عدد الرسائل : 14835 نقاط التميز : تاريخ التسجيل : 02/04/2008
موضوع: الأساس الفيزيولوجي للإحماء الأربعاء 26 فبراير 2020 - 11:59
الأساس الفسيولوجي للإحماء من المشاهدة المألوفة رؤية الرياضيين وهم يقومون ببعض التمرينات الخاصة بالإحماء بغرض الاستعداد لتدريب أو مسابقة. ومن الملاحظ كذلك أن الكثير من (Warm-Up) الرياضيين لا يدركون بالكامل مدى فعالية أو عدم فعالية هذه الإجراءات الإحمائية في رفع مستوى الأداء البدني، فما هي يا ترى الأسس الفسيولوجية التي يستند عليها مفهوم عملية الإحماء؟ يمكن تعريف الإحماء على أنه القيام بنشاط بدني تدريجي بغرض تهيئة الجسم فسيولوجياً للجهد البدني، خاصة العنيف، والاعتقاد السائد هو أن تأثير الإحماء يكون بصفة هما: ،(Mechanism) رئيسية من خلال آليتين ١) الارتفاع في درجة حرارة الجسم والعضلات العاملة. ) .(Cardio-respiratory adjustment) ٢) التهيئة القلبية- التنفسية ) أثر ارتفاع درجة حرارة الجسم والعضلات العاملة: يتجسد الأثر الايجابي لارتفاع درجة حرارة الجسم والعضلات العاملة في أن الكثير من العمليات الحيوية في الجسم تتأثر إيجابياً من ارتفاع درجة الحرارة، فالملاحظ أن فك ارتباط الأكسجين من الهيموجلوبين يصبح أكثر سرعة وتكاملا عند ارتفاع درجة حرارة الجسم مؤديا إلى تنشيط عمليات الأكسدة الهوائية، بالإضافة إلى ذلك فإن إطلاق الأكسجين من الميوجلوبين والذي يمثل مصدر آخر للأكسجين موجود في العضلات الهيكلية وعضلات ،(Myoglobin) القلب، يزداد عند درجات حرارة أعلى، وفوق هذا كله فإن ارتفاع درجة الحرارة على المستوى الخلوي سوف يؤدي إلى تنشيط الكثير من الأنزيمات المهمة مؤديا ذلك إلى زيادة مما يساهم في تسهيل (Metabolic Rate) النشاط الكيموحيوي وبالتالي إلى رفع المعدل الأيضي عملية توفير الطاقة اللازمة للمجهود البدني بمعدل أسرع. إن ارتفاع درجة الحرارة كذلك سوف يعمل على سرعة نقل الإشارات العصبية ويزيد من حساسية المستقبلات العصبية، مما يساعد الرياضي على التحرك بسرعة أكبر، ولذا تتضح أهمية الإحماء في الألعاب الرياضية التي تحتاج إلى توافق وسرعة استجابة، مثل كرة السلة، الطائرة، التنس الأرضي، القدم، الخ. ويوضح الجدول رقم ( ١) سرداً تفصيلياً للنتائج الإيجابية المتوقعة من جراء ارتفاع درجة حرارة الجسم والعضلات العاملة على الوظائف الفسيولوجية في الجسم. د. هزاع بن محمد الهزاع ٢ جدول رقم ( ١): الفوائد الإيجابية الناجمة عن ارتفاع درجة حرارة الجسم والعضلات العاملة من جراء الإحماء. ١ - زيادة فك ارتباط الأكسجين بالهيموجلوبين ٢ - زيادة معدل إطلاق الأكسجين من الميوجلوبين ٣ - تنشيط العديد من إنزيمات إنتاج الطاقة ٤ - زيادة جريان الدم في العضلات ٥ - يزيد من سرعة نقل الإشارات العصبية ٦ - يزيد من سرعة انقباض العضلة وانبساطها ٧ - خفض احتمالات الإصابات العضلية (والأوتار والأربطة) ويجدر بنا أن نشير إلى أن الإحماء الكافي قبل التمرين أو المسابقة قد يساعد في التقليل لأي من العضلات أو الأوتار (Pull) أو شد (Tear) من احتمال إصابة اللاعب بتمزق العضلية أو الأربطة، على الرغم من عدم وجود تجارب علمية تدعم الاعتقاد السابق بوجود علاقة بين الإحماء ومعدل حدوث الإصابة العضلية (ذلك أنه من الصعب قيام تجربة علمية لاختبار مدى تأثير الإحماء على التقليل من حدوث الإصابة، لأن تصميم هذه التجربة يتطلب العمل على تعريض