HOUWIROU Admin
عدد الرسائل : 14822 نقاط التميز : تاريخ التسجيل : 02/04/2008
| موضوع: تاريخ الإقتصاد السياسي الثلاثاء 11 يناير 2011 - 19:14 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تاريخ الإقتصاد السياسي
المقدمة
لابد من الإشارة إلى الإهتمام الذي نوليه لدراسة تاريخ العلم الإقتصادي ، و قد تحقق لعلم الإقتصاد وجود محترف به من خلال عملية بطيئة تغطي الفترة التي تمتد من منتصف القرن السابع عشر حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر ، إهتماممنا أساسا بتاريخ علم الإقتصاد ينبؤنا بأنه صاحب نشأة طريقة الإنتاج الرأسمالية ، المرحلة الرأسمالية التي يرتبط بها علم الإقتصاد الساسي.
1 ـ الفكر الإقتصادي في المرحلة قبل الرأسمالية :
في الكتب المقدسة للعصور القديمة يتمثل الفكر الإقتصاديفي إنطباعات تتعلق بالوقائع التي كانت موجودة في المجتمع في تلك الأزمنة و هي إنطباعات عقائدية لا حلة لها بالتحليل العهلمي.
و عند اليونانيين وجد الفكر الإقتصادي ضمن الفلسفة في القرن الرابع و الثالث قبل الميلاد ، إذ مثل الإستدلال الإقتصادي جزء لا يتجزء من الفلسفة اليونانية العامة للدولة و المجتمع ، المجتمع المنظم في صورة دولة المدينة (ETAT DE LA CITE) التركيبة الطبقية للمجتمع الإغريقي كانت على النحو الآتي:
في أعلى الهرم الإجتماعي توجد الطبقة الأرسطوقراطية ، كبار ملاك الأرض " الربعيين " الذين يعيشون على دخل لم يساهموا في عملية إنتاجه.هذه الطبقة تحكم المدينة( أي مجتمع المدينة) و أفرادها يحتقرون العمل اليدوي يرتبط بهذه الطبقة المواطنين المكونين للطبقة المتوسطة من صغار الملاك و الحرفيين ، و لهم حقوق سياسية و حق تولي الوظائف العامة ( حق المشاركة في إدارة شؤون المدينة )
الطبقة الثالثة تتكون من الأجانب ( les meteques) وهم أحرار لكنهم لا يتمتعون بالحقوق السياسية و لا يحق لهم التملك بالعقارات ، و في النهاية يرتكز هذا الهرم الإجتماعي على العبيد إذ عليهم يقوم الإنتاج الزراعي و الحرفي ، و الأشغال العامة للدولة هذا الدور هو الذي يفسر كيف أنّ تجارة العبيد أصبحت إحدى النشاطات الإقتصادية المربحة .
عملية الإنتاج بصفة عامة ترتكز على إستخدام العبيد ، هذا التنظيم لعملية الإنتاج القائم على العبيد محدودة التطور ، كتنظيم يجرد المنتجين المباشرين ( العبيد ) من كل دافع إلى زيادة و تحسين الجهد اللازم لإستغلال وسائلالإنتاج المستحدثة ( عن طريق الإكتشاف أو التقليد ) إستغلالا يمكن من زيادة إنتاجية العمل على نحو يمكنها من الإستجابة كحاجيات المجتمع المتزايدة.
لم تخرج المشكلة الإقتصادية من الإطار الفلسفي ، و لم يهتم النقاش بفكرة الإق، بل كان يدور حول المشكلات الملموسة لحياة الإنسان ، الإهتمام الكثير كان يخص فكرة دولة المدينة "POLIS " ، الفكر الإقتصادي البدائي هذا كان في خدمة السياسة بالمعنى الواسع للكلمة .
