ومع نمو الشركة بدأ اهتمام الشركات في خدمة غوغل ينمو أيضا، وكانت شركة رد هات (Red Hat) وقعت مع غوغل كأول زبون باحث تجاري لغوغل , ومع الوقت سحبت غوغل جزئياً الالتزام باستخدام نظام لينكس على سيرفراتها.
في 7 يونيو أعلنت غوغل بأنها ضمنت تمويل بمبلغ 25 مليون دولار من شركتين في مدينة وادي السيلكون وهما(Sequoia Capital) و(Kleiner Perkins Caufield & Byers) وعلى الرغم من التنافس الشديد بينهما إلا أن هذا الامر لم يمنعهما من الاجتماع في الاستثمار الجديد، وهذا الاتفاق في وجهة النظر بين الشركتين أدى إلى الولادة الحقيقة لغوغل، و أخذت كلتا الشركتين مقاعد في مجلس الإدارة.
مايك موريس من (Sequoia Capital) و جون دويرر من (Kleiner Perkins) وغيرهم ممن ساعدوا في نمو شركات مثل: (Sun Microsytems, Intuit, Amazon,، Yahoo) وانضم إليهم رام شراما المدير التنفيذي لشركة (Junglee).
زحام الموظفين جعل غوغل تقرر الانتقال إلى غوغل بليكس (Googleplex) مقرها الحالي في كاليفورنيا. واستمر نموها وجذبت المزيد من الموظفين والزبائن والمزيد من المستعملين والصحافة.
«ايه او ال» نتسكيب (AOL/Netscape) اختارت غوغل كمحرك بحث يخدمها ويساعدها في تلبية ثلاث ملايين بحث في اليوم، وبكل وضوح تطورت غوغل، ذلك المشروع الجامعي أصبح الآن شركة حقيقة تقدم خدمات مميزة.
وفي 21 سبتمبر 1999 اختفت كلمة بيتا من موقع غوغل واستمرت في التوسع، مع اشتراك البوابة الايطالية فيرجيليو (Virgilio) كزبون, واشتراك شبكة فيرجن نت (Virgin Net) دليل الترفيه للمملكة المتحدة.
سيل الاعتراف بتقنية غوغل استمر وتوج بجائزة براعة تقنية للإبداع في تطوير تطبيقات الويب من مجلة بي سي (PC Magazine) وإدراج غوغل في أفضل القوائم العالمية وتوج بظهورها في قائمة أفضل عشرة سايبر تيك (Top Ten Best Cybertech) من مجلة تايم (Time magazine’s) في عام 1999 جذبت غوغل العديد من المستخدمين في وقت قياسي, وأصبحت شعبية غوغل واسعة وأكسبتها جائزة ويبي (Webby Award) وجائزة (People’s Voice Award for technical achievement) في شهر مايو 2000.
وفي الشهر الذي تلاه أصبحت غوغل رسميا محرك البحث الأول في العالم بتوفيرها بليون صفحة انترنت قابلة للبحث.
اتبعت غوغل الحذر في إدارتها, ورفضت تمويلات جديدة من الشركات لعدم حاجتها لذلك بعد هذا النهوض. واستمر تسجيل المزيد من المواقع لخدمة غوغل، وبانطلاق خدمة الإعلانات استطاعت أن توجد مصدر دخل جديد عزز نمواها.
***** غوغل وياهو *****
في يونيو 2000 وقعت غوغل وياهو اتفاق شراكة فيما بينهما زادتها قوة وصلابة، وهذا كان بسبب تقنية غوغل القوية و عدد الاستفسارات التي وصلت إلى 18 مليون بحث في اليوم.
صفقاتها انتشرت في كل الاتجاهات.. ولتمديد انتشار خدمة الإعلانات قدمت غوغل خدمة جديدة تسمى (Google AdWords) لأصحاب الشركات الصغيرة التي تستطيع تفعيل اشتراكها من خلال الدفع الالكتروني ببطاقة الائتمان ويتم بعدها التفعيل خلال دقائق.
ولتساعد المستخدمين على تسهيل عملية البحث قدمت شريط البحث (Google Toolbar) حيث يمكن المستخدمين من البحث دون زيارة موقع غوغل, واكتسب هذا الشريط شعبية كبيرة وحمله الملايين. وفي نهاية عام 2000 وصل عدد عملية البحث إلى 100 مليون عملية، واستمرت غوغل في البحث عن طرق جديدة تساعد الراغبين على البحث عن أي شي.. وكل شي..و في أي مكان لتلبي الحاجة اللانهائية للمعلومات.
***** المزيد من الانتشار والإبداع 2001 *****
استمرت غوغل في عقد الشركات مع شركات الانترنت، ووقعت مع (Lycos) الكورية التي جلبت المزيد من المستخدمين من آسيا, واتفاق آخر مع (Universo Online (UOL التي جعلت من غوغل محرك البحث الأول في أمريكا اللاتينية، ومع انتشارها العالمي جعلها تفتح فروع في طوكيو وهامبورغ لإرضاء الاهتمام العالمي في خدمة الإعلانات.
استمرت غوغل في جذب مستخدمين جدد ولذلك وفرت البحث بالغة العربية والتركية و 26 لغة أخرى. رغم هذا التفوق الا أن تطوير محرك البحث وإضافة أنواع جديدة من الملفات للبحث لا يزال مستمرا.
***** في صندوق اصفر *****
نجحت غوغل في التخطيط لتجعل من نفسها أفضل محرك بحث يختاره المرء، واستمرت برامج غوغل الآلية (Googlebot) في الغوص في أعماق الانترنت لإنعاش وتوسيع دليلها بجلب المزيد من المعلومات لترتبها وتضيفها إلى سيرفراتها، لكن كان على البرامج أن ترجع بالمعلومات إلى سيرفرات غوغل، في الوقت الذي كان فيه المستخدمين ومدراء تقنية المعلومات والمدراء التنفيذيين يتمنون أن يجلبوا تقنية البحث إلى مكاتبهم.
وفي فبراير 2002 حققت غوغل أمنية مستخدميها بعرض صندوق اصفر (plug-and-play) يقوم بعملية البحث وتخزينها على أجهزتهم، وخلال فترة قصيرة انتشر هذا الصندوق في شبكات شركات الانترنت و موقع التجارة الالكترونية و شبكات الجامعات. عندما بدأت غوغل العمل قامت بتوظيف 600 خبير وعالم رياضيات ليعملوا على مدار الساعة على تطوير المعادلات الرياضية المستخدمة في البحث على الإنترنت وبالتالي رفع فعالية استخدام المحرك، واليوم لا توظف غوغل إلا خريجي الجامعات الكبرى ولأنها تعتمد على الموظفين اعتماداً كلياً في استمرار تقدمها على منافسيها، أولت غوغل راحة الموظفين وتلبية احتياجاتهم أهمية قصوى تصدرت مؤخراً الدراسة التي قامت بها مجلة «فورتشن» الأميركية حول أفضل مئة شركة للعمل فيها وحصلت على المركز الأول بلا منازع.
***** الشركة بيتك *****
ففي حرم الشركة الذي يقع في ولاية كاليفورنيا تتوفر جميع احتياجات الإنسان، حيث ينتشر في أرجائه 11 مقهى ومطعماً يقدمون مختلف أنواع المأكولات للموظفين «مجاناً» وطوال النهار، ولقد أخذت إدارة المطاعم والمقاهي في عين الاعتبار الموظفين النباتيين وأولئك الذين يبحثون عن الأكل العضوي والذين يتبعون حمية معينة، لذلك يجد الموظف في هذه المطاعم جميع ما يشتهي ويرغب من مأكولات.
وفي حرم الشركة أيضاً تنتشر حمامات السباحة والصالات الرياضية وصالات الألعاب الإلكترونية والبلياردو وغيرها من وسائل ترفيهية يرتادها الموظفون بين الفينة والأخرى، ففي غوغل لا توجد هناك ساعات معينة للعمل، والإنتاجية تقاس بالنتائج وليس بالحضور والانصراف على الوقت، كما تقدم غوغل خدمات الغسيل والكوي مجاناً للموظفين، وهناك حلاقين ومراكز تجميل ومحلات للتدليك والعلاج الطبيعي بالإضافة إلى مراكز لتعليم لغات أجنبية كالمندرين واليابانية والإسبانية والفرنسية، وذهبت غوغل إلى أبعد من ذلك، فوفرت مكتباً يقدم خدمات شخصية للموظفين كحجز غداء للموظف وزوجته في أحد مطاعم المدينة... كل هذا مجاناً.
