فقد قال صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ : قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : " الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ " [ متفق عليه ] ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .
أمة الإسلام : لا أشد ولا أعظم على الأمة من الانحراف العقدي والديني ، فما منشأ الإرهاب وقتل المسلمين والمعاهدين ، وإرعاب الآمنين ، إلا ثمرة خبيثة من ثمرات التحول عن الدين الصحيح ، ومع هذه المدلهمات ، وتلكم الملمات التي حطت رحالها بالأمة ، اصطاد أناس في المياه العكرة ، ودخلوا دهاليز التشويش والاضطراب ، مرقوا في سراديب مظلمة ، وطرقاً ملتوية ، نخروا جدار أمن البلاد ، وحرضوا العباد ، فعليهم من الله ما يستحقون ، ألا فاحذروا عباد الله من تلكم القناة التي تسمت بالإصلاح ، وهي لا تريد صلاح ولا إصلاح ، وإنما في ظاهرها الرحمة ومن قبلها العذاب ، نحن نعيش الأمن والأمان في بلاد الحرمين الشريفين ، نعيش حياة رغدة سعيدة ، حسدتنا عليها شعوب العالم قاطبة ، فأطيعوا ولاة أمركم ، وأوصيكم بوصية رسول الله لكم حيث قال صلى الله عليه وسلم : " مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ، وَمَنْ يُطِعِ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي ، وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي ، وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ ، وَيُتَّقَى بِهِ ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا ، وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ " [ أخرجه البخاري واللفظ له ومسلم ] ، وقَالَ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً " [ أخرجه البخاري ومسلم ] ، ألا فليعلم كل مسلم ومسلمة أن ما تدعو إليه قناة الإصلاح ، ومن يتشدقون فيها بأفواه الكفار والمنافقين والعلمانيين والشيعة الرافضة واليهود والنصارى ، ليعلم الجميع أنما يريدون أن يحل ببلادنا ما حل بإخواننا في فلسطين والعراق اليوم ، وما حصل لسبإ بالأمس ، من تفكك وتناحر وحروب أهلية وقبلية ودينية ، واستيلاء على الأراضي ، وانتهاك الأعراض ، وما تلكم المظاهرات التي يدعون إليها ، إلا نتاجاً سيئاً من نتائج أعمالهم ، ودليلاً بيناً لسوء نياتهم ، وخبث طوياتهم ، لقد حق عليهم قول الله تعالى : " ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو أشد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد * وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد " ، فاتقوا الله أيها الناس ، وأطيعوا ولاة أمركم وعلمائكم ومن ولاهم الله أمركم ، فقد قال ربكم ومولاكم : " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا وأطيعوا الرسول وأولوا الأمر منكم " ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه أنه هو الغفور الرحيم .
الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر .
الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الحمد لله المحمود على كل حال ، ونعوذ بالله من حال أهل النار ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أهل الثناء والمجد ، لا رب لنا سواه ، ولا خالق غيره ، ولا رازق إلا هو ، مستحق للشكر والحمد ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، وخيرته من خلقه ، صلوات ربي وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم واقتفى أثرهم . . أما بعد :
فيا أمة الإسلام : إن يومكم هذا يوم عظيم ، هو يوم الحج الأكبر ، وهو آخر الأيام المعلومات ، وأول الأيام المعدودات ، في هذا اليوم العظيم يجتمع الحجاج ليؤدوا فيه معظم مناسك الحج ، ويتقربون إلى الله بالعج والثج ، فيه يرمون الجمرة الكبرى ، وينحرون الهدايا ، فيه يحلقون رؤوسهم ، ويطوفون بالبيت العتيق ، ويسعون بين الصفا والمروة بسكينة وتحقيق ، في هذا اليوم يشترك الحجاج وغير الحجاج بإراقة دماء الهدي والأضاحي تقرباً إلى الله عز وجل ، قال تعالى : " لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم " ، ولتعلموا وفقني الله وإياكم أنه لا يجوز الأضحية بالهزيلة والمريضة ، والعرجاء والعوراء ، ولا العمياء والكسيرة ، ولا تجوز الأضحية بالهتماء التي ذهبت ثناياها من أصلها ، ولا العضباء التي ذهب قرنها أو أكثر أذنها ، ولا الجداء التي نشف ضرعها ويبس من الكبر ، كما لا تجزئ الجرباء ، ولا يجزئ من الإبل إلا ما تم له خمس سنين ، ومن البقر ما تم له سنتان ، ومن المعز ما تم له سنة ، ومن الضأن ما تم له ستة أشهر ، وتجزئ البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة ، والشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته ، ولا يبع منها شيئاً ، ولا يعطي الجزار أجرته منها ، واعلموا رحمكم الله أنه يجوز الأضحية بالخصي والفحل من الأضاحي لحديث عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ ، اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ . . ." [ أخرجه ابن ماجة وصححه الألباني رحمه الله ] ، وعن أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ : ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ ، يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ ، وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ " [ أخرجه الأربعة وصححه الترمذي رحمه الله ] ، واعلموا أن وقت ذبح الأضاحي بعد الانتهاء من صلاة العيد ، ويمتد إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من أيام التشريق ، ومن ذبح قبل الصلاة فهي شاة لحم وليست بأضحية ، ولم يصب سنة المسلمين ، قال صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ نُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى ، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ " [ متفق عليه ] ، واعلموا رحمكم الله أن هذه الأيام الثلاثة المقبلة هي أيام التشريق ، ويحرم صيامها ، كما يحرم صيام يومي العيدين ، عيد الفطر ، وعيد الأضحى ، عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ " [ أخرجه مسلم ] ، فأكثروا فيها من ذكر الله تعالى بالتكبير والتهليل والتحميد في أدبار الصلوات وفي جميع الأوقات ، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة في دين الله بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وعليكم بجماعة المسلمين ، فإن يد الله مع الجماعة ، ومن شذ شذ في النار عياذاً بالله ، هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى ، والنبي المجتبى ، نبينا محمد خير الورى ، فقد أمركم الله بذلك فقال سبحانه : " إن وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين صلوا عليه وسلموا تسليما " ، اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد ، وعلى آل بيته ، وعلى الصحابة أجمعين ، وخص منهم الخلفاء الأربعة الراشدين ، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم من أراد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه ، واجعل تدبيره تدميراً عليه يارب العالمين ، اللهم من أراد وحدتنا وطمأنينتنا ورجال أمننا بسوء ، فنكس رأسه ، واجعل الخوف لباسه يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم إنا نسألك الجنة ، ونعوذ بك من النار ، اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين ، اللهم احفظ بالإسلام قائمين ، واحفظنا بالإسلام قاعدين ، واحفظنا بالإسلام راقدين ، ولا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين يارب العالمين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .