4- الناحية النفسية:
قد مر بنا أن المرأة في المجتمع الغربي تقاسم الرجل مسئولية النفقة على الأسرة، ولكن ماذا بشأن الأعمال المنزلية ومن الذي يتولاها؟
من المؤسف أن المرأة وجدت نفسها بعد خروجها من المنزل ملزمة بالنفقة على الأسرة وفي الوقت نفسه للقيام بالأعمال المنزلية.
في حين أن أغلب النساء حتى من غير العاملات في المجتمعات الخليجية يستخدمن خادمات أجنبيات!
ومن الطبيعي في ضوء هذا الوضع التعيس للمرأة الغربية ألا يكون لها مهر، أما مصاريف الاحتفال بالزواج فلا يطالب بها الرجل، بل في كثير من الأحيان تضطلع المرأة بالإنفاق على مصاريف حفل زواجها، إما منفردة أو مشاركة مع الرجل.
بقي أن نعلم أن المرأة الغربية بعد الزج بها مع الرجل في مجالات العمل المختلفة فقدت الكثير من أنوثتها، وفي استفتاء قامت به الصحف الأمريكية اتضح أن 90 % من الشابات لا يمانعن لو تسنت لهن الفرصة في العمل في الأفلام والمجلات الإباحية، وقد علل أخصائيون نفسيون ذلك بأن الشابات بهذا الاختيار يردن إنقاذ أنوثتهن من براثن العمل "الرجولي" خارج المنزل، والذي يسلبهن أنوثتهن شيئاً فشيئاً.
الحقوق التشريعية للمرأة في الإسلام:
1- احترام الكيان الشخصي للمرأة:
لاشك أن الدين الإسلامي كرم المرأة وأعطاها حقوقها، ومنع من ممارسة الظلم الاجتماعي عليها، وهذا النوع من الظلم ليس حكراً على الجاهلية العربية القديمة، بل هو إرث اجتماعي تتوارثه القرون والأجيال، ويكرسه الضعف الفطري الأنثوي للمرأة، فبالتالي يظهر هذا الظلم الاجتماعي على الساحة كلما ابتعدت البشرية عن التعاليم الربانية والدين القويم تحت أسماء مستحدثة وبمبررات جديدة.
وقد بين الرسول الأمين عليه الصلاة والسلام أن المرأة مثل الرجل في جميع الحقوق والواجبات إلا ما تختلف المرأة فيه بطبيعتها الأنثوية عن الرجل، فقال صلى الله عليه وسلم: ( النساء شقائق الرجال ) صحيح. صحيح وضعيف الجامع الصغير للألباني (9/193).
بل إن للمرأة في الإسلام في جميع أدوارها الاجتماعية منزلة عظيمة وكبيرة لم تبلغها في جميع أدوارها التاريخية، ويوضح ذلك ما يلي:
2- المرأة كأم:
فقد جعل الله عز وجل حسن معاملة الأم سبباً رئيسياً لدخول الجنة بل وجعل طاعة الوالدين بعد طاعة الله عز وجل، قال تعالى: (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ))[الإسراء:23] وقال تعالى: (( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ))[لقمان:14] إلا أن للأم مزيد عناية وتقدير، فقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: ( من حق لناس بحسن صحابتي؟ فقال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك ) رواه البخاري ومسلم.
والنصوص الشرعية عن منزلة الأم في الإسلام كثيرة معلومة.
3- المرأة كزوجة:
لقد حث الإسلام على حسن معاملة الزوجة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ) صحيح. صحيح الترغيب والترهيب ( 2/194) كما نهى عليه الصلاة والسلام عن ضرب النساء وجعل النفقة على الزوجة من أعمال البر والصدقة، وأمر بالصبر على خلق المرأة؛ نظراً لما يعتريها من التغير والتوتر النفسي خلال فترة الطمث أو الحمل أو غيرها من العوامل التي ترهق نفسية المرأة، وأثنى عليه السلام على من يصبر عليهن بقوله صلى الله عليه وسلم: ( إنهن يغلبن الكريم ويغلبهن اللئيم ) رواه الخطيب في تاريخ بغداد( 14/430).
بل إن الزوجة تقدم على الزوج بعد الفرقة بينهما في أمور؛ من ذلك حق الحضانة، فإن للمرأة حق حضانة الطفل حتى يبلغ سن التمييز، وبعد ذلك يخير الطفل بين أمه وأبيه، وفي الغالب فإن الطفل يختار أمه التي عاش معها حتى ذلك السن وبحكم ميل الطفل الفطري لأمه.
وجعل الإسلام لمن تزوجت حقوقاً مالية ثابتة؛ مثل: المهر، والنفقة الزوجية للزوجة، ومثل المتعة والنفقة للمطلقة بعد الفرقة.
وجعل لها حق الخلع من الرجل إذا كرهت البقاء معه.
4- المرأة كابنة:
والمرأة في الإسلام لها اسم مستقل فهي تنسب لأبيها، وليست متاعاً تنتقل ملكيته، وبين النبي عليه الصلاة والسلام ( أن من كان له ابنتاه فأحسن تربيتهما دخل بهما الجنة، قيل: يا رسول الله! فواحدة؟ قال: وواحدة ).
ولها كذلك حق الإرث من أبيها، للأنثى نصف ما للذكر، مع أنها ليست ملزمة بأية نفقة.
5- الإسلام والناحية الأمنية للمرأة:
سبق أن مر بنا أن الإسلام هيأ للمرأة الكافل في جميع أطوارها العمرية، حيث يلتزم الأب بكفالتها ونفقتها وحسن تربيتها، فإن لم يوجد الأب فالجد، فإن لم يوجد فالأخ، فإن لم يوجد فالعم، فإن لم يوجد فينفق عليها قاضي البلد من بيت مال المسلمين، ويجب عليه عندئذ أن يجتهد في تزويجها للأصلح ممن يتقدم لخطبتها.
إذاً فالإسلام يكرم المرأة ويكفلها في جميع مراحلها وأطوارها العمرية، ولا أدل من ذلك من قصة أبي بكر الصديق رضي الله عنه الخليفة الراشد الذي كان بعض الصحابة الكرام يفتقده جزءاً من النهار من بعد صلاة الفجركلَّ يوم، فأراد بعضهم أن يتحقق من الأمر، فوجد أبا بكر رضي الله عنه يأتي كل ليلة إلى بيت عجوز ضريرة فيكنس بيتها، ويحلب شاتها، ويعلف داجنها، ويتفقد أحوالها.. يفعل ذلك كل ليلة رضي الله عنه وأرضاه.
المصدر: مجلة الجندي المسلم. العدد ( 128).
بقلم محمد بن حسن المبارك