كيف كان لباس الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً.
أردت في هذا الموضوع أن أنقل لكم بعضاً من هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- في اللباس من كتاب ( زاد المعاد ) لمؤلفّه ابن القيم -رحمه الله .
ولمن أراد الإستزادة من هذا الكتاب فاضغط على هذا الرابط
وحتى يسهل صيد الفوائد من الكتاب عنونت مواضيع هذا الباب بالعناوين الآتية :-
أولاً :- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
1- يلبس القميص وكان أحب الثياب إليه، وكان كُمّه إلى الرسغ
- القميص كما في العربية هو الطويل من الثياب إلى الكعبين أو نحوه، وليس القميص المعروف عندنا ذو إلى السرة أو نحوه.
2- يلبس الجُبّة
- والجُبّة في لسان العرب: ضَرْبٌ من مُقَطَّعاتِ الثِّيابِ تُلْبَس وهو إسم من أسماء: الدِّرع
3- يلبس الإزار والرداء ، قال الواقدي: كان رداؤوه وبرده طول ستة أذرع في ثلاثة أشبر وشبر.
4- يلبس السراويل
5- يلبس العمامة وكانت له عمامة تسمى : السحاب كساها علياً
- العمامة كما في المعجم الوسيط ما يلف على الرأس
6- يلبس تحت العمامة القلنسوة وكان يلبس القلنسوة بغير عمامة ويلبس العمامة بغير قلنسوة
- القلنسوة كما في المعجم الوسيط لباس للرأس مختلف الأنواع والأشكال.
7- إذا اعتم أرخى عمامته بين كتفيه ، وكان يرخي الذؤابة من خلفه تارة ، ويتركها تارة، وأحيانا يتحلى بالعمامة تحت الحَنك
وهناك أنواع أخرى لم أذكرها خشية الإستطراد وإنما الغاية ذكر بعضاً من ثيابه وللإستزادة فالرجاء قراءة الكتاب
ثانياً :- مم كان لباسه يُصنع ؟
1- وكان غالب ما يلبس هو وأصحابُه ما نُسج من القطن
2- وكان قميصه من قطن
3- وربما لبس ما نسج من الصوف
4- و الكُتَّان
5- ولبس الشعر الأسود
ثالثاً:- ماذا كان لون ثيابه ؟
1- لبس مرة حُلة حمراء وغلط من ظنّ أنها كانت حمراء بحتاً لا يخالطها غيره وسيأتي تفصيل ذلك
- الحُلَّة: إزار ورداء ولا تكون الحُلة إلا اسماً للثوبين معاً [قاله ابن القيم]
2- كان أحب الألوان إليه صلى الله عليه وسلم البياض وقال: "هي من خير ثيابكم، فالبسوها، وكفنوا فيها موتاكم" [صحيح]
3- ونهى عن الأحمر البحت و نهى عن اللباس المعصفر للرجال
4- ونهى عن التختم بالذهب للرجال واتخذ خاتماً من فضة ولم ينه عنه للرجال والنساء
5- ولم ينقل عنه أنه لبس الطيلسان ولا أحدٌ من أصحابه
6- نهى عن الحرير للرجال
رابعاً:- ماذا كان يقول إذا لبس ثوباً جديداً
وكان إذا استجدَّ ثوباً سمَّاه بإسمه وقال: "اللهم أنت كَسوتَني هذا القميص أو الرِّداء أو العِمامة أسألك خيرَهُ وخير ما صُنِعَ له، وأعوذ بك من شرِّه وشرِّ ما صُنِعَ له" [صحيح]
وكان إذا لبس بدأ بميامن الثياب ثم بمياسره
خامساً :- كراهة لبس الأحمر البحث من الثياب
قلنا سابقاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس حلّة حمراء و ورد عنه صلى الله عليه وسلم النهي الشديد للرجال عن لبس الأحمر من الثياب ، فكيف نوفِّق بين نهيه صلى الله عليه وسلم وعملِه ؟
يجيب ابن القيّم على هذا الإشكال فيقول رحمه الله في ص 52 و ص 53 من الكتاب نفسه:
<<< وغلط من ظنّ أنها -أي الحلُّة الحمراء- كانت حمراء بحتاً لا يخالطها غيره، وإنما الحلة الحمراء: بردان يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود، كسائر البرود اليمنية ، وهي معروفة بهذا الإسم باعتبار ما فيها من الخطوط الحمر ، وإلا فالأحمر البحت منهي عنه
أشد النهي >>>
وذكر عدة أحاديث أذكر ثلاثة فقال:
<<< ففي "صحيح البخاري" أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المياثر الحُمر
وفي " سنن أبي داود" عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليه رَيْطَةً مُضَرَّجَةَ بالعُصْفُر، فقال: "ما هذه الرِّيطة التي عليك؟" فعرفت ما كرِه ، فأتيت أهلي وهم يسجرون تنوراً لهم، فقذفتها فيه، ثم أتيته من الغد، فقال: "يا عبد الله ما فعلت الرِّيطة؟ فأخبرته، فقال: هلاّ كسوتها بعض أهلك، فإنِّه لا بأس بها للنساء" [صحيح]
وفي "صحيح مسلم" عنه أيضاً، قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبين معصفرين. فقال: "إنّ هذه من لباس الكُفَّار فلا تلبسها" >>>
ثم قال بعدها: <<< وفي جواز لبس الأحمر من الثياب والجوخ وغيرها نظر. وأمّا كراهته فشديدة جداً فكيف يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم لبس الأحمر القاني، كلا لقد أعاذه الله منها، وإنما وقعت الشبهة من لفظ الحلّة الحمراء، والله أعلم >>>
سادساً :- كيف كانت عادته صلى الله عليه وسلم في اللباس
ذكر الشيخ أبو إسحاق الأصبهاني بإسناد صحيح عن جابر بن أيوب قال: دخل الصَّلْتُ بن راشد على محمد بن سيرين وعليه جُبّة صوف ، وإزار صوف ، وعمامة صوف ، فاشمأزّ منه محمد، وقال: أظنُّ أن أقواماً يلبسون الصوف ويقولون: قد لبسه عيسى ابن مريم ، وقد حدثني من لا أتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد لبس الكتان والصوف والقطن ، وسُنَّةُ نبينا أحقُّ أن تُتبع.
