الفرع الثالث: حق استدراك الأخطاء
حق استدراك الأخطاء هو »هو الوسيلة الممنوحة للإدارة لإجراء التقويمات
لنفس المدة ونفس الضرائب عندما يقدم لها المكلف عناصر غير كاملة وخاطئة « .
يتمثل هذا الحق في الإمكانية الممنوحة للإدارة الجبائية في إعادة النظر في
الاقتطاع سواءً بتعديل أو بإنهاء اقتطاع جديد حيث نصت المادة 327 من قانون
الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة على أنه »يجوز استدراك خطأ يترتب سواء
من نوع الضريبة أو مكان فرضها بالنسبة لأي كان من الضرائب والرسوم عن طريق
الجداول « ، وقد حدد الأجل القانوني لاستدراك الأخطاء بأربع04 سنوات، كما
جاء في الفقرة الأولى من المادة 326 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم
المماثلة »يحدد الأجل الممنوح للإدارة بأربع04 سنوات للقيام بتحصيل
الجداول الضريبية التي يقتضيها استدراك ما كان محل سهو أو نقص في وعاء
الضريبة « ونفس المدة بالنسبة لرسم على القيمة المضافة حسب ما جاء في نفس
المادة 157 وتحدد نقضه البدء لهذه المدة كمايلي:
- فيما يخص وعاء الحقوق البسيطة والعقوبات المتناسبة مع هذه الحقوق، يبدأ
الأجل اعتبارا من اليوم الأخير من السنة التي تم فيها فرض الرسوم على
المداخيل.
- وبالنسبة لوعاء الغرامات الثابتة ذات الطابع الجبائي يبدأ الأجل اعتبارا من اليوم الأخير من السنة التي ارتكبت أثناءها المخالفة
- أما في مجال الرسوم المحصلة لفائدة المجموعات المحلية وبعض المؤسسات
يبدأ سريان هذا الأجل من أول جانفي من السنة التي تفرض فيها الضريبة وقد
تهد هذه الفترة أو ما يعرف بقطع التقادم.
إذا اعترض هذه المدة:
- دفع أقساط مسبقة على الضريبة.
- إيداع طلب تخفيض العقوبة.
- تبليغ النتائج المتحصل عليها على إثر إجراء تحقيق المحاسبات.
المطلب الثاني: صور الرقابة
تأخذ الرقابة الجبائية أشكالا وصورا عديدة يتوجب استعمالها في الوقت
المناسب، وحسب أهميتها في حدود ما هو مقرر في التشريعات والتقنيات المنظمة
لها والتي تتمثل في ثلاث أشكال متتابعة ومتكاملة هي:
- الرقابة الشكلية.
- الرقابة على الوثائق.
- الرقابة في عين المكان.
الفرع الأول: الرقابة الشكلية
هي أول عملية تخضع لها التصريحات المكتتبة وتشكل مجمل التدخلات التي تهدف
إلى إحداث تصحيحات مادية للأخطاء والنقائص المرتكبة أثناء كتابة وتقديم
المكلفين.
التصريحات، والتحقق من هوية وعنوان المكلف وكذا مختلف العناصر التي تدخل في تحديد وعاء الضريبة.
والغرض من هذا النوع من الرقابة هو التصحيح الشكلي للتصريحات دون إجراء
أية مقارنة بين ما تحمله من محتويات محتويات، وتلك التي تتوفر لدى
الإدارة، وتتم هذه الرقابة سنويا باعتبارها أول عملية مراقبة تخضع لها
التصريحات، ولا تهدف إلى التأكد من صحة المعطيات والمعلومات التي تحملها،
وإنما للكيفية التي قدمت من خلالها هذه المعطيات أو المعلومات.
