HOUWIROU Admin
عدد الرسائل : 14822 نقاط التميز : تاريخ التسجيل : 02/04/2008
| موضوع: علم البلاغة الخميس 19 ديسمبر 2019 - 13:31 | |
| التعريف ببيان وأهمية هذا العلم وأقوال العلماء في ذلك
يعد علم البلاغة من أجل العلوم وأشرفها إذ به نتعرف على طرق الكلام وأساليبة وبه نتلمس السبل إلى مواطن الجمال أو القبح في النصوص
وهو طريق يفتح لنا مدارك الفهم حيث تتعرى النصوص به في بيان مشرق واضح ..
وتبرز مكانة وأهمية هذا العلم الضارب بجذوره في القدم من القرآن الكريم حيث تتجلى فيه كل صور البلاغة وفنونها في إعجاز باهر وجمال آخذ آسر..
وقد استقر في تعريف البلاغة على أنها (( تأدية المعنى الجليل واضحا بعبارة صحيحة فصيحة , لها في النفس أثر خلاب , مع ملاءمة كل كلام للموطن الذي يقال فيه , والأشخاص الذين يخاطبون ))
وتتمحور عناصرها في اللفظ والمعنى وتأليف الألفاظ الذي يمنحها قوة وتأثيرا وحسنا ثم دقة في إختيار الكلمات والأساليب على حسب مواطن الكلام ومواقعه وموضوعاته وحال السامعين والنزعة النفسية التي تتملكهم وتسيطر على نفوسهم .
وللعلماء أقوال عدة في بيان أهمية وجلال هذا العلم لكني وجدت الحقيقة قولا واحدا يعد من أبلغ الأقوال وأوفاها وأوضحها وأشملها وهو قول لأبي هلال العسكري في كتابه ( الصناعتين ) إذ يقول :
(( اعلم علمك الله الخير, ودلك عليه , وقيض هلك , وجعلك من أهله . أن أحق العلوم بالتعلم , وأولاها بالتحفظ – بعد المعرفة بالله جل ثناؤه – علم البلاغة , ومعرفة الفصاحة , الذي به يعرف إعجاز كتاب الله تعالى , الناطق بالحق , الهادي إلى سبيل الرشد , المدلول به على صدق الرسالة وصحة النبوة التي رفعت أعلام الحق ........................
إلى أن يقول :
وقد علمنا أن الأنسان إذا أغفل علم البلاغة , وأخل بمعرفة الفصاحة لم يقع علمه باعجاز القرآن من جهة ماخصه الله به من حسن التأليف , وبراعة التركيب , وما شَحَنَه به من الإيجاز البديع , والإختصار اللطيف , وضمَّنه من الحلاوة , وجَلَّله من رونق الطلاوة , مع سهولة كَلِمِه وجزالتها , وعذوبتها وسلاستها إلى غير ذلك من محاسنه التي عجز الخلق عنها , وتحيرت عقولهم فيها ........... ))
الفرق بين الفصاحة والبلاغة
الفصاحة وهي لغة الظهور والبيان فالله يقول : وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ [القصص : 34]
ومعناه كما أورد تفسير الجلالين أفصح : أبين
وعند أهل الإصطلاح هو وصول الكلام غايته من الوضوح والبيان
أي أن يكون الكلام منضبطاً لغويا ونحويا ومطابقا لجميع القواعد المعروفة
أما البلاغة فهي الوصول والانتهاء
فمثاله قوله تعالى : وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [يوسف : 22]
وقوله : حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً [الكهف : 93]
واصطلاحا مطابقة الكلام لمقتضى الحال
اي أن يكون الكلام من حيث الإطناب والإيجاز مطابقا لمقتضى من يستمع إليه
فعندما قال الحسن البصري للحسن بن علي رضي الله عنهم جميعا عند سؤاله عن أهل العراق القلوب معك والسيوف عليك وليس لك إلا الله فقد أوجز الحسن في رده غير أنه أوصل بكلامه هذا رسالة عظيمة فهمها الحسين بن علي
ومن هنا يتضح أن العلاقة بين البلاغة والفصاحة هي علاقة الجزئية والكلية فكل كلام بليغ فصيح وليس كل كلام فصيح بليغ
إنّ الـذي مـلأ اللغات محاسـناً * جعل الجمال وسـرّه في الضـاد
البلاغة والفصاحة البلاغة :
البلاغة العربية جزء من الأدب العربي وعلم البلاغة هو علم يكشف جمال الأدب بنثره وشعره وهو وسيلة لتذوق هذا الأدب وفهم أسراره و إدراك عذوبته وتنتج البلاغة عن تناسق بين الألفاظ والمعاني حيث يصبح الكلام أكثر تأثيراً وحسناً ويقسم علم البلاغة إلى ثلاثة أقسام : علم البيان , علم البديع , علم المعاني .
الفصاحة :
الفصاحة في اللغة هي البيان والظهور . والكلام الفصيح هو الكلام الواضح البسيط , القريب من الذوق السليم , البعيد عن الغرابة , الخفيف على اللسان .
أولاً : علم البيان :
البيان لغة هو الكشف والإيضاح واصطلاحاً هو قواعد يعرف بها إيراد المعنى الواحد بطرق وألفاظ مختلفة . ومن ذلك قولنا : العلم بحر , والعلم شجرة ثمرتها الألفاظ , والعلم سفينة النجاة من الجهل ... ويشمل علم البيان : التشبيه والاستعارة والكناية وغيرها ...
1: التشــبيه :
تعريفه : التشبيه لغة هو التمثيل واصطلاحاً هو أسلوب يدل على أنّ شيئين اشتركا في صفة واحدة أو صفات متعددة , وهذه المماثلة أو المقارنة بين الشيئين تعقد بأداة التشبيه التي تربط بين المشبه والمشبه به. أمثلة : خدّ الطفل كـالوردة في الحمرة الجهل كالموت فناء العطر كالخلق الكريم أنت كالليث في الشجاعة أنت كالبحر في الرهبة
أركانه : 1: المشبه : هو الذي يراد وصفه من خلال إلحاقه بالمشبه به ( خد الطفل ) 2: المشبه به : هو الذي تكون فيه الصفة أقوى وأوضح ويَلحق به المشبه . ( الوردة ) ( المشبه والمشبه به هما طرفا التشبيه وقد يكونان حسيان أو عقليان أو مختلفان ) 3: وجه الشبه : هو الصفة التي يشترك فيها المشبه والمشبه به ( طرفا التشبيه ) . ( الحمرة ) 4: أداة التشبيه : هي التي تربط بين المشبه والمشبه به . ( الكاف )
وأداة التشبيه لها ثلاثة أنواع : *حرف : الكاف : ويليها المشبه به : أنت كالليث في الشجاعة , أنت كالبحر في الرهبة كأنّ : ويليها المشبه : ربّ ليل كأنّه الصبح في الحسن *اسـم : شبه , شبيه , مثل , مثيل , مماثل , مشابه , نحو ... ويليها المشبه به :
العمر مثل حلم النائم لا يطول *فعـل : يشبه , يشابه , يماثل ... ويليها المشبه به : العلم يماثل النور ضياء
أنواعه : 1: التشبيه تام الأركان : وهو الذي تذكر فيه كل أركان التشبيه . مثال : عليّ كـالأسد في الشجاعة
2: التشبيه المؤكّـد : وهو الذي تحذف منه الأداة وسمّي مؤكّداً لأنه يجعل المشبه مشبهاُ به من غير واسطة التي هي الأداة . أمثلة : أنت جبل في الثبات أمام الصعاب أنت نجم في رفعة وضياء * تجتليك العيون شرقاً وغرباً أين أزمعت أيّهذا الهمام * نحن بنت الربا وأنت الغمام
3: التشبيه المجمل : وهو الذي يحذف منه وجه الشبه أمثلة : النحو في الكلام كـالملح في الطعام ... وجه الشبه محذوف وهو الإصلاح . عليّ كـالأسد ... وجه الشبه محذوف وهو الشجاعة . حتّى كأنّـي للحوادث مروة * بصفا المشرّق كل يوم تقرع ... وجه الشبه محذوف وهو الصبر . فسلّ الهمّ عنك بذات لوث * عذافرة كـمطرقة القيون ... وجه الشبه محذوف وهو القوة والشدّة .
مثال : وأبيضَ فيّاض ٍ يداه غمامة * على معْتَـفِـيْه ما تُغِبُّ فواضله الأداة محذوفة ووجه الشبه (الكرم) محذوف , أبيض: نقي من العيوب, فيّاض: كثير الكرم , معْتَـفِـيْه:طالبو المعروف, تُغِبُّ فواضله : تنقُص عطاياه .
وللتشبيه البليغ أربعة أشكال : 1: على شكل مفعول مطلق : *هجم الجنديّ هجوم الأسد ... الأداة محذوفة ووجه الشبه (الجرأة) محذوف . *" وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمرّ مرّ السحاب.." الأداة محذوفة ووجه الشبه (السرعة) محذوف 2: على شكل إضافة : ( إضافة المشبه به إلى المشبه ) * لبس وليد ثوب العافية : المشبه العافية , المشبه به ثوب وهذا يعني لبس وليد العافية كثوب جميل 3: على شكل مبتدأ وخبر : * حديثك شـهد ... الأداة محذوفة ووجه الشبه (الحلاوة) محذوف * أنت حصن الضعفاء ... الأداة محذوفة ووجه الشبه ( الحماية ) محذوف * أنت بحر بلاغة ... الأداة محذوفة ووجه الشبه ( سعة العلم ) محذوف * ليلتي هذه عروس من الزنـ * ـج عليها قلائد من جمان الأداة محذوفة ووجه الشبه ( شدّة السواد ) محذوف * واعصوا الذي يزجي النمائم بينكم * متنصحاً , ذاك السّمام المنقع الأداة محذوفة ووجه الشبه ( الضرر ) محذوف *إنّ الحوادث يخترمن وإنّما * عمر الفتى في أهله مستودع الأداة محذوفة ووجه الشبه ( قِصَر الحياة ) محذوف
4: تشبيه التمثيل : هو ما كان طرفا التشبيه فيه صورتين مركبتين تتشابه فيها الأشكال والألوان ويكون وجه الشبه صورة مركبة منتزعة من تلك الأشكال والألوان أمثلة : * درير ٍ كخدروف الوليد أمرّه * تقلّب كفّيه بخيط موصّل صورة المشبه : خِفّة الفرس صورة المشبه به : سرعة دوران خدروف الطفل الأداة : الكاف وجه الشبه : صورة سرعة الفرس في كرّه و فرّه في أرض المعركة
* كأنّ الدموع على خدّها * بقيّة طلّ على جلّنار صورة المشبه : الدموع على خدّها صورة المشبه به : قطرات الندى على زهر الرمان الأداة : كأنّ وجه الشبه : صورة قطرات بيضاء فوق شيء أحمر
* وما المرء إلاّ كالشهاب وضوئِه * يوافي تمام الشهر ثمّ يغيب صورة المشبه : المرء في مراحل عمره ( الطفلة , الشباب , الهرم , الفناء ) صورة المشبه به : القمر في منازله ( الهلال , البدر , المحاق ) الأداة : الكاف وجه الشبه : صورة ولادة شيء ضعيف ثمّ يكتسب القوة ثم ّ يضعف فيموت
* كأنّ مثار النقع فوق رؤوسنا * وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه صورة المشبه : غبار المعركة ولمعان السيوف فوق الرؤوس صورة المشبه به : ليل مظلم تتساقط فيه الشهب المضيئة الأداة : كأنّ وجه الشبه : صورة لمعان شيء مضيء يلمع وسط ظلام حالك
* أرى العيش كنزاً ناقصاً كلّ ليلة ٍ * وما تنقص الأيام والدهر ينفد صورة المشبه : مراحل الحياة التي تنقص عمر الإنسان كلّ يوم صورة المشبه به : المال المجموع الذي ينقص بالأخذ منه كلّ يوم الأداة : أرى أي أشبّه وجه الشبه : صورة نهاية كلّ شيء في الحياة مهما عظُم 4: التشبيه البليغ : وهو الذي يحذف منه وجه الشبه وأداة التشبيه وسمّي بليغاً لأنّ ذكر الطرفين فقط يوهم اتحادهما أي أنّ المشبه يعلو إلى مستوى المشبه به ومن هنا تكون المبالغة في قوة التشبيه | |
|