جدي سالم يحكي لنا قصة سيدنا موسى والسامري
ويكمل الجد سالم حكايته وقصة سيدنا موسى عليه السلام ، وماذا فعل عندما عاد بألواح التوراه التي أنزلها الله عليه في جبل الطور بسيناء ، وعاد لبنو إسرائيل ولكن هناك وجد مفاجأة غير سارة تنتظره ، في قصة بعنوان جدي سالم يحكي لنا قصة سيدنا موسى والسامري قصة للأطفال من القرآن الكريم .
قصة سيدنا موسى والسامري
قصة سيدنا موسى والسامريجلس الأطفال أمام الجد سالم وقالوا له بحماس ، هيا يا جدي أكمل لنا قصة سيدنا موسى وأخبرنا من هو السامري ، وقالت سلمى ، جدى هل تسمح لي بسؤال ، فقال الجد تفضلي يا سلمى ، قالت الفتاة ، يا جدى لقد لاحظت شيئا هاما عندما اخبرتني أمس قصة ألواح التوراة ، وأخبرتنا الوصايا العشر هي نفس الوصايا التي يوصي بها ديننا الإسلامي يا جدي ، قال الجد ، يا سلمى ، إن من أنزل التوراة والإنجيل والقرآن الكريم هو اله واحد يا بنيتي وكل الكتب السماوية تدعوا لنفس الأشياء الحميدة ،عدم السرقة والقتل والزنى وفعل الفواحش والحسد والاهتمام بالوالدين وعدم الحسد وشهادة الزور فشريعة الله واحدة لا تتغير، اخذ الجد سالم نفسا عميق ثم اكمل قصته قائلا ، حمل سيدنا موسى الألواح وعاد الى بنو اسرائيل وهو سعيد مسرور ، ولكن للأسف الشديد وجد مفاجأة غير سارة في انتظاره هناك فما فعله بنو إسرائيل كان بشعا جدا .
حينما خرج سيدنا موسى عليه السلام من مصر هو وقومه وفروا من فرعون وجنوده ، ولكن قبل ان يخرج بنو اسرائيل من مصر ذهبوا الى النساء المصريات وطلبوا منهن أن يعطيهن الحلي الذي يتزينون به من خواتم والقرط والعقد والسوار ، وقالوا لهن إننا في يوم عيد وسوف نعيد هذه الأشياء بعد العودة من العيد ، وخرجت النساء مع الرجال حين أهلك الله فرعون وبذلك سرقوا ذهب المصريات ، وعندما ذهب سيدنا موسى للقاء الله تعالى ، وتأخر عليهم عشر أيام ، انتهز رجل خبيث اسمه ” السامري ” الفرصة ، وقد كان السامري رجل سيء جدا ، وكان من هؤلاء الناس الذين طلبوا من سيدنا موسى ان يجعل لهم صنما في شكل عجل ليعبدوه ، فلما رأى السامرى غياب سيدنا موسى عليه السلام ، ذهب إلى قومه فقال لهم ، إن موسى قد غاب وانه قد مات فهيا نعبد الهنا واله موسى ، فقالوا له ، وما هذا الاله يا سامري ، فقال السامري ، انه العجل الذي رأيناه وطلبنا من موسى أن يصنع لنا عجلا مثله فرفض . سنحاول في موضوعنا أن نعرض لكم قصة موسى عليه السلام، بجميع مراحل حياته، والمعجزات التي بعثه الله بها، وكيف كان رد فعل قومه عليه هل صدقوه أم استمروا في الكفر والعصيان؟
تولى فرعون حكم مصر وكان ظالمًا طاغيًا يخشاه الناس، ولا يستطيع أحد عصيان أوامره، ولما رأى فرعون أن أعداد بني إسرائيل تزداد يوما بعد يوم، وأنهم أصبحوا أغنياء يمتلكون الأراضي؛ أصدر فرعون أوامره بسلب تلك الأملاك والأراضي منهم.
لم يكتف فرعون بذلك، بل أمر أن يتم قتل أي مولود ذكر يولد لبني إسرائيل، وكان ذلك بسبب سماع فرعون من حاشيته أنه هناك ذكرًا من بني إسرائيل، سيأخذ منه الحكم ويصبح حاكمًا لمصر بعده ذات يوم.
