التعب عند ممارسة النشاط البدني
الدكتور محمد نور الدين أسعد
أستاذ فيزيولوجيا التدريب الرياضي
في معهد التربية الرياضية للمعلمين بدمشق
عضو الأكاديمية الأولمبية السورية
التعب عند ممارسة النشاط البدني: يعتبر ظاهرة فيزيولوجية نسبية تشير الى هبوط متدرج بانخفاض الكفاءة الوظيفية لأعضاء الجسم لدى الفرد نتيجة لاستهلاك مصادر الطاقة وتراكم الفضلات الناتجة مثل حمض اللبن ونقص الأكسجين. مما يؤدي إلى انخفاض كفاءة الأداء نتيجة لاستمرار الجهد المبذول .
ويمكن أن نلاحظ التعب من خلال :
1- انخفاض إنتاجية العمل الحركي وعدم التركيز في دقة وتوافق وتوازن وإيقاع العمل الحركي
2- كثرة الأخطاء في العمل الحركي والمهارات التي قد سبق تعلمها .
3- ضعف القدرة على الابدع وخلق جمالية حركية تخدم هدف الحركة أوالمهارة الحركية .
4- زيادة في تعرق الجسم مع زيادة عدد ضربات القلب والارتفاع الزائد في عدد تردد مرات التنفس مع عمق الشهيق والزفير.
5- الشعور بالتعب المجهد العام في الجسم والخاص في العضلات العاملة.
6- عدم الرغبة بمتابعة العمل وظهور التوتر العصبي لدى الفرد .
وبما أن هذه الظواهر تؤدي الى التأثير سلبا على الاداء الحركي قام العلماء بتصنيف التعب حسب ما يلي :
1- التعب البدني : يحدث عند تخطي درجة التعب الطبيعي والوصول الى درجة كبيرة من الإجهاد .
2- التعب الحسي : وينتج عند استخدام الحواس لفترات طويلة بفترات راحة قصيرة جدا كما في فعالية رمي السهام أو بالبندقية .
3- التعب الانفعالي : يحدث عندما يدرك اللاعب انه يتنافس مع خصوم أعلى منه مستوى فيخشى منافستهم ، أو بعد خروجه من مباراة مرهقة نفسيا وسببها سوء التحكيم أو عدم وجود تعاون فيما بين الفريق .
4- التعب العقلي : ويحدث عندما يعمل الجهاز العصبي المركزي بتركيز عالي جدا ولفترة طويلة ومثال عليها لعبة الشطرنج .
5- التعب النفسي : ويحدث عند ممارسة اللاعب للأنشطة البدنية ذات الجهد العالي والمسببة للإعياء بسبب شدة المنافسة أو عندما يكون هنالك إصابة بمرض نفسي .
لقد قسم المختصون في هذا المجال أمثال ميشنكا و بتنكوف 1979 التعب إلى الأنواع التالية:
أولا- التعب من حيث منطقة الحدوث.
ثانيا - التعب من حيث المتغيرات الفيزيولوجية.
ثالثا - التعب من حيث التغير في الطاقة.
أولا - التعب من حيث منطقة الحدوث:
أ- التعب الموضعي : حيث يحصل هذا التعب عندما يشرك اللاعب (1/3) من مجموع عضلات جسمه أثناء ممارسة النشاط البدني .
ب- تعب المنطقة : وهو الذي يحصل عندما يشرك اللاعب من (1/3) الى (2/3) من مجموع عضلات جسمه اثناء ممارسة النشاط البدني .
ت- التعب العام : وهذا التعب يحصل عندما يشرك اللاعب أكثر من (2/3) من مجموع عضلات جسمه خلال ممارسة النشاط البدني .
ثانيا - التعب من حيث المتغيرات الفيزيولوجية :
أ- تعب العضلة الموضعي :- من خلال العمل العضلي الفيزيولوجي المعقد يحدث تعب العضلة الموضعي على شكلان :
1- تعب عضلي موضعي كيميائي :- ويحدث هذا عندما تكون نسبة عنصر البوتاسيوم داخل الخلية العضلية (97 % ) مساوية لنسبة عنصر الصوديوم خارج الخلية (97 % ) فتصبح الخلية في هذه الحالة وحدة كهربائية بحيث عند العمل العضلي يسمح جدار الخلية بخروج عنصر البوتاسيوم الى خارج الخلية العضلية وينتهي بذلك عمل الخلية العضلية .
2- تعب عضلي موضعي كهربائي : يحصل ذلك من خلال انتقال الشحنة الكهربائية السالبة داخل العضلات في الجزء المتقلص الى الاجزاء الاخرى غير المتقلصة وعندما تتعادل الشحنتان ينتهي عمل العضلة .
3- تعب العضلة المركزي : يحدث من خلال انتقال الشعور بالالم بواسطة الاعصاب الحسية الى مراكز الدماغ العصبية فترسل سيالات عصبية باتجاه العضلة تحمل لها الامر بالتوقف عن العمل . وتعتبر عملية وقائية للمحافظة على سلامة العضلات .
ثالثا: التعب من حيث التغير في الطاقة:
أ- التعب التعويضي :عند بداية ظهوره يبقى مستوى القابلية البدنية بنفس ما كان عليه أثناء العمل وسبب ذلك يعود الى حالات التحفيز في الجهاز العصبي المركزي للعمل ووجود توترات شديدة في بقية أجهزة الجسم مثل الجهاز العصبي والأوعية الدموية والقلب والجهاز التنفسي والتي تبقى في حالة من التغلب على الشعور بالتعب لعدم وجود ضرورة للتعويض ، وعند بداية استنفاذ الطاقة يظهر الإفراط في العمل العضلي بإشراك وحدات حركية كثيرة تؤدي إلى تزايد فقدان الطاقة وبشكل كبير .
ب- التعب غير التعويضي :- والذي يميزه الانخفاض في القابلية الوظيفية بحيث لا يتمكن اللاعب من السيطرة والتحكم بأجهزته مما يؤدي إلى إيقاف النشاط الحركي
درجات التــــــــــــعب :
قد يكون من أسباب التعب تجمع المخلفات الناتجة عن نشاط خلايا الأنسجة في الدم مع قلة السكريات والأوكسجين فيها مما يسبب خللا في التمثيل الغذائي للماء والأملاح وضعف في نشاط الهرمونات، كذلك استهلاك الخلايا المكونة للعضلات أثناء العمل العضلي للطاقة مما يسبب طرح الفضلات الناتجة عن هذا الاستهلاك على شكل حوامض وهي ما تسمى بحامض البن داخل العضلة وبكميات كبيرة تؤدي الى إثارة الأعصاب على نقل سيالات للدماغ بوجوب التوقف من العمل العضلي.لذا كان لابد من تصنيف درجات التعب .
أ-/ الدرجة الأولى: تعب بسيط سرعان ما يزول يشعر به اللاعب بعد أداء تدريب خفيف أوأقل من متوسط الشدة ولا يتسبب بهبوط المستوى البدني والمهاري حيث انه كثيرا ما يحدث مع الرياضيين المبتدئين .
ب-/ الدرجة الثانية: يحدث بعد أداء الرياضي لتدريب بحمل أقصى أو دون الأقصى ولم تكتمل لديه مستوى اللياقة البدنية بعد ، فتكون درجة التعب حادة لها تأثيرات فيزيولوجية سلبية كارتفاع ضغط الدم وزيادة ضربات القلب وإخلال عمليات التمثيل الغذائي مما يسبب انخفاض الكفاءة البدنية والقوة العضلية للاعب .
ج-/ الدرجة الثالثة : يظهر هذا التعب بعد أداء اللاعب لحمل تدريب ذا شدة عالية قصوى أو بعد الانتهاء من منافسة قاسية يكون فيها اللاعب إما غير مؤهل لها أو يكون مصاب بمرض أو حالة نفسية لم يشفى منها وتسمى هذه الدرجة من التعب بالإجهاد .
د-/ الدرجة الرابعة :- وتسمى ( بتعب التدريب الزائد ) حيث من أسباب ظهور هذا التعب هو أداء اللاعب لحمل تدريبي غير مقنن أي عدم وجود انسجام بين مكونات الحمل التدريبي من حيث الشدة والحجم وفترات الراحة مع عدم التقيد بمبدأ التدرج بحمل التدريب أو بسبب ضغط المنافسات المتتالية .
هـ-/ الدرجة الخامسة من التعب :- اعلى درجات التعب يصل اللاعب فيها الى حالة من اللامبالاة و الأرق الزائد أي قلة النوم والراحة مع حصول آلام مختلفة واضطرابات وظيفية في الجسم وتسمى هذه الدرجة من التعب بحالة الجهد المفرط ( الإعياء العصبي ) .
وأخيرا ان التعب مؤشرا يمكن من خلاله الاستدلال على مستوى التحمل بأنواعه عند ممارسة اللاعب للنشاط البدني خلال الوحدة التدريبية او البرنامج التدريبي ، وبالتالي يحصل النمو الفيزيولوجي للاعضاء من خلال تكرار فترات الحمل والراحة مما يؤدي الى زيادة قدرتها على العمل والتحمل. والتكيف يحصل نتيجة العلاقة السليمة بين فترات أداء الحمل وفترات الراحة وبهذا يحصل التكيف لأعضاء و أجهزة الجسم من خلال التوازن مابين عمليات الهدم والبناء.