عدد الرسائل : 14822 نقاط التميز : تاريخ التسجيل : 02/04/2008
موضوع: البيان والبلاغة الخميس 19 ديسمبر 2019 - 13:32
أما البيان فقد قال الله تعالى: " الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان " ، وقال صلى الله عليه وسلم: " إن من البيان لسحرا " . قال ابن المعتز: البيان ترجمان القلوب وصيقل العقول. وأما حده فقد قال الجاحظ: البيان اسم جامع لكل ما كشف لك عن المعنى. وأما البلاغة فإنها من حيث اللغة هي أن يقال: بلغت المكان إذا أشرفت عليه وإن لم تدخله. قال الله تعالى: " فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف " ،. وقال بعض المفسرين في قوله تعالى: " أم لكم أيمان علينا بالغة " أي وثيقة كأنها قد بلغت النهاية. وقال اليوناني: البلاغة وضوح الدلالة، وانتهاز الفرصة، وحسن الإشارة. وقال الهندي: البلاغة تصحيح الأقسام، واختيار الكلام. وقال الكندي: يجب للبليغ أن يكون قليل اللفظ كثير المعاني. وقيل: إن معاوية سأل عمرو بن العاص من أبلغ الناس؟ فقال: أقلهم لفظاً، وأسهلهم معنى، وأحسنهم بديهة. ولو لم يكن في ذلك الفخر الكامل لما خص به سيد العرب والعجم صلى الله عليه وسلم وافتخر به حيث يقول: " نصرت بالرعب وأوتيت جوامع الكلم " . وذلك أنه كان عليه الصلاة والسلام يتلفظ باللفظ اليسير الدال على المعاني الكثيرة. وقيل: ثلاثة تدل على عقول أصحابها، الرسول على عقل المرسل، والهدية على عقل المهدي، والكتاب على عقل الكاتب. وقال أبو عبد الله وزير المهدي: البلاغة ما فهمته العامة ورضيت به الخاصة. وقال البحتري: خير الكلام ما قل وجل ودل ولم يمل. وقالوا: البلاغة ميدان لا يقطع إلا بسوابق الأذهان، ولا يسلك إلا ببصائر البيان. وقال الشاعر: لك البلاغة ميدان نشأت به ... وكلنا بقصور عنك نعترف مهد لي العفر نظم بعثت به ... من عنده الحر لا يهدى له الصدف وروي أن ليلى الأخبلية مدحت الحجاج فقال: ياغلام اذهب إلى فلان، فقل له يقطع لسانها، قال: فطلب حجاماً فقالت: ثكلتك أمك إنما أمرك أن تقطع لساني بالصلة، فلولا تبصرها بأنحاء الكلام ومذاهب العرب والتوسعة في اللفظ ومعاني الخطاب لتم عليها جهل هذا الرجل. وقال الثعالبي: البليغ من يحول الكلام على حسب الأمالي، ويخيط الألفاظ على قدر المعاني. والكلام البليغ ما كان لفظه فحلاً، ومعناه بكراً. وقال الإمام فخر الدين الرازي في حد البلاغة: إنها بلوغ الرجل بعبارته كنه ما في قلبه مع الاحتراز عن الإيجاز المخل، والتطويل الممل .