HOUWIROU Admin
عدد الرسائل : 14822 نقاط التميز : تاريخ التسجيل : 02/04/2008
| موضوع: العدالة والقانون الجمعة 17 ديسمبر 2010 - 9:47 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فوزي نصر
[b] ما هو القانون الذي يحمي العدالة : إن سيادة القانون هي الأساس في تطبيق العدالة بحيث يقف كل الناس أمامه ويخضعون لأحكامه لا فرق بين إنسان وآخر يطبق على الكبير والصغير ، وعلى المسؤول وغير المسؤول 0 فهو مجموع القواعد التي تسنها الدولة من أجل تنظيم شؤون البلاد والعباد وتسيير أمورها ، ووضع النظم والضوابط التي تطبق على جميع الأشخاص في علاقاتهم الإجتماعية ، وفي علاقاتهم مع الدولة وهي التي تنظم الأمور المدنية والتجارية ، والجزائية وهي التي ترسي أصول الحكم 0 والقانون يصدر عن السلطة التشريعية المختصة 0 إذن يتجلى القانون بمجموعة القواعد القانونية التي تفرض على الناس بغية تحقيق النظام في المجتمع وعلاقات الأفراد فيه ، وبغية تحديد سبل سيرهم وسلوكهم 0 ويسهر على تطبيق القانون القضاة الذين يحملون رسالة مهمة في إقامة العدل بين الناس فيما يتعلق بحرياتهم وأموالهم ، وأحوالهم الشخصية 0 ورسالة القضاء هي رسالة مفتوحة ، وليست مغلقة قد كتب فيها النزاهة ، والحياد ، والعدل وقد قيل : إمام عادل خير من مطر وابل ، وقيل أيضا عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة 0 وإن الظلم يجرح عواطف العدالة ويدمي فؤادها فلا بد من حمايتها من العبث والفساد 0 وإن إقامة العدل وسيادة القانون هي روح القضاء ولا تحيى هذه الروح إلا بخصائص ثلاث هي : الأولى : حياد القاضي والقضاء ويرمز إليه بفتاة جميلة فتانة حملت ميزان العدل عيناها معصوبتان بمنديل لا ترى من ورائه غير وجه الحق والعدل 0 لذلك يقال أن القاضي معصوب العينين ، ولماذا يكون القاضي معصوب العينين ؟؟ يكون كذلك لأنه لا يعرف أحدا من الخصوم ، ولا ينظر لأحدهم نظرة تميز الواحد عن الآخر حقا إنها قاعدة جميلة ومثار فخر لمن يكون من القضاة كذلك : حيث أن القاضي الذي لا يعرف أحدا من الخصوم ولا يميز بينهم ، يرى ميزان العدالة ولا ينظر لقضية أحدهم بأكثر مما يرى للآخر فهو من خلال عدم معرفته لأي منهم لا يعرف قضيته وحده يكون معصوب العينين لصالح الحق والعدل إن هذا سمو للقاضي أن يكون معصوب العينين ، وشموخ له بأن لا يرى سوى ميزان العدالة ، لأنه قد يحدث أن يبتسم القاضي لأحد الخصوم الأمر الذي يجعل الخصم الآخر في حالة إحباط حتى ولو كان ذلك بدون قصد من القاضي 0 وهنا يجدر أن أشير إلى قضية شريح القاضي مع ابن الأشعث : عندما دخل الأشعث بن قيس على شريح القاضي في مجلس القضاء فقال : مرحبا وأهلا بشيخنا وسيدنا ، وأجلسه معه ، فبين هو جالس عنده إذ دخل رجل يتظلم من الأشعث ، فقال له شريح : قم فاجلس مجلس الخصم وكلم صاحبك 0 قال أكلمه من مجلسي 0 فقال له : لتقومن أو لأمرّن من يقيمك فقال له الأشعث : لشد ما ارتفعت قال : فهل ضرك ذلك قال : لا 0 قال : لماذا تعرف نعمة الله على غيرك وتجهلها على نفسك 0 ـ العقد الفريد ج1 ص90 ـ فالقضاء لجميع الناس والقاضي ليس لواحد من الخصوم 0 الثانية : إستقلال القضاء ، ويرمز إليه بالكرسي الأصم لا يصل إلى سمع هذا الكرسي غير صوت الضمير ومنطق الوجدان 0فكرسي القاضي لا يسمع إلا همسات صوت الحق ووشوشات الضمير والوجدان ، فلا سلطان على القاضي إلا صوت ضميره ، وإذا فقد هذا الصوت ، أو تأثر بمؤثرات خارجية تأثرت العدالة 0 وكثرا ما سلخت جلود بعض القضاة ونجدت بها كراسيهم لتكون عبرة لغيرهم في المحافظة على الإستقامة وإستقلال القضاء 0 الثالثة : عدل القضاء ، ويرمز إليها بصخرة الملك تتكسر فوق صلابتها أمواج الفساد وتتحطم عليها صرخات الظلم ، ليستريح ضمير العدالة إلى جذور القانون القوية 0 هذه لوحة العدالة التي تبحث عن الظهور إلى المجتمع لتسبح فوق أمواج النور وتقضي على أمواج الفساد 0وتترسخ في مجتمع يسوده التطبيق السليم للقانون وإن نزاهة القاضي في صون يده بأن لا تلوث بالمال الحرام ، سيما وأن يد القاضي ممسكة بتاج الملك ، فإذا نخر المال هذه اليد سقط التاج وسقطت المملكة 0وتفشى الفساد والخراب في جسم المجتمع 0 وقديما قيل : " أعطني قضاء أعطك دولة " 0 ـ المحامون عدد 1و2/1998ص24 ـ فبدون قضاء عادل لا تقوم دولة القانون ومقولة تشرشل تتغنى بها الأمم : إذا كان القضاء بخير فإن بلدي بخير 0 وقال عمر بن عبد العزيز : (( إذا كان في القاضي خمس خصال فقد كمل : علم بما كان قبله ، ونزاهة عن الطمع ، وحلم على الخصم ، واقتداء بالأئمة ، ومشاورة أهل الرأي )) 0 العلاقة بين القانون والحق : لا خلاف بين الحق والقانون وكل منهما ينشأ عن الآخر ، فالقانون صيغ لإظهار الحقوق وتثبيتها لأصحابها ، وهو يمنع الشخص من التعدي على حقوق غيره 0والحق هو ثمرة وجود القانون وتطبيقه بشكل سليم 0 فهناك علاقة إتصال بينهما وإنسجام ، وعلى القاضي أن يرى بحسه السليم وفطنته الذكية نداء الحق ، فالحق لا يتمثل في القواعد القانونية ، وإنما بما تقرره هذه القواعد وتجعل من هذه الحق قوة يمكن الوصول إليها ، ويوجد بين القانون والحق علاقة ترابط وإتصال تجعل الحق قوة عندما يقر ذلك القانون 0 فهو يهدف إلى تحديد الحقوق وبيان مداها وكيفية إكتسابها وإنقضائها، ويمكن القول بأن الحق ثمرة القانون ، والقانون هو الذي يقوم بتثبيت الحقوق وبيانها 0 علاقة متبادلة بينهما ، فإن ضاع أحدهما ضاع الآخر 0 وحتى يكون القانون عادلا يجب أن يكون عاما ويطبق على جميع الأشخاص الذين ينطبق عليهم بدون حياز أو مواربة 0 وأن يكون شاملا لجميع أراضي الوطن بدون إستثناء 0 أما صلة القانون بالأخلاق : ثمة أمر هام يختلط بالقانون مثل القواعد الأخلاقية التي كثيرا ما تحلق حول القانون وتطوف به حتى تصبح قانونا ملزما 0وبذلك تترسخ بعض القواعد الأخلاقية ليصبح لها صفة القانون الملزم وتكون رديفا للقانون الوضعي 0 ورغم أن القانون يمتزج بالأخلاق وأن هناك قواعد أخلاقية يقرها القانون ، ويعتبر مخالفتها أمرا مسيئا للمجتمع لكن أحد كبار فقهاء الرومان ( بول ) كان يقول " إن ما يسمح به القانون لا يكون دوما موافقا للأخلاق " ورغم أن هناك مساحة مشتركة بين القانون والأخلاق وكل منهما يؤيد الآخر ، يبقى القانون الأخلاقي له اثر كبير في المجتمع فالسرقة في مبادئ الأخلاق وفي القانون تعتبر غير مقبولة إجتماعيا وقانونيا 0 هل تبقى الدولة وتتمكن من الحياة مع وجود الفساد : إن الدول والممالك تنتهي بإنتشار الفساد بين صفوف شعبها ، ورغم أن نهوض الدولة مقرون بمحاربة الفساد ، ونشر الوعي بين صفوف المجتمع ، لكن مع الأسف ينتشر الفساد في معظم مؤسسات الدولة مما يعيق عجلة التقدم والتطور والتحديث ، ويمنع النهوض وقد يكون ذلك بفعل قوى تريد لنا البقاء في مستنقع الفساد 0 ورغم كل ما يجري الآن على أرض الواقع من وجود فساد ومفسدين ، ومن عدم وجود رقابة قضائية ، سواء على القضاة أو على المؤسسة العدلية ، فالمؤسسة القضائية هي أهم مرفق من مرافق الدولة ، هي التي تسهر على العدالة فالمجتمع الذي يفقد العدل ، يفقد الوجود ، لأن الظلم والفساد يدمران الدولة ويقضيان على مقوماتها الصحيحة ، والعدالة تعطي الحق لكل مواطن أن يتظلم من قاض حين ينكر العدالة أو موظف لا يطبق القانون بشكل صحيح بدون أن يخضع لغرامات جزائية أو عقوبات قانونية0 فالقانون هو لحماية كل الناس ولجميع المواطنين ، وإن القاضي هو مواطن قبل أن يكون قاض 0 وعندما لا يقر العدالة أو ينكرها يجب أن يخضع للمحاسبة ، رغم أن مبدأ المحاسبة والمراقبة قد تجمد وتكلس ولا بد من تفعيله لوضع القضاء فوق كل الشبهات 0 لذلك لا بد من تفعيل دور إدارة التفتيش القضائي على أعمال وسلوكية القضاة, وإدارة المحاكمة والتزام الحياد التام تجاه المتقاضين, وفي معاملة الموظفين للأشخاص الموجودين تحت رقابتهم وفي تطبيق القواعد الصحية والأنظمة الداخلية عليهم. وذلك كله رهن بأن يكون المفتش ممن تشهد له سلوكيته وعلمه القانوني والقضائي من أجل فرض الرقابة الأفضل في تلك الأعمال والتصرفات وإجراء المحاسبة 0 وإن عظمة الدولة لا تتمثل في قوة سيطرتها بل في عدلها 0 كذلك لا بد من إلغاء المحاكم الإستثنائية : فلماذا المحاكم الإستثنائية التي تختبئ خلفها قوانين ظالمة تكبل حرية المواطن وتقيد حقوقه وفي ظل هذه المحاكم لا يمكن أن تطبق قواعد العدل وهي محاكم يجب أن تلغى نهائيا ويعود العمل إلى القضاء العادي 0 ولماذا قانون الطوارئ الذي لم يعد مبررا لوجوده ؟؟ إن الأجوبة على هذه الأسئلة يجب أن لا تبقى سرابا في الآفاق البعيدة بل لا بد من معالجة هذا الواقع ، ليطل النهار بوضوح من عالم الحق والعدل 0 فإذا لم يعالج ملف الفساد بجدية وحزم ، وبرؤية واضحة ، وبتشكيل لجان لمتابعته وحصاره ومراقبته من قبل المجتمع ومؤسساته المدنية ، فسوف يعم هذا الوباء حتى يقضي على المجتمع ويقضي على ما ترنو إليه الأمة من تطلع نحو النهوض 0 في تعيين القضاة : إن تعيين القضاة يجب أن لا يخضع للموالاة لشخص أو لحزب ، او لهيئة سياسية أو دينية علينا أن نجذب القاضي إلى الظهور بمراتب الإستقلال ، وإلى عزوفه عن أن يكون بأمرة أي فئة ، أو جناح ، أو حزب ، ففي الآونة الأخيرة جرى تعيين القضاة على أساس الولاء وليس على أساس المفاضلة العلمية والكفاءة القانونية ، بحيث يخضع القاضي لمنظمة حزبية فيها تدرج تنظيمي مما يجعل القاضي تحت سلطة من هو أعلى منه حزبيا يتلقى منه التعليمات 0 فبذلك يتخلى القاضي عن صفة مهمة من صفاته هي الحياد 0 ويتخلى عن صفة الإستقلال ومن وجهة النظر العامة أن كل مواطن لديه كفاءة علمية ، وسعة إطلاع قانونية ، وله سلوك وأخلاق كريمة يمكن أن يكون في القضاء لأن جميع مواطني هذا الوطن شرفاء وغيورين عليه وعلى سمعته يحملونه في قلوبهم للوصول به إلى سفوح المجد 0 هل يوجد خلاف بين العدالة والقانون ولابد من القول إن الإنسان كائن إجتماعي لا يمكن أن يعيش منعزلا ، بل خلق ليعيش في المجتمع ، وبما أن المجتمع مجموعة من الناس فلا بد من ضوابط ونظم تنظم شؤون هؤلاء الناس وعلاقاتهم مع بعضهم فأوجدوا القانون الذي يعتبر ضرورة تفرضها الحياة ولهذا قيل : " يوجد القانون حيث يوجد المجتمع " ـ يقول مونتسيكيو : (( إذا كانت السلطة التشريعية والقضائية بيد واحدة إنعدمت الحرية )) لذلك يعتبر طغيان السلطة التنفيذية على السلطة القضائية من المخاطر الكبيرة على المؤسسة العدلية ، كما يجب أن لا يخضع القاضي لوزير العدل لأن هذا تابع للسلطة التنفيذية 0 لذلك فإن العدالة هي الموئل الذي نتمسك به ، وهي المحطة التي نحجز منها تذاكر الإصلاح وبتطبيق القانون تطبقا سليما تنحني العدالة لتلثم جبين القانون وتشد على يده ليكون الملاذ لكل الضعفاء والمظلومين ، ولكل المواطني[/b] | |
|