ومقصود ابن سيرين بهذا أن أقواماً يرون أن لبس الصوف دائماً أفضلُ من غيره، فيتحرُّونه ويمنعون أنفسهم من غيره، وكذلك يتحرُّون زياً واحداً من الملابس ، ويتحرَّون رسوماً وأوضاعاً وهيئات يرون الخروج عنها مُنكراً، وليس المُنكر إلا التقيُّد بها والمحافظةُ عليها، وترك الخروج عنها.
والصواب أن أفضل الطرق طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم التي سنها وأمر بها ورغَّب فيها وداوم عليها وهي أن هديه في اللباس: أن يلبس ما تيسر من اللباس ، من الصوف تارة ، ومن القطن تارة ، والكتان تارة.
سابعاً :- الإبتعاد عن الشهرتين من الثياب: العالي و المنخفض
معلوم من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم النهي عن لباس الشُهْرة ولكن لباس الشهرة لا يتوقّف على الغالي من الثياب الفاخرة بل ويشمل لبس الخشن إن قصد به الشهرة والخيلاء وأنقل لكم من كلام ابن القيم ما يفيدنا في المسألة:
<<<< وكانت مِخَدته صلى الله عليه وسلم من أدم حشوها من ليف، فالذين يمتنعون عمّا أباح الله من الملابس والمطاعم والمناكح تزهُّداً وتعبداَ، بإزائهم طائفة قابلوهم ، فلا يلبسون إلا أشرف ثياب، ولا يأكلون إلا ألين الطعام، فلا يرون لُبس الخشن ولا أكله ، تكُّبراً وتجبُّراً، وكلا الطائفتين هديهم مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
ولهذا قال بعض السلف: كانوا يكرهون الشهرتين من الثياب: العالي والمنخفض.
وهذا لأنه قصد به الإختيال والفخر، فعاقبه الله بنقيض ذلك، فأذلّه ، كما عاقب من أطال ثيابه خيلاء بأن خسف به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.
وفي "السنن" عنه صلى الله عليه وسلم أيضاً قال: "الإسبالُ في الإزار والقميص والعمامة، من جر شيئا منها خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة"
وفي "السنن" عن ابن عمر أيضاً قال: ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار فهو في القميص، وكذلك لُبس الدنيء من الثياب يُذَمُّ في موضع ويُحمَد في موضع، فيُذم إذا كان شُهرَةً وخُيلاء ويمدَحُ إذا كان تواضعاً واستكانة، كما أنّ لبس الرفيع من الثياب يُذَمُّ إذا كان تَكبُّراً وفخراً وخيلاء، ويُمدح إذا كان تجملاً وإظهاراً لنعمة الله. >>>
هذا ما أردت نقله في هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في اللباس .
وكل الخير في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في كل حركاته وسكناته فهو نبي مرسل يوحى إليه ( وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحيٌ يوحى )
وكما قال بعضهم :
يا مدعي حب طه لا تخالفه ...... فالخُلفُ يخرم في دين المحبينا
مالي أراك تأخذ شيئاً من شريعته ...... وتترك البعض تدويناً وتهوينا
خذها سماوية خيراً تفز به ..... أو فاطّرحها وخذ رجس الشياطينا
أسأل الله أن يوفقنا إلى التوبة الصادقة ويعيننا على طاعته والبعد عن معاصيه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
آمين وصلى الله وسلم على النبي محمد وعلى آله الطيبين وأصحابه الأبرار