في ذلك الوقت ولد موسي عليه السلام، وخافت عليه أمه كثيرًا واحتارت أين تخفيه عن أعين فرعون وجنوده، فهم إذا رأوه سيقتلونه على الفور.
جاءتها فكرة إلهاما من الله سبحانه وتعالى، أن تصنع صندوقًا من الخشب وتضع فيه المولود، وتلقي به في البحر، وتغلبت على قلبها ووضعت صغيرها في الصندوق، وألقته في البحر وأمرت أخته أن تراقبه وتعطيها الخبر.
أراد الله سبحانه وتعالي أن يأخذ التيار صندوق موسى ليذهب به إلى شاطئ قصر فرعون، وعندما رأى الخدم الصندوق التقطوه من البحر، وأخذوه إلى قصر فرعون.
ورأت أخت موسى ما حدث وذهبت إلى أمها لتخبرها بذلك، ولحسن الحظ كانت أخته تعمل خادمة في قصر فرعون؛ فأمرتها أمها أن تذهب وتعرف ما سيحدث لأخيها.
فرعون يتخذ موسى ابنًا له:
كانت زوجة فرعون لا تلد فلما أخذ الخدم إليها الرضيع في الصندوق؛ فرحت به وطلبت من زوجها فرعون أن يتخذاه ولدًا لهم، فوافق على ذلك، وطلبت زوجة فرعون أن يأتوا بمرضعة لكي ترضع الطفل.
حزنت زوجة فرعون وكذلك فرعون لما رأيا الطفل لا يقبل الرضاعة من أي مرضعة، وأنه يبكي جوعًا، فاحتارا ماذا يفعلان له، حتى تحدثت أخت موسى الخادمة، ولا أحد يعرف أنها أخته، وقالت إنها تعرف مرضعة جيدة تصلح له.
جاءت أم موسى لترضعه، فلما رأت ابنها رفرف قلبها، وحاولت منع نفسها من البكاء، وأخذت الطفل وأرضعته، وللمفاجأة استجاب الطفل لها مما أسعد زوجة فرعون كثيرًا.
مرت الأيام وكبر موسى وأصبح شابًا ناضجًا، وكان الكل يعاملونه بأنه ابن الملك، ولكنه في قرارة نفسه يعرف أنه ليس ابنه، بل هو فتى من فتيان بني إسرائيل.
ذات يوم بينما كان موسى يمشي في المدينة، رأى شجارًا بين رجل من بني إسرائيل، ورجل من المصريين، فلما استغاث به قريبه من بني إسرائيل؛ أغاثه موسى وضرب المصري ضربة، طرحته أرضًا ومات في الحال.
خاف موسى أن يعرف فرعون وقومه بأنه قتل المصري، فلم يعود إلى القصر بل ذهب في أنحاء المدينة، حتى وجد نفس الرجل من بني إسرائيل الذي أغاثه، يتشاجر مع مصري آخر ويطلب العون من موسى.
كان موسى على وشك أن يضرب المصري حتى فاجأه المصري قائلًا: أتريد أن تقتلني كما قتلت المصري أمس، فأدرك موسى أن الناس قد علموا بما فعله، وجاء رجلا وأخبر موسى أن هناك جماعة من المصريين، علموا أنه قتل المصري؛ فاتفقوا على قتل موسى.
لم يجد موسى مفرًا سوى الهروب إلى الصحراء، وأخذ يمر على البلاد حتى قادته قدماه إلى أرض مدين، حتى نال منه التعب وأصابه الجوع الشديد، فجلس عند بئر يقوم الناس بسقاية أغنامهم منه.
رأى موسى فتاتين يقفان مع أغنامهم بعيدًا عن البئر، والناس ينتظرون حتى يقوموا بسقاية أغنامهم؛ فقام موسى من مكانه وذهب إليهم وسألهم، لماذا لا يقومان بسقاية أغنامهم كما يفعل باقي الناس؟
أجابت الفتاتان أنهما يخجلان من الدخول وسط الرجال والتزاحم معهم، من أجل سقاية أغنامهم، ويفضلان الانتظار حتى ينتهي باقي الناس، ويكون المكان فارغًا لهم، وأن أبيهم رجلا كبيرًا في السن لا يستطيع رعاية الأغنام؛ فهما يقومان برعايتهم بدلا منه.