اللاعب للإصابة بغرض اختبار مدى تأثير الإحماء على التقليل من حدوث الإصابة أو عدمه)، على أنه يعتقد من الناحية النظرية أن الإحماء برفعه لدرجة حرارة العضلات والأعضاء العاملة سوف يساعد في مطاطية هذه العضلات والأوتار والأربطة مما يقلل من حدوث التمزق أو الشد العضلي. كما أن هناك دلائل غير مباشرة تشير إلى أن الإحماء يقوم بخفض اللزوجة العضلية مما يجعل الحركة أكثر سلاسة، ويؤدي إلى خفض نشاط الألياف العضلية من نوع جاما (مما يقود إلى زيادة إمكانية إطالة العضلة)، وكذلك إلى خفض تصلب العضلة (أي تيبسها). وفي هذه الصدد يجب أن نشير إلى أهمية تطبيقية للمفهوم الفسيولوجي المتعلق برفع درجة حرارة العضلات وتأثيرها على مرونة العضلات والأوتار العضلية والأربطة، وهي أنه ينصح بعمل تمرينات الاستطالة بغرض زيادة المرونة بعد الإحماء وليس قبله. ٣ الإحماء والتهيئة القلبية التنفسية: إن أثر الإحماء على التهيئة القلبية- التنفسية يتضح عند معرفة حجم الانتقال من فترة الراحة إلى فترة المجهود البدني الأقصى، فالمعروف مثلا أن ضربات القلب ترتفع أثناء الجهد البدني الأقصى بمعدل ٢,٥ مرة مقارنة بالراحة، واستهلاك الأكسجين الأقصى يبلغ أكثر من ١٠ أضعاف حجمه وقت الراحة، وحاصل القلب الأقصى(الدم الذي يضخه القلب باللتر في الدقيقة) يرتفع بمعدل قد يتعدى خمسة أضعاف كميته في وقت الراحة. إذاً فالإحماء يقوم في هذه الحالة كأداء لتعبئة وحشد الطاقات من قبل أجهزة الجسم، وخاصة الأجهزة المسئولة عن نقل الأكسجين، استعدادا للأداء البدني العنيف، وبالإضافة إلى ذلك فقد وجد أن فترة الإحماء هذه تؤدي إلى انخفاض مقدار المقاومة الرئوية الكلية، مما يؤدي إلى زيادة تدفق الدم في الرئتين وبالتالي سرعة نقل الأكسجين عن طريق الجهاز القلبي الوعائي إلى العضلات والأعضاء العاملة. أخيراً هناك سبب آخر يعطي أهمية كبيرة للإحماء وخاصة في المسابقات التي تتطلب مجهود بدني عنيف في فترة قصيرة، كسباقات المسافات القصيرة والمتوسطة والعديد من الألعاب الفردية والجماعية، هذه الأهمية بدت واضحة للعيان من جراء التجربة التي قام بها الدكتور برنارد وزملاؤه في جامعة كاليفورنيا بلوس انجلوس حيث وجدوا أن أداء مجهود ١٥ ثانية بدون إحماء أظهر تغيرات غير إيجابية - بدني عنيف على السير المتحرك لمدة ١٠ أي نقص في تدفق الدم إلى – (Ischemia) في رسم القلب تشير إلى ما يشبه نقص التروية شرايين عضلة القلب - هذه التغيرات سرعان ما تختفي عندما يسبق الاختبار فترة من الإحماء. كل هذا يشير إلى أهمية الإحماء في تهيئة أجهزة الجسم الخاصة بنقل الأكسجين (الجهاز القلبي الوعائي في هذه الحالة) في الرياضات التي تتطلب القيام بمجهود بدني عنيف في فترة أو فترات قصيرة. نوع الإحماء ومدته ودرجة الشدة: يمكن القيام بعملية الإحماء ومن ثم رفع درجة حرارة الجسم بطريقتين إحداهما تسمى ويتم من خلالها القيام بنشاط حركي كالجري أو (Active Warm-up) بالإحماء النشط التمرينات السويدية، الغرض منها رفع درجة حرارة الجسم وتهيئة أجهزته الحيوية للتدريب أو المسابقة. ٤ فيتم فيها (Passive Warm-up) أما الطريقة الأخرى والتي تسمى بالإحماء غير النشط استخدام وسائل خارجية لرفع حرارة الجسم كاستعمال الماء الساخن (عن طريق دوش ساخن أو مغاطس حارة) أو استعمال المناشف و الكمادات الموضعية الساخنة، وعلى الرغم من نجاح هذه الطريقة (الإحماء غير النشط) في