تناول أرسطوطاليس ليس تحليل الظواهر الإقتصادية في إطار الفكر الإغريقي و هويرى أنّ " الوقائع الإقتصادية و العلاقات التي توجد بينهما في ضوء إيديولوجية رجل يعيش و يكتب لطبقة مترفه
( لا يعمل) و مثقفة ، لطبقة تحتقر العمل و التجارة و تحب الفلاحين الذين لا يغدونها و تكره مقرضي النقود الذين يستغلونها " و يرتكز التحليل الإقتصادي لأرسطوط مباشرة على الحاجات و إشياعها ، و الأموال هي التي تحقق هذا الإشباع ، و طرق الحصول على الأموال هي الزراعة و تربية المواشي ، و الصيد بمختلف أنواعه ...، و كذلك الصناعة و إستخراج المعادن ، هذه كلها تعتبر من بين الطرق الطبيعية لكونها تمارس من قبل الأجانب . و لكون تمارس من قبل الأجانب ، و لكون التجار المقرضين للنقود يستغلون الطبقة الأرسطوقراطية .
فيما يتعلق بوحدة القيام بهذه النشاطات ( الوحدة الإنتاجية ) ينطلق أرسطوط من الوحدات العائلية ، التي تكتفي ذاتيا ، أي التي تنتج بذاتها ما يشبع حاجات أفرادها ، ثمّ يتطرق أرسطوط إلى تقسيم العمل كأساس للمبادلة العينية ، المقايضة ، ثمّ المبادلة النقدية ، أي تبادل السلع بواسطة النقود.
فإذا تعلق الأمر بالمبادلة النقدية ، بإنتاج السلع تباع في السوق بأثمان يجب تفسيرها و التعرف على كيفية تحديدها.
في هذا المجال يحدثنا أرسطوط عن قيمة السلع ، و القيمة هي خاصية إجتماعية إجتماعية تجعل السلع مجلا للمبادلة ، و هنا نجده يفرق بين قيمة الإستعمال ( VALEUR D’USAGE )
أمّا فيما يخص النقودفهي بالنسبة لأرسطوط وسيط في المبادلة ، النقود تجنبنا مضايقات المقايضة .
أخيرا تناول أرسطوط مشكلة الفائدة ، التي هي خصيصة موضوعية في السلعة ، تجعلها صالحة لإشباع حاجة معينة ، و قيمة المبادلة ، و هي الشكل الذي تعبر فيه القيمة عن نفسها عند المبادلة .( و هي تعني أجر المال الذي يحصل عليه مقرض النقود ) . لكن أرسطوط يدين كل قرض بفائدة ، و يعتبره من قبل الرباء ، و ذلك لأنّ " النقود لا تلد!! .
1.1 ـ العصور الوسطى :
في القرون من التاسع حتى الخامس عشر ميلادي ساد في أروبا التكوين الإجتماعي الإقطاعي ، الإنتاج الرئيسي يأتي من إستغلال الأرض .
تتميز طريقة الإنتاج هذه ، التي بدأت في فرنسا ثمّ إنتشرت في المجتمعات الأوروبية الأخرى ، بأنّ علاقات الإنتاج الإجتماعية تدور أساسا حول الأرض التي تصبح البلورة المادية للملكية العقارية ، إذ هي ترتكز على إقتصاد يغلب عليه الطابع الزراعي .
هذا الأساس الإقتصادي يقابله مجموعة من الروابط الشخصية عدد من العاملين لا يتمتع بحريته الشخصية ، فهم ليسوا من العبيد و لكنهم أقنان[1] مرتبطون بسيدهم من جهة و مرتبطون بالأرض من جهة ثانية.
و كذلك يتميز التنظيم السياسي لهذا المجتمع ، فالدولة موجودة وجودا غير متمركز في ممارسة السلطة ، و تجد طريقة الإنتاج هذه جدورها في المجتمع القديم ...غيلر أنّ هذا لا يعني أنّ القن (SERFS) وجد كنتيجة للتحرر الجزئي للعبيد .
و يرتبط توسع طريقة الإنتاج هذه بتحول كبير في قوى الإنتاج ، ففي تقنيات الإنتاج الزراعي تمثل هذا التحول في إستخدام أحسن للقوة المحركة للمياه الجارية ( تشغيل طواحين القمح و معاصرة الزيوت ) ، الأمر الذي يسمح بتحرير اليد العامل المنزلية و إمكان إستخدامها في أعمال أكثر إنتاجية .