وفي غوغل يولي المسؤولون صحة الأفراد الشخصية أهمية بالغة، فهناك عيادات طبية متوفرة للموظفين مجاناً، وهناك دراجات تعمل بالكهرباء للموظفين حتى يتنقلوا من مكان إلى آخر داخل حرم الشركة بسهولة ويسر، كما قامت الشركة بتزويد الحافلات التي تنقل الموظفين من منازلهم إلى مقر الشركة بشبكة إنترنت لاسلكية حتى يستطيع الموظف أن يستخدم كمبيوتره المحمول داخل الحافلة، وهي فكرة أتت بها إحدى الموظفات التي استغربت من ردة فعل المسؤولين الذين ما إن سمعوا بالفكرة حتى طبقوها دون نقاش أو دراسة، وهو أمر لم تعهده هذه الموظفة في الشركات التي عملت بها من قبل.
وحتى يشعر الموظفون بأنهم يعملون في بيئة أشبه ببيوتهم، فإن غوغل تسمح لهم باصطحاب كلابهم إلى العمل بشرط ألا تقوم هذه الكلاب بإزعاج الموظفين وألا يكون لدى أحد الموظفين حساسية تجاهها، فشكوى واحدة كفيلة بترحيل الكلب إلى البيت ولكن دون المساس بالموظف أو بحقوقه في الشركة. وكجزء من مشاركتها واهتماما بالحفاظ على البيئة فإن غوغل تقدم مساعدات قيمتها خمسة آلاف دولار للموظفين الراغبين في شراء سيارات تعمل بالطاقة البديلة.
وفي غوغل إذا قام موظف ما بترشيح شخص جيد لإحدى الوظائف الشاغرة في الشركة وتم توظفيه فإنه يحصل على مكافأة قيمتها ألفا دولار، وكمبادرة لطيفة من الشركة فإنها تعطي كل موظف رزق بمولود جديد خمسمئة دولار عند خروج طفله من المستشفى حتى يستطيع أن يشتري مستلزماته الأولية دون قلق.
وفي غوغل ليس هناك زي رسمي، فالموظف حر فيما يرتديه أثناء العمل، حتى وصل الحال ببعض الموظفين أن يعملوا بلباس النوم «البيجاما»، وهو أمر غير مستغرب من أناس يفضل بعضهم النوم في مكتبه الذي جهز بغرفة خاصة لذلك بالرغم من أن إدارة الشركة تشجع الموظفين على الموازنة بين حياتهم الشخصية والعملية.
وأجمل ما في غوغل هو تكريم المتميزين والمبدعين، فكل من يأتي بفكرة قابلة للتطبيق يمنح مبلغاً مالياً ضخماً وعددا كبيراً من أسهم الشركة التي تشتهر بالربحية العالية في وول ستريت، فقبل سنة قامت موظفة تبلغ من العمر 27 عاماً بتطوير برنامج يخول متصفح غوغل البحث في ملفات الكمبيوتر الشخصي للمتصفح، وبعد أن تم تطبيق الفكرة كرمت الموظفة في حفل بهيج ومنحت مليون دولار مكافأة لها على فكرتها المتميزة، وفي ردة فعل قالت الموظفة لوسائل الإعلام إنها تعدهم بأنها لن تعمل في شركة أخرى غير غوغل.
يقول أحد المسؤولين في غوغل بأن إدارة الشركة تواجه صعوبات في إقناع الموظفين لمغادرة مكاتبهم في المساء والذهاب إلى بيوتهم، فهم يحبون عملهم أكثر من أي شيء آخر، وبالرغم من أن هذا الأمر يكلف الشركة أموالاً إدارية طائلة كاستخدام الكهرباء والمأكولات وغيرها، إلا أن الشركة ترفض تقليص الصرف على هذه الجوانب فراحة موظفيها هي أهم شيء بالنسبة لها.
في مقابلة مع بعض موظفي غوغل قالت إحدى الموظفات:» حتى لو لم تدفع لي غوغل راتباً شهرياً فإنني سأظل أعمل فيها.
بدأت غوغل قبل تسعة سنوات تقريباً بتمويل قيمته مليون دولار، واليوم تفوق قيمة غوغل السوقية 150 مليار دولار، وهي على الرغم من ذلك لازالت تعمل بنفس الروح والثقافة المؤسسية التي كانت تعمل بها قبل تسع سنوات، حتى أصبح مشاهير العالم كرئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر والفائز بجائزة نوبل للسلام عام 2006 محمد يونس وغيرهم يفدون على حرم الشركة ليتزودوا بالطاقة الإنسانية التي تنبع من موظفي غوغل الشغوفين بالإبداع والابتكار.