HOUWIROU Admin
عدد الرسائل : 14822 نقاط التميز : تاريخ التسجيل : 02/04/2008
| موضوع: الاخلاق الموضوعية والاخلاق النسبية السبت 27 فبراير 2010 - 17:58 | |
| الاخلاق الموضوعية والاخلاق النسبية المشكلة الاولى:في الأخلاق بين النسبي والمطلق . نص السؤال : هل يمكن إقامة الأخلاق على أساس العقل وحده ؟ المقدمة : إن المذاهب الأخلاقية وجدت نتيجة محاولة الفلاسفة فهم و تفسير الأخلاق العملية أي السلوك اليومي للناس ولذلك فأول خلاف واجهته هذه المذاهب هو أساس القيم الأخلاقية , وقد تعددت المذاهب الأخلاقية تبعا لتعدد هذه الأسس , والتي من أهمها العقل . فهل يمكن اعتبار العقل أساسا وحيدا للقيم الأخلاقية ؟ بمعنى آخر هل يمكن أن يجمع الناس كلهم على الأخلاق تبنى على العقل وحده ؟ التحليل : العقل أساس القيمة الأخلاقية : يذهب بعض الفلاسفة إلى أن العقل هو الذي يصنع القيم الأخلاقية و أن القيم الأخلاقية تتمثل في الفضيلة . حيث كان " سقراط " يقول : " أن العقل مصدر الفضيلة والخير الأسمى " إلا أن هذا الموقف بعثه من جديد وبقوة الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط ( 1724-1804) االذي كان يرى أن العقل هو أساس القيم الأخلاقية , و ان هناك مبدأ واحد يعتبره الناس خيرا وهو الإرادة الخيرة ( النية الطيبة ) هي وحدها خيرا مطلقا , وهي لا تقاس بنتائجها و إنما بمبدئها الذاتي , ومن ثم بالأوامر الأخلاقية نوعان : أ- الأوامر الشرطية : ونعني بها القيام بالفعل لخير مطلوب ( غاية ) . ب- الأوامر القطعية : القيام بالفعل لغاية ذاتية ( الحق من أجل الحق ) وهو وحده فعل الأخلاقي مثل التاجر الذي يستقيم مع زبائنه يفعل ذلك طبقا للواجب , ولكنه بدافع المنفعة لا الواجب , والإرادة الخيرة تعمل بدافع الواجب لا طبقا للواجب , ولهذا سميت أخلاق كانط بأخلاق الواجب . مناقشة : يعاب على أخلاق كانط أنها نظرية وصورية ولا تهتم إلا بالأخلاق التي تتطابق مع أوامر العقل , وتهمل الأخلاق النابعة عن الشعور , بينما يتصرف الناس حسب شعورهم أكثر مما يتصرفون حسب عقولهم . ليس العقل الأساس الوحيد للأخلاق : لقد وجدت الكثير من الأسس الأخلاقية قبل كانط , منها مبدأ اللذة الذي كان يعتبر في نظر أرستيب القورينائي هو الخير المطلق حيث قال " ... اللذة هي الخير الأعظم , وهي مقياس القيم جميعا ..." ثم عمل أبيقور على تطوير مذهب اللذة إلى منفعة حيث كان يرى أنه هناك لذة أفضل من لذة أخرى ... فاللذة العقلية أفضل من اللذة الحسية ... ثم عمل بنتام على تطوير مذهب المنفعة حيث وضع لها مقاييس . كما وجد فلاسفة الإسلام في الدين المبدأ الملائم لإقامة الأخلاق لأن العقل وحده قاصر لا يملك القدرة على التميز بين الخير و الشر دائما . كما أن الواجبات الدينية كلها سمعية " أفعل ما تؤمر " آية . ودليلهم على ذلك اختلاف القيم باختلاف الديانات . وإرادة الله مطلقة اختيار لإرادة الإنسان فيها . ويمكن إقامة الاختلاف على أسس أخرى كما فعل بعض الفلاسفة الآخرون كأصحاب النزعة الاجتماعية " المجتمع " . مناقشة : لا يمكن بناء الأخلاق على اللذة وحدها , أو المنفعة وحدها لأن المنافع متعارضة ( مصائب قوم عند قوم فوائد ) كما أن الدين لم يوجد عند جميع الشعوب . أساس القيمة الأخلاقية واحدا : لا يمكن أن نبني الأخلاق على مبدأ واحد , حتى لو كان العقل أو الدين نظرا إلى أن القيم الأخلاقية نسبية متغيرة عبر الزمان والمكان وهي تابعة لشروط مختلفة تتحكم فيها . فالمجتمع الإسلامي يتمسك بالدين أولا و بالعقل ثانيا كمبدأين أساسين في إقامة الأخلاق دون إهمال باقي المبادئ الأخرى . الخاتمة : معيار الفعل الأخلاقي ليس واحد , فقد تعددت مبادئ القيمة الأخلاقية بتعدد المذاهب الأخلاقية . لكن الأخلاق الإسلامية تركيبية شاملة لما تحتويه المذاهب الأخرى . الموضوع الثاني : يقول جون بول سارتر : لا يوجد غيري فأنا وحدي الذي أقرر الخير واخترع الشر " حلل وناقش " .