كل هذا أدى إلى زيادة إنتاجية العمل الفلاحي .
ما هي الصورة التي كانت توجد عليها الوحدة الإقتصادية ؟.
الوحدات هذه كانت تختلف لكن الإختلافات لا تغير من الحقيقة التي تعكس الطابع التنظيمي العام للوحدات الإقتصادية ، و هو تنظيم إقطاعي.
كانت الوحدة الإقتصادية ( الإجتماعية ) الريفية تتمثل في " الضيعة " ، و هي و حدة إقتصادية إجتماعية تقوم على الإنتاج الطبيعي،و تهدف الى الإكتفاء الذاتي.
في هذه المرحلة يكون وقت عمل المنتج( أسرة الفلاح ) موزعا اذن بين عمل يحصل به على تحقيق الإنتاج اللازم لعيشه و لتجديد قوته البدنية للعمل،وعمل فائض يتبلور في كمية من الناتج (الناتج الفائض) يعيش عليها الشريف(le noble ) صاحب الأرض، أي يتبلورفي الريع العيني.إلا أنه ليس من الضروري ان يستنفذ الريع كل فائض عمل عائلة الفلاح ـ أي العمل الذي يزيد على العمل اللازم لانتاج ما هو ضروري لمعيشة العائلة.كما أن هذا الشكل للريع( العيني ) يتيح الفرصة لظهور فروق في الوضع الإقتصادي للمنتيجين الأفراد أو على الأقل لظهورامكانية هذا التباين(وكذا إمكانية ان يكتسب المنتج وسائل استغلال عمال آخرين بطريقة مباشرة. الامر الذي يعني ظهورالتميز الإجتماعي بين الفلاحين.
في مرحلة تالية مرتبطة بنمو التجارة والمدن و استخدام المنتجات الحرفية ظهر الريع العيني يتحول الى ريع في شكل نقود. هنا يتخلى المنتج المباشر للشريف ليس عن جزء من الناتج الزراعي الذي حققه، وإنما عن ثمنه(ثمن هذا الجزء).يبقى اذن انتاجه الكلي ينقسم الى الجزء الأكبر الذي ينتفع به هو وأسرته و جزء أقل يعرضه في السوق لكي يدفع النقود المقابلة للشريف.
و هكذا بدأت طبيعة طريقة الإنتاج الزراعي تتحول، في مجموعها. غير أن المنتج المباشر لا يزال غير مالك للأرض.أمّا ملكية وسائل الإنتاج (غير الأرض) الاخرى و الموشي، فقد تحولت الى المنتج المباشر شيئا فشيئا. واضح أن التحول يتم في داخل طريقة الإنتاج الإقطاعية نفسها و ان كانت تتفاعل معه عوامل أخرى، كنمو المدن و التجارة. فالتحول يتم من خلال التناقض بين الفلاحين و ملاك الأرض، تناقضا ينعكس في صراع بينهم حول الناتج الفائض.
و كان الفلاحون يضغطون بإستمرار على ملاك الأرض لكي يجولون أكبر جزء ممكن من الريع العيني إلى ريع نقدي ، و بالتالي يستطعون تراكم رأس المال في المزارع ، و عليه تستمر عملية التمييز الإجتماعي في داخل فئة الفلاحين : أغنياء الفلاحين الدين يرتبطون مباشرة بالسوق و يقومون بتركهم رأس المال في الزراعة ، و صغار الفلاحين أو أفقرهم ، الذين يجدون أنفسهم في موقف تبعية بالنسبة لأغنيائهم الذين يقومون بإستخدامهم في مقابل الأجر.
مع هذا الأساس الإقتصادي يتشابك التركيب العلوي للهرم الإجتماعي في الريف الإقطاعي ، هذا التركيب يدور حول نوع ملكية الأرض.
يتضح حينها أنّ من طبيعة طريقة الإنتاج الإقطاعية أن يتفرع أقوقيا بين إقطاعيات تمثل وحدات إقتصادية شبه مستقلة ، و تتجزء الوحدة الإقتصادية الواحدة بين وحدات إنتاجية صغيرة ( عائلات الفلاحين ) ، و يتفرع المجتمع رأسا في شكل سلسلة من علاقات التبعية تجعل من الصعب أن يتمثل المجتمع في دولة ممركزة.
ووصلت طريقة الإنتاج الإقطاعي هذه إلى حدودها في القرن الثالث عشر و برزت أزمة الإقطاع إمتدت حتى القرن الخامس عشر أدت الأزمة إلى تفكك نظام الإنتاج الإقطاعي ، تسرع التفكك مع تطور طريقة الإنتاج داخل الزراعة نفسها ، و ع تطور المبادلات التجارية المرتكزة على الإنتاج الحرفي الحضري.
و المدينة نفسها مازالت تحت سيطرة الإقطاع السياسية ، و هي تقوم على النشاط التجاري و الصناعة الحرفية التي كان يتغلب عليها في البداية طابع الصناعة المنزلية التي تكتسي شكل إنتاج المبادلة البسيطة ، و قد قام التنافس في المدينة في هذه المرحلة بين التجار و الحرفيين ، و مع إزدياد عرض المنتجات الحرفية و مع توسع التجارة ، بدأ التجار في السيطرة على النشاط الحرفي ، إنطلاقا من هذا الوضع بدأ الإنتاج الحرفي بدوره يعرف مستوى أعلى في تطور قوى الإنتاج و يتحول نحو الإنتاج المخصص للمبادلة الذي يهدف إلى تركيم رأس المال النقدي.
و هكذا تتطور المدينة ، و قد قامت في أحضان الإقطاع ، إذ بالتوسع الأفقي للإقطاع في الزراعة يكون قد استنفذ إمكانية في زيادة الإنتاج إستجابة للحاجات المتزايدة و خاصة حاجات طبقة النبلاء في زيادة طلبهم على السلع الإستهلاكية الحرفية ، و مع تطور المدن إمتاز سكانها ـ بالنسبة لسكان الريف ـ و أصبح لهم تنظيمهم و عليه أصبح الوضع المتميز يستند إلى علاقة إقتصادية تمكن المدينة من إستغلال الريف من خلال أسعار الإحتكار التي تفرضها المدينة و التي يمكنها من فرض التنظيم الطائفي للتجارة و الحرف ، و أصبحت المدينة تحتكر أسعار المنتجات الآتية من الريف الذي تستغله ، و هنا يكمن التناقض بين المدينة و الريف الشيء الذي يكون إحدى التناقضات الأساسية طوال فترة الإنتقال من التكوين الإجتماعي إلى التكوين الإجتماعي الرأس مالي ، لكن هذا لا يعني أنّ سكان المدينة كانوا يمثلون طبقة إجتماعية واحدة متجانسة[2]
بين الدين و الفلسفة ، تقوم المحاولة على إستخدام الجانب الإستنباطي من منهج أرسطوط في معالجة أوضاع المجتمع الإقطاعي .
هذا التناقض يصبح فيما بعد العلاقة الدياليكتيكية الأساسية في التكوين الإجتماعي الرأسمالي.
تطور إنتاج المبادلة في هذا الإطار ، و معه ومن خلال التناقض بين الطبقة الإقطاعية و طبقة الفلاحين من جانب ، و بين طبقة التجار و الحرفيين من جانب آخر ولد التمييز الإجتماعي في داخ الفلاحين و الحرفيين ، و أدى إلى خلق علاقات إنتاج جديدة : بين الفلاحين الأكثر إنتعاشا المرتبطين بالسوق و العمال الحرفيين .
الكنيسة التي كانت تسيطر على الحياة الفكرية في أروبا خلال مرحلة الإنتاج الإقطاعي كانت لها صلة بالنشاط الزراعي حيث كانت الكنيسة من أكبر ملاك للأرض.
في مرحلة ثانية أدى إنشغال الكنيسة بدءا من القرن الثاني عشر من النشاط التجاري للمنتجات الحرفية.
وعارضت مصالح هذا " المجتمع الزمني " المتمثل في المدينة و من هنا برز و تبلور فكر المدرسين [3] الذي ازدهر في الجامعات الوليدة للأروبا و التي كانت تدرس أساسا رجال الدين ، و يتمثل جوهر فكر المدرسين في محاولة التوفيق
هذا الفكر الذي يغلب عليه الطابع الديني مكّن الكنيسة من أن تستمر في الضغط على الفكر الجديد لمجتمع المدينة طوال ثلاث قرون أخرى ، و في هذا الإطار ولد بعض الفكر الإقتصادي ، إرتكز على فكرتين أساسيتين :
ـ الفكرة الأولى تدور حول إدانة الفائدة ، لكونها تشبه تلك التي تطرق إليها أرسطوط من قبل.
ـ الفكرة الثانية و هي أهم ، تدور حول الثمن العادل[4] يتقبل الفكرة تحقيق البائع لربح " معقول " يسمح له بالحياة ، وفق الطبقة الإجتماعية التي ينتمي إليها ، و تكون حسب الفكر كل محاولة لتحقيق ربح أكبر من " الربح المعقول " مخالفة لقواعد الأخلاق المسيحية .
هذا و قد شاهدت الفترة الأخيرة من القرن الرابع عشر من فكر المدرسين تطور فكر إقتصادي ينشغل بقضايا القيمة و السعر ، ينشغل بمشكلات النقود و خاصة النقود المعدنية ، و بمشكلات التبادل مع الخارج و بالتدفقات مع الدول للذهب و الفضة ، كما ينشغل بالفائدة ، و الربح .
2.1 ـ الفكر الإقتصادي عند العرب أثناء القرن الرابع عشر :
يمكن إعتبار المجتمع الإسلامي في شمال إفريقيا في القرن الرابع عشر و الخامس عشر مجتمع يمارس الإنتاج الزراعي و كذا المبادلات التجارية الصغيلرة للمنتجات الزراعية و الحرفية
و مع إنتعاش التجارة و النشاط الإنتاجي الحرفي تزدهر بعض المدن و تصبح مركزا للنشاط الفكري ، و تشهد القاهرة ، وتونس و قسنطينة و تلمسان ، و فاس و غرناطة الإهتمام بالفكر و لا سيما الفكر المتعلق بالتاريخ حيث يوجد الفكر الإقتصادي ، في إطار هذا الفكر الإقتصادي نركز على مثالين من الفكر العربي بشأن نوعين من الظواهر الإقتصادية .
ـ الأول يتعلق بالظواهر النقدية يستمد من فكر المقريزي[5] و الثاني يخص ظاهرة القيمة كما يجللها إبن خلدون .
أولا : يهتم المقريزي بالمشكلات الإقتصادية و يقدم لنا أفكار عن بعض الظواهر النقدية ، فمن وصفه لمختلف المجاعات التي عرفتها مصر يبين لنا أننا ببحدة موقف يتميز بنقص في إنتاج قيم الإستعمال ، أي نقص في المنتجات و السلع و إرتفاع في أسعارها ، كل الأسعار ، و هو نقص يرجع حسب المقريزي إلى أسباب طبيعية و أسباب غير طبيعية الأسباب الطبيعية ييفسرها بقلة مياه النيل في مصر و بعدم نزول المطر بالشام و العراق و الحجاز ، و غيره ، و الكوارث الطبيعية الأخرى.
الأسباب الغير الطبيعية ، هي أسباب إجتماعية ، بعضها سياسي و البعض الآخر إقتصادي.
الأسباب الإجتماعية يعرفها كالآتي.
3.1 ـ السبب السياسي و يتمثل في فساد الإدارة الذي يؤثر مباشرة على الإنتاج في مجتمع لعبت فيه الدولة دائما دورا محوريا ، يضاف إلى هذا الفساد و ممارسة السياسية الإحتكارية من طرف الدولة ، ففي أثناء المجاعة توجد كميات كبيرة من الغلال لدى " أهل الدولة " لكونهم يفرضون ضرائب معتبرة على المواطنين .
و الناس لا يستطعون الحصول على هذه الغلال إلاّ بدفع أثمان معتبرة لأهل الدولة.
