[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] القانون الدستوري
السداسي الأول
المبحث الأول مفهوم القانون لدستوري :
مفهوم القانون بوجه عام :
تعـريف القانـون :.
للقانون
مدلولات عديدة ومتنوعة فقد يقصد بالقانون كل قاعدة مطردة مستقرة ،يفهم
منها نتائج معينة وهذا هو المقصود العام للقانون، وهو لفظ يستعمل
فيالمجالات المختلفة ، العلمية والرياضية ، والاقتصادية ، والاجتماعية
كأنيقال قانون (الطفو) أو قانون (الجاذبية) أو قانون (العرض والطلب)
…إلخ.وقديقصد بالقانون بمجموعة القواعد القانونية التي تصدرها السلطة
التشريعية،يقصد تنظيم مسألة معينة مثالها ، قانون الوظيفة العامة ، الذي
يبك
ين كيفية تعيين الموظف وترقيته ، وعزله وإحالته إلى التقاعد ، أو
قانونتنظيم الجامعات أو المحاماة . وقد يقصد بالقانون كذلك لتدليل على فرع
معينمن فروع القانون، فيقال على سبيل المثال القانون المدني ،أو
القانونالتجاري ،أو قانون تنظيم الجامعات ، أو المحاماة.و قد يقصد
بالقانون أخيرا، بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تحكم سلوك الأفراد في
المجتمع ، والتي يتعين عليهم الخضوع لها و لو جبرا اذا اقتضى لأمر ذلك.في
الواقع أننالا يمكن إعتماد المدلول الأول للقانون ، على أساس أن هذا
المدلول لا ينطبقإلا على الظواهر الطبيعية كما رأينا عند وضعه ، و الأمر
كذلك ، بالنسبةللمدلول الثاني على أساس أن التشريع الذي تضعه السلطة
التشريعية لتنظيممسألة معينة ليس إلا مصدر من مصادر القانون ، مع أن
للقانون مصادر عديدةكما و أن لا يعرف بمصادره التي يستقي منها قواعده.
تعريف القانون الدستوري :
و
هو مجموعة القواعد التي تحدد طبيعة نظام الحكم في الدولة ، و تبينالسلطات
العامة فيها و اختصاص كل منها و علاقاتها مع بعضها البعض، كماتبين حقوق
الأفراد السياسية و ما يجب لحرياتهم من ضمانات . و يعتبرالقانون الدستوري
في طليعة فروع القانون العام الداخلي فهو أساس كل تنظيمفي الدولة ، حيث
يضع الأسس التي تقوم عليها الدولة ، وعلى هذا فإنه لايجوز مخالفة هذا
القانون بقانون آخر يصدر داخل الدولة ، لأن كل القوانينالأخرى أقل منه في
المرتبة
أهمية القانون الدستوري :
إذا كانت الدولة تهتم بالتوفيق
بين الحرية و المصلحة العامة فإن مهمةالقانون الدستوري هي تنظم التعايش
السلمي بين السلطة و الحرية في إطارالدولة و هذا لن يأتي إلا بالتوفيق بين
فردية الإنسان و أنانيته التي تبينحقوق الفرد و حرياته وواجبات الدولة
إتجاه الجماعة حتى أن الأستاذ (بريلو)يقول بأن القانون الدستوري أداة
السلطة أو تقنية السلطة . فالقانونالدستوري حسب وجهة نظره هو ظاهرة السلطة
العامة في مظاهرها القانونية .
الهدف من القانون الدستوري
المسائل التي ينظمها القانون الدستوري :
من التعريف السابق للقانون الدستوري ، يتبين أن المسائل التي ينظمها و يعتني في تحديد أحكامها هي
أولا:- يبين نظام الدولة السياسي ، ملكية أم جمهورية ، ديمقراطية أم دكتاتورية نيابية أم غير نيابية ، بسيطة أم اتحادية إلخ
ثانيا
:- يبين السلطات العامة في الدولة السلطة القضائية السلطة التشريعيةو
السلطة التنفيذية و يبين الهيئات التي تباشرها فالسلطة القضائية تقومبها
المحاكم و المجالس القضائية على نطاق الولايات في الجمهورية
الجزائريةالديمقراطية الشعبية ، و المجلس الأعلى الذي يقوم مقام محكمة
النقض ومركزه الجزائر العاصمة أمالا السلطة التشريعية فيقوم بها المجلس
الوطنيالشعبي أما السلطة التنفيذية فيقوم بها رئيس الجمهورية و يعاونه في
ذلكالوزراء كما يبين القانون الدستوري في هذا الخصوص علاقات السلطة
العامةبعضها مع بعض ، و يبين ما إذا كانت هذه السلطات منفصلة عن بعضها أم
أن لكلسلطة منها الحق بالتدخل في نشاط السلطتين الأخيرتين و ما حدود هذا
التدخل .
ثالثا : - و يحدد القانون الدستوري حقوق الأفراد في الدولة و
كما يقررالحريات التي يتمتع بها كل فرد، و ترجع هذه الحقوق و هذه الحريات
إلى حقينجوهريين الحرية و المساواة فالحرية تشمل الحرية في التملك ، الدين
والعقيدة ، السكن، و الحرية الشخصية، و التعليم ، أما المساواة فهي
تتضمنالمساواة في الحقوق و الواجبات ، أي المساواة في ما تخوله الدولة من
مزاياو تكاليف كالمساواة في تولي الوظائف العامة وواجب أداء الخدمة
الوطنية أوأداء الضرائب .
أنواع الدساتير :
تنقسم الدساتير من حيث المصدر الذي تخرج منه ، إلى قسمين :
القسم
الأول : عندما يكون الدستور منحة من الحاكم أو السلطات إلى شعبه ،ينزل فيه
عن بعض سلطاته للشعب ، و القسم الثاني عندما يصدر الدستور عنالشعب ، أي
يكون الشعب هو مصدر الدستور ، وهذا هو ما تم بالنسبة للدستورالجمهورية
الجزائرية الشعبية الجديد عندما طرح للإستفتاء على الدستور.
و تنقسم
الدساتير كذلك من حيث قوة أحكامها وأماكن تعديلها إلى دساتير مرنةو دساتير
غير مرنة و تسمى بالدساتير الجامدة . و الدساتير المرنة هيالدساتير التي
يجوز تعديل أحكامها بقانون عادي ، و مثال ذلك الدستورالإنجليزي ، حيث يمكن
تعديل أي حكم فيه بقانون عادي يصره البرلمان أماالدساتير الجامدة فهي التي
لا يمكن تعديلها بقانون عادي و إنما لابدلتعديلها من إتخاذ إجراءات خاصة
كأن يكون لرئيس الجمهورية أو البرلمان طلبتعديل مادة أو أكثر من مواد
الدستور .