الفرع الثاني: الرقابة على الوثائق
يعد هذا النوع من الرقابة ثاني إجراء تقوم به الإدارة الجبائية بعد
الرقابة الشكلية يتجلى دور هذه الرقابة في مجموعة الأعمال والفحوصات
الدقيقة التي تتم على مستوى المكتب، والتي تقوم من خلالها الإدارة بمقارنة
المعلومات المصرح بها من طرف المكلف، والمعلومات المتحصل عليها من طرف
الإدارات والهيئات والمؤسسات العامة أو الخاصة، والمتعلقة بالمعاملات أو
الصفقات المبرمة بين المكلف وهذه الهيئات والتي تكون في شكل كشوفات تعرف
بـBulletin de recoupement كمعلومات إضافية، وبإمكان المحقق طلب بعض
التوضيحات والتبريرات من المكلف إذا لوم الأمر لا سيما المتعلقة بنمط
المعيشة أو بعض الأعباء المخصوصة les charges de ductile .
أ- طلب المعلومات: يتسنى للمصلحة الجبائية التي تحقق في تصريحات المكلفين
أن تتقدم بطلب المعلومات حول النقاط أو المسائل التي تشوبها غموض، ويمكن
لهذه الأخيرة أن تكون كتابية أو شفوية لا تخضع المكلف بالضريبة إلى أي
عقوبة في حالة عدم الرد على هذا الطلب، لكن قد تلجأ الإدارة إلى مراسلته
من أجل التوضيح أو التبرير.
ب- طلب تبريرات وتوضيحات: تنص المادة 15 من قانون المالية لسنة 1996م على
أنه »يحقق المفتش في التصريحات ويطلب التوضيحات والتبريرات كتابيا كما
يمكن أن يطلب الاطلاع على الوثائق المحاسبية المتعلقة بها « ، يستوجب في
الطلبات المكتوبة أن تبين بوضوح المسائل التي يرى المفتش أنه من الضروري
الحصول على توضيحات أو تبريرات من شأنها، ويحدد المكلف بالضريبة أجلا لا
يقل عن 30 يوما من أجل تقديم رده، وإذا ما انقضت هذه المدة دون أي رد يحدد
المفتش أساس فرض الضريبة، وفي حالة عدم تجاوب هذه الإجراءات مع التساؤلات
المطروحة ويلجأ المحقق إلى نوع أخر من الرقابة والمتمثلة في الرقابة بعين
المكان.
الفرع الثالث: الرقابة بعين المكان
على خلاف الرقابة على الوثائق، فإن الرقابة بعين المكان تتم خارج مكاتب
الإدارة الجبائية، مما يسمح لهم بالتنقل إلى المقرات المهنية لإجراء بحوث
ميدانية، من أجل التأكد من صحة ودراسة المعلومات المصرح بها، وهذا
بمقارنتنا مع العناصر الخارجية.
وتظهر صورة هذه الرقابة في إجراء المفتش لخصوصات تخص العناصر المادية
للاستغلال الخاص بالمؤسسة عن طريق متابعة تحركات البضائع في مختلف مراحل
التسويق ، ومراقبة الصفقات التي تتم بين المنتجين والمسوقين... حيث يعتبر
هذا الإجراء الوسيلة الوحيدة الممكنة لمعرفة رقم الأعمال الحقيقي، وقد
اعتبرها “T.LAMBERT” بأنها » تتضمن الدراسة الحقيقية التي وراء المظاهر
وليست نشاط الرقابة المادية لهذه المظاهر» .
تعد هذه الطريقة أكثر فعالية بالنسبة للإدارة الجبائية حيث تساعدها على
التأكد من صحة التصريحات وكشف حالات التهرب ، ولقد كرس النظام الجبائي
الجزائري هذا النوع من الرقابة ليشمل التحقيق المحاسبي والتحقيق المعمق
لمجمل الوضعية الجبائية VASEF .
الفصل الرابع: التحقيق الجبائي
تخول التشريعات الجبائية للإدارة حق ممارسة التحقيق المحاسبي، والتحقيق
المعمق المجمل الوضعية الجبائية بهدف التأكد من مدى صحة التصريحات المقدمة
من طرف المكلفين. ويأتي هذا الإجراء للقضاء على ظاهرة التهرب الجبائي.
المبحث الأول: التحقيق المحاسبي:
يسمح هذا التحقيق للإدارة الجبائية بالتأكد من صحة وقانونية الكتابات
المحاسبية ومقارنتها مع الوضعية الحقيقية للنشاط الممارس، حيث يخرج
التحقيق المحاسبي من إطاره الضيق المتمثل في المراجعة الشكلية للملفات إلى
مراجعة لكل الدفاتر والوثائق المحاسبية بعين المكان، هذا ما أكدته المادة
190 من قانون الضرائب المباشرة على أن (التحقيق المحاسبي عبارة عن مجموعة
من العمليات التي تهدف إلى فحص في عين المكان الملفات المحاسبية مقارنتها
بعناصر الاستغلال واستثناءا قد نصت المادة 113 من قانون الرسم على رقم
الأعمال على أنه (يجب أن يتم التحقيق في الدفاتر المحاسبية في عين المكان،
ما عدا إذا تم تقديم الكلف طلبا مكتوبا يقضي بعكس ذلك وتم قبوله من طرف
المصلحة، أو في حالة قوة قاهرة مثبتة قانونا من طرف المصلحة. لا يمكن
للإدارة الجبائية ممارسة التحقيق المحاسبي إلا على المكلفين الملزمين بمسك
الدفاتر والوثائق المحاسبية التي فرض القانون التجاري والجبائي مسكها. أي
أنه بغياب هذه الوثائق لا يمكن إجراء هذا النوع من التحقيق هذا من جهة، من
جهة أخرى لا يمكن مباشرة التحقيق إلا من طرف أعوان الإدارة الجبائية الذين
لهم على الأقل رتبة مراقب.
المطلب الأول: التحضير للتحقيق
يتجسد هذا الإجراء إلى لجوء العون المحقق الذي يجب أن لا تقل رتبته عن
مراقب بأعمال تمهيدية تسمح له بأخذ صورة مستوفية وكاملة عن المكلف المعني
بعملية المراقبة.
ويتمثل هذا الإجراء بسحب ملف هذا الأخير أو ما يسمى « Dossier Unique
»الذي يشمل على جميع الوثائق والمعلومات المتعلقة بنشاطه. وكذلك كل
التصريحات الخاصة بجميع الضرائب والرسوم الخاضعة لها وبعد جمع كل الوثائق
والمعلومات التي يستوفيها ملف المكلف يقوم العون المحقق بدراستها ذلك
للتأكد من أنها كاملة وصحيحة مع مسك وثائق ضرورية لسير مهمته على أحسن وجه
منها:
• بيان مقارن بين ميزانيات المؤسسة (الأصول والخصوم).
• بيان محاسبي من خلال جدول حسابات النتائج.
• رقم الأعمال المعلن عنه، رقم الأعمال المعفى، التخفيضات المطبقة والرسوم المسددة. كما يجب التأكد من:
الدخل الإجمالي المصرح به من طرف المكلف المعني بالمراقبة. وكذلك فحص مدى ترابط عناصر المعيشة مع الدخل المصرح به.
ومن أجل الإحاطة الكبرى بملف المعني بالمراقبة، يمكن لعون المراقب القيام ببحوث خارجية التي يمكن أن تتم على عدة مستويات منها:
• البنوك والمصارف من أجل مراقبة حركة الأرصدة.
• مصالح الجمارك فيما يخص المؤسسات المصدرة والمستوردة ( تصاريح جمركية D3 ).
• الإدارات العمومية.
• الزبائن.
بعد إتمام المحقق كل هذه الأعمال السالفة الذكر، يأتي إعلام المكلف
بالضريبة كآخر خطوة وهذا بإرسال إشعار بالتحقيقات Avis de Vérification من
أجل الشروع في التحقيق المحاسبي الدقيق، كما يمكن القيام بزيارة مفاجئة في
حالة الدراسة المسبقة للمكلف التي أظهرت تشويهات خطيرة للمكلف أو علم
المحقق بوجود محاسبة خفية حيث يخشى المحقق إخفاءها من طرف المكلف إذا تم
إعلامه وكذلك في حالة رغبة الإدارة الجبائية إجراء جرد حقيقي للمخزون.
فهذه الزيارة المفاجئة لا يمكن أن تتم إلا بحضور مدير المؤسسة شخصيا وفي
الأوقات المخصصة للعمل.
المطلب الثاني: التحقيق
تنص المادة 140 من قانون الضرائب على أنه لا يمكن البدء في إجراء التحقيق
المحاسبي دون أن يتم إشعار المكلف بذلك مسبقا عن طريق إرسال إشعار
بالتحقيق أو تسليمه له وأن يستفيد من أجل أدنى للتحضير مدته 15 يوما
ابتدءا من تاريخ إرسال الإشعار.