رفع درجة حرارة الجسم أو حرارة العضو العامل فإنه لا يتم من خلالها تهيئة الرياضي لجو التدريب أو المسابقة، أو محاكاة الانقباض العضلي المتحرك الذي يكون محور الحركات في الكثير من الألعاب الرياضية، لهذا فقد تكون الطريقة الثانية أقل فعالية من الطريقة الأولى في خدمة الأهداف الحقيقية لتمرينات الإحماء. أما مدة وشدة الإحماء فيجب أن تكون كافية للحصول على الفوائد المذكورة، لكنه غير طويلة لئلا تؤدي إلى الإنهاك والتعب قبل بدء المسابقة. على أن الوقت المحدد واللازم لغرض الإحماء يعتمد بدرجة كبيرة على نوعية الرياضة التي يزاولها الرياضي من حيث البساطة والتعقيد والشدة والزمن، فمثلا: وجد في إحدى التجارب العلمية أن الأداء في سباق العدو ٢٥ دقيقة، - القصير يتحسن تدريجيا كلما ازداد الوقت المخصص للإحماء حتى حوالي ٢٠ حيث كانت هناك علاقة طردية بين مدة الإحماء ودرجة حرارة العضلات العاملة ومن ثم مستوى الأداء البدني. فالأداء البدني ارتفع مع زيادة الوقت المخصص للإحماء حتى درجة معينة من الإحماء بعدها لا يمكن أن يتحسن الأداء من جراء زيادة وقت الإحماء. وتشير ٢ درجة مئوية يبدو كافيا - التوصيات العلمية إلى أن ارتفاع درجة حرارة الجسم ما بين ١ كمؤشر للإحماء، ويستطيع اللاعب معرفة مدى كفاية الإحماء بصفة عامة عن طريق حدوث قدر كافي من التعرق (غير الغزير) من جراء عملية الإحماء كمؤشر غير مباشر على مدى ارتفاع درجة الحرارة وخاصة في الأجواء العادية (الغير عالية الرطوبة). خلاصة القول هي أن الإحماء يبدو مفيداً في تهيئة الرياضي أو الممارس للتدريب أو المسابقة ،على أن أثر الإحماء في رفع أداء اللاعب يبدو أكثر وضوحا في المسابقات التي تتطلب السرعة والقوة والقدرة المتفجرة (كسباقات العدو القصير وكثير من الألعاب الفردية والجماعية) ويقل أثره في المسابقات التي تتطلب التحمل كالمسافات الطويلة والماراثون. :(Cool down) التهدئة لعل من المفيد أن نذكر هنا أن عملية التهدئة (وهي الاستمرار في أداء التمرين ولكن بشدة أقل وبدرجة تنازلية) تكتسب أهمية لا تقل عن عملية الإحماء وخاصة في مسابقات كالجري والدراجات. أن الغرض من التدرج في تقليل شدة المجهود البدني حتى التوقف التام لهو العمل على الرجوع التدريجي للكثير من الوظائف الحيوية في الجسم كالتنفس وضربات ٥ الذي (Lactic Acid) القلب وعودة بعض المنتجات الأيضية (وعلى الأخص حمض اللبنيك يرتفع تركيزه في الدم نتيجة للمجهود البدني العنيف ) إلى مستواها قبل بداية الجهد البدني، أي خلال فترة الاسترداد، حيث تسترد الوظائف الحيوية في الجسم مستواها الذي كان قبل بداية الجهد البدني. وتشير التجارب المعملية التي أجريت بغرض معرفة فعالية الاستمرار في أداء الجهد البدني بعد السباق ولكن بجهد أقل، إلى أن معدل التخلص من حمض اللبنيك في الدم يكون بصورة أسرع في حالة استمرار الرياضي بالقيام بالجهد البدني بشدة منخفضة مقارنة بحالة التوقف المباشر بعد السباق. وتدل البحوث التجريبية كذلك إلى أن أفضل شدة للجهد البدني يتم فيها التخلص من حمض اللبنيك بصورة أسرع هي الاستمرار في أداء التمرين بشدة تتراوح ٤٥ % من الشدة القصوى للفرد، وتتضح الأهمية التطبيقية لسرعة التخلص من - من ٣٥ حمض اللبنيك عندما يتطلب الأمر من المتسابق أداء تصفيات متتابعة أو المشاركة في أكثر من مسابقة في وقت قصير مما لا يسمح له بأخذ فترة استرداد كافية.__