[center][b]
[b]
بواعث الفرج
تحدثنا قبل ذلك عن أربع أزمات قيادية تعاني منها الأمة بعامة والمنظمات والشركات بخاصة. وحتى لا نتهم بأننا من الذين يدعون للتشاؤم فإننا سنتحدث اليوم عن ما نراه من بواعث للفرج تلوح في سماء الأمة وأفق العمل الإداري. وسنقسم بواعث الفرج هذه إلى قسم يتحدث عن المستوى الفردي وأخر يتحدث عن المستوى الجماعي.
على المستوى الفردي:
شعور المريض بالمرض: أي شعور المريض بالسلبية وعدم الفعالية وعدم رضاه عن هذا الشعور وسعيه لتغييره وتحويل هذا الشعور إلى برنامج عملي يسعى من خلاله لأداء قضية من القضايا. وهذه أول خطوات العلاج، أي الاعتراف بوجود المرض والحاجة للعلاج. والمصيبة حين يخيل للمريض أنه سليم معافى لا يشكو من شيء، عندها يرفض الدواء ونصح الأطباء ويصرُّ على ما هو عليه.
الاتجاه نحو صياغة الحياة: التوجه نحو صياغة الحياة صياغة إسلامية بكافة مجالاتها، فالأب يصوغ بيته صياغة إسلامية، والمدير يصوغ مدرسته والموظف في دائرته. لقد أصبح هناك هم كبير في محاولة صياغة الحياة، وهو هم مقلق ينمُّ عن مستقبل مشرق.
التخصص: لقد أصبح هناك فهم صحيح لضرورة التخصص، بعد أن كان الكل يدعي الفهم في كل شيء. وتنامى لدى الأمة شعور جاد بقيمة العلم والتحصيل والتدريب. ولدينا الآن عدد متزايد من الشباب يتخصصون بأمور كثيرة ورائعة، وكل منهم يعمل بجد ليسد بذلك ثغرة من ثغرات المعرفة والقيادة في الأمة.
على المستوى الجماعي:
إحياء دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهي شعيرة حسبناها ماتت. فما عاد الإنسان المستقيم إنساناً سلبياً يتردد على المسجد للصلاة فقط، بل أصبح يتحسس بداخله مشاعر عظيمة يطمح في إيصالها للناس كافة. وأصبحت مؤسسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنوع أساليبها وتطور طرقها، مما أحيا هذا الدور وضخ به دماء جديدة.
التعايش مع طبقات المجتمع: ما عادت قضية القيادة حكراً على فئة معينة مثل الدعاة أو طلبة العلم، بل إن الجيل الجديد حريص على الاحتكاك بعامة الشعب وخدمته والتعايش مع قضايا الناس وتلمس المشاكل التي تواجههم ومحاولة حلها، إما عن طريق طرح منتج أو خدمة جديدة، أو عن طريق تحسين أداء المنظمة لتخفيف الضغط عن الموظفين والمراجعين. بهذه العاطفة القيادية التي نتجت عن التواد والرحمة (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم) نستطيع التواصل مع الناس والتأثير في سلوكهم.
الاتجاه الفعال نحو الأعمال المؤسسية: إذ لم تعد قضية القيادة والنجاح قضية فردية، بل أصبحت هماً جماعياً منظماً. ورسمت لها الهياكل الإدارية ووضعت في الخطط العملية للشركات والمنظمات. لكن نجاح العمل المؤسسي يتطلب إضافة إلى ما سبق استيعاب مفاهيمه، وتربية الأفراد على معانيه ومتطلباته والتفاعل المتبادل بين القيادة والأفراد.
ظاهرة التكامل: من خلال معرفتنا بنقاط القوة والضعف لدى كل شخص في المنظمة نستطيع توظيف نقاط القوة في خدمة أهداف المنظمة وتلافي الضعف أو العمل على تقويته، وبهذا نحقق الاستفادة القصوى من طاقات الموظفين والعاملين. وعبر الحوار والرأي الآخر يتم توزيع الأعمال وتنفيذها بشكل متقن وبإنتاجية عالية. وفي كل هذا مصلحة كبيرة للمنظمة.
د. طارق محمد السودان