتضي
فساده، وهم متناقضون فيما يقبل التعلق بالشروط من العقود وما لا يقبله،
فليس لهم ضابط مطرد منعكس يقوم عليه دليل، فالصواب الضابط الشرعي الذي دل
عليه النص أن كل شرط خالف حكم الله، وكتابه فهو باطل
وما لم يخالف حكمه فهو لازم، يوضحه أن الالتزام بالشرط كالالتزام بالنذر،
والنذر لا يبطل منه إلا ما خالف حكم الله، وكتابه بل الشروط في حقوق
العباد أوسع من النذر في حق الله، والالتزام به أوفى من الالتزام بالنذر.(1)

ويكاد يجمع الاتجاه الجديد إلى الأخذ بجواز التعامل بالعربون لما فيه من مصلحة راجحة،(2)
إذ أن عدم اشتراطه قد يسبب خصومات ومفاسد كبيرة خاصة في الاستصناع حيث
يصنع العامل للمشتري ما يريد، فيضمن العربون للعامل أخذ المشتري للبضاعة،
ويضمن للمشتري عدم غش الصانع، أو بيعه البضاعة لغيره، ومماطلته في حال لو
دفع الثمن كاملا، وفي حالة عدم دفع أي شيء من المبلغ المتفق عليه، فأصبح
العربون صمام أمان في كثير من المعاملات التجارية، إن لم يكن جميعها.

وقد جرى على هذا العمل بين الناس، فقد قرر المجمع الفقهي المنعقد في دورته الثامنة من 1 إلى 7 محرم1414 هـ في قراره رقم 72(3/Coolالمؤرخ في 02/12/2004 (3)ما يلي :

1) المراد
ببيع العربون بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغا من المال إلى البائع على
أنه إن أخذ السلعة احتسب من الثمن وإن تركها فالمبلغ للبائع.

ويجري مجرى البيع الإجارة لأنها بيع
المنافع، ويستثنى من البيوع كل ما يشترط لصحته قبض أحد البدلين في مجلس
العقد (السلم)، أو قبض البدلين (مبادلة الأموال الربوية، والصرف) ولا يجرى
في المرابحة للأمر بالشراء في مرحلة المواعدة ولكن يجري في مرحلة البيع
التالية للمواعدة.

2) يجوز بيع
العربون إذا قيدت فترة الانتظار بزمن محدود ويحتسب العربون جزءا من الثمن
إذا تم الشراء ويكون من حق البائع إذا عدل المشتري والله أعلم.[/sup]
[/size]
[/b][/b][/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://zemmora.yoo7.com
 
حكم العربون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
zemmora :: شؤون التعليم :: كلية الحقوق :: متفرقات منوعة-
انتقل الى: