HOUWIROU Admin
عدد الرسائل : 14822 نقاط التميز : تاريخ التسجيل : 02/04/2008
| موضوع: العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي الجمعة 17 ديسمبر 2010 - 10:23 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي يسود الفقه الدولي في شأن تحديد العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي، نظريتان مختلفتان، تقوم إحداهما على فكرة ازدواج القانونين التي تنكر أية صلة بين القانونين الدولي والداخلي، واستندت الأخرى إلى فكرة وحدة القانون التي تعترف بوجود صلة وثيقة بين القانونين وتوجب تغليب قواعد إحداهما على قواعد الآخر عند التعارض.
نظرية ازدواج القانونين (Le Dualisme) دافع عن هذه النظرية أنصار المدرسة الوضعية الإرادية ولا سيما الفقيهان الألمانيان (تربيل و شتروب) والفقيهة الإيطالي (انزلوتي). ويذهب أنصار هذه النظرية إلى اعتبار القانون الدولي والقانون الداخلي نظامين قانونيين متساوين مستقلين ومنفصلين كل منهما عن الآخر، ولا تداخل بينهما. وذلك للأسباب الآتية: 1- اختلاف مصادر القانون الداخلي عن مصادر القانون الدولي: فالقانون الداخلي يصدر عن الإرادة المنفردة للدولة، بينما يصدر القانون الدولي عن الإرادة المشتركة لعدة دول. ولما كان لكل من القانونين مصادره الخاصة به بحيث إن هذه المصادر تختلف في طبيعتها، فقد أنعدمت أية صلة بين القانونين واصبح كل واحد منهما مستقلاً عن الآخر 2- اختلاف أشخاص القانون الداخلي عن أشخاص القانون الدولي: فبينما تخاطب قواعد القانون الداخلي الأفراد في علاقاتهم المتبادلة، أو في علاقاتهم مع الدولة، تخاطب قواعد القانون الدولي الدول فقط، واختلاف طبيعة أشخاص كل من القانونين يعدم الصلة بينهما ويجعل كل واحد منهما مستقلاً عن الآخر. 3- اختلاف موضوع القانونين: فالقانون الداخلي ينظم علاقات الأفراد داخل الدولة بعضهم ببعض، بينما يقوم القانون الدولي العام بتنظيم العلاقات بين الدول المستقلة في وقت السلم وفي وقت الحرب. 4- لاختلاف طبيعة البناء القانوني لكل منهما: إذ يشمل البناء القانوني الداخلي على عدة هيئات تقوم بفرض احترام القانون كالمحاكم والسلطات التنفيذية، أما القانون الدولي العام فلا نشاهد له مثل هذه الهيئات فأن وجد بعضها فأنه لا يعدو أن يكون بدائياً.
نتائج النظرية: ويترتب على الأخذ بنظرية ازدواج القانونين النتائج الآتية: 1- يستقل كل من القانونين بقواعده من حيث الموضوع ومن حيث الشكل. ومن حيث الموضوع، فالدولة تنشئ القانون الدولي باتفاقها مع غيرها من الدول، وتنشئ القانون الداخلي بإرادتها المنفردة، وعلى كل دولة أن تراعي عند ممارستها لعملية إنشاء القانون الداخلي احترام ما التزمت به دولياً، فأن لم تفعل ذلك، كأن تقوم بإصدار قانون يخالف التزاماتها الدولية فلا يترتب على ذلك بطلان القانون، بل ينفذ القانون داخل الدولة، وتتحمل الدولة تبعية المسؤولية الدولية لمخالفتها ما التزمت به دولياً. أما من حيث الشكل: فالقواعد القانونية الدولية لا يمكن أن تكتسب وصف الألزام في دائرة القانون الداخلي إلا إذا تحولت إلى قواعد قانونية داخلية، وفقاً لإجراءات المتبعة في إصدار القوانين الداخلية، كذلك لا يمكن أن تكتسب القوانين الداخلية قوة الإلزام الدولي إلا إذا تحولت إلى قواعد دولية، وفقاً للإجراءات المتبعة في إصدار القواعد القانونية الدولية. 2- عدم اختصاص المحاكم الوطنية بتطبيق القانون الدولي، تقوم المحاكم الوطنية بتطبيق وتفسير القانون الداخلي فقط، وهي لا تملك تطبيق القانون الدولي أو تفسيره إلا إذا تحولت إلى قوانين داخلية. 