4.1ـ و السبب الثاني إقتصادي و يوجد في مجال الإنتاج و يتمثل في زيادة كبيرة في الريع العقاري في الزراعة ، إرتفاع أسعار البذور و أجور العمال العقاري في الزراعة ، إرتفاع أسعار البذور و أجور العمال ، و قد كان لكل هذه العوامل أثار غير ملائمة على الإنتاج الزراعي أدت إلى نقصانها ، ما يؤدي ، كما ورد عند المقريزي إلى إرتفاع أسعار المنتجات الزراعية ، لكنه يضيق عامل آخر و هو مفسر كذلك لإرتفاع الأسعار يتمثل في المظهر النقدي للحياة الإقتصادية .
5.1 السبب الثالث الذي هو سبب إقتصادي كذلك يتمثل في العامل النقدي فالمقريزي يجد في زيادة كمية النقود المطروحة للتداول و خاصة بعض الأنواع المعينة من النقود المعدنية ، سببا للإرتفاع المستوى العام للأسعار ( لكونه يتكلم عن إرتفاع أسعار كل السلع و الخدمات ).
و على هذا النحو يبرز المقريزي المعمل النقدي فيما يتعلق بكمية النقود ، على النشاط الإقتصادي من خلال أثرها على المستوى العام للأسعار.
و يكون بذلك من رواد " النظرية الكمية في قيمة النقود ".
من ناحية أخرى يلاحظ المقريزي إختفاء النقود الفضية تاركة المجال للنقود النحاسية تتداول في أثناء فترة المجاعة بعد أن كان النوعان من النقود يوجد جنبا إلى جنب في التداول ، و ذلك لأنّ إرتفاع أسعار المنتجات يعني إنخفاض القوة الشرائية للنقود ، و هو ما يدفع الأفراد إلى تفضيل تحويل القطع الفضية النقدية و إستخدامها كمعدن : ( أي في صناعة الحلي و الأواني ) في وضع يتميز بإرتفاع الأسعار و بإستخدام عمليتين احدهما مصنوعة من معدن أثمن من معدن آخر تميل العملة المصنوعة من المعدن الثمين إلى الإختفاء من التداول النقديمفسحة المجال للعملة الأخرى لتسود في التداول ، و هكذا تطرد العملة الرديئة العملة الجيدة[6] .
و هكذا نجد في كتاب المقريزي عن التاريخ مثلا للفكر الإقتصادي العربي في هذا القرن فنجده في الفكر الإقتصادي لإبن خلدون، المتعلق بالتاريخ و فلسفة التاريخ.
في إطار المجتمع في حركته التاريخية يهتم إبن خلدون بالظواهر الإقتصادية و هي نشاط يعتبره أساس العمران و هو يرى أنّ ثروة الأمم تكمن فيما تنتجه من الضائع و الحرف هذه الأموال أو المنتجات منها ما هو ضروري و ما هو كمايلي .
و يقوم حسب إبن خلدون ، هذا النشاط الإقتصادي على تقسيم العمل ، و الأمر يتعلق بالتقسيم الحرفي للعمل .
و درس الكاتب الضائع و الحرف دراسة تفصيلية.
أمّا فيما يتعلق بالقيمة أنه يؤكد أنّ كل كسب هو في النهاية نتاج العمل و بدون العمل الإنساني لا ربح و لا إنتفاع ، فالعمل هو ، في نظر إبن خلدون مصدر القيمة ، و المنفعة هي شرط القيمة كما ورد في كتابه أي أنه لكي يكون للسلعة قيمة يتعين أن تكون مطلوبة من المجتمع من أجل تلبية حاجة معينة.
[1] ) DES SERFS
SERVITUDE
[2] هنا تجد مهدها كلمة برجوازية ( سكان القرى الكبيرة (BOURGOIS , habitants))التي تعني الطبقة الرأسمالية ، التي تجد جدورها في سكان مدن المجتمع الإقطاعي
[3] les scholastiques
[4] le juste prix
[5] ) المقريزي ، كبير مؤرخي مصر في العهد الإسلامي و هو تلميذ إبن خلدون
[6] LA MAUVAISE MONNAIE CHASSE LA BONNE | |
|