المقدمة : يطلق لفظ الأخلاق على جميع الأفعال الصادرة عن النفس محمودة كانت أو مذمومة فالمحمود منها يعرف بالخير والمذموم منها يعرف بالشر , وهما المحوران اللذان يدور حولهما علم الأخلاق, و إذا كان سارتر قد أرجع الخير والشر إلى الفرد فهل مصدر القيمة الأخلاقية ذاتي دائما ؟ بمعنى هل الخير والشر من صنع الإنسان أم أن هناك أطرافا أخرى يمكنها صناعة القيم الأخلاقية ؟ التحليل : القيمة الأخلاقية ذاتية : القيم الأخلاقية مصدرها الفرد ذهب سارتر إلى أن مصدر القيمة الأخلاقية هو الفرد , فهو الذي يقرر الخير وهو الذي يخترع الشر , فتصور سارتر الإنسان على أن كائن لذاته , وتصور سارتر للنشاط الإنساني على أنه حر , وأن ماهية الإنسان هو ما يوجده بنفسه ( الوجودية ) يشتمل على فلسفة سارتر الأخلاقية والتي تنطلق من الذات فيترتب عليها أن الإنسان هو الذي يضع القيم فيضع الخير والشر . وبذلك فهو يعدم وجود الغير وقدرة الغير في وضع القيم وعلى هذا كانت المسؤولية مطلقة عند سارتر . غير أن هذا الرأي نجده عند أنصار النزعة التجريبية والنزعة العقلية على حد سواء , فالتجريبيون يرجعون مصدر القيم الأخلاقية إلى التجربة و الممارسة الفردية , التي تتطور إلى عادة اجتماعية , كما أن العقليون يرون أن مصدر القيم الأخلاقية هو العقل الإنساني إذ به نحكم على الأشياء وبه نميز بين الخير والشر وبالتالي فالفرد مصدر القيم الأخلاقية . - لكن الفرد ليس المصدر الوحيد للقيم الأخلاقية , فإقصاء الغير في صناعة الأخلاق أمر لا يثبته الواقع , كما أن التجربة الفردية مختلفة و متناقضة والعقل قاصر لا يهدي صاحبه في جميع الأحوال القيمة الأخلاقية موضوعية : القيم الأخلاقية مصدرها المجتمع والدين . إن الأخلاق في نظر آخرين من الفلاسفة على خلاف " سارتر" تنبع من المجتمع ومن الدين حيث يرى أنصار النزعة الاجتماعية أن القيم الأخلاقية نابعة عن تأثير الجماعة في الفرد حيث يقول " دور كايم " : " إذا استنكر أحدنا الفاحشة فلأن المجتمع يستنكرها " . كما يرى أنصار الاتجاه الديني أن القيم الأخلاقية صادرة عن الوحي ( فالتعليم الدينية مصدر القيم الأخلاقية ) فهي جاءت لكي تساعد العقل على إدراك الخير والشر . هذا الموقف الديني نجده بوضوح عند مفكري الإسلام خاصة موقف الأشاعرة الذي يعتبر الدين مصدر الخير والشر فالواجبات في نظرهم سمعية كلها " افعل ما تؤمر " آية . باعتبار أن القيم مختلفة باختلاف الدين . - لكن الفرد قد يحدث ثورة فكرية , وأخلاقية ويخرج عن العرف ويغير قواعد المجتمع , كما أن المثل الأعلى الوارد عن طريق الوحي قد ينعدم لدى بعض الشعوب وتبقى لديهم أخلاقهم الخاصة . القيمة الأخلاقية ذاتية وموضوعية : القيم من صنع أطراف مختلفة . من القيم الأخلاقية ما هو صادر عن الفرد وتبقى هذه الأخلاق محل اختلاف بين الناس , ومن القيم ماهو صادر عن المجتمع كالعادات و التقاليد وهي متغيرة من جماعة لأخرى , و من القيم ما هو صادر عن الوحي كأخلاق المسلمين وما يتعلق بالحلال والحرام وهي تتمتع بالثبات . الخاتمة : إن موقف سارتر من الأخلاق لا يمكن التسليم به , إذ ليس بإمكان الفرد أن يقرر وحده الخير والشر , رغم أنه قادر على إبتكار القيم الأخلاقية وقادر على الالتزام بها أو تركها . فالقيم الأخلاقية تصنعها أطراف مختلفة الفرد , المجتمع , الدين . | |
|