يجب أن يبين الإشعار بالتحقيق مايلي:
• تاريخ ووقت بداية التحقيق.
• مدة التحقيق.
• الحقوق، الضرائب، الرسوم وكذا الوثائق التي يطلع عليها.
يمكن إجراء رقابة مفاجئة دون إشعار المكلف. ذلك من أجل المعاينة الحقيقية
وفي هذه الحالة يسلم الإشعار بالتحقيق مع بداية التحقيق فغياب الإشعار
بالتحقيق يلغي تماما إجراء التحقيق باستثناء (الزيارة المفاجئة) التي يسلم
الإشعار وقت الزيارة يقوم المحقق منذ اليوم الأول من انقضاء المدة المحددة
بـ15 يوما بالاتصال مع مسيري المؤسسة بعين المكان ويستفسر عن طبيعة العمل
والنشاط الممارس مع زيارة أماكن الإنتاج، التخزين، المحلات المهنية التي
تسمح له بأخذ نظرة شاملة حول الوضعية الحقيقية للمؤسسة حيث يجب جمع كل
المعلومات المتعلقة بـ:
• النشاط الرئيسي والثانوي للمؤسسة.
• سعر التكلفة، أسعار البيع المطبقة فعلا ودوران المخزون.
• وسائل النتاج المستعملة.
• زبائن المؤسسة ومورديها.
• صلة المؤسسة مع الفروع الأخرى، الشركة الأم وفروعها.
بالإضافة إلى كل هذا يجب على المحقق التأكد من الصحة الشكلية للمحاسبة.
ذلك بأنها تلم جميع الوثائق والمستندات القانونية التي ينص علها القانون
التجاري في المواد من 09 إلى 11 والمتمثلة في دفتر اليومية livre journal
حسب المادة 09، دفتر الجرد livre d’inventaire حسب المادة 10.
زيادة على ذلك يجب التأكد من مطابقة الكتابة الموجودة بهذا الدفتر مع
الوثائق التبريرية بعد الدراسة الشكلية للمحاسبة. يجب التطرق إلى الدراسة
الموضوعية أي في مضمون المحاسبة من بينها حساب المشتريات والمبيعات
والمخزونات كونها المصدر الأول والأساسي للتهرب وعلى هذا فإنه من الضروري
على المحقق مراجعة هذه الحسابات الثلاثة.
1. حساب المشتريات.
2. حساب المبيعات.
3. حساب المخزونات.
المطلب الثالث: نتائج التحقيق
تعتبر آخر مرحلة في التحقيق المحاسبي. فبعد قيام العون المحقق بالتحقيق
يتوصل إلى نتائج مهمة قد تكون مخالفة لتصريحات المكلف. وهنا يوجد مجال
لإحداث بعض التعديلات في القاعدة الضريبية أو قد تكون هذه النتيجة مطابقة
لتصاريح المكلف وفي هذه الحالة يعد من الضروري إجراء تعديلات بإتباع
الإجراءات العادية للتقويم بنوعيه الأحادي والثنائي.
- التقويم الثنائي: هذا النوع من التقويم يتم في حالة امتثال المكلف
بالتزاماته الجبائية أو المحاسبية كتقديم التصاريح في وقتها المحدد...
ولكن بعد التحقيق تبين وجود نقائص أو الإخفاءات التي تدخل في تحديد الأساس
الضريبي إذ تقوم الإدارة الجبائية بتصحيح القاعدة الضريبية مع تمكين
المكلف من الاستفادة بالمشروعات إذا طلب ذلك والاستماع إلى أقواله، ويبدأ
الإجراء بإشعاره بالتقويم المراد إتباعه مع حمايته بقدر معين من الضمانات.
- إعلامه بالطرق المتبعة في إجراء التقويم.
- إمكانية استعانة المكلف بمستشاره القانوني من أجل دراسة الاقتراحات الإدارية وتقديم ملاحظاته.
- يجب استعانة المكلف بتقويم مفصل بصفة كافية تسمح للمعني تقديم ملاحظاته حيث تمنح له مدة 40 يوما.
- التقويم الأحادي: هذا النوع من التقويم يتم من طرف الإدارة الجبائية
فقط، ويطبق في حالة ما إذا لم يؤد المكلف واجباته الجبائية والمحاسبية في
أوقاتها وهنا تباشر الإدارة هذا التقويم عن طريق الإجراءات الآتية:
إجراء الفرض الضريبي.
إجراء التعديل التلقائي.
إجراء التقديم الفوري.
ومنه فإن معطيات المحاسبة تعتبر من أهم المعطيات التي تحدد القاعدة
الضريبية فبعد إحداث التعديلات والتصريحات في المعلومات التي تضمنتها
عملية المحاسبة لا يمكن الرفض الجزئي أو الكلي للمحاسبة إلا في الحالات
الآتية التي نصت عليها المادة 119 من قانون الضرائب المباشرة.
عندما لا تحتوي المحاسبة على أي قيمة مقنعة بسبب انعدام الوثائق الثبوتية.
عندما تتضمن المحاسبة أخطاء أو إعفاءات، أو معلومات غير صحيحة، خطيرة، متكررة في عمليات المحاسبة.
المبحث الثاني: التنسيق في إطار محاربة التهرب الضريبي
لقد أدى التوسع الضريبي ببعض المتعاملين انتحال أساليب وطرق جديدة للتخلص
من دفع التزاماتهم الجبائية، هذا ما زاد في توسيع حلقة التهرب وأصبحت
الإدارة الجبائية غير قادرة وحدها على مجابهة هذه الآفة. مما استوجب وضع
سياسة منسجمة لمحاربة هذا المرض تقوم على التنسيق بين الإدارات (الضرائب،
الجمارك، التجارة) وهي ما تعرف بلجان التنسيق والتي بدورها تقوم بتكوين
فرق مختلطة تعمل على مستوى كل ولاية ولهذا فإن أعوان إدارة الضرائب الذين
لهم رتبة مراقب على الأقل، يتمتعون بصلاحية الوقوف أمام كل أوجه، وأساليب
التهرب مستعينين في ذلك بالمعلومات التي تحوزها الإدارات الأحرى.
يرتكز التنسيق بين المصالح الإدارية على:
1. تنشيط وتوحيد نشاط الإدارات بلجان التنسيق.
2. استغلال وصول التوريد وتبادل المعلومات.
المطلب الأول: تنسيق الرقابة بين الإدارات (جبائية، تجارية، جمركية)
نظرا لتفاقم ظاهرة التهرب الضريبي في وقتنا الحالي وما سببته من خسائر
كبيرة للخزينة العامة التي قدرت حسب تقارير إدارة الضرائب في سنة 1995م بـ
50 مليار دينار السبب الذي انعكس سلبا على الاقتصاد الوطني، لا سيما وأن
الجزائر شرعت في تطبيق نظام اقتصاد السوق الذي يتأسس على حرية التجارة مما
زاد في عدد المستوردين، الأمر الذي قد يزيد من نسبة التهرب الضريبي وقصد
زيادة مردودية الإدارة الجبائية وإعطائها وتيرة تسمح لها بمسايرة التحولات
الاقتصادية، والدور المنوط بها في التنمية الاقتصادية وفي إطار دعم مكافحة
التهرب الضريبي بات من الضروري وضع سياسة منسجمة تقوم على التنسيق بين
الإدارات المعنية (تجارة، جمارك، ضرائب). لأن الكثير من الاقتصاديين
يرجعون المشكلة الرئيسية للتهرب الضريبي إلى عدم وجود تنسيق محكم بين
الإدارات على المستوى المركزي، الجهوي، وكذا الولائي.
ولهذا فقد تم إنشاء هذه اللجان التي تقوم بالتنسيق بين الإدارات المعنية
بموجب قرار بين الوزارات رقم 23 بتاريخ 23 جانفي 1994 والذي تم نشره
لتطبيق التعليمات رقم 431 بين MF/DGI/DOFولقد تم تعديل هذا القرار بقرار
آخر صادر في 22/02/1995م والذي تم نشره في نفس اليوم.