أخذ منهم موسى الأغنام وتقدم وسط الناس، وقام بسقايتهم، فقامت الفتاتان بشكر موسى على ما فعله من أجلهم، وذهبتا إلى منزلهما.
بعد قليل جاءت إحدى الفتاتان إلى موسى وهي تنظر إلى الأرض حياءًا وخجلًا، وقالت له إن أبيها يريد مقابلته ليشكره على ما فعله مع ابنتيه، فذهب معها إلى بيت أبيها.
أخبر موسى والد الفتاتين عن قصته، وكان اسمه شعيب، فطمأنه أنه في أمان في هذه البلد وأنه بعيد عن مكان فرعون وقومه، أشارت إحدى الفتاتين على أبيها أن يقوم باستئجار موسى لرعاية الغنم، فهو رجل قوي وأمين.
قام شعيب بالعرض على موسى أن يزوجه بنته في مقابل أن يقوم برعاية الغنم لمدة 8 سنوات، وإذا كان موسى أمينًا وأكمل الرعاية 10 سنوات، فسيكون ذلك فضل منه على شعيب فوافق موسى على العرض.
أكمل موسى سنوات رعاية الغنم العشر، ثم طلب من شعيب أن يأخذ زوجته ويرحلا من البلد إلى بلد أخرى، فلبى شعيب ندائه، وأكرمه وأعطى له بعض غنمه، وودع موسى وابنته.
في طريق موسى وزوجته وصل إلى جبل الطور في سيناء؛ فأقام فيها الخيام، وذات ليلة بينما هو وزوجته نائمين في الخيمة، رأى موسى نارًا فوق الجبل، فأراد موسى أن يذهب ليأتي بشعلة نار منها؛ حتى يشعلون منها الحطب، ويتدفئون من البرد، فقال لزوجته أن تنتظر حتى يحضر النار ويأتي.
عندما وصل موسى إلى مكان النار؛ لم يجد شئ، فتعجب أشد العجب، وفجأة سمع موسى صوتا يناديه قائلا ” إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طوي – وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى – إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي”.
لم يدري موسى ماذا يفعل عند سماعه الصوت، وخاف وتسمر في مكانه لا يخرج صوتًا، حتى نادى عليه الصوت مرة أخرى، يسأله عن العصا الذي يمسكها في يده.
فأجاب موسى أنها عصاه التي يستخدمها في رعاية الغنم، ويستخدمها في أشياء أخرى أيضًا، فأمره الصوت أن يلقي بعصاه على الجبل، وبمجرد أن ألقى موسى العصا تحولت العصا إلى ثعبان يتحرك.
ارتعب موسى من ذلك المنظر، وحاول الفرار فناداه الصوت ألا يخاف، وأن يأخذ عصاه مرة أخرى، فهي لن تضره، فأمسكها موسى فعادت عصا مرة أخرى، فاندهش موسى من ذلك أشد الاندهاش.
أمره الله مرة أخرى أن يقوم بإدخال يده في جيب قميصه، ففعل ذلك فوجد يده تخرج بيضاء يظهر بياضها في الظلام الأسود، فخُيل له أنه أصيب بمرض في يده؛ فأجابه الصوت ألا يخشى شيئا؛ فهو ليس مرض بل معجزة من الله إليك.
وأمر الله موسى أن يعود إلى مصر، ويذهب ليدعو فرعون وقومه إلى الإيمان بالله، ويريهم تلك المعجزات التي وهبها الله له، أصيب قلب موسى بالخوف أن يقتله فرعون انتقامًا لقتله المصري، كما أن لسان موسى ليس فصيحًا.
فقال له الله ألا يخاف، وأنه سيرسل معه أخيه هارون؛ كي يسانده ويكون معاونًا له، حتى لا يجزع، ثم عم الصمت المكان فلما وجد موسى أن الصوت قد اختفى، عاد مسرعًا إلى زوجته وأخبرها، أنهم سيعودان إلى مصر.
ذهب موسى إلى منزل أخيه هارون في مصر، وأخبره بما أمره الله به، فوافقه هارون على ذلك، وذهبا إلى قصر فرعون، ولما دخل موسى على فرعون أطلق الله لسانه، فأخبره أنه رسول من الله إليه يدعوه إلى الإيمان بالله.