المعاني المختلفة للدستور :
يتفق أغلب الفقه على أن
القانون هو ذلك الموضوع الذي ينظم العلاقاتالاجتماعية بين الأفراد من أجل
ضمان العدالة بينهم ، ومن المعروف أنالقانون ينقسم إلى قسمين : القانون
الخاص privé والقانون العام أو العموميpublic .فالقانون الخاص ينظم
العلاقات الخاصة بين الأفراد كعلاقات البائعمع المشتري والمؤجر مع
المستأجر ، أما القانون العام فهو الذي ينظمالعلاقات التي يمكن أن تقوم
بين أحد الأشخاص المعنوية العمومية Personnesmorales publiques وأحد
الأشخاص الخاصة الطبيعيين أو الأشخاص المعنويةالعمومية (شخص واحد أو أكثر)
ومن الأمثلة على هذه التصرفات قيام الدولةبنزع ملكية شخص من أجل تحقيق
منفعة عامة أو تعاقدها مع مقاول للقيامبأشغال لصالحها، أو توريد أشياء لها
مقابل مبلغ معين، أو نقل ملكية من شخصإلى آخر كما هو الشأن بالنسبة لنقل
طريق مملوك للولاية أو البلدية إلىالدولة أو العكس. ومن بين فروع القانون
العام الدستوري الذي يحدد شكلالنظام السياسي للدولة والذي يجد أهم قواعده
في الدستور الذي يحمل معانيمختلفة لغوية وسياسية وقانونية
1-المعنى اللغوي :
نعتقد
مع جميع الفقهاء العرب أن عبارة " دستور" ليست عربية وأن معناها هوالقانون
الأساسي، غير أن هذا الاصطلاح العربي اختلف بشأنه، فنجد بعض الدولقد
استعملته للدلالة على معنى الدستور كالعراق مثلا في دستور 1925 وإيرانفي
دستور 1979 في حين أن البعض الآخر يستعمله للدلالة على قوانين لا تصلإلى
مرتبة الدستور، ولكنها تعد أساسية بإعتبارها تتضمن مبادئ عامةتتناولها
بالشرح أو التفسير قوانين أخرى ومثل ذلك القوانين الأساسية فيالجزائر
(القانون الأساسي العام للعامل مثلا)
والحقيقة أن مصطلح الدستور الآن
في معظم الدول العربية يقابله بالفرنسيوالإنجليزي مصطلح Constituion الذي
يعني التأسيس أي النظام أو القانونالأساسي ونتيجة لهذا الإختلاف يفضل
استعمال اصطلاح الدستور لما يحمله منمعاني السمو ومظاهر الاحترام
فالدستور
لغة هو اذن مجموعة القواعد الأساسية التي تبين كيفية تكوينوتنظيم الجماعة،
ولا يشترط فيه أن يكون مكتوبا أو عرفيا، لذلك فان الدستوربهذا المعنى يوجد
في كل جماعة، من الأسرة حتى الدولة ، وأن هذا المعنىالواسع غير محدد وغير
دقيق لكونه يحتوي على معاني يمكن أن تنصرف إلى كلتنظيم يمس أية مجموعة
بشرية، في حين أن المعنى الحقيقي للدستور هو الوثيقةالمنظمة للدولة وشؤون
الحكم .
2-المعنى السياسي والمذهب الدستوري:
لقد تضمن إعلان حقوق
الإنسان والمواطن لسنة 1789 شروطا معينة يجب توافرهافي الدستور وتتمثل في
تضمينه لحقوق الإنسان وحرياته وضمانات ممارستها إلىجانب ضرورة الأخذ بمبدأ
الفصل بين السلطات حتى لا تتداخل اختصاصاتها وتقتضي على السلطة المطلقة و
ذلك تأثرا بالمذهب الدستوري Constitutionalismالداعي إلى قرار التوفيق ين
السلطة و الحرية .
و يقصد بالمذهب الدستوري تلك الحركة التي ظهرت في
عصر النهضة الأوربيةوحلت محل الأعراف السائدة آنذاك غير الواضحة و التي
تركت مجالا واسعاللملك لممارسة السلطة التقديرية ، فظهرت الدساتير
المكتوبة للحد من إطلاقالسلطة و استبدادية الملوك ، و لذلك طالب الأحرار
بتحديد أنماط إسنادممارسة السلطة السياسية بموجب نص واضح دفعا لأي إطلاقا
للسلطة ، ومن ثمةفالدستور في مفهومه الشكلي يتعارض مع التعسف ، لأنه يحدد
دولة القانونالتي يمكن أن يكون فيها سواء ما هو مطابق للقواعد التي يضعها
ذلك الدستور. و المعلوم أن المذهب الدستوري يجد مصدره في فكرة العقد
المعارضة لإطلاقالسلطة و التي ظهرت بوادر لها في القرن 16 و سيطرت في
القرن 18 والتي دفعتإلى إنشاء المجتمع المدني في قالب عقد بين مختلف
الأطراف بعيدا عن تأثيرالعوامل الدينية، وأعتبر الدستور شكلا قيدا على
السلطة المطلقة للملوك،وبالتطور أصبح لأغلب الدول دستور في مفهومه الشكلي
إلا أن الممارسةالسياسية لم تكن في كل الأحوال متماشية مع الدستور وهو ما
تسبب في اختلالبين النصوص الدستورية والممارسات السياسية، وإن كان هذا
الاختلال ليس منذات الطبيعة الواحدة والدرجة والأثر في كل الأنظمة .ومن
هنا فإن أي نظاملاسيما إذا كان رسميا، مثلما هو في الدستور، كان دائما له
معنى اجتماعيلكونه تعبيرا عن علاقات قوى موجودة ضمن نظام سياسي في مرحلة
معينة، الأمرالذي يدفعنا إلى التساؤل حول ما إذا كانت كل قاعدة دستورية
تحمل في طياتهافكرتها المضادة بالمفهوم الهيغلي أو الماركسي، ذلك أنه وإن
كانت الحريةمقررة دستوريا إلا أنها عمليا صعبة التحقيق وسهلة التقييد وحتى
الإلغاءالوقتي لا سيما من حيث تنظيمها قانونا، وعليه فإن التفسير التناقضي
السالفالذكر يعني رفض النظرة المنسجمة للمذهب الدستوري . والمؤكد أن
الطبقةالبورجوازية استعملت المذهب الدستوري لتقييد السلطة المطلقة واعتبرت
نفسهاالمعبر عن رأي واردة الشعب في مواجهة تلك السلطة، وهي الفكرة التي
تبنتهاطبقات مختلفة كالمجاهدين، والجيش والبورجوازية في الدول النامية
حيثاعتبرت نفسها هي الشعب والمعبر الحقيقي الوحيد عن الشعب ودفع بها
ذلكالموقف إلى اعتبار أن كل ما يخالف وجهة نظرها ومصلحتها، ولو كان ذلك
واردامن الشعب يعتبر مرفوضا يجب محاربته ورفضه، وهو ما يطرح تساؤلا في
هذهالأنظمة حول ما إذا الدستور في النهاية هو أداة للدعاية داخليا
وخارجياللنظام عما هو قائم، الأمر الذي قد يؤدي إلى أن يصبح الدستور يحمل
معنىشعاريا أكثر من كونه ذو معنى اجتماعي سياسي، ومهما يكن من رأي حول
المذهبالدستوري ونتائج الأخذ به فإن المعنى السياسي للدستور رسميا ونظريا
يقصدبه تلك الوثيقة التي تتناول كيفية تنظيم السلطة السياسية في الدولة
علىأساس الفصل بين السلطات، وتتضمن حقوق وحريات الأفراد وضمانات
ممارستهاباعتبارها قيودا على سلطة الحكام عليهم احترامها وعدم الاعتداء
عليها .