المطلب الثاني: أشكال التنسيق بين الإدارات الجبائية والإدارات الأخرى
إن نقص أو غياب المعلومات أو البيانات الخاصة ببعض المكلفين يعد سببا
يعرقل الإدارة الجبائية في تأدية مهامها على أحسن ما يرام وعلى أحسن وجه
ولوضع حد أمام كل هذه الصعوبات من أجل توجيه البحث والمراقبة أصبح توطيد
العلاقة بين الإدارات أو الهيئات الأخرى أمرا حتميا ذلك يرجع إلى أن هذه
الإدارات أو الهيئات يمكن أن تساعد في تبادل المعلومات الموجودة بحوزتهم
ووضعها تحت خدمة المصالح الجبائية المختصة.
إن وضع سياسة منسجمة لمحاربة التهرب الضريبي يتطلب التنسيق بين الإدارات المعينة التي يمكن أن يرتكز على النقاط الآتية:
-التنسيق في برامج التدخل بعين المكان، خاصة في إطار تدخل الفرق الموحدة ضرائب، جمارك، تجارة ومصالح الأمن.
هذا الإجراء يعد ضروريا خاصة عندما يتعلق الأمر بالبحوث الخارجية المنظمة
لكشف الأنشطة المخفاة " اقتصاد سري" والأشخاص الذين يمارسونها.
هذا التدخل المشترك يمكن أن يسفر عن نتائج إيجابية انطلاقا من المعلومات
المجمعة لدى كل هيئة أو إدارة يمكن استغلالها للخروج بنتيجة مشتركة و
مقنعة، مع الدعم اللازم للقوة العمومية التي تلعب دور هام في تشخيص
المتهربين الموجودين في المناطق أوالأحياء التي يصعب التوغل فيها.
التنسيق الثنائي، دائما وفي مجال التنسيق بين الإدارة الجبائية والإدارات
الأخرى وفي إطار تبادل المعلومات عن الوضعية المالية الحقيقية للمكلفين
يمكن ذكر الأمثلة الآتية:
-التنسيق بين الإدارة الجبائية ومصالح الجمارك.
من واجب الإدارة الجبائية في أغلب الأحيان اللجوء إلى مصادر لمدها
بالمعلومات اللازمة لمصالح الجمارك باعتبارها حلقة وصل بين الداخل والخارج
ونظرا لما لها من إمكانيات استقصاء المعلومات قيمة بشأن حركة رؤوس الأموال
والتحويلات المشبوهة من قبل المؤسسات المالية، كل ذلك من أجل كشف حالات
التهرب الضريبي، زيادة على ذلك يجب على مصالح الجمارك التبليغ التلقائي
بكل المعلومات التي تخص الإستيرادات الخاصة بالمكلف.
- التنسيق مع مصالح التجارة قصد وإيجاد تجاوب من شأنه أن يقلل من حالات
التهرب، أصبح من الضروري التنسيق بين الإدارة الجبائية والمصالح التجارية
خاصة مديرية المنافسة والأسعار ومديرية الإحصاءات التي تساعدها في التبليغ
عن المخالفات التي يرتكبها بعض المكلفين بالضريبة، التي تؤثر سلبا على
الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى التبليغ عن أسعار السلع والخدمات.
الــخــاتــمــة:
إن مكافحة التهرب الضريبي ليس بالأمر الهين، نظرا للأشكال التي يتخذها
والتقنيات المتبعة من طرف المكلفين في استعمال الطرق الاحتيالية، ولمجابهة
التهرب الضريبي يجب معرفة الدوافع التي تحمل المكلف للجوء إلى مثل هذه
الظواهر والتي قد تكون الوضعية الاقتصادية المزرية وعدم مرونة واستقرار
القوانين، وضغط جبائي مرتفع ونفسية متردية وعقلية متخلفة تنظر إلى الضريبة
بمنظار مشوه فتح الباب على مصراعيه أمام المكلف للتخلص من الضريبة.
وإذا كانت الرقابة الجبائية من أنجع الوسائل لمحاربة التهرب إلا أنها تبقى
قاصرة وهذا لنقص الوسائل المادية والبشرية خاصة الكفاءات العليا في
الميدان المحاسبي والقانوني.[/size][/size]