عرفه فرعون وقال له بأنه رباه عندما كان صغيرًا، ورغم ذلك تمرد عليه، وقتل رجلًا مصريًا؛ فرد عليه موسى، أنه ندم على فعلته وتاب الله عليه، وأنه الآن جاء بمعجزات من الله إلى فرعون وقومه، يدعوهم للإيمان به.
فسأله فرعون ما هي تلك المعجزات التي يتحدث عنها؟ فقام موسى بإلقاء عصاه على الأرض؛ فأصبحت ثعبانًا طويلًا، ثم أدخل يده في جيبه؛ فخرجت بيضاء كلون الثلج.
اتهمه فرعون بالسحر والضلال، وقال بأنه سيقوم بجمع كل السحرة لديه ويدعوهم للتنافس مع موسى، ليثبت له أنه مجرد ساحر وليس رسولًا كما يقول.
اجتمع السحرة في اليوم المقرر، وكان فرعون قد وعدهم بمكافئات وهدايا عظيمة، إن تفوقوا على موسى في السحر، ثم بدأ العرض فسألوه من يبدأ، فقال موسى ابدءوا أنتم.
قام السحرة بإلقاء العصية فأصبحت ثعابين كبيرة وصغيرة تتلوى على الأرض، فخاف موسى في نفسه، فأوحى له الله (قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى (68) وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى)
فألقى موسى عصاه؛ فأصبحت ثعبانًا كبيرا التهم كل الثعابين التي على الأرض، مما أفزع الناس، ثم مد موسى يده إلى الثعبان؛ فعاد عصا مرة أخرى، وأدرك السحرة أن موسى ليس ساحرًا، بل هو رسول من الله بعثه الله بالمعجزات.
قالت السحرة في نفس واحد، أنهم آمنوا بالله وبرسوله، وخروا ساجدين على الأرض، مما أغضب فرعون أشد الغضب، وهددهم بالتعذيب، وأنه سيقطع أيديهم وأرجلهم ويصلبنهم على الشجر جزاءًا بما فعلوا.
لم يخاف السحرة من تهديد فرعون لهم وقالوا له افعل ما تريد؛ فنحن نخشى الله ونريد الآخرة ولا نريد الحياة الدنيا، وبدأ فرعون في تعذيبهم، فغضب الله عليه وأرسل عليهم فيضًانا من النيل أغرق المزارع والبيوت.
غضب الله على فرعون وقومه:
تناقل الناس فيما بينهم، أن ما يفعله فرعون ببني إسرائيل من تعذيب، هو سبب ذلك الفيضان، فأرسل فرعون لموسى وأخبره أنه إذا استطاع أن يوقف الفيضان، فسيكف عن تعذيب بني إسرائيل.
دعا موسى ربه أن يوقف الفيضان، فهدأ الفيضان، ولكن لم يرتدع فرعون واستمر في التعذيب؛ فأرسل الله عليه جيوش الجراد لتخرب المزارع والحقول، وخرجت الضفادع على الناس في منازلهم وامتلأت ملابس وشعر الناس بالقمل.
قال فرعون لموسى أن يوقف ذلك الغضب، وسيكف عن تعذيب بني إسرائيل، فدعا موسى ربه؛ فتوقف الجراد والضفادع والحشرات، ولكن فرعون أخلف وعده واستمر في التعذيب.
ولم يكف الله في غضبه على فرعون، فحول الماء إلى دماء، فصاح أهل البلد على فرعون أن ما يحل بهم بسبب طغيانه وتعذيبه للأبرياء، فوعد فرعون موسى أنه سيمتنع عن تعذيب بني إسرائيل، وسيجعلهم أحرارًا إذا رفع عنهم ذلك البلاء.
بالفعل استجاب الله لموسى وعاد الدم ماءًا مرة أخرى، وأصبح بني إسرائيل أحرارًا من قبضة فرعون؛ فاتفق موسى مع قومه على الهروب من مصر، ومن ظلم فرعون وجنوده، واتفقوا على أن يهربوا ليلًا على ضوء القمر؛ حتى لا يشعر بهم أحد.