3-المعنى القانوني : من المعروف أن الأفراد في حاجة إلى قواعد
قانونيةتنظم العلاقات فيما بينهم، وكذلك الحال بالنسبة للدولة، فهي في
حاجة إلىقواعد قانونية تنظم شؤونها وعلاقتها، وأن الحكام عندما يمارسون
وظائفهمواختصاصاتهم لا يفعلون ذلك باعتبارهم يمارسون حقوقا أو امتيازات
شخصية،وإنما اختصاصات أو وظائف منظمة ومحددة بقواعد دستورية تستمد منها
القواعدالقانونية الأخرى وجودها وشرعيتها .ومن المعلوم أن للدستور مفهومين
أحدهماشكلي والأخر موضوعي :
المفهوم الشكلي : ويقصد بالمفهوم الشكلي
مجموعة القواعد القانونية التيتتضمنها الوثيقة الدستورية، وعليه فإن
المفهوم الشكلي ينحصر فيما هو واردمن أحكام في الوثيقة الدستورية،
الموضوعة من طرف جهة مختصة دون أن يمد إلىغير ذلك من القواعد . والذي لاشك
فيه أن الاعتماد على هذا المفهوم لايتماشى والواقع لأن في ذلك إنكار لوجود
دساتير عرفية كدستور انجلترا فضلاعن الدساتير تتضمن بعض القواعد التي لا
صلة لها بالتنظيم السياسي مثل النصفي الدستور الجزائري على أن اللغة
العربية هي اللغة الوطنية والرسمية، ونصالدستور الفرنسي لسنة 1848 على
إلغاء عقوبة الإعدام في الجرائم السياسية،والغرض من ذلك هو كفالة ثباتها
واستقرارها أكثر بالمقارنة مع القوانينالعادية فتصبح بعيدة عن التأثيرات
السياسية .
وبالمقابل فإن هناك قواعد دستورية بطبيعتها لاتتضمنها
الوثيقة الدستوريةمثل قوانين الانتخابات وقوانين تشكيل وتنظيم البرلمان
ونظمها الداخلية،والأخذ بالمفهوم الشكلي يعني إبعادها من الدستور خلافا
للواقع.
المفهوم الموضوعي :أما المفهوم الموضوعي فيقصد به مجموعة
القواعد التيتنظم شكل الدولة ونظام الحكم وطبيعة العلاقة بين السلطات
واختصاصاتها،وكذلك القواعد التي تبين حقوق الأفراد وحرياتهم وضماناتها دون
نظر إلى ماإذا كانت مدرجة ضمن الوثيقة الدستورية أو وثيقة قانونية أخرى
مهما كانمصدرها وتدريجها في الهرم القانوني أو كانت عرفية . ونتيجة
لاختلافالمفهومين فإن الفقهاء اختلفوا حول المعيار الذي يمكن الاعتماد
عليه بشأنتعريف الدستور.
فمنهم من اعتمد المعيار الشكلي بحيث يسند على
الوثيقة الدستورية، أيالنصوص المدونة فيها والهيئة والإجراءات التي اتبعت
في وضعها والمصادقعليها، ومنهم من استند على المعيار الموضوعي الذي يعتمد
على جوهر نظامالحكم ومضمون الدستور وعليه يعرف أنصار المعيار الشكلي
الدستور بأنهمجموعة القواعد التي تضعها هيئة خاصة وتتبع في ذلك إجراءات
خاصة تختلفعادة عن إجراءات وضع القوانين العادية، أما أنصار المعيار
الموضوعيفيعرفون الدستور بأنه مجموعة القواعد الأساسية التي تحدد شكل
الدولة ونظامالحكم فيها وتبين سلطتها العامة وعلاقتها ببعضها وعلاقة
الأفراد بها، كماتقرر حقوق الفرد وحرياته المختلفة وضمانتها أما المدرسة
الاشتراكية فتعرفهبأنه مجموعة القواعد القانونية التي تثبت وفقا لمصالح
الشغيلة النظامالاجتماعي والسياسي في الدولة وكذلك مبادئ تنظيم هيئات
السلطة ونشاطهاوأسس الوضع القانوني للأفراد في الدولة الاشتراكية ويرى
الدكتور نوري لطيفبأن القانون الدستوري هو مجموعة القواعد القانونية التي
تثبت نظام الحكمفي دولة موافقا لمصالح الطبقات والفئات الاجتماعية السائدة
في ضوء فكرةقانونية معينة
وقد رجح معظم الفقهاء التعريف الموضوعي عن
التعريف الشكلي لما له من احاطةأكبر بالموضوع نظرا لأن المعيار الشكلي
يعاب عليه كونه لا يشمل بعضالموضوعات ذات الصفة الدستورية، وغير المدونة
مثلما ذكرنا آنفا. فضلا عنأن استناده على الدستور ونصوصه يجعلنا عاجزين
على إيراد تعريف الدستور فيالدول التي ليس لها دساتير مكتوبة، وأخيرا فإن
التعريف الذي يستند علىالمعيار الشكلي لا يمكن الأخذ به في جميع الدول
نظرا لاختلاف دساتيرها،وبالتالي فإن التعريف لا يكون واحد بل متعددا .