3- أنه لا يمكن قيام تنازع أو تعارض بين القانونين لاختلاف نطاق تطبيق كل منهما، وذلك لأن التنازع بين القوانين لا يمكن حصوله إلا بين قانونين يشتركان في نطاق تطبيق واحد. فاذا أختلف نطاق تطبيق كل منهما عن نطاق تطبيق الآخر، امتنع وجود التنازع، وحيث أن نطاق تطبيق القانون الدولي مختلف عن نطاق تطبيق القانون الداخلي فلا يتصور – طبقاً لنظرية ازدواج القانونين – وجود تنازع بين الاثنين غير أن هذا لا يعني فقدان كل علاقة بين القانونين بل أن العلاقة قد تنشأ بينهما بالإحالة (renvoi) أو بالاستقبال (reception). فقد يحيل أحد القانونين على الآخر لحل مسألة معينة وفقاً لقواعد القانون المحال عليه، على اعتبار أن تلك المسألة تدخل في دائرة سلطان هذا القانون وحده ويجب أن تعالج وفقاً لأحكامه وهو داخل نطاقه الخاص. ومن أمثل ذلك إحالة القانون الدولي العام على القانون الداخلي. كأن ينظم القانون الدولي العام الملاحة الأجنبية في مياه الدول الإقليمية دون أن يحدد ما يعد أجنبياً من المراكب وما يعد وطنياً منها، فهو بذلك يحيل على قانون الدولة تعيين ما يعد من المراكب تابعاً لها وما يعد أجنبياً عنها. أو قد يحدد القانون الدولي حقوق الأجانب دون تعينهم فهو يحيل على القانون الداخلي تعيين من يعد وطنياً ومن يعد أجنبياً. وقد يحيل القانون الداخلي على القانون الدولي كأن يعفي القانون الداخلي الممثلين الدبلوماسيين من الضرائب أو من الخضوع للقوانين الداخلية ويحيل على القانون الدولي بيان من يصدق عليه وصف الممثل الدبلوماسي. وقد تستقبل قواعد القانون الداخل قواعد القانون الدولي وتدمجها فيها بنص صريح،فتكون عندئذ جزءاً منها، كنص المادة الرابعة من دستور (فايمر) الألماني الصادر عام 1919، الذي يقرر أن قواعد القانون الدولي المعترف بها بصفة عامة تعتبر جزءاً متمماً لقوانين الدولة الألمانية تلك المادة (6) من دستور الولايات المتحدة الأمريكية الذي يقضي بأن الدستور وجميع المعاهدات التي أبرمتها أو تبرمها الولايات المتحدة تعد القانون الأعلى للدولة.
تقدير نظرية ازدواج القانونين. انتقدت نظرية ازدواج القانونين وخاصة من قبل أنصار وحدة القانون، وأهم الانتقادات التي واجهتها هي الآتية: 1- ان الحجة المستمدة من الاختلاف في المصادر بين القانون الدولي العام والقانون الداخلي تخلط، على حد قول (جورج سيل): (بين أصل القاعدة القانونية وبين عوامل التعبير عنها). أضف إلى ذلك أن القانون سواء أكان دولياً عاماً أم قانوناً داخلياً فليس من خلق الدولة وانما هو من نتاج الحياة الاجتماعية، وكل ما يوجد من فرق بين القانون الدولي العام والقانون الداخلي، هو في طريقة التعبير عن القانون. (كالمعاهدات في القانون الدولي والتشريع في القانون الداخلي). والاختلاف في طريقة التعبير لا يؤدي إلى الفصل بينهما نهائياً. 2- أن الحجة المستمدة من الاختلاف بين القانونين من حيث الأشخاص يرد عليها أكثر من مأخذ. فمن ناحية نجد في نطاق كل قانون قواعد قانونية تخاطب أشخاصا مختلفين. وخير مثل على ذلك انقسام القانون الداخلي إلى عام وخاص، حيث تخاطب قواعد الدولة وأشخاص القانون العام الأخرى، كما تخاطب الأفراد وغيرهم من أشخاص القانون الخاص. يضاف إلى ذلك انه قد يتطابق من الناحية الفنية أشخاص القانون في النظامين الدولي والداخلي، فالدولة وهي الشخص القانوني المباشر في النظام القانون الدولي – وفقاً لمذهب ازدواج القانونين – ليس لها وجود بدون الأفراد، الحاكمين والمحكومين، الذين يتألف منهم عنصر السكان المكون للدولة، ومن ثم كان الحاكمون المخاطبين الحقيقيين بقواعد القانون في النظامين الداخلي والدولي. 3- أما الحجة المستمدة من اختلاف طبيعة تركيب كل من النظامين الداخلي والدولي، فيلاحظ انه لا يوجد بينهما اختلاف جذري يتعلق بطبيعة كل منهما، وانما اختلاف شكلي يتعلق بدرجة تنظيم كل منهما، ويعود سبب هذا الاختلاف إلى التفاوت فيما بين الجماعة الدولية والجماعة الوطنية من حيث مدى الاندماج في الوسط الاجتماعي. وان هذا الحجة فقدت في الوقت الحاضر الشيء الكثير من قيمتها خاصة بعد إنشاء محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن فلم تعد الجماعة الدولية الآن مجردة على الإطلاق من هيئات قضائية وتنفيذية دائمة.
نظرية وحدة القانون: (Le Monisme) على نقيض النظرية السابقة، فان هذه النظرية تجعل من قواعد القانون الدولي العام وقواعد القانون الداخلي كتلة قانونية واحدة، أي نظاما قانونيا واحداً لا ينفصل عن بعضه. وتقوم هذه النظرية على فكرة التدرج القانوني الذي يقضي بضرورة خضوع القاعدة القانونية الأدنى مرتبة في السلم القانوني إلى القاعدة التي تعلوها وتستمد قوتها منها، إلى أن ينتهي التدرج عند القاعدة الأساسية العامة التي تعد أساس القانون كله ودليل الوحدة القائمة بين فروعه. على أن أنصار هذه النظرية قد اختلفوا في تحديد القانون الذي تكمن فيها القاعدة الأساسية العامة التي تسود جميع القواعد الأخرى وتكسبها قوتها الإلزامية. فذهب فريق من الفقهاء يتزعمه (كوفمان وفيرانديير) والفقيه السوفيتي (Kotliarevky)، إلى القول بأن القاعدة الأساسية العامة التي تعد أساساً للقانون مثبتة في القانون الداخلي وفي دستور الدولة بالذات، وذلك لأن الدولة هي التي تحدد بإرادتها التزاماتها الدولية حيث لا توجد سلطة عليها فوق الدول تحدد هذه الالتزامات، وأن دستور الدولة هو الذي يحدد السلطات المختصة في إبرام المعاهدات باسم الدولة وعلى ذلك فأن القانون الدولي العام يتفرع عن القانون الداخلي. وقد أطلق على هذا الرأي أسم نظرية وحدة القانون مع علوية القانون الداخلي ويؤخذ على هذا الرأي أنه إذا استطاع أن يفسر الأساس الملزم للمعاهدات باعتبارها تستند في قوتها الملزمة هذه إلى دستور الدولة، فانه عاجز عن تفسير التزام الدولة بغير ذلك من القواعد القانونية الدولية وخاصة العرفية منها. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فلو صح إن الالتزامات الدولية تستند إلى دستور الدولة لبقي نفادها خاضعاً لنفاذ الدستور بحيث يؤدي كل تعديل أو إلغاء للدستور إلى تعديل أو إلغاء لهذه الالتزامات. وهذا بخلاف ما عليه واقع العمل الدولي. لهذه الأسباب ذهب فريق أخر من الفقهاء وعلى رأسهم (كونز) و(كلسن) و(زفردروس) و(ديكي) و(بوليتس). إلى القول بأن هذه القاعدة الأساسية العامة مثبتة في القانون الدولي العام، هذا يعني أن القانون الدولي العام يسمو على كافة نظم القانون. ذلك لأن تدرج وسمو القوانين بعضها على بعض، على ما يقرر دعاة هذا الرأي يكون بحسب أتساع نطاق تطبيقها. فنظام الأسرة يجب أن يخضع لنظام القرية وهذا يجب أن يخضع بدوره لنظام المدينة وهذا الأخير يجب أن يخضع لنظام المحافظة وهذه الهيئات على اختلافها يجب أن تخضع لقوانين الدولة باعتبارها الهيئة التي تمثل وتوحد مصالح هذه الهيئات كافة. وحيث أن القانون الدولي العام هو المنظم الوحيد للجماعة الدولية فأنها أسمى القوانين مرتبة وسلطانا. وبناء على ذلك فأن أنصار هذا الرأي يرون أن للقانون الدولي العام نفوذاً مباشراً في قوانين الدولة الداخلية دون حاجة للنص فيها على ذلك، وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك حيث قال بإمكان نسخ القانون الدولي العام لما يتعارض معه من الأحكام في القوانين الداخلية بحكم سيادته على هذه القوانين. وقد أطلق على هذا الرأي اسم نظرية وحدة القانون مع علوية القانون الدولي. ويؤخذ على هذا الرأي قوله بأن القانون الدولي العام بحكم سيادته على القوانين الداخلية ملزم للسلطات والأفراد الذين يخضعون لهذه القوانين دون حاجة للنص فيها على ذلك وقوله إن القانون الدولي ينسخ ما يعارضه من قوانين داخلية. ولاشك إن التسليم بهذا الرأي على هذا الوجه ينطوي على مجافاة كبيرة للواقع في المجالين الدستوري والدولي، ذلك لأن الدول إذا كانت قد سلمت بسيادة القانون الدولي العام على قوانينها وأقاليمها، فأنها لم تقبل مع هذا تطبيقه المباشر على سلطاتها ورعاياها، بل علقت ذلك على إقراره في دساتيرها وقوانينها بمقتضى ما يعرف بنظام الدمج، فأن القانون الدولي العام يحيل على القوانين الداخلية كلما يتعلق بتنظيم السبل والوسائل اللازمة لضمان تطبيق وتنفيذ ما يقرره من قواعد وأحكام. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فأن هذا الرأي لا ينسجم مع المنطق التاريخي لأنه أنتهي إلى القول بأن القانون الداخلي يتفرع عن القانون الدولي. وهذا غير صحيح وذلك لأن القانون الداخلي أسبق في الوجود من القانون الدولي، حيث أن الدولة وجدت قبل وجود القانون الدولي بل أن وجود الدول هو الذي أدى إلى نشوء الجماعة الدولية، وهو أمر أدى إلى ضرورة تنظيم العلاقات بين الدول.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | |
|