وبالفعل انتظروا حتى نام الناس، وخرجوا بأمتعتهم وملابسهم إلى ناحية البحر الأحمر، وفي الصباح اكتشف قوم فرعون أن بني إسرائيل، قد هربوا من مصر، فأخبروا فرعون فخرج ورائهم بجنوده وأسلحته.
لحق فرعون وجنوده بموسى وبني إسرائيل، فلما رأى بنو إسرائيل قوم فرعون خلفهم، خافوا خوفًا شديدًا، وألقوا على موسى اللوم، وأوحى الله إلى موسى أن يضرب البحر بعصاه، فلما ضربه؛ انشق طريقًا يابسًا وسط البحر.
مر موسى وبنو إسرائيل من الطريق، حتى وصلوا للشاطئ الآخر، ولحقهم فرعون وجنوده وبينما هم يجرون خلفهم، انطبقت عليهم المياه؛ فأغرقتهم وقال فرعون وهو ينازع الموت: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين، ولكن هيهات فقد فات الأوان، وغرق فرعون وجنوده جزاءًا بما فعلوا.
رحل موسى وقومه من بني إسرائيل إلى جبل الطور، وأقاموا الخيام والأمتعة هناك، ولكنهم لم يجدوا ماءًا يشربوه، فأوحى الله إلى موسى أن يضرب الأرض بعصاه.
خرجت من الأرض 12 عينًا من الماء العذب، حيث كانت هناك 12 أسرة من بني إسرائيل مع موسى؛ فأصبح لكل أسرة عين من الماء العذب تشرب منه، وتستخدمه في أمور الحياة.
ثم أوحى الله إلى موسى أن يجهز أمتعته، ويصعد على قمة جبل الطور ومعه ألواح؛ ليكتب فيها أوامر الله لقومه وما أحله لهم وما حرمه عليهم، وستكون تلك الرحلة لمدة أربعين يومًا.
استجاب موسى لأوامر الله سبحانه وتعالي، وترك هارون مع قومه، وأوصاه أن يحافظ عليهم، وصعد موسى إلى الجبل، وتمنى موسى أن يرى الله فأجابه الله أنه لن يراه أبدا فهو إنسان لا يمكنه رؤية الله عز وجل.
وقال الله لموسى أن ينظر إلى الجبل فإذا بالجبل يهتز اهتزازًا عنيفًا من نظرة الله إليه، فأغمى على موسى من الخوف، وعندما عاد موسى إلى وعيه؛ وجد الألواح مملوءة بأوامر الله، وكيفية أداء عباداته، وحدود التعاملات فيما بينهم، وما أحله الله من مأكل ومشرب، وما حرمه عليهم.
بني إسرائيل يعبدون عجلًا ذهبيًا:
عاد موسى إلى قومه ومعه الألواح فتفاجئ بهم يعبدون صنمًا ذهبيًا على شكل عجل له خوار، غضب موسى غضبًا شديدًا، وأمسك أخيه هارون وتشاجر معه، وألقى عليه أشد اللوم، فقد أوصاه من قبل على قومه.
قال هارون أنه خاف أن يطيعه بعض القوم ويعصاه الآخرون، فيتجادلون ويتفرقون، فتركهم حتى أتى موسى، فسأله موسى عن صانع ذلك التمثال، فأخبره أنه رجلًا يدعى السامري.
فذهب موسى إلى السامري، وسأله كيف صنع هذا العجل فأجابه السامري بأنه جمع ذهب القوم وقام بصهره وتحويله على شكل عجل، واتخذه بنو إسرائيل إلها يعبدونه، فأخبره موسى بأن الله سيعذبه عذابًا شديدًا لما فعله، وحرّق العجل.
وأخذ موسى الألواح لبني إسرائيل، وأخذ يشرح لهم ما كتب فيها من تعاليم الدين، ثم أمرهم أن يذهبوا معه إلى فلسطين للحرب فرفضوا، وكاد الله أن ينزل عليهم غضبه بسقوط الصخرة، لولا أن تابوا، واستغفروا ربهم.
ذات يوم استيقظ بنو إسرائيل على نبأ مقتل أحد الرجال، فسأل موسى من منهم قتل الرجل فخاف الناس من عقوبة القتل حيث كان مكتوبا في الألواح: أنه من قتل نفسا تقام عليه عقوبة القتل ويُقتل.
فسأل موسى ربه في الدعاء أن يظهر القاتل، فأمره الله سبحانه وتعالي أن يذبح بقرة ويسلخ جلدها، ثم يضرب بجلدها الرجل المقتول، وسوف يعود حيا ويخبرهم عن القاتل.
أخبر موسى قومه بذلك؛ فسألوه عن مواصفات البقرة، فلما سأل موسى ربه عن صفاتها أجابه، أنها ذات سن متوسط لا هي كبيرة ولا هي صغيرة.
فسألوه عن لونها فدعا موسى ربه يسأله عن لونها، فأجابه الله أنها ذات لون أصفر فاقع.
فسألوه عن باقي مواصفاتها؛ فأخبرهم أنها لا تجر المحراث ولا الساقية، فأخذوا يبحثون عن تلك البقرة حتى وجدوها، وضربوا بجلدها الرجل المقتول، فقال اسم قاتله فأمر موسى بقتله.
عصيان بني إسرائيل أوامر الله وعقابه لهم:
وفي يوم أخبر موسى قومه أن الله يأمرهم بدخول فلسطين، ومحاربة أهلها فخاف بنو إسرائيل وأخبروه أن رجال فلسطين أقوياء، ولن يقدروا عليهم، وأنه إذا أراد محاربتهم فليحاربهم هو وربه.
غضب موسى من قومه أشد الغضب، وقال لهم أنهم نسوا نعم الله عليهم حيث نجاهم من بطش وطغيان فرعون وجنوده، وجاء بهم حيث الأمان، ورزقهم بالظلال والأمطار والفواكه والسمان، ثم هم يعصون أوامر ربهم.
فلما يأس موسى من قومه دعا الله أن ينصره عليهم، فأخبره الله أنه سيحرم عليهم فلسطين لمدة أربعين عامًا، وأنزل الله غضبه عليهم فأرسل الرياح التي اقتلعت الخيام واشتعلت النيران في أمتعتهم.
خاف بنو إسرائيل خوفا شديدًا، وفروا في البلاد متفرقين، وأصبحت الصواعق تنزل عليهم وتعمي عيونهم، حتى فروا هاربين.
كان لدى موسى غلامًا من بني إسرائيل، اتبعه وسار صبيًا له يسمع كلامه، ويسير معه، وأخبر الله تعالى موسى أنه سيجعله يقابل رجلًا صالحًا، يتعلم منه وسوف يقابله عند مجمع البحرين.
أخذ موسى صبيه وذهب إلى مجمع البحرين ولكنهما لم يجدا أحدًا فاصطادا من البحر سمكة ليأكلوها، عندما يجوعوا ثم استلقى موسى نائما بجوار الصبي.
تسللت السمكة من الكيس، وقفزت إلى البحر مرة أخرى، فحاول الصبي الإمساك بها، فلم يستطع، ثم استيقظ موسى وذهب مع صبيه للبحث عن الرجل الصالح.
شعر موسى بالجوع، فأمر الصبي بإخراج السمكة ليطهوها ويأكلوها، فتذكر الصبي أنها هربت منه على الشاطئ؛ فأخبر موسى بذلك وهو خجلًا، فلم يغضب منه موسى قال لنرجع إلى مجمع البحرين، عسى أن نجد هناك الرجل الصالح.
فلما عادا إلى المجمع؛ وجدا رجلا طيبًا صالحا اسمه الخضر يجلس على صخرة، فقابله موسى وطلب منه أن يتبعه ليتعلم منه، فأخبره الرجل الصالح أنه لن يستطيع الصبر على ما سيفعله، فوعده موسى أنه سيكون صبورًا مطيعًا.
ذهب موسى مع الرجل الصالح، وركبا سفينة فرأى موسى الرجل يمسك مسمارا، ويصنع ثقبًا في أرض السفينة، فغضب موسى وصاح به أنه سيغرق السفينة، وهم أكرموهم وجعلوهم يركبونها، فهل ذلك جزاء المعروف؟
قال الرجل الصالح لموسى أنه أخبره، أنه لن يستطيع الصبر على أعماله؛ فخجل موسى ووعده أنه لن يتجادل معه مرة أخرى.
الرجل الصالح والفتى الصغير:
ذهب موسى مع الرجل الصالح، وأثناء سيرهما رأى فتى صغيرًا، يلعب مع باقي الفتية، فأمسك الرجل الصالح بالفتى وقتله، ففوجئ موسى بذلك، وصاح به كيف يقتل غلامًا مسكينًا بريئًا، لم يؤذيه ولم يفعل شيئًا خاطئًا.
ذكره الرجل الصالح، بأنه لن يستطيع صبرًا، فخجل موسى مرة أخرى، وقال للرجل الصالح أنها آخر مرة، وإذا لم يصبر على ما يفعله؛ يحق له أن يتركه ويذهب لوحده، فوافق على ذلك الرجل الصالح.
الرجل الصالح وأهل القرية البخلاء:
وسار موسى والرجل الصالح حتى مرّا على قرية فجاعا جوعًا شديدًا، فطلبا من سكان القرية أن يطعمانهم بعض الطعام ويستريحان عندهم بعض الوقت؛ فرفضوا أن يعطوهم طعامًا أو شرابًا بلا مقابل.
وجد الرجل الصالح جدارًا ضعيفًا في تلك القرية، آيل للسقوط؛ فشمر ذراعيه وبدأ في إصلاح الجدار وترميمه وبناءه بناءًا قويا، حتى لا يقع، وبعد أن أنهى عمله سار في طريقه؛ فتعجب موسى من ذلك، وقال له ألن تتخذ أجرًا على ما فعلت في الجدار.
تعجب موسى فبالرغم أن أهل القرية رفضوا استضافة موسى والرجل الصالح، إلا أنه قام بترميم الجدار بدون مقابل، فلما تجادل مع الرجل في ذلك قال له الرجل الصالح، أنه حان وقت الفراق.
بدأ الرجل الصالح إخبار موسى بالحكمة وراء تلك الأفعال الغريبة، التي لم يستطع موسى الصبر عليها، فأما السفينة فهي كانت ملكًا لمجموعة رجال مساكين، وهي مصدر قوتهم.
وكان هناك حاكم طاغي يأخذ أي سفينة صحيحة بدون أي عيوب، تمر على شاطئه، وكانت تلك السفينة في طريقها إلى شاطئ الحاكم الظالم، فأراد الله أن ينجي السفينة منه، فثقبها الرجل الصالح وحين يراها الملك معيبة لن يأخذها.
وأما الغلام الذي قتله، فهو غلام مشاغب ووالديه صالحان، وعندما يكبر ذلك الغلام، سيكون كافرا عاصيًا عاقًا لوالديه، فأراد الله أن يعوضهما بخيرٍ منه، لذا قتله الرجل بدلا من أن يشب عاصيا لهم.
وأما الجدار القديم الذي كان على وشك الوقوع، فتحته كنز لغلامين يتيمين في القرية، كان أبوهم قد ترك لهم الكنز تحت الجدار، وعندما يكبرون يأخذنه وينفقون على أنفسهم، فإذا وقع الجدار سيظهر الكنز لأصحاب القرية، حينها يسرقونه منهم، لذا أراد الله أن يحمي الكنز لأصحابه بتدعيم الجدار مرة أخرى.
علم موسى أن كل فعل قام به الرجل الصالح وراءه حكمة، فشكر الله على ذلك اللقاء الذي تعلم منه الكثير، فعلمه كيف يصبر على ما يراه، ولا يتسرع في إصدار الأحكام، بل يسأل أصحابها حتى يستمع لمبرراتهم.
كما علمه أنه لا يجب أن يتفاخر الإنسان ويتباهي بعلمه ومعرفته؛ فهناك من يعرف أكثر منه لذا يجب أن يبحث الإنسان لطلب العلم والحكمة، كما أنه مهما بلغت معرفة الإنسان ومهما يصل من العلم، فلن يستطع معرفة كل شئ، فالله وحده هو العالم.
وبذلك نكون انتهينا من عرض قصة سيدنا موسى عليه السلام، عسى أن تكون فيها فائدة وذكرى للمؤمنين، وأن يستفيد منها الناس دروسًا مختلفة في الحياة.