التفرقة بين القانون الدستوري وبعض الاصطلاحات الأخرى :
بجانب
اصطلاح القانون الدستوري مصطلحات أخرى تشبهه، وهي قريبة منه لكنهاليس لها
ذات المعنى، ونقصد بذلك الدستور والنظام الدستوري، ونظرا للتشابهاللغوي
والاختلاف في المعنى بين هذه الاصطلاحات والقانون الدستوري، يتوجبعلينا
التميز بين مفاهيم هذه التسميات
1-فالدستور بمفهومه الموضوعي موجود
في كل الدول ولو أنه شكلا غير موجود فيبعضها، لأنه لا يتصور قيام مجتمع
سياسي دون دستور. وفضلا عن ذلك فإنالمفهوم الشكلي للدستور يجعل منه مصدرا
من بين مصادر القانون الدستوري،وأن كان هو الذي يحتل المرتبة الأولى
2-أما
النظام الدستوري فيقصد به ذلك النظام الحر أي الحكومة الدستورية فيالدولة،
ولكي تكون كذلك يشترط الفقه الفرنسي لإضفاء صفة النظام السياسيعلى دولة
معينة واعتباره نظاما دستوريا أن تكون الحكومة خاضعة لقواعدقانونية
دستورية أعلى منها، لا يجوز لها التحلل منها والخروج عنها، وإنماعليها
التقيد والالتزام بما هو وارد فيها من قيود وفصل بين السلطات تكونالغلبة
في هذا النظام للبرلمان المنتخب من طرف الشعب.ومن هنا فإن
الحكومةالاستبدادية والمطلقة والحكومة الفعلية تتنافى وفقا لهذا الرأي مع
قيامالنظام السياسي لانتقاء الشروط السابق ذكرها فيها، والحقيقة أن هذا
الرأيلم يعد مقبولا في عصرنا الحاضر لكونه يتنافى مع المفهوم الحديث
للدستورالذي يقصد به الوثيقة المتضمنة نظام الحكم في الدولة دون نظر إلى
أساس هذاالنظام وشكله كما أن التعريف الشائع للقانون الدستوري باعتباره
القواعدالخاصة بنظام الحكم لم يعد يهتم بشكل النظام ولا أساسه أيضا .نخلص
مما سبقإلى أن القانون الدستوري أوسع من النظام الدستوري وبالتالي فإن
انعدام هذاالأخير في الدولة إذا أخذناه بمفهومه السابق لا يحول دون وجود
القانونالدستوري، فالمرحلة الممتدة من 19 جوان 1965 إلى سنة 1976 تاريخ
وضعالدستور الثاني (الدستور الأول كان في سنة 1963) لا تعني أنها مرحلة
إنعدمفيها وجود القانون الدستوري أنها مرحلة تميزت بأسلوب حكم ونظام خاص
معتمدعلى المشروعية الثورية واحترام النصوص القانونية التي وضعها النظام
سواءكانت بالمواضيع التي تدخل ضمن القانون الدستوري أو غيره.
علاقة القانون الدستوري بالقوانين الأخرى :
يمكن القول باختصار شديد أن العلاقة بين القانون الدستوري وفروع القانون العام الأخرى تتمثل في الآتي :
لعل
أهم القوانين اتصالا بالقانون الدستوري هو القانون الإداري لما لهمامن
علاقة وطيدة، ومع ذلك فالقانون الدستوري أسمى من القانون الإداري منجهة،
حيث يقرر القواعد والمبادئ الأساسية لكل فروع القانون العام بما
فيهاالقانون الإداري الذي يقتصر دوره على وضع هذه المبادئ والقواعد
موضوعالتنفيذ، ومن جهة ثانية فالقانون الدستوري يتناول نشاط الدولة
السياسي، فيحين أن القانون الإداري يهتم بتحديد النشاط الإداري في الدولة
.وإذا كانالقانون الدستوري ينظم السلطات العامة في الدولة ويحدد الحقوق
والحرياتالعامة للأفراد وضمانات حمايتها، فان القانون الإداري لا يهتم
إلابالوظيفة الإدارية للسلطة التنفيذية، معتمدا في ذلك على مبادئ
وقواعدالدستور . وفيما يخص علاقة الدستور بعلم المالية، فإنها أيضا متينة
بينالاثنين، ولذلك فإن علم المالية يهتم بالتشريع المالي بقصد تنظيم
وإدارةأملاك الدولة، وأن كان البعض لا يسلم باستقلالية هذا العلم
والقانونلاحتوائه على مجالين الأول خاص بوضع التشريع المالي أي الميزانية
وهو مجاليدخل في ميدان التشريع، أما المجال الثاني فهو صرف هذه الأموال أو
تحصيلالضرائب والرسوم وهو عمل إداري، وبالتالي فلا وجود لقانون مالي منفصل
عنالتشريع أو القانون الإداري .وللقانون الدستوري علاقة بالقانون
الجنائي،الذي هو الآخر يستمد ويستلهم أحكامه من القواعد والمبادئ
الدستورية،وغايته هي حماية نظام الحكم ككل من الاعتداء عليه من قبل
الأفراد أوالحكام، فيحدد الجرائم والعقوبات المقابلة لها، ولا أدل على ذلك
من نصالدساتير على العديد من القواعد العامة التي يتناولها القانون
الجنائيبالتفاصيل مثل قاعدة عدم جواز القبض على الأشخاص إلا طبقا لأحكام
القوانينوحق الدفاع وهناك أيضا علاقة بين القانون الدستوري والقانون
الدولي العام،نظرا لأن الأول هو الذي ينظم كيفية إبرام المعاهدات وإجراءات
التمثيل فيالخارج، كما يبين مدى أخذه بمبادئ أحكام القانون الدولي كميثاق
الأممالمتحدة، ولا أدل على تلك العلاقة من ضمين الدساتير الحديثة أحكاما
تتعلقبمدى القوة القانونية للمعاهدات الدولية التي تبرمها الدول فيما
بينها،واحترام الدول وسيادتها وعدم التدخل في شؤونها واحترام حقوق الإنسان
طبيعة قواعد القانون الدستوري :اختلف الفقه بشأن مدى إلزامية
القواعدالدستورية، وانقسم إلى اتجاهين الأول إنجليزي بزعامة أستن Austin
والثانيفرنسي بزعامة ديجي Duguit .
1-المدرسة الإنجليزية : تعتمد هذه
المدرسة في تحديد مدى طبيعة القواعدالقانونية والزاميتها على مدى توافر
عنصر الجزاء المتبدي في الإكراهالماديcontrainte matérielle الذي تضمن
السلطة العامة توقيعه بما لها منوسائل .ومن هنا يقول زعيم هذه النظرية
الفقيه أستن أن قواعد القانونالدستوري لا تعدون أن تكون مجرد قواعد آداب
مرعية تحميها جزاءات أدبيةبحتة ذلك أن الحاكم لدى مخالفته لقاعدة دستورية
يوصف عمله بأنه غير دستوريلكنه لا يكون مخالفا لقاعدة بالمعنى الصحيح، مما
يستتبع عدم وصفه بأنه غيرقانوني.تقدير الرأي : إذا كانت هذه المدرسة قد
اعتمدت في التمييز بينقواعد القانون الدستوري والقانون الدولي من جهة
القانون العادي من جهةأخرى على المحاكم الذي يضفي على الأخير الصفة
الإلزامية بتوقيع الجزاء علىمخالفيه لما يملك من وسائل وهي المنعدمة في
القانون الدستوري والقانونالدولي، فإن الذي غاب على أنصار هذه المدرسة هو
أن بعض القواعد القانونيةالعادية لا نجد لها جزاءا ماديا يترتب على عدم
احترامها، لكونها مفسرة أوأنها مجيزة لتصرف أو تصرفات معينة، مثل حق
المالك في الايصاء بأمواله، كماأن هذه المدرسة لا تعير أي اهتمام للقواعد
الدينية باعتبارها أساسا أوجزءا لا يتجزأ من القواعد القانونية لبعض الدول
كالدول الإسلامية
2-المدرسة الفرنسية : ترى هذه المدرسة بأنه ينبغي
الاعتداد بالجزءالمعنوي، لأن كل قاعدة تحتوي على جزاء يتمثل في رد الفعل
الاجتماعيcontrecoup social على حد قول زعيم المدرسة ديجي، وبهذا فإن كل
قاعدة لهاجزاءها وان كان الاختلاف بين القواعد القانونية يبدو واضحا من
حيث ذلكالجزاء الذي يبدأ من المعنوي المتمثل في رد الفعل الاجتماعي إلى
العقابالجسماني الذي توقعه السلطة العامة في الدولة، وعليه فإن أصحاب
وأنصار هذهالمدرسة يقرون بأن قواعد القانون الدستوري هي قواعد قانونية
بالمعنىالصحيح .تقدير هذا الرأي : بالنظر إلى ما وصلت إليه الأنظمة
القانونيةالحديثة وتطور الحكم الديمقراطي يمكن القول بأن القواعد
القانونيةالدستورية ينبغي ان تحترم من قبل ممارسي السلطة إذا أريد لهم أن
يحترموامن قبل الشعب صاحب السيادة، فهذه القواعد تحدد كيفيات ممارسة
السلطة منقبل مؤسسات الدولة والتي يحق لكل منها ، اعتمادا على ما ورد في
الدستور ،أن توقف غيرها عند حدود اختصاصاتها و سلطاتها مما يعد جزاءا
يترتب على كلتجاوز للاختصاص و السلطات ، بل و قد يمتد عدم احترامها إلى حد
تدخل الشعبلإجبار مؤسسة أو مؤسسات على احترام أحكام الدستور ، و ذلك أما
ردعهابالوسائل المختلفة كالضغوط و المظاهرات أو التجمهر وإجبارها على
القيامبتصرف معين أو الامتناع عنه بما يثبت تراجعها والاعتراف بخطئها، بل
وقديصل ذلك إلى حد الإطاحة بها مثلما لاحظنا في مصر سنة 1952 وليبيا سنة
1969وإيران سنة 1979 وما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية للرئيس
السابقنكسون لدليل على دور الشعب في فرض احترام أحكام الدستور، فقد استقال
في 9أوت 1974 نتيجة قيامة بأفعال مخالفة لأحكام الدستور، وعرفت باسم
فضيحةواترقايت Watergate .
مصادر القانون الدستوري :
تعتبر
المصادرات ذات أهمية بالغة في النظرية العامة للقانون لأنها منبعالقواعد
القانونية فالمقصود بالمصدر لغة هو المكان الذي ظهر فيه الشيء بعدأن كان
خفيا، اما في موضوعنا فإن المقصود بالمصدر له عدة معان ما يهمنامنها هو
المصدر الرسمي الذي يضفي على القاعدة القانونية الصفة الإلزاميةوالمصدر
الموضوعي (أو المادي أو الحقيقي) الذي تستمد القاعدة القانونيةمنه مضمون
خطابها أو موضوعها .والقول بهذا يعني أن المصدر الرسمي يأتيدائما بعد
المصدر الموضوعي أو المادي لأن القاعدة لا تكتسب الصفةالإلزامية إلا إذا
مرت بمراحل معينة تختلف بإختلاف المجتمعات وتأثيرالعوامل عليها. والمتفق
عليه كما سبق أن رأينا أن سلوك الأفراد يتطوربتطور المجتمع، فقد يتحول إلى
عرف ثم يتحول إلى قاعدة مكتوبة بظهورالدولة. وإذا كانت الأعراف هي السائدة
في الماضي كقواعد تحكم العلاقات بينالأفراد فإن تدخل الدولة قد كان عاملا
مؤثرا في الإكثار من سن القوانينلتنظيم أمور المجتمع السياسية والاقتصادية
والاجتماعية، مما أستتبع تراجعالعرف إلى المرتبة الثانية واحتلال التشريع
للمرتبة الأولى كمصدر أولللقوانين وسوف لن نخوض في التفاصيل ونقتصر على
التعرض لأهم المصادرالمتمثلة في التشريع والقضاء والعرف والفقه .
1-التشريع
: يقصد به النصوص القانونية المدونة والصادرة عن هيئة خاصة وفقالإجراءات
معينة وعادة ما تسمى هذه السلطة بالسلطة أو المؤسسة التشريعيةعلى أن
القواعد التشريعية هي الأخرى تخضع لمبدأ التدرج إذا كنا بصدد دستورجامد،
ذلك أن تعديله يخضع لإجراءات خاصة تختلف عن تعديل التشريع العاديمما يضفي
على التعديل الأول صبغة قانونية أسمى من التعديل الثاني، وعليهفإن التشريع
العادي يضع للتشريع غير العادي، وقد ازدادت أهمية التشريعكمصدر للقوانين
نتيجة لتزايد تدخل الدولة وتعقيد نشاطها بالتالي وزيادةارتباطها بالأفراد
والجماعات والدول هو تلك المجموعة من الأحكام التيأصدرتها المحاكم بشأن
تطبيق القانون على ما يعرض عليها من منازعات .وتنقسمأحكام القضاء إلى
قسمين :
القسم الأول : وهو الذي لا يخرج عن كونه تطبقا للقانون ويسمى بالأحكام العادية.
القسم الثاني : وهو الذي يتضمن مبادئ لم يتعرض لها القانون أو تضع حدا لخلاف في القانون وتسمى الأحكام الأساسية .
وإذا
قلنا بأن القضاء مصدر من مصادر القانون الدستوري، فان علينا أن نميزبين
الدول ذات الدساتير العرفية كإنجلترا، والدول ذات الدساتير
المكتوبةكالجزائر وفرنسا، ففي إنجلترا يعتبر القضاء مصدرا رسما لما ينشئه
من سوابققضائية بشأن القضايا المطروحة أمامه أو التي تطبق فيما بعد على
القضاياالمشابهة لها من طرف المحاكم ذات الدرجة الواحدة أو الأدنى منها.
ومنالدول التي تأخذ بالسوابق القضائية، الولايات المتحدة الأمريكية
واسترالياونيوزلندا ، أما في فرنسا فإن القضاء كمصدر ضعيف جدا في المجال
الدستوري،نظرا لأن المحاكم غير مقيدة بأحكامها السابقة ولا بالأحكام التي
تصدرهاتلك الأعلى منها في الدرجة .
3- العــرف :
يقصد بالعرف " إتباع الناس سلوكا معينا في موضوع معين بصفة مطردة ولمدة طويلة يجعل الناس يشعرون بقوته الإلزامية كالقانون المكتوب"
ويتضح
مما سبق أن هناك ركنان للعرف : مادي ومعنوي .فالركن المادي يفيدإتباع
الأفراد سلوكا معينا في تصرفاتهم بصفة مطردة أما الركن المعنويفيعني
استقرار الإحساس في ضمير الجماعة بأن ذلك السلوك أصبح ملزما لهم،فبغير
الاعتقاد بالزاميته لا نكون بصدد عرف بمعناه القانوني ويشترط فيالعرف ان
يكون عاما وقديما وثابتا، وأن لا يكون مخالفا للقوانين والآدابالعامة،
وإذا كان العرف هو ما سبق ذكره باختصار، فإن الفقه اختلف بشأن مدىالزاميته
فقد ذهب انصار المذهب الشكلي المتطرفين ومن بينهم الفقيهانالإنجليزي
والفرنسي كارى دمالبرغ إلى أن العرف لا قيمة له إلا أقرهالتشريع او
القضاء، أما المعتدلون من هذا المذهب فيعترفون له بالصفةالإلزامية ،
وبالنسبة للمذهب الموضوعي فيرى أنصاره وعلى رأسهم ديجي Duguitوجوي Guet
بأن القانون ما هو إلا تعبيرا عن ضمير الجماعة الذي يمثل العرف،ولذلك
يقولون بأنه مصدر رسمي للقانون وبعد أن عرفنا قيمة العرف كمصدرللقانون
نبحث الآن دوره في العرف الدستوري، لقد تأثر فقهاء القانونالدستوري بفقه
القانون الخاص بشأن أركان العرف، فالركن المادي يتمثل فيوجود قاعدة مستقرة
ومطردة التطبيق من قبل السلطات العامة في الدولة، وهذايعني الثبات وتوافر
مدة معقولة غير أن الحقائق تثبت أن المدة لا يمكنتحديدها نظرا لظهور أعراف
دستورية في مدة قصيرة مثل بعض سلطات رئيس الدولةورئيس الوزراء في فرنسا
التي نظمت بمقتضى عرف نشأ بعد الحرب العالميةالأولى في حين أن مسؤولية
الوزارة في إنجلترا تقررت بعرف يعود إلى القرنالثامن عشر. أما الركن
المعنوي فيشترط فيه صفة الالزام التي يردها البعضإلى الإرادة المفروضة
للمشرع بينما يردها البعض الآخر إلى إرادة الجماعةالمتمثلة في السلطات
والأفراد. والعرف إما يكون مفسرا أو مكملا أو معدلا .
أ-العرف المفسر:
هو الذي يهدف إلى تفسير نص من نصوص الدستور، فدوره هناليس إنشاء أو تعديل
قاعدة دستورية، وإنما يبين كيفية تطبيق قاعدة معينةغامضة إلا أن هذا
التفسير يصبح جزءا من الدستور فيكتسب صفة الإلزام، ومنالأمثلة على ذلك
جريان العرف أن لرئيس الجمهورية الفرنسية طبقا لدستور1875 أن يصدر اللوائح
استناد إلى المادة التي تنص على أن رئيس الجمهوريةيكفل تنفيذ القوانين .
ب-العرف
المكمل : هو الذي ينظم موضوعات لم يتناولها الدستور حيث يسدالفراغ الموجود
في الدستور، ونظرا لكونه كذلك فانه يختلف عن العرف المفسرفي كونه لا يستند
على نص دستوري في ظهوره، ومثل ذلك نشوء قاعدة في فرنساتمنع من إبرام عقد
قرض عمومي إلا إذا صدر قانون يأذن بذلك، إذا كانالقانون والدستور الصادران
في 1815 ينصان على تلك القاعدة فإن الدساتيرالتي تلتها لم تنص عليها
انطلاقا ومع ذلك استمر تطبيقها لاستقرارها عرفيافغدت بذلك عرفا دستوريا
مكملا ونص دستور 1875 على أن الانتخاب يتم علىأساس الاقتراع العام دون
أوضاع هذا الانتخاب فكمله العرف بأن جعله علىدرجة واحدة
ج-العرف
المعدل: يراد به تلك القواعد العرفية التي تغير بأحكام الدستورإضافة أو
حذفا ومن أمثلة العرف المعدل في شكل إضافة ما جرى به العمل فيالاتحادات
الفيدرالية من زيادة في سلطات الحكومات المركزية على حسابالسلطات المحلية
وأن يتولى رئاسة في لبنان ماروني والوزارة سني والبرلمانشيعي رغم أن
الدستور لا ينص على طائفية في لبنان فجاء العرف بها مكملاالدستور.أما
العرف المعدل في صورة حذف فمثله امتناع رئيس الجمهورية من حلمجلس النواب
في ظل دستور 1875 الذي يمنح له ذلك الحق ولم يستعمل إلا منطرف الرئيس
ماكماهون سنة 1877 ثم لم يمارس ذلك الحق حتى سنة 1940 عندمااحتلت ألمانيا
فرنسا فنتج عنه أن نشأة قاعدة عرفية ألغت أو حذفت نصادستوريا والسبب في
ذلك يعود إلى أن ماكماهون عندما لجأ إلى حل مجلس النوابكان هدفه الحصول
على تغيير في الأغلبية إلا أن الانتخابات أدت إلى عودتالأغلبية السابقة
وهي الجمهوريون فصرح بعد ذلك خلفه Grevy لأنه سينصاع إلىإدارة الأمة وانه
لن يلجأ إلى حل البرلمان بعد ذلك وتبعه في ذلك سلفه مماأدى إلى نشوء ذلك
العرف المعدل حذفا في النص الدستوري وكذلك حدث في سنة1962 –1969 في نفس
البلد أين قدم رئيس الجمهورية مباشرة مشروعين لتعديلالدستور دون عرضهما
على المجلسين لتصويت المسبق مع أن هناك نصوص صريحةخاصة بكيفية تعديل
الدستور .
والحقيقة أن هذا النوع من العرف موجود ومطبق وان إنكار الصفة
الدستوريةعنه من جهة والاعتراف به من جهة ثانية ليس له ما يبرره وهو
يتناقض والمنطقوالواقع .
4-الفـقـه : يقصد بالفقه الدراسات والبحوث
التي قام او جاء بها فقهاءالقانون والفقه لا يعتبر مصدرا رسميا للدستور
وإنما مصدر تفسيرا يستأنس بهفي تفسير دستور وبيان كيفيات سنه فضلا عن قيام
رجال الفقه بشرح وتبيانمحاسن وعيوب هذه الدساتير كما أنه يهتم بدراسة
وتحليل الأحكام القضائيةلما لها من تأثير على مسار قواعد دستورية والذي لا
شك فيه انه وغن كانتالآراء الفقهية غير ملزمة إلا أنها تلعب دورا هاما في
تفسير النصوصالقانونية وكثيرا ما يتأثر به القضاء في إصدار أحكامه أو
المشرع أثناء سنالقوانين والقواعد الدستورية وهو ما يكسب تلك الآراء سمعه
أدبية كثيرا ماتلقى احترام من قبل المشرع الدستوري ومن ذلك روح القوانين
والعقدالاجتماعي أو السياسي لكل من مونتسكيو وجان جاك وروسو وجون لوك .
أساليب نشأة الدساتير ونهايتها :
تنشأ
الدساتير وتنتهي بأساليب مختلفة ومتعددة وقبل تعرض لأساليب نشأتهاونهايتها
يتوجب علينا بحث أسباب نشأة الدساتير والتطور الذي عرفته بفعلتزايد مهام
الدولة
أسباب والدوافع الأساسية لوضع الدستور :إن انهيار الحكم
الملكي المطلق بعدثورات الأوربية وسيطرت البورجوازية على السلطة إلى جانب
ظهور فكرة القوميةوانحصار الاستعمار كانت من الأسباب والدوافع الرئيسية في
دسترة أنظمةالحكم وكان غرض شعوب الأنظمة إثبات سيادتها داخلية واستغلا
ليتها وذلكبواسطة تنظيم الحياة السياسية بوضع دستور يبن السلطات وعلاقاتها
في دولةالجديدة وعلاقاتها بالمحكومين والدول الأخرى وأن هذه الدول بوضع
دستورتؤهل نفسها لإقامة حوار بين السلطة والحرية فكأنها تعلن للغير بأنها
وصلتإلى مرحلة النضج السياسي ولها الحق في الانضمام للمجتمع الدولي لأنها
إنطالبت بذلك .
المبحث الثاني : النظرية العامة للدولة :
النظريات المفسرة لأصل نشأة الدولة :
النظريات غير القانونية :
أولا : النظريات التيوقراطية :
ترجع أصل نشأة الدولة إلى إرادة الإله وهي نظرية واحدة وتطورت عبر العصور وقد أخذت ثلاث أشكال :
1-
الطبيعة الإلهية للحكام : الدولة من صنع الإله الذي هو نفسه الحاكم
علىالأرض وقد سادت هذه النظرية عن الفراعنة والرومان في بعض
المراحلالتاريخية واليابان إلى غاية 1948 حيث تنازل الإمبراطور عن صفة
الإلهية .
2- الحق الإلهي المباشر : الدولة هي حق من حقوق الإله الذي
أوجدها هو وهوالذي يختار حسبما يريد من يحكمها بطريقة مباشرة ولذا فإن
الحكام يستمدونسلطتهم من الإله وليس من الشعب الذين لا يسألون أمامه
3-
الاختيار الإلهي غير المباشر : الدولة من صنع الإله وهو مصدر السلطةفيها
،غير أن البشر هم الذين يختارون الحكام بتفويض وعناية من الإله الذييوجه
تصرفات واختيارات الشعب نحو الحكام وبالتالي يتم اختيار الحاكمبطريقة غير
مباشرة .ترى هذه النظرية أن هناك قوانين طبيعية تحكم الكونوالبشر ويهتدي
بها الحكام ويقتدي بها ولهذا فإن هذه القوانين هي التي تحدمن سلطة الحكام .
موقف
الإسلام من هذه النظريات : الإسلام يرفض هذه النظريات بل حاربها بقوةإذ
نجد القرءان الكريم يبين لنا في الكثير من الآيات أن الله سبحانهوتعالى
أرسل الرسل لمحاربة الملوك والحكام الذين ادعوا الألوهية مثلالفراعنة .
وبالنسبة
للخلفاء نجد أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول في خطبة توليهالخلافة "
أني وليت عليكم ولست بخيركم " وهذا يعني أن الأفراد هم الذينولوه السلطة .
ثانيا : النظريات الطبيعية : ترى هذه النظريات أن الدولة هي ظاهرة
طبيعيةمثلها مثل جميع الظواهر الطبيعية الأخرى أي أنها نتاج ميل الناس
الطبيعيإلى التجمع والعيش في ظل مجتمع منظم سياسيا .
1- نظرية الأبوة
: يرى أرسطو أن الدولة كانت في البداية أسرة تطورت إلىعشيرة ثم إلى قبيلة
ثم إلى مدينة.أما الحاكم في الدولة فهو بمثابة الأب فيالأسرة يمارس السلطة
على الشعب كالأب على أفراد أسرته الشيء الذي يستوجبطاعته والرضوخ إليه من
طرف الرعية والقبول بسلطته المطلقة عليهم .
إن هذه النظرية تنظر للدولة كخلية اجتماعية أو كحاجة أساسية من حاجات الإنسان الطبيعية.
انتقدت
هذه النظرية كونها بررت الاستبداد المطلق للحكام كما أن البعض يقربأن
الدولة سبقت الأسرة ولا يمكن التوفيق بين السلطتين الأبوية والأسريةالتي
تعتمد على أسس مختلفة .
2-نظرية الوراثة : نشأت في ضل الإقطاعية وهي
ترى أن حق ملكية الأرض وهو حقطبيعي،يعطي لمالك الأرض حق الملكية وحتى
الناس اللذين يعيشون عليها و منهنا ظهرت فكرة الدولة أي بخضوع السكان
للإقطاعيين.
3- النظرية العضوية: ظهرت في القرن التاسع عشر تنادي
بضرورة تطبيقالقوانين الطبيعية على الظواهر الاجتماعية حيث تشبه الدولة
بجسم الإنسانالمكون من عدة أعضاء إذ أن لكل عضو وظيفة يقوم بها وهو نفس
الشيء بالنسبةلأفراد المجتمع وحسب بهذه النظرية الدولة هي ظاهرة مثلها مثل
الظواهرالطبيعية وهي لضرورية لبقاء المجتمع.
نقد: إن هذه النظرية مجرد افتراض وهي غير علمية بالنظر للفروق العديدة بين القوانين الطبيعية والاجتماعية.
0034-
النظرية النفسية: ترى أن الأفراد لا يخلقون متساويين،هناك فئة تحبالزعامة
والسيطرة وفئة تخضع لها ومن هنا ظهرت الدولة أي خضوع الضعيف للقوي.
ثالثا:
النظريات الاجتماعية: وهي التي تعتمد على الواقع الاجتماعي وحسبهاأن
الدولة تنشأ نتيجة الصراع البشري في مرحلة من مراحل التاريخ وتنتهيبسيطرة
فئة على فئة أخرى.
1- نظرية القوة والغلبة: نادى بها العديد من
الفلاسفة حيث يقول الفيلسوفاليوناني "بلولتاك" أن الدولة خلقت من العدوان
ويقول أيضا ميكيافيلي فيكتابه" الأمير" أن الصراع الجمعوي ينجم عنه فئة
مسيطرة وفئة حاكمة
ومن هنا يمكن القول أن السلطة في الدولة تعتمد على
القوة والغلبة، غير أنميكيافيلي ألضاف فكرة الحنكة والدهاء عند الحكام
ونجد أن القوة والغلبةوجدت طريقها في نشوء بعض الدول مثل ظاهرة الاستعمار
الأوربي للقارات حيثنتج عنها دول مثل ليبيريا والكونغو والولايات المتحدة
الأمريكيبة وإسرائيل.
2- نظرية ابن خلدون: لقد اعتمد ابن خلدون في
بنظرته هذه على العنف الذييعتبر أحد ميزات الإنسان التي يمكنه من خلالها
البقلاء والعيش وترتكزنظرية ابن خلدون على أن الإنسان دوما بحاجة إلى غيره
ليتكاتل مع غيرهلتوفير الغذاء والدفاع.وفي بعض الأحيان ونظرا للطباع
الحيوانية يحتدمالصراع بين الطبقات من هنا لابد أن يكون هناك حاكم يتولى
إدارة وتنظيم هذهالجماعة،وأهم النقاط التي يرتكز عليها لابن خلدون لقيام
الدولة العناصرالتالية:
أ- العصبية: وهي بعبارة عن الشعور بالانتماء
المشترك بين أفراد المجتمعبالوحدة العرقية والدينية وهو شعور يولد في
الجماعة روح البروز نحو الغير.
ب- الزعامة: وهنا لابد أن يتولى إدارة
هذه الجماعة شخص يمتاز بالصرامةوالبطش حتى يحملهم على طاعة ولابد أن يكون
له شعور بالإنتماء ولابد أنيتجنب جميع الصفات التي تجعل منه مستبدا أو
طاغيا بل ينبغي عليه أن يتحلىبروح التسامح والسماحة والكرم وأن يحترم
الدين وعلمائه وأن يهتم بجميعحقوق الرعية .
ج- العقيدة الدينية: وهو
العامل الذي يوحد المجموعة ويرى ابن خلدون أنالإسلام هو الدين الوحيد
القادر على إنشاء دول متماسكة تمتاز بالقوةوالبطش.
3- نظرية التضامن الاجتماعي: نادى بها " ليون دوجي" وحسبه الدولة تقوم على أربع عناصر أساسية:
أ-
الاختيار الاجتماعي: وتنشأ الدولة هنا بسبب فرض بالمجموعة القوميةالمهيمنة
لإرادتها على الفئة الضعيفة وبالتالي تكون الأولى هي الهيئةالحاكمة أما
الثانية فتكون هي المحكومة.
ب- التمايز أو الإختلاف السياسي: أي أن الدولة تنشأ عندما تكون هناك فئتان فئة حاكمة تفرض سلطانها على الفئة الثانية المحكومة.
ج-
قوة الجبر والإكراه: إن السلطة تعد الدعامة الأساسية لقيام الدولة أيبهي
التي تعطي الأوامر وتهيمن على الفئة المحكومة دون أن تكون هناك
سلطةتنافسها أو تمنعها من تنفيذ أوامرها.
د- التضامن الاجتماعي: إذ لابد من التلاحم والتكامل بين أفراد المجتمع الواحد ولابد أن يكون هناك تعاون بين الحكام والمحكومين.
إن هذه النظرية قامت على أفكار افتراضية (السعيد بوشعير مرجع سابق ص 31.........).
4-
نظرية التطور التاريخي: ترى هذه النظرية أن الدولة نشأت وفق تطورتاريخي
وتلاحم مجموعة من العوامل التاريخية والسياسية والاقتصادية وأنالدول ما هي
إلا نتاج لتطور طويل ومتنوع يهدف الإنسان من خلاله الىالاجتماع إن هذه
النظرية غير سليمة لأن هناك دول نشأت دون تطور تاريخي مثلدولة اسرائيل.
5-
النظرية الماركسية: أن الدولة نتتج بسبب الصراع الطبقي،فالدولة تقومعلى
أساس اقتصادي التي تهيمن على الإقتصاد وهي نتاج صراع بين طبقاتالمجتمع وهي
تترجم الهيمنة الطبقية داخل المجتمع وتضمن استغلال طبقة ضدأخرى.والقانون
فيها عبارة عن تعبير لإرادة هذه الطبقة.
إن هذه النظرية تحمل بذور فنائها حيث تزول بزوال الطبقية داخل الدولة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]للمزيد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]محاضرا في القانون الدستوري و النظم السياسية المقارنة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]